المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدوحة : طوق النجاة من أجل دور عربي فاعل في قضايا المناخ



hma
14-11-2012, 05:24 PM
الدوحة : طوق النجاة من أجل دور عربي فاعل في قضايا المناخ

" نحن منتجون ولسنا ملوثون " .. تحت هذا الشعار تتجه الدول العربية إلى الدوحة حيث مؤتمر الأمم المتحدة الثامن عشر للتغير المناخي cop18 خلال الفترة من 26 نوفمبر وحتى 7 ديسمبر 2012 .. شعار الهدف منه التأكيد على الدول الصناعية بضرورة تحمل مسؤلياتها والاعتراف بما تقترفه من عقوق تجاه أمنا " الأرض ".

فعلى الرغم من أن الدول العربية المنتجة للنفط لا ناقة لها ولا جمل في تلويث المناخ العالمي إذ تراعي أقصى درجات الحفاظ على البيئة سواء فى عمليات الاستخراج أو التصدير إلا أن أي تدابير قد يتم الاتفاق عليها لوضع قيود على استعمالات الوقود سيكون لها مضاعفات مباشرة على اقتصادات الدول المنتجة للبترول بما لا تنحصر آثاره داخل هذه الدول بل تنعكس على برامج التنمية في المنطقة العربية كلها.

وتشارك في مؤتمر الدوحة دول عربية باتت تمثل رقما في معادلة قطاع الطاقة العالمي حيث يشهد قطاع الطاقة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موجة من المشاريع الرأسمالية الكبرى خلال العقد المقبل وقد رت شركة "بوز أند كو" أن تصل قيمة الإنفاق إلى 1.1 تريليون دولار أي ربع الاستثمار العالمي في القطاع حتى عام 2020".

فقطر على سبيل المثال حسبما قال الكاتب والمحلل الاقتصادي بصحيفة الجارديان البريطانية ليون كاي تتمتع بفرص استثمارية كبيرة في مجال التنمية المستدامة يجعلها من أوائل دول العالم الباحثة عن تعزيز الأبنية الخضراء النظيفة.

وذكر موقع "GreenGoPost" المتخصص في قضايا البيئة العالمية أن قطر استطاعت في السنوات الأخيرة أن تنتقل من مرحلة الاعتماد على النفط وثروات الغاز الطبيعي المسال إلى الاستثمار في كافة القطاعات وعلى رأسها التعليم مشيرا إلى أن قطر تحظى ببنية تحتية هائلة ومشروعات عقارية وإنشائية غير مسبوقة في دولة من دول العالم في الوقت الحالي مشددا في الوقت ذاته على تطور الدولة على مدار العقدين الأخيرين لدرجة جعلتها تتفوق على كافة دول الغرب خلال هذه الفترة.

وألمح إلى أن رؤية قطر الوطنية 2030 حلقة من حلقات الصعود القطري نحو التنمية البيئية المستدامة لاسي ما وقد صنفت الدوحة مؤخرا كسادس دولة في العالم التزاما بمشروعات الأبنية الخضراء المحافظة على البيئة.

أما المملكة العربية السعودية التي باتت أحد أكبر الفاعلين في سوق البتروكيماويات فلديها خطط للاستثمار في قطاع الطاقة الشمسية بنحو 100 مليار دولار خلال الـ20 عاما المقبلة بل ومضاعفة كمية إنتاج الطاقة 3 مرات خلال الفترة نفسها.

وفي الوقت الراهن تعتبر المملكة أكبر منطقة جذب للاستثمارات في الطاقة المتجددة والنووية بعد الصين والهند بما يعطي السعودية فرصة مواتية لبناء قطاع اقتصادي متكامل يعتمد على طلب البلاد من الطاقة المتجددة وفي نفس الوقت يوفر فرص عمل وتصدير خبرات ومكونات إنتاج الطاقة بالإضافة إلى تصدير الطاقة نفسها خارج حدود المملكة.

ويشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة أدركت أهمية حلول الطاقة البديلة منذ وقت مبكر واتخذت العديد من الخطوات الريادية في هذا المجال كما تنص خطة دبي المتكاملة للطاقة على تنويع مصادر الطاقة إلى 71 في المئة من الغاز الطبيعي و12 في المئة من الفحم النظيف و12 في المئة للطاقة النووية و5 في المئة من مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية.

وبلغة الارقام فقد قدر خبراء مصرفيون في مجال تمويل المشروعات حاجة منطقة الشرق الأوسط لتمويل مشاريع الطاقة خلال الأعوام الثمانية إلى العشرة المقبلة باستثمارات تصل إلى 700 مليار دولار وأن حجم مشاريع الطاقة المعلنة في دول مجلس التعاون الخليجي يصل إلى 1.3 تريليون دولار مشيرين في هذا الصدد إلى أن حجم مشاريع الطاقة المعلنة في دول المجلس يعكس امتلاك حكومات المنطقة رؤية واضحة في الاستثمار في الطاقة المتجددة بجانب مشاريع النفط والغاز.

وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن تستحوذ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على 25 في المئةمن الاستثمارات العالمية في مجال الطاقة وأن تتصدر قائمة الإنفاق بلدان تملك موارد كبرى مثل المملكة العربية السعودية والإمارات والعراق.

