المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أساليب جديدة للغزو ،، دور أكبر لعملاء الداخل



كاشف
19-01-2013, 12:46 AM
بعد سبع حملات صليبية فاشلة على مدى مئتين سنة (690-490) لغزو بلاد المسلمين العربية تم أسر قائد الحملة الصليبية السابعة ملك فرنسا لويس التاسع في معركة فارسكور بمصر بين الصليبيين والمماليك بقيادة توراه شاه ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب الذي توفي قبيل المعركة بعدما أعد لها عدتها وسجن ملك فرنسا الأسير في سجن المنصورة ثم أطلق سراحه بعد دفع فدية مالية فادحة بلغت عشرة ملايين فرنك، وقد أقسم بأغلظ الأيمان ألا يعود لحرب المسلمين مرة أخرى، وقبل وفاته كتب وصيته للصليبيين يطالبهم بتغيير خططهم وأساليبهم في غزو المسلمين وذلك بترك القتال والتركيز على الغزو الفكري فكانت تلك الوصية هي بداية الحركة الاستشراقية.

وفي عصرنا يعلن بوش الحرب الصليبية من جديد على بلاد المسلمين فيلقى هزيمة نكراء في العراق أعلن عنها وصرح بها وزير خارجية فرنسا ( برنار كوشنر ) في حكومتها المناصرة لبوش والذي أكد :"إن هذه الهزيمة قائمة فعلا بالنسبة لواشنطن في هذا البلد".

فماذا يعد لنا الصليبيون بعد هزيمتهم ؟

أصدرت مؤسسة راند البحثية الأمريكية RAND Corporation أحد أهم المؤسسات الفكرية الأمريكية المؤثرة على صناعة القرار في الإدارة الأمريكية الحالية، خاصة فيما يتعلق بمنطـقة الشـرق الأوسط والتي تدعمها المؤسسة العسكرية الأمريكية وتبلغ ميزانيتها السنوية 150 مليون دولار , أصدرت هذه المؤسسة في ربيـع الأول 1428هـ مـارس 2007م تقريرا بعنوان: بناء شبكات مسلمة معتدلة ,(وحددت مواصفاتها للاعتدال ومنها : مساواة المرأة بالرجل في الميراث ورفض تطبيق الشريعة) والذي تم إعداده على مدى ثلاث سنوات من البحث ويخلص إلى أن احتواء المد الإسلامي لابد أن يكون بواسطة إدارة صراع فكري ضد التيار الإسلامي يقوم به فريق من داخل المجتمع المسلم يتمثل في العلمانيين والحداثيين والتيار التقليدي المعتدل‏ الذي يصلي في الأضرحة ويميل إلى التصوف, ومحاولة ضم الدعاة الجدد والكتاب والإعلاميين وجمعيات المرأة لذلك الفريق في مواجهة الإسلام السلفي,‏ ويؤكد التقرير أن الصراع هو صراع أفكار إضافة إلى الصـراع العسـكري أو الأمني، وأن حسم المعركة مع الإرهاب لن يتم فقط على الساحات الأمنية أو العسكرية، ولكن الأهم أن يهزم الفكر الإسلامي - الذي يصفه التقرير بالمتطرف - في ساحة الأفكار أيضاً مستندا في أهمية التركيز على الحرب فكرية بما جرى مع الاتحاد السوفييتي عبر الحرب الباردة التي اسقطت ذلك الاتحاد بلا قتال.

وكانت مؤسسة راند قد أصدرت في فبراير من عام 2005 م تقريرا بعنوان (الإسلام المدني الديمقراطي: الشركاء والموارد والاستراتيجيات)، ويرى التقرير - كما ينقل أحد الباحثين - أنه لا يمكن إحداث الإصلاح المطلوب من دون فهم طبيعة الإسلام في المنطقة؛ الذي يقف سداً منيعاً أمام محاولات التغيير، وأنّ الحل يكمن في النظر إلى المسلمين عبر أربع فئات، هي: مسلمين أصوليين، مسلمين تقليديين، مسلمين حداثيين، ومسلمين علمانيين. أما فيما يتعلّق بالأصوليين فتقول (راند): يجب محاربتهم واستئصالهم والقضاء عليهم، وأفضلهم هو ميّتهم لأنّهم يعادون الديمقراطية والغرب، ويتمسكون بما يسمى الجهاد وبالتفسير الدقيق للقرآن، وأنهم يريدون أن يعيدوا الخلافة الإسلامية، ويجب الحذر منهم لأنّهم لا يعارضون استخدام الوسائل الحديثة والعلم في تحقيق أهدافهم، وهم ذوو تمكُّن في الحجّة والمجادلة. ويدخل في هذا الباب السلفيون السنة، وأتباع تنظيم القاعدة والموالون لهم والمتعاطفون معهم، و (الوهّابيون)، كما يقول التقرير.

لقد انتصر المسلمون في معركتهم العسكرية مع الغرب الصليبي في العراق وأفغانستان وهاهو الغرب يحول استراتيجيته من الميدان العسكري إلى الميدان الفكري لكن الفرق بين هذا التحول الذي تدعو له مؤسسة راند والتحول الذي دعا إليه لويس التاسع بعد فشل الحروب الصليبية أن مادعا له لويس من غزو فكري نفذه مستشرقون غربيون أما ما دعت له مؤسسة راند فهو معركة فكرية ضد الإسلام تنفذ بيد أناس من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا كما أشار لذلك المؤلف الرئيسي للدراسة في لقاء صحفي حين أكد أن "الهدف الرئيس للدراسة ليس طرح الصراع بين العالم الإسلامي والغرب وإنما بين العالم الإسلامي بعضه بعضا" وهنا مكمن الخطر وكما قال المثل: من مأمنه يؤتى الحذر.

والسؤال : ماذا أعددنا للمعركة الفكرية الجديدة ؟

أم سنكتفي بالدعوات للحوار والتعايش السلمي بينما هم يعملون بجد لهدم قيمنا بالحرب الفكرية الصليبية الجديدة ؟

إن المستوى الفكري في الأمة يشهد وعيا كبيرا رغم أن الأمة تشهد انحدارا كبيرا في المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي الرسمي إلا أن هذا الوعي الفكري يحتاج لبرامج تحسن استثماره وتحوله لرصيد نافع للأمة سياسيا وعسكريا واقتصاديا ولنستفيد من هذا الوعي الفكري في صد الهجمة الفكرية الصليبية الجديدة والتي هي غزو من الداخل عبر الطابور الخامس.

