المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ محمد بن عبد الوهاب مُحاوراً [1]



بـارود
13-11-2012, 08:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


كانت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة للحوار الموضوعي المنفتح على الآخرين . ذلك أن رائدها الأكبر قضى حياته منذ سني يفاعته الأولى ، وإلى نحو التسعين من العمر ، يحاور الناس ويجادلهم بالحسنى ، ويسعى في إصلاح أحوالهم العقدية والاجتماعية عن ذلك السبيل .

تلكم هي الصفة التي تهدي إليها عملية التحليل الدقيق للتراث الفكري والدعوي للشيخ محمد بن عبدالوهاب ولمدرسته الإصلاحية السلفية ، فهو تراث حواري جدلي من الطراز الأول ، حيث كان شيخ الإسلام ، محمد بن عبد الوهاب ، الفارس المجلى فى ذلك المضمار ، ومما أثر عنه كثيرا أنه لم يكن يرحب بمواقف الحوار وحسب ، وإنما كان يستدعيها ، ويجذب إلى ساحتها مختلف الفرقاء ، من أهل المذاهب والأفكار الضالة .

1- ورث المرونة الفكرية من ابن تيمية :

ورث شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب ، من خلال اطلاعاته الوفيرة الغزيرة على كتابات الأئمة السلفيين عموماً ، والحنابلة خصوصاً ، رصيداً تطبيقيا وافياً من تجارب الحوار العميق ، وعلى رأس ذلك تجارب الإمام أحمد بن حنبل ، رضي الله عنه ، في حواراته مع فرق الابتداع من الجهمية والمعتزلة ، وهي حوارات سجلت تفصيليا في كتب الحنابلة ، كما سجلت في كتب التاريخ العام مثل تاريخ الطبري ، والذهبي ، وابن كثير ، وطبقات الحنابلة . وهي سجلات تنضح بالعلم ، وترشح بالحكمة ، وتبين عن أبرع أساليب الحوار ، والاقتدار على سوْق البراهين والأدلة على صحة مذاهب سلف الأمة الصالح .

وتتالت حوارات الثقافة النافذة لشيخ الإسلام الإمام تقي الدين بن تيمية ، الذي ساجل جميع المذاهب الفكرية الكبرى في عصره ، ولم يترك رأياً مخالفاً في العقيدة ، أو في الفقه ، من دون أن يخضعه للبحث الفاحص والنقد الجذري . لقد حاور ابن تيمية أقطاب الفلسفة اليونانية ، بعد أن اطلع على كتاباتها الأصلية إذ كان يجيد اللغة اللاتينية ، وقد تجلت تلك الحوارات في كتابه الضخم ( درء تعارض العقل والنقل ) وكما ذكر أحد النقاد المتمكنين تعليقا على سجالات الإمام ابن تيمية مع أطروحات الفلاسفة في ذلك الكتاب أن من : " العجيب أنه في نقده هؤلاء الفلاسفة كان يعتمد على الفلسفة أكثر من اعتمادهم عليها " . وذلك تعليق مصيب لأن تأملات ابن تيمية في مختلف المقدمات الفلسفية – وقد كان يرد عليها جميعا - ملَّكه معرفة أوسع بالفلسفة ، ومكَّنه من معرفة أي تيار فلسفي بأصوله المعرفية التي كان يتسلح بها في حواره مع التيارات الأخرى .

وقد حاور الإمام ابن تيمية أصحاب الأديان الكتابية معتمدا على نصوص التوراة والأناجيل باللغة العبرية ، التي كان يفهم محتوياته فهما جيدا لقربها من العربية ، وحاور الفرق العقائدية على اختلاف منطلقاتها ومتبنياتها شأن الجهمية والكرامية والمعتزلة والمرجئة والرافضة والحلوليين وغيرهم ، كما حاور الفقهاء الجامدين على كتب مذاهبهم ، أولئك الفقهاء الذين ما كانوا يعطون أدنى اعتبار للدليل ، حتى ولو كان صحيحا ، ما دام قد خالف الرأي المذهبى الذي نشأوا عليه وما عرفوا غيره ، و في مجلىً آخر حاور ابن تيمية الحكام الظلمة والطغاة المستبدين والغزاة البغاة المعتدين ، ولم يرضح لباطل أيا كان .

