المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مالذي شغل عقولنا



امـ حمد
06-12-2012, 04:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك

كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)أي،خلقنا وجعلنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس،وهيأناهم لها،وبعمل أهلها يعملون،فإنه

تعالى لما أراد أن يخلق الخلائق،علم ما هم عاملون قبل كونهم ، فكتب ذلك عنده في كتاب قبل أن يخلق السماوات والأرض

بخمسين ألف سنة،كما ورد في صحيح مسلم،عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(إن الله قدر مقادير

الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة،وكان عرشه على الماء)وفي صحيح مسلم،من حديث عائشة بنت

طلحة،عن خالتها عائشة أم المؤمنين،رضي الله عنها،أنها قالت،دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من

الأنصار،فقلت،يا رسول الله طوبى له،عصفور من عصافير الجنة،لم يعمل السوء ولم يدركه،فقال،رسول الله صلى الله عليه

وسلم،أو غير ذلك يا عائشة،إن الله خلق الجنة،وخلق لها أهلاً وهم في أصلاب آبائهم،وخلق النار،وخلق لها أهلاً وهم في أصلاب

آبائهم،وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود،رضي الله عنه،ثم يبعث إليه الملك ، فيؤمر بأربع

كلمات،فيكتب،رزقه،وأجله،وعمله،وشقي أم سعيد،
وتقدم أن الله،تعالى،لما استخرج ذرية آدم من صلبه وجعلهم

فريقين،أصحاب اليمين وأصحاب الشمال،قال،هؤلاء للجنة ولا أبالي،وهؤلاء للنار ولا أبالي،وقوله تعالى(لهم قلوب لا يفقهون)

بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها )يعني،ليس ينتفعون بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله،سبباً

للهداية،كما قال تعالى(وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون

بآيات الله،وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون)الأحقاف،وقال تعالى(صم بكم عمي فهم لا يرجعون )البقرة،هذا في حق المنافقين،وقال

في حق الكافرين(صم بكم عمي فهم لا يعقلون )البقرة،ولم يكونوا صماً بكماً عمياً إلا عن الهدى،كما قال تعالى( ولو علم الله فيهم

خيراّ لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون )الأنفال،
قد أطبقت الغفلة على القلوب وما تركت فيها موضعاً لتذكر ذلك اليوم الموهوب،أما آن لأهل الرقدة أن يستيقظوا،أما حان لأبناء

الغفلة أن يتعظوا،واعلم أن الناس كلهم في هذه الدنيا على سفر،فاعمل لنفسك ما يخلصها يوم البعث من سقر،أليس من

العجيب أن تودع كل يوم ميتاً،ثم لا يحرك ذلك قلباً،ولا يثير خوفاً أو فزعاً،بل كان الموت مكتوب على هذا المشيع وحدة،كم هي هذه

الغفلة قبيحة، وكم هي كريهة وشنيعة،إنه عمى القلوب،وما أسوأه من عمى(فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في

الصدور)الحج،قال الربيع بن برة،عجبت للخلائق كيف ذهلوا عن أمر حق،تراه عيونهم،وتشهد عليه معاقد قلوبهم،إيماناً

وتصديقاً،بما جاء به المرسلون،ثم ها هم في غفلة عنه سكارى يلعبون،تذكر الموت أنفع دواء للغفلة،إن لم يشفك ذلك،فأي دواء

يشفيك،حقاً إن غطاء الغفلة شر غطاء،وإن رداء الغفلة شر رداء،ومن لبسه اجتمعت عليه الأدواء،إذا شغلتك الدنيا،فتذكر

الموت،فإنك راحل،ولن تجد لتلك النفس أشد عليها من تذكر الموت،فإنه الرادع الذي لطالما ضرب به الصالحون قلوبهم

فارتدعت،وعادت طيعة،ذلولة إذا سلكت سبيل الطاعات،ونفورة،جامحة إذا دنت من سبيل المعاصي والخطايا،

فتفكر يا مغرور في الموت وسكراته،وصعوبة كأسه ومرارته،فيا للموت من وعد ما أصدقه،كفى بالموت مقرحا للقلوب،ومبكياً

للعيون ومفرقاً للجماعات،وهادماً للذات،وقاطعاً للأمنيات،
فهل تفكرت يا بابن آدم في يوم مصرعك وانتقالك من موضعك،

وإذا نقلت من سعة إلى ضيق،وخانك الصاحب والرفيق،وهجرك الأخ والصديق،وأخذت من فراشك وغطائك إلى غرر،وغطوك من

بعد لين لحافك بتراب ومدر، فيا جامع المال والمجتهد في البنيان، ليس لك من مال إلا الأكفان،بل هي والله للخراب والذهاب،وجسمك

للتراب والمآب،فأين الذي جمعته من المال،فهل أنقذك من الأهوال،كلا بل تركته إلى من لا يحمدك،وقدمت بأوزارك على من

لا يعذرك،قال الإمام القرطبي،إن طوال الأمل خلف كل بلية،فالكل إذا أصبح ومسح النوم عن عينيه قتل الحبال الطوال من الآمال،لا

الكبير يرده دنوه من الأجل،ولا الصغير يرتدع بموت من هو في الصغر،تذكر الموت ترياق نافع لعلاج داء (طول الأمل)

أن امرأة جاءت إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها،تشكو إليها قساوة قلبها،فقالت لها عائشة رضي الله عنها( أكثري من

ذكر الموت يرق قلبك) ففعلت المرأة ذلك،فرق قلبها،فجاءت تشكر عائشة رضي الله عنها،ما أطال أحد الأمل،إلا وركن إلى دنياه

الفانية فأفنى أيامه في غير الطاعات،وأضاع ساعات عمره في أحلام الأمنيات،قال الحسن البصري رحمه الله(ما أطال عبد الأمل

إلا أساء العمل)كم مضى من الدنيا،وكم هلكت من أجيال وأمم،كم مرت عليك من الأيام،والشهور،والأعوام،كم من ميت من أحبابك

أودعته في جوف الثرى،وكم مرة حدثتك نفسك أنك قد تموت اليوم أو غدا،العمر مضى وانت تؤمل الآمال العراض،وهل بلغت كل كما

تؤمل،ووقفت بك الآمال عند أملك،للعبد رب هو ملاقيه،وبيت هو ساكنه،فينبغي له أن يسترضي ربه قبل لقائه،ويعمر بيته قبل

انتقاله إليه،الإمام ابن القيم قال،الموت، زائر غير محبوب،ووارد غير مرغوب وقريب غير مطلوب،قاطع اللذات،ومفرق الجماعات

ومبدد الأمنيات،فكن على حذر،وهل يغني الحذر،ما بقى غير العمل الصالح فهو خير زاد،وخير رفيق يوم المعاد،وروضتك يوم

الرقاد،وأنيسك إذا تفرق عن قبرك العباد(يا أيها الذين آمنوا اتقوا
الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)آل عمران.

intesar
06-12-2012, 04:25 PM
جزاكِ الله خيرا..

بنـ الدحيل ـت
06-12-2012, 06:33 PM
ام حمد

جزاج الله خير على التذكير

بارك الله فيك