كاشف
19-01-2013, 01:17 AM
مؤسسة راند الأمريكية ،، ماذا تعرف عنها ؟


تبلورت الفكرة الأولية لانشاء هذه المؤسسة كـ"مشروع" قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية التي أثبتت أهمية البحث والتطور التكنولوجي للنجاح العسكري في ساحة المعركة والذي جاء نتيجة مجهودات مجموعة كبيرة من العلماء والأكاديميين خارج المجال العسكري ، وعندما اقتربت الحرب من النهاية وبعد مباحثات تمت بين البنتاغون و مكتب الأبحاث العلمية والتطوير ووزارة الصناعة أصبح من الجلي الحاجة لهيئة مستقلة للربط بين التخطيط العسكري بنتائج البحث العلمي والتطوير.

كانت بداية المشروع في اليوم الأول من اكتوبر 1945 في اجتماع عقده وزير الدفاع الأمريكي آرنولد هاب ( H. H. "Hap" Arnold ) وأعطى الأمر بإنشاء مشروع للأبحاث والتطوير يعمل لصالح وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاغون ) ، وكبداية للمشروع سيعمل وبصورة مؤقتة تحت عقد خاص مع شركة دوجلاس للملاحة الجوية في سانتا مونيكا بكاليفورنيا ، وكان من أهم الشخصيات التي لعبت دورا ً هاما ً في إنشاء المشروع بالإضافة إلى وزير الدفاع كان هناك :

إدوارد باولز ( Edward Bowles ) المستشار في وزارة الدفاع.

اللواء كرتيس ليماي ( Curtis LeMay ) أول رئيس معين رسميا ً لمشروع راند.

الجنرال لورس نورستاد ( Lauris Norstad ) مساعد رئيس الطاقم الجوي والتخطيط في وزارة الدفاع.

دونالد دوجلاس ( Donald Douglas ) رئيس شركة دوجلاس للملاحة الجوية مصنعة الطائرات الحربية.

آرثر ريموند ( Arthur Raymond ) رئيس المهندسين في شركة دوجلاس.

فرانكلن كولبم ( Franklin Collbohm ) مساعد رئيس المهندسين في شركة دوجلاس.


ظهر أول بحث لهذا المشروع في مارس 1946 بعنوان ( النموذج التجريبي لسفينة فضاء تدور حول الكرة الأرضية ) وهذا البحث اعتنى بإعطاء وصف لتصميم محتمل لنموذج قمر صناعي مع عرض طريقة أدائه المحتملة والكلام عن امكانية استخدامه فعليا ً .

وبعد سنة انتقل مقر المشروع إلى قلب مدينة سانتا مونيكا ، وفي العام 1947 بدأ في مدينة نيويورك وكجزء من مشروع راند جلسات تقييم العلماء في مجالات كثيرة كخطوة أولى لضمهم لطاقم الخبراء في المشروع . وفي عام 1948 وصل عدد الخبراء العاملين لدى راند 200 خبير في شتى الحقول كالرياضيات والهندسة والديناميكا الهوائية والفيزياء والصيدلة والاقتصاد وعلم النفس.

استقل مشروع راند بذاته وبشكل نهائي في 14 مايو 1948 بعد أن عمل لمدة ثلاث سنوات بعقد خاص لدى شركة دوجلاس للملاحة الجوية في سانتا مونيكا ومنذ ذلك الحين أصبحت راند مشروعا ً عسكريا ً مستقلا ً واصبح يحمل اسم شركة راند !! بدلا ً من مشروع راند مع العلم أنها مؤسسة خاصة تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاغون ) ، وعملية تغيير الإسم بالطبع جزء بسيط من عملية التغطية والتمويه على نشاط هذه المشروع خصوصا ً بعد أن تجاوز المرحلة التجريبية وأظهر كفاءة عالية في المهمات التي أسندت إليه في ذلك الوقت.

والهدف الأساسي من إنشاء مشروع راند هو القيام بالدراسات الدقيقة والأبحاث العلمية الشاملة لتحسين أو تشكيل السياسات الأمريكية وعمليات صنع القرار السياسي والعسكري وإعطاء تشكيلة واسعة من وجهات النظر والخيارات السياسية والآيديولوجية والعسكرية وتقديمها على طاولة أصحاب القرار في الحكومة الأمريكية.

وجدول أعمال راند مرهون بالأولويات التي تحددها الحكومة الأمريكية ويسير معها بخط متواز ٍ ، ففي أثناء الحرب الباردة مع الإتحاد السوفيتي وفي خضم الأبحاث المتعلقة بالدفاع المبكر وأبحاث الفضاء وشؤون السياسة الخارجية اتجه قسم من أبحاث المؤسسة للإحاطة المباشرة بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تفاقمت داخل المجتمع الأمريكي آنذاك.

تقوم مؤسسة راند الذي اشتق اسمها من اختصار كلمتي ( research and development ) أي الأبحاث والتطوير بجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات ومن ثم تحليلها وإعداد التقارير والأبحاث التي تركز على قضايا الأمن القومي الأمريكي في الداخل والخارج وتساهم في تطوير الكفاءات البشرية والتقنية العسكرية في وزارة الدفاع الأمريكية ، ويعمل في المؤسسة 1600 موظف من شتى الجنسيات والأعراق ويحمل غالبيتهم شهادات أكاديمية عالية.

وتعمل راند على مواجهة التحديات التي تهدد المصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم . وتلتزم بعملية مراجعة صارمة ودقيقة لكل ما يصدر عنها من منشورات أو قواعد بيانات أو توصيات عامة . والمؤسسة على أتم استعداد أن تعمل في أي مجال يطلب منها وقد تشفع في بعض الأحيان التحليلات التي تقدمها بمجال واسع من الحلول التي ترتكز على دراسات نابعة من مفهوم المصلحة والمفسدة.

وقد تقوم مؤسسة راند في بعض المناسبات بصياغة التوصيات السياسية أو تأييدها . غير أن ما يبقى عهداً ثابتا على راند هو ابلاغ النتائج التي تتوصل إليها كخدمة حكومية والتي في غالب الأحيان تكون على شكل شهادات يدلي بها خبراء من مؤسسة راند أمام الكونجرس الأمريكي.

ولازالت راند كسابق عهدها تواجه التحديات في جميع أنحاء العالم من خلال العمل على ثلاثة محاور وهي توقع القضايا المحتملة ، والبحث عن طرق جديدة لجمع المعلومات ، وتقسيم خريطة العالم إلى أقاليم لتحديد ردة الفعل المناسبة.

كاشف
19-01-2013, 01:28 AM
دوافع وأسباب التطرف الإسلامي حسب منظور الباحثين في مؤسسة راند


فشل النماذج السياسية والاقتصادية في كثير من الدول العربية أدى إلى إشعال حالة من الغضب ضد الغرب طيلة العقود الماضية ، حيث أخذ المسلمون المحرومون بإلقاء اللوم على سياسات الولايات المتحدة في فشل دولهم.

هذا العداء النفسي لأمريكا لا يمكن علاجه بالوسائل الدبلوماسية أو الحنكة السياسية . وزيادة على ذلك فإن انعدام وجود مركزية للسلطة الدينية في الإسلام السني أعطى مجالا ً واسعا ً للمتطرفين لكي يستخدموا الدين في تحقيق مآربهم.

