R 7 A L
24-01-2013, 03:52 AM
رغم زيادة أسطول تاكسي " كروة" من سيارات الأجرى ، إلا أن شكاوى الركاب لا تتوقف عن عدم وصول سيارات الأجرة الى كافة المناطق ، واختفائها من الشوارع خلال ساعات الذروة ، وبعد منتصف الليل ، وهو ما يدفعهم الى اللجوء الى تاكسي " الرحمة " غير القانوني.
يمثل تاكسي " الرحمة " أو السيارات الخاصة التي يحولها أصحابها الى سيارات أجرة حسب الاتفاق مع الزبون وبعيدا عن أعين رجال المرور ، وسيلة أساسية لتنقل المقيمين عند تأخر وصول سيارات " كروة" ومصدر رزق العديد من الآسيويين وبعض الجنسيات العربية .
ولم تسلم هذه الوسيلة للتنقل من الانتقادات بسبب المغالاة في تحديد قيمة توصيل الركاب ، فضلا عن استغلال البعض لنقص سيارات الأجرة القانونية لفرض مبالغ كبيرة على الركاب خاصة رواد المجمعات التجارية والمستشفيات وسكان المناطق الخارجية.
لرصد العالم السري لأصحاب السيارات الخاصة الذين يحولونها الى "تاكسي" ومدى وجود رقابة على هذا النوع من النشاط غير القانوني كان لابد من مغامرة صحفية لتسليط الضوء على سلبيات تلك الظاهرة.
كانت البداية هي التنسيق مع المصور لمتابعة التقاط الزبائن من المناطق المزدحمة ، والتي تعاني من نقص في سيارات الأجرة ، وتخلو من دوريات المرور التي تخالف كل من يحول سيارته الى " أجرة" بسحب السيارات لمدة شهر والغرامة التي تصل الى 3 آلاف ريال.
البداية كانت مع راكب عربي وصل الدوحة منذ اسابيع ، ونصحه أصدقاؤه بعدم انتظار سيارات الأجرة طويلا والاعتماد على أصحاب السيارات الخاصة التي تتميز بدفع قيمة أقل للتنقل.. فتح باب السيارة وتفاوض معي على أجرة التوصيلة ..وخلال عدة ثوان كان قد جلس بجانبي حتى لا نلفت نظر رجال المرور ، حيث يشير جلوس الزبون في المقعد الخلفي الى أن السيارة أجرة وليست خاصة.
أخفيت توتري بفتح حوارات مع الزبون عن أحواله ، وتعددت الموضوعات خلال الرحلة الممتدة من الكورنيش الى الشمال حول الغلاء وما تكبده من مشقة لشراء تأشيرة للعمل بالدوحة مقابل 15 الف ريال ، وكيف أنه تعرض للنصب على يد مندوب إحدى الشركات بعد ايام من وصوله البلاد ..
لأكتشف أحد نماذج التاكسي غير القانوني، وافد جديد يحتاج لكل ريال في بداية حياته في الدوحة .. لذلك كان صادما للزبون أن أرفض تقاضي الأجرة المتفق عليها رغم ما بذلته من مجهود لإقناعه بأنني أقوم بهذه الخدمة لوجه الله .
واصلنا المغامرة وبدأت قواعد العالم الخفي للتاكسي غير القانوني تتكشف ، وأولى هذه القواعد هي الحذر عند التقاط الزبائن من أمام المجمعات التجارية التي تعاني نقصا في سيارات كروة ، بوضع السيارة في مكان بعيد ، والتفاوض الحذر من الزبائن الذين يتلفتون حولهم في ملل انتظارا لسيارة أجرة ، وهو ما حدث مع زوج وزوجته عرضت عليهما توصيلهما من منطقة بن عمران للوجهة التي يحددونها ، وهو العرض الذي أسعدهما ، فلم يترددا في التوجه معي للسيارة دون التفاوض على الأجرة.
