المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أقوى الرّدود على من يقول: "هذه أصوات بشريّة"! كلامٌ علميّ



كازانوفا
28-11-2012, 08:30 AM
بسم الله ، والحمدُ لله والصّلاة والسّلام على سيّد الخلق محمّد بن عبدِ الله ، وعلى آله وصحبه والتّابعين ، ومن تبعهم واقتفى أثرهم واستنّ بسنّتهم إلى يومِ الدّين ، ثمَّ أما بعد ..

فهذا كلامٌ علميُّ مأصّل حظيتُ بسماعه عن فضيلة الشّيخ / محمّد بن صالح المُنجّد في شريطٍ له في التّغيّرات التي طرأت على الأناشيد الإسلاميّة المُعاصرة ، وقد أمضى الشّيخ -حفظه الله- عاماً كاملاً في الإعدادِ لهذه المُحاضرة ، واستعانَ بفريقِ عملٍ كامل!

من أكثرِ ما استقامَ له فهمي ، واستوضحتُ أمرَه هو ذاكَ الأمر المُتعلِّق بـ ( الأصوات البشريّة ) ؛ إذ أنّ هذا الأمر كثيراً ما كانَ يستشكلُ عليَّ ، وما أكثرَ ما كنتُ أردُّ خائبةً ، حينَ يُقال لي: " هذه أصوات بشريّة "! فلا أدري ما أقولُ حينَها!؟

هداني الله لهذا البحث الجدير بالقراءة لكلِّ طالب علمٍ ، فإنّ همَّ تعليمِ النّاس وبيانِ الخطأ وسوءِ الفهم الذي وقعوا به من الأمور التي لا بدَّ لكلِّ طالبِ علمٍ أن يكونَ ذا إلمامٍ بها ..

سأنقلُ -بمشيئةِ الله- كلامَ الشّيخ على أقسامٍ ، وضمنَ مُشاركاتٍ متفرّقة ، كيلا تطولَ سطورُ المُشاركة ؛ فيسأمَ القارئُ وهو يقرأ سرداً طويلاً .

واللهُ الموفِّقُ والهادي ..

كازانوفا
28-11-2012, 08:30 AM
ذكَر الشّيخ ضمنَ بيانه لأنواع النّشيد وأقسامه ، والّتي تحدّثَ عن كل نوع منها بحسب ما يُستخدم فيه ، وكان من ضمنِ أنواعِ هذه الأناشيد ( النّشيد بالمؤثِّرات الصّوتيّة ) ..
المؤثِّرات الصّوتيّة من أشهرِ إجهزتِها (السّامبلر) ، وهو عبارة عن : جهاز تخزين الأصوات ، كأنّه مسجِّل ، ثمّ تُستخرَج منهُ حسب الطّلب .
في الـ ( سامبلر) تراكات (track3) ، (track2) ، (track1) ... ، وهكذا .
ويستطيع جهاز ( السامبلر ) خلط الأصوات المُسجَّلة في هذه المسارات .
لو سجّلنا صوتاً في (track1) وفي (track2) ، وفي (track3) يستطيع جهاز ال( سامبلر ) أن يمزج هذه الأصوات ؛ ليُخرجَها بصوتٍ واحد ، ما يُسمّى بالصّوت الموسيقي ؛ الذي هو اللذيذ ، المُطرب يُعرف باللغة الإنجليزيّة بلفظة ( harmony ) وهو يعني أنَّ هذا صوت موسيقي .
والصّوت الموسيقي الفرق بينه وبين الصّوت العادي : أنّ الصوت الموسيقي يوقعُ في النّفس ويبعث لذّةً ونشوةً وطرَباً .
يقول بعض أهل الخبرة : إن الـ ( harmony ) هذه ما تأتي إلا من نتيجة المزج بين ثلاث تراكات فصاعداً ؛ يعني (track1) هذا صوت واحد ؛ ما يُحدِث صوتاً موسيقيّاً!
(track1) ، (track2) مزج هذين المسارين لا يُحدث صوتاً موسيقيّاً ، لكن لمّا تنتقل 3 ، 4 ، 5 تراكات ؛ يُحدث .
وممّا يؤثِّر في الموضوع ؛ الصّوت المُسجَّل الأصلي كيف هو؟
- لأنّه قد يُسجَّل بصوتٍ فيه دقّة في المواصفات ؛ فيكفي مزج ثلاث مسارات ؛ لتُعطيكَ صوتاً موسيقيّاً .
أحياناً يكون مستواه أقل ؛ فما تُعطيك ( harmony ) هذه إلّا مزج أربع تراكات فأكثر .