ومن الأسباب أيضا ً حدوث عدة عمليات على مر الزمان تسببت في تفاقم التطرف الإسلامي ، فالصحوة الإسلامية التي ظهرت في الشرق الأوسط خلال الثلاثة عقود الماضية ، والدعم المادي وتصدير الفكر الوهابي إلى غير العرب في العالم الإسلامي ، وتداعيات القضية الفلسطينية وقضية كشمير أدى كل ذلك إلى زيادة التأييد للأصولية.

كما أن الفكر الإسلامي المتطرف وجد في المجتمعات القبلية التي تفتقر إلى سلطة سياسية مركزية قوية بيئة موائمة استخدمها الإسلاميون المتطرفون بنجاح في تشكيل شبكات تدعم الأنشطة الأصولية والإرهابية أيضاً ، عن طريق التمويل والتجنيد ، والكثير من هذه الشبكات تختفي تحت ستار الخدمات الاجتماعية للمسلمين ، مما صَعَّب إمكانية اكتشافها وتحطيمها.

وأخيراً ظهرت بعض المساحات الإعلامية التي تكرس العداء لأمريكا وتظهر المسلم بصورة الضحية المظلومة وتنشر قصص التضحيات التي تخدم المتطرفين.

ومن الأسباب أيضا ً وقوع بعض الأحداث مما أدى إلى تهييج المتطرفين وإعطائهم الدوافع للتحرك كحرب أفغانستان وحرب الخليج في عام 1991 والحرب العالمية على الإرهاب ، كما أن الحرب على العراق بالتأكيد كان لها تأثير على العالم الإسلامي ، لكن المحافظة على استقرار العراق أمنيا ً وضمان التعددية الديمقراطية من شأنه أن يتحدى وجهات النظر المعادية للغرب وسيقضي على مزاعم المتطرفين . والفشل في ذلك سيؤدي إلى سقوط مصداقية الولايات المتحدة ، وسيعطي الجماعات المتطرفة حوافز جديدة للتحرك.

كيف يمكن الولايات المتحدة تحدي الظروف التي تهدد مصالحها واستغلال الفرص في العالم الإسلامي بالتعاون مع أصدقائها ؟

لتحقيق ذلك ينصح الباحثون بإتباع الاستراتيجيات والخيارات الاجتماعية والسياسية والعسكرية التالية :


1 ــ تأسيس شبكات إسلامية معتدلة مضادة للدعوات المتطرفة :

يجب تأسيس شبكات عالمية فعالة للمسلمين الليبراليين والمعتدلين الذين يعانون من الكبت ، كالتي أنشأها المتطرفون لتمكينهم من توصيل أصواتهم ونشر دعواتهم المعتدلة في جميع أنحاء العالم الإسلامي ، والمعركة من أجل الإسلام تتطلب إيجاد جماعات ليبرالية لتحرير الإسلام من مختطفيه ، وإيجاد مثل هذه الشبكات العالمية مهم بحد ذاته لأنه يشكل القاعدة التي تنطلق منها رسالة الجماعات المعتدلة وتوفر لها شيء من الحماية . وهذه الجماعات غير قادرة على انشاء هذه الشبكات فيتطلب إمدادها بالموارد اللازمة وإعطاؤها الحافز في البداية.


2 ــ تدمير الشبكات المتطرفة :

من الضروري تحليل وفهم الخصائص العقدية للمجتمعات التي تدعم الشبكات المتطرفة ومعرفة آلية عمل هذه الشبكات ، والمصادر التي تدعمها، والكيفية التي يتم من خلالها تواصل وتجنيد الأعضاء ، ومعرفة نقاط ضعفها لوضع إستراتيجية للقضاء على عقائدها وتفكيكها ، وتمكين المسلمين المعتدلين من السيطرة على هذه الشبكات.


3 ــ إصلاح التعليم في المدارس والمساجد :

تكثيف جهود الإصلاح للتأكد من أن المدارس الدينية في الدول الإسلامية تقدم تعليماً متحرراً وحديثاً . ومن الممكن أن تقوم الولايات المتحدة بتأسيس أو تطوير هيئات تعليمية تقوم بمراقبة ومراجعة المناهج في المدارس الحكومية والخاصة . ويجب على الولايات المتحدة أن تدعم جهود الحكومات والمنظمات الإسلامية المعتدلة لضمان عدم استخدام المساجد لنشر العقائد الراديكالية ، وهذا النوع من الإصلاح من شأنه أن يقطع دورة انتاج الراديكالية في المدارس التي تعتبر وقود الجماعات الإرهابية.


4 ــ زيادة الفرص الاقتصادية :

إن إلقاء لائمة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية على الولايات المتحدة من شأنه أن يزيد الرصيد الشعبي للمنظمات المتطرفة التي تستغل هذا المحور جيدا ً فيتشكل في النهاية تهديد للمصالح الأمنية الأمريكية ، فيتحتم على الولايات المتحدة وحلفائها عملا ً مضادا ً من خلال طرح مبادرات تعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية المستقبلية للشباب المسلم ، والعمل على أن لا يظهر التواجد الأمريكي على أنه عسكري محض.

كذلك من الضروري تمويل انشاء برامج ثقافية وتعليمية تدار من قبل المنظمات العلمانية والمنظمات الاسلامية المعتدلة لمناهضة المنظمات الراديكالية وقطع الطريق أمامها.


5 ــ دعم الإسلام المدني العصراني :

إن دعم جماعات المجتمع المسلم المدني التي تناضل من أجل الاعتدال والحداثة يعد من أهم أولويات السياسة الأمريكية في العالم الإسلامي . ووجود إسلام سياسي معتدل من شأنه أن يقلل المطالبة بالحكم الثيوقراطي أو بالخلافة الإسلامية . فيجب أن تعطى الأولوية لدعم المنظمات العلمانية والمعتدلة للقيام بأنشطة تعليمية وتثقيفية . كذلك يجب على الولايات المتحدة وحلفائها المساعدة في تطوير المؤسسات المدنية والديمقراطية التي تبحث عن فرصة للظهور.

كاشف
19-01-2013, 01:50 AM
امريكا تدرس الاسلام الامريكي للمساجين في العراق



كشفت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" عن برنامج مكثف يقوم به الجيش الأمريكي في العراق، يفرض على المعتقلين العراقيين المقرر إطلاق سراحهم حضور "دورات تدريبية في الإسلام" عن "قدسية الحياة" و"حب الإنسانية"، تقوم بها مجموعة من الأئمة مدفوعي الأجر، يستخدمهم الجيش لهذا الغرض، بهدف خلق "معتقلين معتدلين".