في الطريق تحدث الزوجان عن معانتهما في انتظار سيارة الأجرة ، والزحام في الدوحة ، ورغبتهما في تعلم القيادة وشراء سيارة ، ولكن المشكلة أن رسوم تعليم القيادة ارتفع لأكثر من 2500 ريال ، كما تشترط البنوك دفع 20% من قيمة السيارة الجديدة للحصول عليها بأقساط شهرية .. وما إن وصلنا حتى منحني الزوج المبلغ الذي يقول انه المعتاد على دفعه في تلك التوصيلة.
هذه معلومة جديدة يتعلمها أصحاب السيارات الخاصة عند دخولهم هذا المجال ، وهي أن الزبون أقدر في كثير من الأحيان على تقدير قيمة الأجرة ، فلا داعي لمناقشته لانه سبق وأن دفع القيمة الحقيقية لسيارة كروة.
وما إن هبط الزوجان حتى فوجئت بسيدة تهرع ورائي طالبة توصيلها ، فقد اكتشفت سريعا أني قد حولت سيارتي الى أجرة ، وما إن توقفت حتى استقلت المقعد الخلفي شاكرة توقفي لتوصيلها بعد انتظار دام أكثر من نصف ساعة لسيارة كروة.
بدت تلك السيدة في حالة قلق وشاردة عدة دقائق دون أن تقول لي عن وجهتها ، وعندما سألتها أخبرتني عن المنطقة واسم الشارع ، ولم تنس أن تحدد قيمة الأجرة مسبقا حتى لا نختلف عند الوصول .
في مثل هذه المواقف التي يفقد فيها الزبون الثقة بقائد السيارة تبدو مهمة تبديد تلك الثقة مأزقا حقيقيا ، خاصة اذا كان لدى الراكب مبررات حقيقية للقلق أهمها أن قائدي السيارات الخاصة التي يحولونها الى " أجرة" غالبا ما يكونون من العاطلين عن العمل ، او المفصولين من عملهم بسبب خطأ ارتكبوه ، وربما تكون لهم دوافع إجرامية ، فكان لا بد من اللجوء لهذا الحل السحري الذي يلجأ إليه قائدو سيارات الأجرة في العديد من الدول العربية ليس فقط لطمأنة الزبون ولكن لمضاعفة قيمة الأجرة .. هذا الحل هو ببساطة تغيير مؤشر الراديو الى قناة القرآن الكريم ، ولا مانع من ترديد كلمات موحية مثل " سبحان الله" و" لا إله إلا الله" .
تلك الوسيلة مضمونة المفعول حققت هدفها بسهولة مع الزبونة التي تعاني القلق ، وسرعان ما تبدد قلقها ، وراحت تسألني عن الطريق لمعالجين بالرقية الشرعية ، ومدى نجاح هذا النوع من العلاج للحالات التي تعاني من الاكتئاب ، لافتة الى أن شقيقتها تعاني من تلك الأعراض ولم تفلح معها جلسات العلاج النفسي.
قبل أن تذهب الزبونة القلقة كنت قد أجريت عدة اتصالات لإخبارها بكيفية التواصل مع المسؤولين المعنيين بوزارة الأوقاف وكيفية الوصول للرقاة الشرعيين المعتمدين .
هذه معلومة ثانية تستوقف النظر في علاقة زبائن سيارات الأجرة وخاصة العرب منهم مع قائدي تلك السيارات ، وهي أن سائق التاكسي يعرف أكثر ، ليس فقط الأماكن ولكن المحلات التي تشهد تنزيلات في الأسعار ، والمطاعم التي تقدم طعاما فاخرا ، وأفضل الأوقات لتردد المراجع على الجهة الخدمية ، وأكثر العمال مهارة للقيام بأعمال الكهرباء وتصليح الأجهزة وصيانة الدش .. وهو ما اكتشفته من العديد من الزبائن الذين اصطحبتهم الى وجهتهم !
نوع آخر من الزبائن قابلته خلال رحلتي اليومية الممتدة من بداية الصباح وحتى آخر النهار ، وهو النوع الذي يعقد صداقة سريعة مع السائق ، مثل ذلك الزبون العربي الذي بدا في مركز مرموق ، ولكنه لا يجيد قيادة السيارات ، ويعتمد في تنقله على سيارات الأجرة ، حيث عرض مساعدتي للعمل كسائق في الشركة التي يعمل بها ، وطلب رقم هاتفي لتوصيله اذا كنت قريبا من عمله.