كازانوفا
28-11-2012, 08:31 AM
الـ (سامبلر) قد يُدخل فيه أصوات بشريّة ، وقد يُدخل فيه أصوات موسيقيّة ، فإذا وضعنا في (track1) صوت موسيقيّ ؛ فهذا حرام حتّى في (track1) لوحده ، لو أعدتَه وشغّلتَه -أصلاً- لا يجوز .
لكن الأصوات البشريّة إذا وضعت في المسارات هذه ؛ يُمكن أن تُحدثَ صوتاً موسيقيّاً ، بالذّات إذا مزجنا ثلاث (تراكات) فصاعداً .
لكي يكون هناك مزيد تحكُّم في الـ (سامبلر) ، جعلوا جهازاً آخر مثل الكيبورد ، يُشبه البيانو ، مُلحقاً به ، فيه فلاتر (Blog-ins)؛ لأجل أن يكون المزج الصوتيّ أدق .
إشارة:
المزج الصوتي ما يلزم له (سامبلر) ، من الممكن أن يقوم شخص بمزج الأصوات في برنامج حاسوب، و مزج الأصوات أنواع ، وهذا شيء يعرفه أهل الخبرة ، هناكَ أشياء يُمكن أن تنتِج تغييراً للصوت ويتمّ من خلالِها التّلاعب به ، وهناك مزج للأصوات بحيث يحدث الموسيقى.
فالآن مثلا برامج (Audio) فيها ما يسمى، الـ(Patch) التلاعب بالطبقة الصوتية ..
ممكن تدخل صوت رجل ، ثم تلعب بالأزرار (لأعلى ولأسفل ، يمين ويسار ) ، فيمكن أن تدخل صوت رجل غليظ الصوت ليخرج في النهاية صوت فتاة .
هناك أجهزة تأخذ البصمة الصوتية لشخص ، وتسجل كلاما لشخص آخر ، ويخرج بالبصمة الأولى وهذا هو عملية تزوير الصوت ، فكأن فلان الذي قاله ولم يقلهُ.
ولذلك القضاة لا يتعتبرون الصوت المسجل والتصوير دائما دليلا وبينة قاطعة ؛ لأنها قابلة للتزوير .
أنا ممكن آخذ بصمة صوتك أسجلها ثم آتي بكلام أسجله ، أنا وأخرجه ببصمة صوتك! أنت الذي قلته ! وأنت لم تقله !

المؤثّرات الصوتيّة الموجودة في الأناشيد ، يؤدِّي المُنشد النَّشيد بصوته الطّبيعي ، ويُعمل طبقات مختلفة ، ثم تدخل عملية التأليف والتّناغم ومزج التراكات أو المسارات لإنتاج المؤثِّرِ الصوتيِّ ..

المؤثِّرِ الصوتيِّ هذا -كما قلنا- قد يكونُ في النِّهاية صوتًا موسيقيًا وكلمة (harmony) أصلاً -تعني التّجانس والتّناغم ، وهو علمٌ قائم على أسسٍ لتوزيع اللّحن ، وهذه الأصوات يؤتى بها ؛ لزيادة نسبة الطّرب والانسجام بين اللّحن والأداء .
فلاشك- أنّها مصطنعة ، ويمكن أن تعوِّضَ عن صوتٍ غير موجود ، يعني أنت مثلاً لم تعزف ولم تضرب عوداً ولا طبلاً ولا (كمنجة) ولا (بيانو) ولا (قيتار) ولا شيء ، ثم (بالسامبلر) عملنا مزيجاً ؛ أدّى إلى خلفيّة تعوِّض صوتَ الموسيقى ، وتشبه جدا صوت الموسيقى ، وتعطي جو الموسيقى ، فيقوم المحترفون من منتجي الأناشيد باستعمال مثل هذا الجهاز وغيره ؛ لكي يعطو الخلفيّة مع صوت المنشد .