وقال البنتاغون في بيان إن الهدف من هذه الدورات، هو منع "المعتقلين المعتدلين" من التحول إلى "متعقلين متطرفين"، وهو الدافع الأساسي وراء نقل الآلاف من المعتقلين العراقيين، الذين تصنفهم قوات التحالف بأنهم "متطرفين"، إلى وحدات خاصة بعيداً عن "المعتدلين".

وبالإضافة إلى هذه الدورات، كشف الجيش الأمريكي عن إدارته "مناقشات" دينية إسلامية، بين السنة والشيعة المعتقلين لديه. وقال بيان البنتاغون إن المناهج الدينية التي يتم تقديمها تسعى إلى "تعزيز المبادئ الإسلامية الأساسية، مثل حرمة الحياة والملكية، وحب الإنسانية، وتجنب الكراهية، واكتساب العيش، والتسامح واحترام الإنسانية".

ونقل البيان عن نائب القائد العام لقوات الاحتلال متعددة الجنسيات بالعراق الجنرال دوغلاس ستون قوله إن "المناهج جزء من دينهم، ولهذا فإن الأمر يتطلب وضع الأشياء في سياق الدين الإسلامي، وهذا هو ما نفعله".

وقال ستون إن كل منهج "يتضمن نوعا من الإشارة القرآنية لنعطي هؤلاء الأشخاص بعض الأسباب عن مركزية المنهج".

وأشار إلى أن المعتقلين المشاركين في الدورات يندمجون بشكل حقيقي في مناقشة "سقراطية" حول القرآن، دون وجود لنا فيها".

وقال الجنرال بالجيش الأمريكي إن المعتقلين "أصبحوا يتفهمون الفرق بين ما قاله المتطرفون أو ما جعلهم المتطرفون يحفظونه، وبين ما هو موجود بالفعل في القرآن". وأكد أن إطلاق 3305 معتقلين منذ يوليو الماضي، جاء نتيجة للمناهج الدينية الجديدة في السجون.

http://www.alarabiya.net/articles/2007/12/06/42573.html

كاشف
19-01-2013, 03:22 AM
المخطَّط الغربي الاستراتيجي تجاه العالم الإسلامي
(1)
عرض وتحليل وحلول المواجهة



"ليس أمامنا بالنسبة للمسلمين إلاَّ أحد حلَّين :
الأول : تقتيلهم والقضاء عليهم .
والثاني : تذويبهم في المجتمعات الأخرى المدنيَّة العلمانيَّة"[1].
كان هذا مقطعاً من كلام للرئيس الأمريكي الأسبق "ريتشارد نيكسون" في مذكِّراته ، وبالمقارنة نجد أنَّ "نيكسون" تحدَّث بالمنطق نفسه الذي بيَّنه الله ـ تعالى ـ للمسلمين، وكشف به خطط أعدائهم كما في قوله ـ تعالى ـ : (إنَّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملَّتهم ولن تفلحوا إذاً أبداً) سورة الكهف.

فالمنطق نفسه يتكرر على ألسنة زعماء الغرب وأعداء الإسلام الذين لن يتغيَّروا عنه في خططهم وتعاملهم تجاه المسلمين ، والهدف الرئيس وراء ذلك إطفاء نور الإسلام، كما قال ـ سبحانه ـ : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمُّ نوره)، ولخطورة الموضوع وضرورة اطِّلاع الجميع عليه ناسب بيانه والأخطار المترتِّبة عليه لذلك ، سأكتب في هذه السلسلة عن هذا المخطَّط الشِّرِّير الغربي تجاه العالم الإسلامي ؛ فقد وجدت أنَّ ما ذكره الله ـ تعالى ـ في قوله : (إنَّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملَّتهم ولن تفلحوا إذاً أبداً) وجدت ذلك يتحقق في زمننا بالشكل نفسه؛ فالاستراتيجيَّة المتبنَّاة من قِبَلِ أعداء المسلمين تجاههم تكمن في إحدى القوَّتين التي يحلو لبعضهم أن يسمِّيها بالقوَّة الصلبة [التقتيل] ، أو القوَّة الليِّنة [التذويب]!

فأمَّا التقتيل فهو أمر لا ينكره ذو لُبٍّ سليم، وما فعله أعداء المسلمين خير شاهد على ذلك ، وصدق الله إذ يقول : (لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمَّة وأولئك هم المعتدون)
ويقول ـ جلَّ وعلا ـ أيضاً: (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاًّ ولا ذمَّة). كما أني لن أطيل في سرد خطط الكفَّار ووقائعهم في سحق المسلمين وإبادتهم ، فلن تنصبَّ مقالات هذه السلسلة على الحديث عن جرائم الأمريكان تجاه الدول الإسلاميَّة التي لا زالت عالقة ولن تُنسى في أذهان البشريَّة جمعاء ، بل هي جارية على قدم وساق!

كنت كتبت مقالاً مطوَّلاً حول الانهيار الحضاري لأمريكا ، ونُشِرَ في العديد من المواقع الإلكترونيَّة ولله الحمد [2] ، وقناعتي لا زالت ثابتة أنَّ هذه الدول مصيرها إلى اضمحلال وانهزام كبير ولكن بعد حين وهذا الحين ليس بطويل !

نعم ! لا تزال كثير من الدول الغربيَّة وأمريكا ـ على وجه الخصوص ـ متمسِّكة بنظريَّة "مورغينثاو" و"هينيري كسينجر" والتي تقول: إنَّ المصالح لا تتحقَّق بمعزل عن القوَّة ، كما أنَّ "توماس ب . م . بارينت" ـ المحلِّل العسكري الأمريكي واسع الاطِّلاع بشؤون مؤسسة الدفاع الأمريكيَّة ـ يقول : (إنَّ الدور الأمريكي الجديد ليس نشر المبادئ الديموقراطيَّة وقيمة حقوق الإنسان فقط ، بل الأهم هو نشر العولمة الرأسماليَّة وفرضها بقوَّة السلاح في مختلف أرجاء العالم ، إذا اقتضى الأمر ذلك)[3].

ومن يطالع كتابه (خريطة البنتاغون الجديدة ـ الحرب والسلام في القرن الواحد والعشرين) سيجد أنَّ (توماس) يؤكِّد أنَّه إذا ما فشلت دولة في الانضمام إلى العولمة أو رفضت الكثير من تدفُّقاتها الثقافيَّة ؛ فإنَّها ستجد في النهاية القوَّات الأمريكيَّة على أراضيها، تكريساً لحكم القطب الواحد المسيطر على الجميع ؛ حيث يقول : (ونحن ـ أي : الأمريكان ـ مخوَّلون تاريخيَّاً لهزيمة كل التهديدات التي تقف في طريق سعينا لتحقيق الترابط العالمي ؛ لأنَّنا نعرف جميعاً الثمن الذي قد ندفعه ـ دولةً وعالماً ـ إذا ما سمحنا لأيديولوجيَّات عدم الارتباط بأن تسود. وأمريكا لا تطلب الكثير بل مجرَّد التزام دول العالم ببروتوكولات العولمة،وليس أكثر من ذلك!!) .
والدلالة المثيرة في هذا الكلام تقضي بأنَّ الأمريكان يحاولون الهيمنة والسيطرة الكاملة على أي مخالف لهم ، وغرس روح التبعيَّة والذيليَّة لهم ، ولكنَّهم إذا لم يجدوا أنَّ الشعوب استساغت تلك الرؤى، فالويل والثبور لهم من عمليات سحق ومحق تطال كلّ من يعارضهم !