وقد تجلت سمة الإنصاف أيما تجل ، في حوارات شيخ الإسلام ابن تيمية مع خصومه المذهبيين . إذ كان يعترف لكل منهم بما قد يكون معه من الصواب ، حتى ولو كان أولئك من المبتدعة المارقين على حدود الدين ، فهاهو يعترف لابن عربي الأندلسي الطائى ، الشهير القائل بوحدة الوجود ، بجيد آرائه ، بينما كان ينتقد سقيم آرائه العقدية و أباطيله وأضاليله أشد النقد ، وها هو يعترف للأشاعرة بما كانوا عليه من الحق في قضايا العقيدة ، وذلك في سياق نقده لهم على إسرافهم في التأويل ، وها هو يختلف مع كثير من الفقهاء ممن سبقوه ، وممن عاصروه ، ولكنه بأريحيته العقلية الفذة التمس لهم أعذاراً منهجية عشرة ، فسر بها كيف وقعوا فيما يمكن أن يؤخذ عليهم من أخطاء في تفسير النصوص واستخراج الأحكام الشرعية .

ورفض ابن تيمية أن يقوم أي واحد من أتباعه بتوجيه نوعا من الإساءة أو النقد التسخيفي إلى أولئك الأئمة الأعلام لمجرد أنه اختلف معهم في الرأي ، يقول ابن تيمية في هذا المعنى : " إن المجتهد المخطيء ذنبه مغفور ، وله أجر الاجتهاد " ، وفي الحقيقة فقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية متسامحا حتى مع خصومه الألداء الذين كانوا على غاية العنف والسخف معه ، وقال في ذلك الصدد موصياً أصحابه وأتباعه ، وداعيهم للرفق بالخصماء : " ولا أحب ان يؤذى أحد من عموم المسلمين – فضلاً عن أصحابنا - بشيء أصلاً ، لا باطنا ولا ظاهرا ، ولا عندي عتب على أحد منهم ، ولا لوم أصلا ، بل لهم عندي من الكرامة ، والاجلال والمحبة ، والتعظيم أضعاف أضعاف ما كان ، كل بحسبه ، ولا يخلو الرجل ، أما أن يكون مجتهدا مصيبا ، أو مخطئاً ، أو مذنباً ، فالأول : مأجور مشكور ، والثاني مع أجره على الإجتهاد : فمعفو عنه ، مغفور له ، والثالث : فالله يغفر لنا وله ، ولسائر المؤمنين . فنطوي بساط الكلام المخالف لهذا الأصل . كقول القائل : فلان قصر ، فلان ما عمل ، فلان أوذي الشيخ بسببه ، فلان كان سبب هذه القضية ، فلان كان يتكلم في كيد فلان ، ونحو هذه الكلمات ، التي فيها مذمة لبعض الأصحاب ، والإخوان ، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . " . وهكذا كان ابن تيمية بنفسه العالية ، وقلبه الكبير ، يسقط عن سياق الجدل وحوار الأفكار ، كل ما قد يشوبه من أوضار التعصب والشقاق ويوقر محاوريه مهما كان شططهم في الملامة والعتاب .

كازانوفا
14-11-2012, 01:54 PM
هذا حال الائمه
وسبحان الله لاحظت من خلال قراتي عنهم فيهم حلم ولهم طريقة في رد من حوليه من عامة الناس وعلى سخافتهم ...
لذلك لهم منا جزيل الشكر على جهودهم الطيبه بما قدموه لنا من العلم

اشكر اخي الفاضل على الموضوع الطيب

الصغيره
15-11-2012, 07:46 AM
بارك الله فيك

بارود

وجزيت الجنه

وجعله الله بميزان اعمالك الصالحه

اللهم امين