كازانوفا
28-11-2012, 08:32 AM
وهذا (السامبلر) وهذه الخلفية ليس من اختراع المنشدين ، بل هذا شيء معروف عند الغرب -أصلا- ويسمونه (Electronic music) أي الموسيقى الإلكترونية .
إذن فالإيقاعات والموسيقى ليست إنتاجاً إسلامياً ، ولا دعويًا ، ولا حديثًا ، بل هو إنتاجٌ غربيُّ الأصلِ .
جاء في الموسوعة العربيّة العالميّة : " الموسيقى الإلكترونية نوعٌ من الموسيقىّ ، يتمُّ فيها إنتاج الصوت إلكترونيًّا ، يستخدم الملحِّنون معدَّات إلكترونيّة ؛ لإنتاج أصوات لها علوٌّ وطبقة ، ولون نغمي مرغوبٌ فيه ، ويقومون بتركيب الأصوات على شريطٍ مغناطيسيّ ؛ لإيجاد مؤلِّف موسيقي ، وتُعزف الموسيقى ، من خلال مضخِّم صوت أو أكثر ، ويمكن استخدام الحواسيب المبرمجة خصّيصًا لهذا الغرَض ، ويَستخدم كثير من المؤلفين الصوتيّين آله مولِّف الموسيقى الإلكترونيّ ؛ لإيجاد وتجميع الأنواع الكثيرة ".

__________________
هذه البدائل الصوتيّة الممزوجة ، التي تخرج من الجهاز ، قد تكون صوت بشري عادي ، وقد تكون صوت طبيعة (رعد ، برق ، ، صهيل خيل ، خرير مياه ، صوت مطر ، عدو ، جري ، صياح) كلُّها مخزنة .
هناك جهاز يخزِّن 25000 صوت متنوعة ، منها أصوات طبيعية ، ومنها أصوات بشرية ومنها أصوات موسيقية ، الآن النّاتج من هذا الجهاز إذا كان (harmony) أي صوت موسيقي؛ فإنَّ النّاتج حرام -مهما كان الأصل .
يعني ممكن يأتي شخص يقول: يا أخي -والله- لم نستعمل إلا أصوات بشرية . نقول : يا أخي الخمر كان عنباً ، -والله- ما استعملنا إلا العنب .
فإن قال : هذا المؤثر الصوتي الذي تسمعه مثل الموسيقى -والله العظيم- هو أصلا حناجر بشرية ، نقول له : يا أخي والخمر هذا الذي يشربه الفاسق ليسكر -والله العظيم- أنَّ أصله عنب حلال.

فإذا أدّت آلة المزج بالأصوات البشريّة إلى إخراج (harmony) الذي هو التأثير الموسيقي؛ فهو حرام أيًّا ما كان أصله .
ولذلك ؛ فالتّحريم ليس للآلة ولا للأصل الذي أدخلت فيه ، بل التّحريم للنّاتج ، والمعازف لا تختص بآلة دون آلة ، وليس التحريم لآلة بعينها التّحريم للنّاتج.

قال ابن عابدين -رحمه الله: " آلة اللّهو ليست محرَّمةً لعينها ، بل لقصد اللّهو منها ؛ إمّا من سامعِها أو من المشتغلِ بها " .

ولو جاءنا شخص ، وقال: هذه الفرقة التي أتينا بها فيها من يُخرج صوت طبل من حنجرته البشرية ، وآخر يُخرج صوت مزمار ، وآخر يخرج صوت قيتار ، يعني لو واحد قلّد ، وأخرج ؛ النّتيجة هي الصوت الموسيقيّ الذي يسبّب اللّذّة والنشوة والطرب .
والشّرع من قواعده أنه لا يُفرٌِّق بين المتماثلات.

قال ابن القيم -رحمه الله : " فالشريعة لا تفرق بين المتماثلين ألبتة ، ولا تسوِّي بين مختلفين، ولا تحرِّم شيئًا لمفسدة ، وتبيح ما مفسدته مساوية لما حرمته ، ولا تبيح شيئا لمصلحة ، وتحرّم ما مصلحته مساوية لما أباحته ألبتّة ، ولا يوجد فيما جاء فيه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- شيء من ذلك ألبتّة ".
بدائع الفوائد .

إذن ... العبرة بالنّتيجة .

كازانوفا
28-11-2012, 08:33 AM
وبعض مهندسي الصَّوت يتعب حتى يفرِّق بينَ المؤثِّر الصّوتيّ :
موسيقى أو أصوات بشرية -أصلاً-وأشياء أخرى أدخلت في الجهاز وخرجت ( harmony ) موسيقى!؟؟

وإذا أخذت بعض الأناشيد التي فيها مؤثِّرات صوتيّة ، وأسمعتها لبعض الشباب الفسقة ، -أنا فعلت هذا بنفسي- ، أعطاني أحد الإخوة شريطاً ، وسأل : هذا جائز أم لا ؟ وفيه من المؤثِّرات ما فيه .
فأعطيته لشاب يسمع موسيقى؛ فسمع ، ثم قال : والله إذا أجزت لي هذا؛ فأنا مستعد أترك لك المغني الفلاني ، والمغنية الفلانية ، هذا يكفينا ويزيد هذا -أصلاً- تعويض كل شيء ، خلاص ما نحتاج المغنيين والمغنيات!
فإذن واضح الأثر ( لذّة ونشوة وطرب ) والعوِض عنِ المُحرَّم بمحرَّمٍ آخر.


