امـ حمد
10-11-2012, 11:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جدير بمن الموت مصرعه،والتراب مضجعه،الدود أنيسه،و منكر ونكير جليسه،والقبر مقره،وبطن الأرض مستقره،و
القيامة موعده ، والجنة أو النار مورده،أن لا يكون له فكر إلا في موته وقبره،القبر هو ذلك المكان الضيق الذي يضم بين
جوانبه جثث الموتى،وهو موطن العظماء،والحقراء،والحكماء ، والسفهاء،ومنزل الصالحين والسعداء،وهو إما روضة من
رياض الجنة،أو حفرة من حفر النار،وإما دار كرامة و سعادة،أو دار إهانة و شقاوة،فواعجباّ لذوي القربى كيف
يتقاطعون و يتحاسدون،وهم يعلمون أنهم إلى القبور صائرون قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله،لبعض جلسائه،يا فلان،لقد
أرقت الليلة أتفكر في القبر وساكنه،إنك لو رأيت الميت بعد ثلاثة أيام في قبره لاستوحشت من قربه، بعد طول الأنس
معه،تجول فيه الهوام،و يجري فيه الصديد،و تخترقه الديدان مع تغير الريح وبلي الأكفان بعد حسن الهيئة،وطيب الروح،
ونقاء الثياب،لما رجع علي رضي الله عنه ،من صفين و أشرف على القبور قال،يا أهل الديار الموحشة ، والمحال
المقفرة،والقبور المظلمة ، يا أهل التربة،يا أهل الغربة،و يا أهل الوحشة ، أنتم لنا فرط سابق،و نحن لكم تبع لاحق،أما
الدور فقد سكنت،وأما الأزواج فقد نكحت،و أما الأموال فقد قسمت ، هذا خبر ما عندنا،فما خبر ما عندكم،ثم التفت إلى
أصحابه فقال،أما لو أُذن لهم في الكلام لأخبروكم أن خير الزاد التقوى،إن الموت حقيقة قاسية رهيبة تواجه كل حي،فلا
يملك لها رداّ،و لا يستطيع لها أحد ممن حوله دفعاّ،وهي تتكرر في كل لحظة،يواجهها الكبار والصغار،والأغنياء و
الفقراء،و الأقوياء والضعفاء ، ويقف الجميع منها موقفاّ واحداّ،لا حيلة ، ولا وسيلة،ولا قوة،ولا شفاعة ،ولا دفع ، ولا
تأجيل،مما يوحي بأنها قادمة من صاحب قوة عليا لا يملك البشر معها شيئاّ،ولا مفر من الاستسلام لها،بيد الله وحده
إعطاء الحياة،و بيدة الأجل المكتوب، سواء كان الناس في بيوتهم،وبين أهليهم،أو في العمل يطلبون الرزق،الكل مرجعه
إلى الله تعالى،محشور إليه،ما لهم مصير سوى هذا المصير،ورجعة إلى الله ،فمغفرة من الله ورحمة أو غضب
منه وعذاب،لا بد من استقرار هذه الحقيقة في النفس،حقيقة أن الحياة في هذه الأرض موقوتة،محدودة بأجل،ثم تأتي نهايتها
حتماّ،يموت الصالحون والطالحون،ويموت التافهون الذين يعيشون فقط للمتاع الرخيص،يموت الأغنياء،والفقراء،الكل
يموت(كل نفس ذائقة الموت )كل نفس تذوق هذه الجرعة،وتفارق هذه الحياة،لا فارق بين نفس ونفس في تذوق
هذه الجرعة من هذه الكأس ،والدائرة على الجميع،الفارق في المصيرقال تعالى(وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز )وقال تعالى(حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما
تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )المؤمنون،كلا،آلآن تراجع حسابك آلآن تكف عن المعاصي يا مدبراّ عن المساجد ما عرفت الصلاة ، يا معرضاّ عن القرآن ، يا منتهكا لحدود الله ، يا ناشئاّ في معاصي
الله،آلآن تتوب أين أنت قبل ذلك،هذا عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ، كان أميراّ من أمراء الدولة الأموية ، يغير الثوب في اليوم أكثر من مرة ، الذهب والفضة عنده ، الخدم والقصور،المطاعم والمشارب ، كل ما اشتهى و طلب و تمنى تحت
يده، و عندما تولى الخلافة ، و أصبح مسئولا عن المسلمين،انسلخ من ذلك كله ، لأنه تذكر أول ليلة في القبر،حدّث سليم بن عامر قال،خرجنا في جنازة على باب دمشق ، و معنا أبو أمامة الباهلي ، فلما صلى على الجنازة ، و أخذوا في
دفنها، قال أبو أمامة،إنكم قد أصبحتم و أمسيتم ، في منزل تغنمون منه الحسنات و السيئات ، توشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر،وهو هذا ، يشير إلى القبر، بيت الوحشة ، و بيت الظلمة ،و بيت الضيق ، إلا ما وسع الله ، ثم تنتقلون منه
إلى يوم القيامة،وعن وهب بن الورد فقال،نظر ابن مطيع يوما إلى داره فأع حسنها ، فبكى ، ثم قال،و الله لولا الموت لكنت بك مسرورا، و لولا ما نصير إليه من ضيق القبور لقرت بالدنيا أعيننا،ثم بكى بكاء شديدا حتى ارتفع صوته.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جدير بمن الموت مصرعه،والتراب مضجعه،الدود أنيسه،و منكر ونكير جليسه،والقبر مقره،وبطن الأرض مستقره،و