* سأحاول في هذه السلسلة تفكيك رموز أرى أنَّها أشدُّ فتكاً ، وأخفى خطراً على المسلمين من سياسة القتل والإبادة والتدمير؛ ألا وهي سياسة التخريب والتذويب من أعداء الإسلام لعقول المسلمين ، ومحاولة طمس لوامع وسمات التديُّن عند المسلمين ، وفكِّ عرى العقيدة الإسلاميَّة التي أُمِرَ المسلمون أن يستمسكوا بها ويعضُّوا عليها بالنواجذ.

وخطر التذويب خفي لا يدركه إلاَّ القليل ، ذلك أنَّ أعداء الإسلام يحاولون غرس أفكارهم في بيئة لها القابليَّة لارتشاف واستقطاب الوافدات المتغايرة الغربيَّة ، والانمحاق المتتابع في المشروع الأمريكي والغربي .

وعودة لكلام "ريتشارد نيكسون" المذكور في استهلال هذا الموضوع فإنَّه يرجِّح أن يقدِّم الأمريكان استراتيجيَّة الترويض والتخريب لدين المسلمين ، وتذويبهم في المجتمعات الغربيَّة؛ ونشر الشبهات، والتشكيكات بينهم ، وجعل هذا الخيار هو الأمر الذي له الأولويَّة على الخيار الآخر.

ومن سياسة أعداء الإسلام في ذلك أنَّهم يمضون في بذر تلك الأفكار في البلدان الإسلامية بسياسة الهُوَيْنَى ، والمشي البطيء ، على منطق القاعدة اليابانيَّة: (نريد بطئاً ولكن أكيد المفعول) ولا يعنيهم أن يخرِّبوا العقول الإسلاميَّة خلال عام أو عامين ، بل لو كان ذلك خلال ثلاثين عاماً أو أكثر ؛ فلا بأس بذلك ما دامت طرقهم ووسائلهم ماضية ولا تعترضها العراقيل أو يناكفها المعارضون لها!

لقد استوقفتني كلمة قالها أحد الأمريكان لمهاجر من المسلمين ، حين أخبره المسلم بأنَّه هاجر وعمل في أمريكا وبقي متمسِّكاً بدينه ؛ فقال له الأمريكي: (نحن لا يهمُّنا أن تَتَأَمْرَكَ أنت ، بل استقدمناك من أجل أنَّنا نريد أولادك!!)[4].
ومن هذا المنطلق فقد صدر العديد من الدراسات الأمريكيَّة التي تحاول تسليط الضوء على أهميَّة غزو الأفكار والعقول لمسلمي البلاد الإسلاميَّة ؛ لفرض الهيمنة والأيديولوجيَّة الغربيَّة على الساحة الإسلاميَّة .

فهم يركِّزون في طروحاتهم الفكرية والاستراتيجيَّة ، فضلاً عن المستقبليَّة ، على الحديث عن هذا الجيل المسلم وهذه الأمَّة الولود، التي وقفت عقبة كؤوداً أمام مخطَّطاتهم؛ لأنَّهم يشعرون بأنهم في طريق الأفول والانهيار الحضاري ، ومن قرأ دراسة (ما هي القوة ؟) لـ(نيل فيرجسون)[5] أيقن بما ذكرته عنهم ؛ حيث إنَّ هذا الرجل يقول بنصِّ الكلمة: (وإذا كنَّا نشهد ـ كما يجادل هنتنجتون ـ "صدام الحضارات"، فلا بدَّ أن يكون مما يستحق الاهتمام أنَّ حضارتهم ـ يقصد الحضارة الإسلاميَّة ـ تشهد نمواً بالمعنى الحرفي، أكثر من حضارتنا . وهي بالإضافة إلى ذلك حضارة أكثر شباباً بكثير ممَّا عليه حال الحضارة الغربية الهرمة)[6].

إنَّ من الأهميَّة بمكان أن نعلم بأنَّ أعداء المسلمين ـ زعماء وقادة وخبراء فكر وتخطيط ـ لديهم رؤية واضحة ، واستراتيجيَّة ثابتة تجاه الإسلام ، ونصوص القرآن خير شاهد على ما ندَّعيه فإنَّه ـ سبحانه ـ يقول : (إنَّهم يكيدون كيداً) ويقول أيضاً : (ويمكرون ويمكر الله) ، إلى غير ذلك من الآيات الموضِّحة لخطر أعداء الإسلام ضدَّ المجتمعات الإسلاميَّة.

نعم ! لا نقول بأنَّ الخلل كلَّه في الكفَّار فحسب ، بل فينا ما فينا من التقصير والخلل الكبير ومن ذلك ضعف العقيدة ، وقصور الهمَّة ، ودونيَّة الإرادة لتغيير ما في النفوس والواقع المزري من أوهاق ومظاهر الضعف ، وضعف التدين ، وانفكاك الوحدة ، إلى غير ذلك من التقصير الكبير .

بيدَ أنِّي موقن تماماً بأنَّ أعداء المسلمين لديهم من المكر والكيد الشيء الكثير ، أضف إلى ذلك ضغوطهم السياسية والاقتصاديَّة التي يمارسونها على من كانت له نيَّة في إصلاح المجتمعات العربيَّة والإسلاميَّة؛ كيف وقد أخبرنا الله ـ تعالى ـ بقوله: (ما يودُّ الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزَّل عليكم من خير من ربِّكم) وقوله : (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملَّتهم) وقوله : (ودُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) وقوله : (ودَّ الذين كفروا لو يردُّونكم من بعد إيمانكم كفَّاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبيَّن لهم الحق) وقوله : (ولا يزالون يقاتلونكم حتَّى يردُّوكم عن دينكم إن استطاعوا).