ثالثًا: العبرة بمآلات الأمور ، صحيح بدأنا بصوتٍ آدميّ ، لكننا انتهينا بصوت بماذا؟
أحضرنا مكبِّر مسجد وضربنا عليه ، وأخرجناها طبل ، خلاص العبرة في النتيجة.
ثم النّتيجة التي أخرجها الجهاز ليست الأصل ، لم يعد صوتًا بشرياً ، العبرةُ بمآله لا بأصله .
والخمر كان عنباً حلالاً .

قال ابن القيم-رحمه الله : " ولما يئس الصيّاد -ويقصد به الشّيطان- من المتعبِّدين أن يسمعَ أحدُهم شيئًا من الأصوات المحرّمة كالعود والطُّنبور والشبّابة ؛ نظر إلى المعنى الحاصل-اللذة والنشوة والطّرب- بهذه الآلات ؛ فأدرجه في ضمن الغناء وأخرجه في قالبه ، ...
والله كأنّه يتكلّم عن (السامبلر) سبحان الذي ألهمه!

والعارف من نظر في الأسباب إلى غايتها ونتائجها ، وتأمل مقاصدها وما تؤول إليه " اهـ كلامه رحمه الله .

__________________

رابعاً : إن الطّرب الحاصل بهذه الأصوات ، يعني المؤثرات والإيقاعات يُقارب الطّرب الحاصل بآلات الموسيقى ؛ فوجب إلحاقها بها ، وقد نصَّ العلماء على تحريم بعض الأشياء لوجود الطرب فيها ، فذكر ابن الحجر الهيثمي أنّه يمكن أن يُستدل لتحريم الشبّابة ، بالقياس على الآلات المُحرّمة ؛ لاشتراكه في كونه مطرباً " كفُّ الرَّاع عن محرَّمات السّماع .
وسئل الشّيخ عبد الله بن جبرين -رحمه الله : ماحكم إخراج أصوات من الفم ، تُشبه أصوات المعازف؟ فقال: نرى أنه يحرُم ؛ لأنّه يقوم مقام آلات اللهو ، وهي آلات محرّمة ، تصدُّ عن ذكرِ الله وما قام مقامَها ؛ فهو محرَّم ، هذا سؤال سألناه للشّيخ مباشرة ، نُشر في موقع الإسلام سؤال وجواب .
وكذلك الشّيخ صالح بن فوزان الفوازن والشّيخ عبد الرحمن بن ناصر البرّاك على هذا .

- الأصوات البشريّة التي لا تُشبه صوت الموسيقى ، ولا تسبّب لذّة ولا نشوة ولا طرب ، هذه تبقى أصوات بشريّة جائزة .

- ماحكم النّشيد مع الأصوات الطّبيعيّة مثل صوت مطر ، أو رعد ، فتح أبواب ، صهيل خيول ، خرير ماء ، صوت حيوانات ، عصافير ، تكسُّر زجاج ؟
لا شكّ أنَّ هذه الأصوات لا علاقةَ لها بالموسيقى ، وبالتّالي ؛ فلا بأسَ بالنّشيد معها ..