أما أكثر الزبائن إزعاجا فهم العائلات.. يكفي توصيلة واحدة لاعتزال تلك المهنة ، منها تلك العائلة التي استوقفتني وتضم زوجا وزوجته واثنين من أبنائه ، حيث تتعالى أصوات الأبناء وتتداخل مع صيحات الزوجين اللذين يطالبونهم بالهدوء دون جدوى ، وهو ما شتتني كثيرا وكدت أتسبب في العديد من الحوادث بسبب تشويش الأطفال .
قررت تغيير وجهتي الى مكان آخر تكون فيه الحصيلة وفيرة ، فوقعت الوجهة على موقف صالة القادمين في مطار الدوحة ، كان التوتر والخوف ينتابني لان دوريات المرور كانت متواجدة ، بالإضافة الى العدد الكبير من الكاميرات التي تراقب تحركات الأشخاص والسيارات.
دفعني الفضول لتحدي المكان والفوز بزبون قادم لمطار الدوحة ، وهناك اكتشفت العديد من أصحاب سيارات الأجرة الخاصة الذين يستعين بهم الأفراد والشركات لنقل موظفيهم الجدد وضيوفهم أيضا ، وكل منهم يحمل لافتة باسم الضيف المطلوب.
أما الدخلاء مثلي فليس أمامهم إلا الانتظار داخل سياراتهم في موقف السيارات ، وبالفعل وجدت ضالتي في النهاية مع اثنين من الوافدين الفرنسيين ، وقد أسعدهما كثيرا إجادتي للفرنسية ، فامتد بيننا الحوار ونحن في طريقنا للفندق الذي يقيمان فيه عن أهم المعالم السياحية في قطر ، والأسواق التراثية التي عليهما التوجه لها .
وقد توقفت طويلا عما يجب أن يقوم به سائقو كروة من خدمة لتنشيط السياحة وتعريف الأجانب بأهم المناطق السياحية والتراثية ، وأهمية تأهيلهم للقيام بتلك المهمة ، خاصة في ظل تصاعد الشكاوى من عدم إجادة معظم قائدي كروة للعربية او الانجليزية ، فيما تحرص العديد من دول العالم على أن يكون سائق سيارات الأجرة التي تعمل في مطاراتها يجيدون عدة لغات .
يبدو أنني أجدت دور المرشد السياحي ، فقد منحني الزبون الفرنسي وزوجتة 200 ريال مقابل توصيلهما في رحلة لا تساوي أكثر من 20 ريالا ، وحينما ساعدتهما في إدخال حقائبهما للفندق الذي توجها إليه منحني صديق لهما 100 ريال.. أي 300 ريال في رحلة واحدة لم تستغرق 20 دقيقة.
كانت حصيلة المغامرة 750 ريالا خلال 8 ساعات فقط وكان أكثر ما لفت انتباهي هو كم القصص والحكايات والوجوه التي تزاحمت أمامي في نهاية يوم طويل شاق ، يحمل كل منهم قصة تصلح لكتابة فيلم سينمائي ، ولا ينقصها سوى قليل من " الأكشن" والمغامرات ، والتي لن تتحقق إلا اذا وقعت في قبضة رجال المرور!
يمثل تاكسي " الرحمة " أو السيارات الخاصة التي يحولها أصحابها الى سيارات أجرة حسب الاتفاق مع الزبون وبعيدا عن أعين رجال المرور ، وسيلة أساسية لتنقل المقيمين عند تأخر وصول سيارات " كروة" ومصدر رزق العديد من الآسيويين وبعض الجنسيات العربية .
ولم تسلم هذه الوسيلة للتنقل من الانتقادات بسبب المغالاة في تحديد قيمة توصيل الركاب ، فضلا عن استغلال البعض لنقص سيارات الأجرة القانونية لفرض مبالغ كبيرة على الركاب خاصة رواد المجمعات التجارية والمستشفيات وسكان المناطق الخارجية.
لرصد العالم السري لأصحاب السيارات الخاصة الذين يحولونها الى "تاكسي" ومدى وجود رقابة على هذا النوع من النشاط غير القانوني كان لابد من مغامرة صحفية لتسليط الضوء على سلبيات تلك الظاهرة.