أهميَّة معرفة الاستراتيجية الغربيَّة ضدَّ المجتمعات الإسلاميَّة :

يقول (صن تسو) :" إن من يعرف العدو ويعرف نفسه سوف تمتد حياته ليخوض مائة اشتباك ، وإن من لا يعرف العدو ولكنه يعرف نفسه قد ينتصر أحياناً وينهزم أحياناً أخرى . أمَّا من لا يعرف نفسه ولا عدوَّه فإنَّه سيُمنى بالهزيمة دائماً في كل اشتباك)[7]

ولا ريب أنَّ من صفات المسلم الواعي؛ أنَّه يعيش عصره ، ويعرف مكايد أعدائه ، وسبل المجرمين للإطاحة بهذا الدين، من منطلق قوله ـ تعالى ـ : (وكذلك نفصِّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ) وقوله : (ليهلك من هلك عن بيِّنة ويحيا من حيَّ عن بينة). وفي عصرنا الراهن يسعى أعداء العقيدة الإسلاميَّة ، وعلى رأسهم الإدارة الأمريكيَّة، إلى فرض أجندتهم وبرامجهم على الدول الإسلاميَّة على وجه الخصوص ؛ لأنَّهم يخشون من تململ قوَّة إسلامية تأتيهم على حين غرَّة ؛ فلا يستطيعون لردِّها قوَّة أو سبيلاً ، وقد يدَّعون دعوات كاذبة في احتلالهم لبلاد المسلمين ، بيدَ أنَّ المقصد الأساس في ذلك أنَّ هذه الحرب التي يشعلونها صليبيَّة المقصد ، براغماتيَّة الهوى !

وأمَّا من ظنَّ أنَّ أعداء الإسلام لا يخطِّطون ، أو أنَّه ليس لديهم استراتيجيات واضحة تجاهنا، وخطط خفيَّة أو معلنة ضدَّنا، فإنَّ من المؤكَّد أنَّ ظنه هذا يدحضه الواقع المشاهد ، الذي يكشف من خلاله بين الحين والآخر عن دراسات وخطط يعدها أهل الغرب تجاه العالم الإسلامي، وقد أسَّسوا الكثير من المراكز القائمة على الأبحاث والدراسات والتقارير الدوريَّة الاستراتيجيَّة وكذا المستقبليَّة ، بل إنَّ هذه المراكز هي النواة والقاعدة الصلبة والمحرك الأساس التي تنطلق من خلالها قرارات الولايات المتحدة الأمريكيَّة وكذا الدول الغربيَّة، باعترافهم هم.

كاشف
19-01-2013, 03:56 AM
المخطَّط الغربي الاستراتيجي تجاه العالم الإسلامي
(2)
(قادة الغرب يقولون : ادعموا الليبراليين)
عرض وتحليل


ذكرت في الحلقة السابقة أنَّ أعداء الإسلام ينتهجون في حربهم للمسلمين طريقين متوازيين : التقتيل ، والتذويب.

وبما أنَّهم اعتمدوا حرب الأفكار تجاه الدين الإسلامي والمسلمين عموماً ، وفشلوا في تشويه الدين الإسلامي ، فإنَّهم يحاولون وبشتَّى الصور والأساليب إلى صرفنا عن قوَّتنا التي تكمن في ديننا ، ولا غرابة في أن يقول الأمريكي (ريسلر) :"الأمَّة العربيَّة الآن حصان جامح كبا ، وعلينا إبقاؤه في كبوته".

هناك اصطلاحات تواضع عليها جمع من قادة البلاد الغربيَّة تجاه الأمَّة المسلمة منها (حرب الأفكار)، ومن أوائل من نادى بذلك في هذا العصر (زينو باران) وهي باحثة تعمل في موقع مركز نيكسون ، الصادر عنه تقرير بعنوان(القتال في حرب الأفكار) وممَّن اعتمد ذلك وبشدَّة (دونالد رامسفيلد)؛ فكثيراً ما كان يصرِّح بأهميَّة غزو العالم الإسلامي ثقافياً ، ومنهم كذلك (دنيس روس) المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط ، فقد كان يدعو ـ ولا يزال ـ إلى علمنة الدعوة الإسلاميَّة، وجمع كبير من قادة الدول الغربيَّة.

وعليه فقد وجَّه الأمريكي الصهيوني توماس فريدمان نصيحة غالية للغرب حيث قال: (إذا أراد الغرب تجنّب حرب الجيوش مع الإسلام ، فإنَّ عليه خوض حرب المبادئ في داخل الإسلام)[1]

وفي عام (2007م) أصدرت مؤسَّسة (راند) الأمريكيَّة للأبحاث تقريراً بعنوان: (بناء شبكات مسلمة معتدلة) رصدت فيه صراع الغرب مع (العالم المسلم) وحركاته السياسيَّة، وأكَّدت فيه أنَّ هذا الصراع لن يحسم عسكرياً بل ثقافياً.

وفي هذه السلسلة سأذكر شيئاً من تلك الاستراتيجيَّة الغربيَّة والأمريكيَّة على وجه الخصوص ، لتذويب الشعوب الإسلاميَّة ؛ التي يسعون لتحقيقها في العصر الحاضر بغيةَ تغريب الأمَّة المسلمة ؛ لإفساد دينها وقيمها ومبادئها ؛ ففي أروقة المكر السياسي ، وما وراء الجدران وخلف الكواليس ، تنسج وتحاك تلك الخطط الغربيَّة ضد العالم الإسلامي أو ما يسمُّونها بمنطقة (الشرق الأوسط) ، على أيدي سماسرة الأفكار وصنَّاع القرار ، في المراكز المعروفة عندهم بخزانات التفكير ، المقصود بها مراكز الأبحاث.


ومن تلك الخطط والمقترحات التي نستطيع أن نستخلصها من كلامهم أو فعالهم، والتي اعتُمِدت تجاه العالم الإسلامي :

منح الحداثيين والليبراليين منابر إعلاميَّة بشكل واسع ، ومناصب شعبية للتواصل مع الجماهير، ودعمهم عن طريق المؤسسات المدنيَّة ـ كما يسمُّونها ـ ، ونشر وتوزيع أعمالهم ، وتشجيعهم على الكتابة للجماهير والشباب ، وإبرازهم كوجه للتيار المتنوِّر المنفتح على الآخر الذي لا يعارض الهيمنة الغربية والأمريكية على بلاد المسلمين ، وتجنيسهم الجنسيَّة الأمريكيَّة أو الغربيَّة عموماً ، مع الحماية لهم دبلوماسياً .

وقد جاء في الدراسة الصادرة عن مؤسَّسة (راند)[2] والمعنونة بـ : (العالم الإسلامي بعد 11/9) وقد نشرت في ديسمبر / كانون الأول عام 2004م ؛ ما يلي: " إنَّ الحرب من أجل الإسلام سوف تتطلَّب صنع جماعات ليبراليَّة بهدف إنقاذ الإسلام من خاطفيه".