وتأتي الدول الصناعية وكثير من الدول النامية الى مؤتمر cop18 وهي تطور وتنفذ خططا وطنية لكفاءة استخدام الطاقة ويرى خبراء أنه يتبقى على الدول العربية أن تكون جزءا من هذا التوجه العالمي بحيث تضع أهدافا لترشيد إنتاج الطاقة واستهلاكها مرتبطة بجدول زمني محدد.

أما فيما يتعلق بالطاقات المتجددة فعلى الرغم من الفكرة الشائعة عن أنها غالية الثمن إلا أنها اليوم واحدة من أسرع القطاعات تطورا في العالم بحيث وصلت الاستثمارات فيها إلى 256 بليون دولار عام 2011 وهذا يوازي ستة أضعاف ما كانت عليه عام 2004 على المستوى العالمي.

وقد تضاعفت إمدادات الطاقة المتجددة لتصل إلى 16,7 في المئة من الاستهلاك العالمي عام 2010 وفي نهاية عام 2011 ازدادت بنسبة 8 في المئة وقد وضعت دول صناعية ونامية بما فيها الاتحاد الأوروبي والصين والهند والبرازيل أهدافا لاعتماد الطاقة المتجددة بنسبة تتراوح بين 15 و20 في المئة مع حلول سنة 2020.

لكن الدول العربية لديها أيضا ما يمكن أن تتحدث عنها في قمة الدوحة فقد أعلنت السعودية عن خطة طموحة لإنتاج 41 غيغاواط من الطاقة الشمسية بحلول سنة 2032 ما يجعلها تنافس أكثر الدول تقدما في هذا المجال وهناك إستثمارات مماثلة في الامارات والكويت وع مان والجزائر والأردن والمغرب وتونس .. والتزمت مصر بإنتاج 20 في المئة من الكهرباء من الطاقات المتجددة بحلول سنة 2020 بينها 7200 ميغاواط من الرياح.

ويشير تقرير " تغير المناخ وآثاره على المنطقة العربية " الصادر عن جامعة الدول العربية مؤخرا إلى أن حصة الطاقة المتجددة ستصل إلى نحو 50 في المئة من إنتاج الطاقة عالميا بحلول عام 2050 وعلى الدول العربية المصدرة للبترول أن تكون مستعدة للتعامل مع هذا الوضع الذي سينتج عنه انخفاض في حصة الفرد الفعلية من دخل البترول وذلك من خلال عدة خطوات تحافظ بها على مستوى لائق من الحياة لشعوبها وتفي بالتزاماتها بدعم برامج التنمية في المنطقة عامة.

ومن بين هذه الخطوات تنويع اقتصادات الدول العربية المصدرة للبترول لتخفيف الاعتماد شبه الكامل على البترول تحويل دخل النفط المرتفع اليوم إلى تكنولوجيا يتم تطويرها وامتلاكها محليا وليس استيرادها على شكل معدات جاهزة والاستثمار في الطاقة المتجددة ليس للاستهلاك المحلي فقط بل للتصدير أيضا .

ويضع التقرير حلولا لسد احتياجات هذه البرامج من التمويل وفي هذا الاطار ينبغي على الدول العربية المصدرة للبترول وجميعها دول نامية أن تفاوض خلال مرحلة انتقالية للحصول على حصة من أي ضرائب مناخية يتم فرضها على البترول في الدول المستهلكة وبعد ذلك يتم استخدام هذه الحصة في صندوق مناخي مخصص لتمويل برامج التحول إلى اقتصاد أقل كربونا في الدول النفطية.

كما أن على الدول والمجموعات الإقليمية العربية تطوير قدراتها الذاتية في التكنولوجيا والبحث العلمي في المجالات المناخية ومن الضروري أن تدعم تفعيل تعهدات المؤتمرات السابقة لتأمين تمويل كاف لتطوير التكنولوجيا ونقلها وبناء القدرات.

ولدى الدول العربية أيضا مبادرات كبيرة في هذا المجال يمكن أن تفتخر بها في قمة الدوحة من مركز الملك عبدالله للطاقة المتجددة في السعودية إلى معهد مصدر للطاقة المتجددة في أبوظبي لكن لا يمكن الاستمرار في اعتبار جميع الدول النامية المنخرطة فيما يسمى " مجموعة الـ77 " كتلة واحدة تنطبق عليها الشروط نفسها.

فبعد تحو ل الاقتصادات الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا إلى المصدر الأكبر لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في العالم أصبح من الواجب اعتماد ثلاثة مسارات: أولا الدول الصناعية المتقدمة المسؤولة تاريخيا عن الانبعاثات الكربونية تلتزم فورا بتنفيذ أهداف طموحة وسريعة لتخفيف الانبعاثات ومساعدة الدول الأخرى على الانتقال إلى اقتصاد قليل الكربون .. ثانيا ت عتبر الصين ودول الاقتصادات الصاعدة مجموعة مستقلة تلتزم بتخفيض الانبعاثات تدريجا وفق جدول زمني وأهداف محددة ويتم منحها فترة سماح ما بين خمس وعشر سنوات وثالثا تعطى بقية الدول النامية فترة سماح أطول تصل إلى عشرين سنة مع حوافز مالية وتكنولوجية تزداد قيمتها مع تسريع الالتزام بتخفيض الانبعاثات.