القيامة موعده ، والجنة أو النار مورده،أن لا يكون له فكر إلا في موته وقبره،القبر هو ذلك المكان الضيق الذي يضم بين
جوانبه جثث الموتى،وهو موطن العظماء،والحقراء،والحكماء ، والسفهاء،ومنزل الصالحين والسعداء،وهو إما روضة من
رياض الجنة،أو حفرة من حفر النار،وإما دار كرامة و سعادة،أو دار إهانة و شقاوة،فواعجباّ لذوي القربى كيف
يتقاطعون و يتحاسدون،وهم يعلمون أنهم إلى القبور صائرون قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله،لبعض جلسائه،يا فلان،لقد
أرقت الليلة أتفكر في القبر وساكنه،إنك لو رأيت الميت بعد ثلاثة أيام في قبره لاستوحشت من قربه، بعد طول الأنس
معه،تجول فيه الهوام،و يجري فيه الصديد،و تخترقه الديدان مع تغير الريح وبلي الأكفان بعد حسن الهيئة،وطيب الروح،
ونقاء الثياب،لما رجع علي رضي الله عنه ،من صفين و أشرف على القبور قال،يا أهل الديار الموحشة ، والمحال
المقفرة،والقبور المظلمة ، يا أهل التربة،يا أهل الغربة،و يا أهل الوحشة ، أنتم لنا فرط سابق،و نحن لكم تبع لاحق،أما
الدور فقد سكنت،وأما الأزواج فقد نكحت،و أما الأموال فقد قسمت ، هذا خبر ما عندنا،فما خبر ما عندكم،ثم التفت إلى
أصحابه فقال،أما لو أُذن لهم في الكلام لأخبروكم أن خير الزاد التقوى،إن الموت حقيقة قاسية رهيبة تواجه كل حي،فلا
يملك لها رداّ،و لا يستطيع لها أحد ممن حوله دفعاّ،وهي تتكرر في كل لحظة،يواجهها الكبار والصغار،والأغنياء و
الفقراء،و الأقوياء والضعفاء ، ويقف الجميع منها موقفاّ واحداّ،لا حيلة ، ولا وسيلة،ولا قوة،ولا شفاعة ،ولا دفع ، ولا
تأجيل،مما يوحي بأنها قادمة من صاحب قوة عليا لا يملك البشر معها شيئاّ،ولا مفر من الاستسلام لها،بيد الله وحده
إعطاء الحياة،و بيدة الأجل المكتوب، سواء كان الناس في بيوتهم،وبين أهليهم،أو في العمل يطلبون الرزق،الكل مرجعه
إلى الله تعالى،محشور إليه،ما لهم مصير سوى هذا المصير،ورجعة إلى الله ،فمغفرة من الله ورحمة أو غضب
منه وعذاب،لا بد من استقرار هذه الحقيقة في النفس،حقيقة أن الحياة في هذه الأرض موقوتة،محدودة بأجل،ثم تأتي نهايتها
حتماّ،يموت الصالحون والطالحون،ويموت التافهون الذين يعيشون فقط للمتاع الرخيص،يموت الأغنياء،والفقراء،الكل
يموت(كل نفس ذائقة الموت )كل نفس تذوق هذه الجرعة،وتفارق هذه الحياة،لا فارق بين نفس ونفس في تذوق
هذه الجرعة من هذه الكأس ،والدائرة على الجميع،الفارق في المصيرقال تعالى(وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز )وقال تعالى(حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما
تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )المؤمنون،كلا،آلآن تراجع حسابك آلآن تكف عن المعاصي يا مدبراّ عن المساجد ما عرفت الصلاة ، يا معرضاّ عن القرآن ، يا منتهكا لحدود الله ، يا ناشئاّ في معاصي
الله،آلآن تتوب أين أنت قبل ذلك،هذا عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ، كان أميراّ من أمراء الدولة الأموية ، يغير الثوب في اليوم أكثر من مرة ، الذهب والفضة عنده ، الخدم والقصور،المطاعم والمشارب ، كل ما اشتهى و طلب و تمنى تحت
يده، و عندما تولى الخلافة ، و أصبح مسئولا عن المسلمين،انسلخ من ذلك كله ، لأنه تذكر أول ليلة في القبر،حدّث سليم بن عامر قال،خرجنا في جنازة على باب دمشق ، و معنا أبو أمامة الباهلي ، فلما صلى على الجنازة ، و أخذوا في
دفنها، قال أبو أمامة،إنكم قد أصبحتم و أمسيتم ، في منزل تغنمون منه الحسنات و السيئات ، توشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر،وهو هذا ، يشير إلى القبر، بيت الوحشة ، و بيت الظلمة ،و بيت الضيق ، إلا ما وسع الله ، ثم تنتقلون منه
إلى يوم القيامة،وعن وهب بن الورد فقال،نظر ابن مطيع يوما إلى داره فأع حسنها ، فبكى ، ثم قال،و الله لولا الموت لكنت بك مسرورا، و لولا ما نصير إليه من ضيق القبور لقرت بالدنيا أعيننا،ثم بكى بكاء شديدا حتى ارتفع صوته.