ويلحظ مدى التوافق في لفظ كلمة (الخاطفين التي تُطْلَقُ على الإسلاميين) حيث إنَّه من العجيب أن نرى تصريحاً لأحد قادة الدول العربيَّة يتحدَّث فيه أنَّ من المهم إنقاذ الإسلام من خاطفيه الإسلاميين ، وأنَّ دولته تلك مختطفة من قِبَلِ التيَّارات المتأسلمة ، وأنَّ هؤلاء أخطبوط يسيطر على المؤسَّسات وعلى التوجُّهات السياسيَّة.[3]

كما صدرت دراسة جديدة لهذه المؤسَّسة (راند)[4] (شهر ربيع الأول عام 1428هـ / 2007م) بعنوان: (بناء شبكات مسلمة معتدلة) أوصت فيه وبشدَّة بدعم الليبراليين على حساب الإسلاميين ، ووضعت فيه معايير بـ (أن يكون هناك اختبار للاعتدال بالمفهوم الأمريكي يتم من خلاله تحديد من تعمل معهم الإدارة الأمريكيَّة وتدعمهم في مقابل من تحاربهم وتحاول تحجيم نجاحاتهم)[5].

ويشير التقرير إلى أهميَّة تقوية بناء مؤسسات المسلمين وشبكاتهم المعتدلة ، وأن يكون ذلك هدفاً واضحاً لسياسة الحكومة الأمريكية مع إيجاد قاعدة بيانات عالمية للشركاء، بالإضافة إلى خطة عمل محكمة تتضمن آلية للمراجعة والتصحيح لضمان تنفيذها وفق المسار المحدد لها.[6]

كما كتب عن أهميَّة دعم الليبراليين و تفعيل ذلك قبالة الإسلاميين ، عددٌ من المفكِّرين الغربيين ومنهم عالم السياسة المعروف بـ (وليم بيكر)؛ حيث كتب كتاباً عن الإسلاميين الليبراليين في عام2003م ، وكذلك فعل (لونارد بيندر).

وفي السياق ذاته فإنَّ تقرير راند (2007م) يؤكِّد على أهميَّة استعادة تفسيرات الإسلام من أيدي التيَّار الإسلامي ، وتصحيحها حتَّى تتماشى وتتناسب مع واقع العالم اليوم، والقوانين والتشريعات الدوليَّة في مجالات الديموقراطيَّة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة.[7]


* رؤى غربيَّة بعقول وأشكال عربيَّة :

سنجد بكل تأكيد أناساً من المنتسبين للإسلام الليبرالي ، أو (الليبراليُّون الجدد) يتلقون ويتلقَّفون الأوامر الأمريكيَّة ـ شعروا أو لم يشعروا ـ ويسعون لتطبيقها في بلادنا الإسلاميَّة ، وينشرون آراءهم عبر وسائل الإعلام المختلفة ؛ فهناك عدد من الكتَّاب لا يعارضون وجود الهيمنة العسكريَّة الأمريكيَّة في الدول الإسلاميَّة ، ومنهم أحد الكتَّاب الخليجيين ؛ حيث يقول في حوار معه في جريدة الحياة 9/5/2005م بأنَّ هيمنة الغرب العسكرية على العالم مقبولة ومطلوبة ؛ لأنَّها ـ من وجهة نظره ـ هيمنة لقوى متحضِّرة تتعامل مع الواقع بعقلانيَّة ومنطقيَّة !!

وكاتب آخر يقول في جريدة القبس 29/5/2004م : (الذين يقاتلون الولايات المتَّحدة في العراق يعرِّضون المصالح والأمن الكويتي للخطر)!

بل وصل الحال أن نشرت في بعض صحفنا وجرائدنا مقالة لأحد هؤلاء (الليبراليين) يقول فيها: (ولماذا نكره أمريكا وهي التي أطعمتنا من جوع وآمنتنا من خوف؟)!

إلى هذه الدرجة وصل حال بعض مثقَّفينا العرب الذين يرطنون بلغتنا العربيَّة ويلبسون ألبستنا ، إلى الحديث صراحة وعلانيَّة في وسائل الإعلام بهذا الكلام ، ومع هذا يُتَلقَّى كلامهم بدرجة الأريحيَّة والحريَّة من هذه الوسائل الإعلاميَّة (المستنيرة)!.

ومن خلال المتابعة نجد أنَّ هناك عدداً كبيراً لا أستطيع أن أحصيهم ، تحاول كثير من وسائل الإعلام ترويج أفكارهم في هذه الحقبة الزمنيَّة ، ومنهم (محمد شحرور) و(محمد أركون) و(أحمد صبحي منصور) و(أحمد البغدادي) و(جمال البنَّا) الذي له من الأقوال الضَّالة المخالفة لمنهج الشريعة الشيء الكثير، ومع هذا يسمونه (مفكِّراً إسلاميَّاً) وهو الذي دعا إلى تنحية السنَّة والاحتكام بما فيها إلى الصريح من القرآن ، ويرى أن تكون الصلوات الخمس صلاتين! ويرى أنَّ للعقل أن يكون حاكماً على القضايا الدينيَّة والشرعيَّة ، كما يدعو إلى الفصل ما بين الدين والسلطة ، ويرى أنَّ الجهاد في سبيل الله أُلغِيَ؛ حيث يقول : (أمَّا جهاد اليوم بلفظه فهو جهاد بلا قتال، وأنَّ جهاد القتال أُلغي)[8].

و(جمال البنَّا) معروفة اتِّصالاته مع مركز ابن خلدون الذي يديره ويشرف عليه العلماني سعد الدين إبراهيم ، المشتهر والمعروف بصلته مع الجهات اليساريَّة الأمريكيَّة ، كما أنَّ (جمال البنا) ممَّن يُشهد لهم ويُعرفون بحضورهم للمؤتمرات الأمريكيَّة عميقة الصلة مع مؤسَّسة راند التي أقيمت بمصر .

وبهذا يتحقَّق للقادة الغربيين مخطَّطهم في تشويه الدين الإسلامي عبر هؤلاء الذين يقولون عن أنفسهم بأنَّهم: (إسلاميُّون ليبراليون) !

لقد قال (نيكولا ساركوزي) وزير الداخليَّة والرئيس الفرنسي السابق: (الإسلام الذي تريده فرنسا هو إسلام فرنسي ، وليس إسلاماً في فرنسا)[9] ، فهم أظهروا هذا الكلام بأفواههم ، وما تخفي صدورهم أكبر، فقادة الغرب الآن وعلى رأسهم قادة أمريكا يريدون إسلاماً: (بلا أسنان) أو (إسلاماً على الطريقة الأمريكيَّة) أو (إسلاماً مدجَّناً) أو(إسلاما متأمركاً) أو(إسلاما مهجَّناً وديعاً) ـ سمِّه ما شئت ـ ليجعلوا الإسلام لا يتعارض مع النظم والقيم العلمانية ، وليتجرَّد من طابعه المقدَّس والمنزَّل من عند الله ؛ ممَّا يؤدي بأصحابه إلى عبور الطريق إلى قنطرة العلمانيَّة المحضة التي تقتصر في الحكم ومرجعيته على العقل الإنساني في معرفة حقائق الوجود والتفاعل معها وتصريف شؤون الحياة بالمرجعيَّة الكاملة إلى العقل.