__________________
سابعاً:
النّشيد الذي تصاحبه الآهات ، والآهات أصواتٌ بشريّة ، يقوم المنشد بتسجيل هذه الآهات ثمّ تُدمج لتُصاحب الأنشودة ، تكون هذه الآهات في صدارة الأنشودة وقد تكون في خلفيتها ، وينبغي قبل الكلام في هذه الآهات من التنبه في أمرين :
أولا : أن الإنشاد الديني عند الكفار ، والغناء الأوبرالي ، الذي هو ( Opera ) أظهرُ ما يتميّز به الآهات والتأوُّهات .
ثانياً : إن التكسُّر في الصّوت ، والميل به إلى التخنُّث هو حالُ فُسّاق ، ولا يجوز أن يفعل الرّجل كمثل صوت المرأة .
في الموسوعة الفقهية : ومن التخنُّث : التزيّي بزيّ النّساء ، والتشبّه بهم في تليين الكلام عن اختيار . يعني يأتي واحد يتقصّد أن يليّن صوته كصوت المرأة وهو رجل .
-فإذا وجد في الآهات أحد أمرين : التشبُّه في الكُفّار بطريقتهم في الآهات ، أو التخنُّث الذي فيه تليين الكلام كالنّساء ؛ فإنّه يُمنع لوجود المحظور .
-إذا أدخلت الآهات بأجهزة مزج الصوت وأخرجت صوتًا موسيقيا ؛ فالحكم المنع لأنّه صارَ مثلَها .
-إذا صارت الآهات ليس بها صوت موسيقي ولا صوت مثل النساء ولا مشابهة الكفّار .
-قد تكون مزعجة أصلاً ، فتعيقك عن فهم الكلام ؛ فتكون أمراً مُتكلَّفاً مكروها.
-وقد تكون أمراً جائزاً ؛ إذا صارت قليلة وليس فيها مشابهة لأصوات النساء ..
.اهـ كلام الشّيخ المنجّد -حفظه الله حولَ الأصواتِ البشرّية ، وجعلَ فيما قدّمَ جزيلَ الأجرِ له ، وعظيمَ المثوبة .

كازانوفا
28-11-2012, 08:34 AM
لفتة : بلغت بيَ الشّفقه على حالِ أهل الإسلام مبلغاً ، حينما سمعتُ من الشّيخ حفظهَ الله ما سمعت ، وما كانَ فيهِ من حُرقةٍ واضحةٍ على شبابِ الصّحوةِ الإسلاميّة!

وكان الشّيخ قد نقلَ حديثاً عن أحد كِبار المُنشدين -ممّن أجرى الله كلمةَ الحقِّ على لسانه ، يقول:
" أخشى أن نكونَ قد انزلقنا لهوّةٍ سحيقة ، بأن نلهثَ وراء الأغنيةِ الشّبابيّة ؛ لنرضي أذواقَ بعض الشّباب ، ونرى إيقاعات غربيّة وإيقاعاتٍ راقصة في النّشيد ، وفي طريقة التّصوير ونرى فيديو كليب ، لو أوقفنا الصوت ؛ لن نستيطع أن نميِّزَ بين الصّور التي أمامنا ، هل هي تخصّ أناشيد إسلامييّن ، أو أغاني فُسّاق !؟ " .

فيا إخوةَ الإسلام ، أين أنتم من كتابِ ربّكم!؟
أين أنتم عن سماعِ آياته ، وترتيلِ كلماته !؟
كتابُ ربّكم ؛ حقَّ لكم أن تحفظوهُ بقلوبكم ، وأن تدومَ على ذكرِه ألسنتكم ..

يا إخوة الإسلام لا تدعو داعي الشرِّ يضلّكم عن سبيل الله .
لا تجعلوا من مزالقِ الشّيطان سبيلاً يوصلكم إلى شقاءِ الدُّنيا والآخرة ..
لا يظننَّ أحدُنا أنّ ديننا العظيم أتى لتحريمٍ ومنعٍ وكبتٍ وحجر!
وإنّما هو دينٌ يريدُ حفظَنا من مزالق إبليس ، ومن منافذه التي قد تودي بنا إلى معيشةٍ شقيّةٍ ضنكٍ -والعياذُ بالله .

قال عزّ من قائل : "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى" .

فهلمّوا إلى كتابِ الله ، هلمّوا إلى كلامِه الذي ما جاهدَ نبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم- إلا ليوصله إلينا ، وليكونَ طريقاً نرقى بهِ إلى أعالي الجنان .

يا إخوتاه / لا تستبدلوا الأدنى بالذي هو خير ، ولا تجعلوا الترانيم لكم ديدنا تشغلكم عن آي كتابه سبحانه ، وتحرمكم لذّةَ الحنينِ إليه والفرحِ بسماعه ، والشّوقَ إلى أيّامه .

قالِ ابن تيميّة -رحمه الله: ولهذا تجد من اعتاده واغتذى به لا يحنُّ إلى القرآن ولا يفرحُ به ولا يجدُّ في سماع الآيات كما في سماع الأبيات ، بل إذا سمعوا القرآن سمعوه بقلوب لاهية وألسُن لاغية ، وإذا سمعوا سماعَ المُكاء والتّصدية؛ خشعت الأصوات وسكنت الحركات ، وأصغت القلوب " ..

واللهُ المُستعان .