كانت البداية هي التنسيق مع المصور لمتابعة التقاط الزبائن من المناطق المزدحمة ، والتي تعاني من نقص في سيارات الأجرة ، وتخلو من دوريات المرور التي تخالف كل من يحول سيارته الى " أجرة" بسحب السيارات لمدة شهر والغرامة التي تصل الى 3 آلاف ريال.
البداية كانت مع راكب عربي وصل الدوحة منذ اسابيع ، ونصحه أصدقاؤه بعدم انتظار سيارات الأجرة طويلا والاعتماد على أصحاب السيارات الخاصة التي تتميز بدفع قيمة أقل للتنقل.. فتح باب السيارة وتفاوض معي على أجرة التوصيلة ..وخلال عدة ثوان كان قد جلس بجانبي حتى لا نلفت نظر رجال المرور ، حيث يشير جلوس الزبون في المقعد الخلفي الى أن السيارة أجرة وليست خاصة.
أخفيت توتري بفتح حوارات مع الزبون عن أحواله ، وتعددت الموضوعات خلال الرحلة الممتدة من الكورنيش الى الشمال حول الغلاء وما تكبده من مشقة لشراء تأشيرة للعمل بالدوحة مقابل 15 الف ريال ، وكيف أنه تعرض للنصب على يد مندوب إحدى الشركات بعد ايام من وصوله البلاد ..
لأكتشف أحد نماذج التاكسي غير القانوني، وافد جديد يحتاج لكل ريال في بداية حياته في الدوحة .. لذلك كان صادما للزبون أن أرفض تقاضي الأجرة المتفق عليها رغم ما بذلته من مجهود لإقناعه بأنني أقوم بهذه الخدمة لوجه الله .
واصلنا المغامرة وبدأت قواعد العالم الخفي للتاكسي غير القانوني تتكشف ، وأولى هذه القواعد هي الحذر عند التقاط الزبائن من أمام المجمعات التجارية التي تعاني نقصا في سيارات كروة ، بوضع السيارة في مكان بعيد ، والتفاوض الحذر من الزبائن الذين يتلفتون حولهم في ملل انتظارا لسيارة أجرة ، وهو ما حدث مع زوج وزوجته عرضت عليهما توصيلهما من منطقة بن عمران للوجهة التي يحددونها ، وهو العرض الذي أسعدهما ، فلم يترددا في التوجه معي للسيارة دون التفاوض على الأجرة.
في الطريق تحدث الزوجان عن معانتهما في انتظار سيارة الأجرة ، والزحام في الدوحة ، ورغبتهما في تعلم القيادة وشراء سيارة ، ولكن المشكلة أن رسوم تعليم القيادة ارتفع لأكثر من 2500 ريال ، كما تشترط البنوك دفع 20% من قيمة السيارة الجديدة للحصول عليها بأقساط شهرية .. وما إن وصلنا حتى منحني الزوج المبلغ الذي يقول انه المعتاد على دفعه في تلك التوصيلة.
هذه معلومة جديدة يتعلمها أصحاب السيارات الخاصة عند دخولهم هذا المجال ، وهي أن الزبون أقدر في كثير من الأحيان على تقدير قيمة الأجرة ، فلا داعي لمناقشته لانه سبق وأن دفع القيمة الحقيقية لسيارة كروة.
وما إن هبط الزوجان حتى فوجئت بسيدة تهرع ورائي طالبة توصيلها ، فقد اكتشفت سريعا أني قد حولت سيارتي الى أجرة ، وما إن توقفت حتى استقلت المقعد الخلفي شاكرة توقفي لتوصيلها بعد انتظار دام أكثر من نصف ساعة لسيارة كروة.
بدت تلك السيدة في حالة قلق وشاردة عدة دقائق دون أن تقول لي عن وجهتها ، وعندما سألتها أخبرتني عن المنطقة واسم الشارع ، ولم تنس أن تحدد قيمة الأجرة مسبقا حتى لا نختلف عند الوصول .