ولك أن تستغرب ما يكتبه حفيد الشيخ حسن البنَّا ـ رحمه الله ـ وهو طارق رمضان في كتابه (مسلمو الغرب ومستقبل الإسلام) الذي نشرته جامعة أكسفورد ، حتَّى إنَّ مجلة التايم عام 2000م جعلته كأحد أهم مئة مبدع في القرن القادم ، وقد نادى في كتابه هذا بضرورة اندماج المسلمين في الغرب (و إيجاد إسلام غربي توجهه الحقائق الثقافية للغرب ، وتقديم رؤية لهوية إسلامية جديدة كخطوة ضمن محاولات تعديل وإعادة تشكيل الثقافة الدينية للمسلمين)[10].


* أوصاف المسلمين المعتدلين الذين لا يتعارضون مع المفاهيم الغربيَّة والأمريكيَّة خصوصاً :

في مقال له بعنوان: (كيف نحدِّد المسلمين المعتدلين ؟) أشاد (دانيال بايبس) بأنَّ هناك أخباراً سارَّة تؤكِّد بأنَّ هناك أشخاصاً يرفعون أصواتهم لنشر الإسلام المعتدل ، وذكر منهم محمد هشام قبَّاني وأحمد صبحي منصور !
من خلال العنوان السابق: (كيف نحدد المسلمين المعتدلين؟) يظهر لنا من خلاله أنَّ لدى القادة الفكريين والسياسيين في الغرب نَهَمَاً لمعرفة الحدود الفاصلة بين المسلمين المتطرفين ـ بزعمهم ـ والمعتدلين ، وعليه فقد حاولوا أن يضعوا مواصفات ومقاييس ليقاس عليها أي أحد ادَّعى أنَّه معتدل؛ إذ ليس كل مدَّعٍ للاعتدال من الإسلاميين يكون معتدلاً كما يقول تقرير راند ، ولهذا فإنَّ من الملامح التي يمكن تحديدها للإسلاميين المعتدلين الآتي :

(1) القبول بالديموقراطيَّة الغربيَّة مبدأً وأسلوباً وتطبيقاً.
(2) القبول بالموقف المضاد لتطبيق الشريعة ، باعتبار أنَّ الشريعة الإسلامية لا تتناسب مع هذا العصر و المفهوم الغربي للديمقراطيَّة. وقد جاء في تقرير راند: (إنَّ الخطَّ الفاصل بين المسلم المعتدل وبين المسلم المتطرف في الدول ذات الأنظمة القانونيَّة المستندة إلى التشريعات الغربيَّة هو : هل يجب تطبيق الشريعة؟)[11].
(3) احترام حقوق النساء والأقليات الدينيَّة ، ودعوى أنَّ الحقوق التي نالتها المرأة في عصر رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ لا تتناسب مع الظروف الراهنة العصريَّة.
(4) نبذ العنف والإرهاب. وهذه شنشنة إلى الآن لم تُحدَّد من قِبَلِ قادة الغرب، وما مقصودهم بالإرهاب؟.
(5) الإيمان بحقِّ الإنسان بتغيير دينه والارتداد عنه وحريَّة الشخص في ذلك.
(6) حريَّة المرأة في اختيار (الرفيق وليس الزوج) لتتشارك معه في حياتها.
(7) الوقوف بشكل حاد ضدَّ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ ومعاداة كتبه ، وعدم التوافق مع أفكاره وطروحاته .
(8) دعم التيارات العلمانيَّة ماديَّاً ومعنوياً.
(9) الإيمان بحق الأقليَّات الدينيَّة بأن تتولَّى مناصب عليا في الدول ذات الغالبيَّة الإسلاميَّة.


* الليبراليُّون والطروحات الأمريكيَّة ... ومشابهة التوجهات:

بالطبع فإنَّ هؤلاء (الليبراليين الإسلاميين) يكثرون ويدندنون بالحديث حول عدَّة قضايا بعضها صواب وحق ، ولكنَّهم يريدون بها الباطل ، ومن صفات أهل البطلان حين يريدون أن يروِّجوا لباطلهم ، أنَّهم يستخدمون خلاله كلمة حق ينفذون من خلالها لذلك الباطل إذ لو أنَّهم تكلموا بالباطل وحسب لم يقتنع أحد بكلامهم ، فلا بدَّ أن يطعِّموا بذلك الباطل شيئاً من الحق ليروِّج باطلَهم.

وقد صدق أبو العبَّاس ابن تيميَّة حين قال:"ولا ينفق الباطل في الوجود إلا بثوب من الحق، كما أن أهل الكتاب لبسوا الحق بالباطل ؛فبسبب الحق اليسير الذي معهم يضلون خلقاً كثيراً عن الحق الذي يجب الإيمان به ، ويدعونه إلى الباطل الكثير الذي هم عليه، وكثيراً ما يعارضهم من أهل الإسلام من لا يحسن التمييز ببن الحق والباطل ولا يقيم الحجة التي تدحض باطلهم ولا يبين حجة الله التي أقامها برسله ؛ فيحصل بذلك فتنة !"[12]

وهؤلاء (الليبراليون الإسلاميون) من المنتسبين للمدرسة العقليَّة يحاولون قدر الإمكان أن يستدلوا على صحَّة كلامهم بطرق عديدة ، وهناك قضايا يكثرون الدندنة عليها بعضها صواب وحق ولكنَّهم يريدون بها باطلاً ، ومنها :

1ـ تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان.
2ـ رفع الحرج ؛ بحجَّة عموم البلوى المنتشرة.
3ـ الضرورات تبيح المحظورات.
4ـ مفهوم التيسير في الدين.
5ـ المقاصد الشرعيَّة.

وبعضها غلط وانحراف وتحريف للأفهام، ويستثمرونها لإقناع الناس بأصحيَّة تلك الآراء المنبعثة من تلك القواعد ، ومن ذلك :

1ـ إلغاء قاعدة : العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
2ـ المصالح المرسلة ( الموهومة) وتقديمها على النص.
3ـ إلغاء الحدود استناداً لقاعدة درء الحدود بالشبهات .
4ـ نقض قاعدة : سد الذرائع.
5ـ نقض قاعدة : درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
6ـ الاقتصار على الاستحسان العقلي ، وتعظيم العقل وتقديمه على النقل.
7ـ نبذ الجهاد القتالي سواء أكان دفعاً أم طلباً. (ومن يطالع فكر خالص جلبي في كتابه: (سيكولوجيَّة العنف وإستراتيجيَّة الحل السلمي) وكتاب شيخه جودت سعيد: (مذهب ابن آدم الأول) فسيوقن حقيقة ما أقول.

عمر الفاروق
19-01-2013, 04:25 AM
واصل يا كاشف