في مثل هذه المواقف التي يفقد فيها الزبون الثقة بقائد السيارة تبدو مهمة تبديد تلك الثقة مأزقا حقيقيا ، خاصة اذا كان لدى الراكب مبررات حقيقية للقلق أهمها أن قائدي السيارات الخاصة التي يحولونها الى " أجرة" غالبا ما يكونون من العاطلين عن العمل ، او المفصولين من عملهم بسبب خطأ ارتكبوه ، وربما تكون لهم دوافع إجرامية ، فكان لا بد من اللجوء لهذا الحل السحري الذي يلجأ إليه قائدو سيارات الأجرة في العديد من الدول العربية ليس فقط لطمأنة الزبون ولكن لمضاعفة قيمة الأجرة .. هذا الحل هو ببساطة تغيير مؤشر الراديو الى قناة القرآن الكريم ، ولا مانع من ترديد كلمات موحية مثل " سبحان الله" و" لا إله إلا الله" .
تلك الوسيلة مضمونة المفعول حققت هدفها بسهولة مع الزبونة التي تعاني القلق ، وسرعان ما تبدد قلقها ، وراحت تسألني عن الطريق لمعالجين بالرقية الشرعية ، ومدى نجاح هذا النوع من العلاج للحالات التي تعاني من الاكتئاب ، لافتة الى أن شقيقتها تعاني من تلك الأعراض ولم تفلح معها جلسات العلاج النفسي.
قبل أن تذهب الزبونة القلقة كنت قد أجريت عدة اتصالات لإخبارها بكيفية التواصل مع المسؤولين المعنيين بوزارة الأوقاف وكيفية الوصول للرقاة الشرعيين المعتمدين .
هذه معلومة ثانية تستوقف النظر في علاقة زبائن سيارات الأجرة وخاصة العرب منهم مع قائدي تلك السيارات ، وهي أن سائق التاكسي يعرف أكثر ، ليس فقط الأماكن ولكن المحلات التي تشهد تنزيلات في الأسعار ، والمطاعم التي تقدم طعاما فاخرا ، وأفضل الأوقات لتردد المراجع على الجهة الخدمية ، وأكثر العمال مهارة للقيام بأعمال الكهرباء وتصليح الأجهزة وصيانة الدش .. وهو ما اكتشفته من العديد من الزبائن الذين اصطحبتهم الى وجهتهم !
نوع آخر من الزبائن قابلته خلال رحلتي اليومية الممتدة من بداية الصباح وحتى آخر النهار ، وهو النوع الذي يعقد صداقة سريعة مع السائق ، مثل ذلك الزبون العربي الذي بدا في مركز مرموق ، ولكنه لا يجيد قيادة السيارات ، ويعتمد في تنقله على سيارات الأجرة ، حيث عرض مساعدتي للعمل كسائق في الشركة التي يعمل بها ، وطلب رقم هاتفي لتوصيله اذا كنت قريبا من عمله.
أما أكثر الزبائن إزعاجا فهم العائلات.. يكفي توصيلة واحدة لاعتزال تلك المهنة ، منها تلك العائلة التي استوقفتني وتضم زوجا وزوجته واثنين من أبنائه ، حيث تتعالى أصوات الأبناء وتتداخل مع صيحات الزوجين اللذين يطالبونهم بالهدوء دون جدوى ، وهو ما شتتني كثيرا وكدت أتسبب في العديد من الحوادث بسبب تشويش الأطفال .
قررت تغيير وجهتي الى مكان آخر تكون فيه الحصيلة وفيرة ، فوقعت الوجهة على موقف صالة القادمين في مطار الدوحة ، كان التوتر والخوف ينتابني لان دوريات المرور كانت متواجدة ، بالإضافة الى العدد الكبير من الكاميرات التي تراقب تحركات الأشخاص والسيارات.
دفعني الفضول لتحدي المكان والفوز بزبون قادم لمطار الدوحة ، وهناك اكتشفت العديد من أصحاب سيارات الأجرة الخاصة الذين يستعين بهم الأفراد والشركات لنقل موظفيهم الجدد وضيوفهم أيضا ، وكل منهم يحمل لافتة باسم الضيف المطلوب.
أما الدخلاء مثلي فليس أمامهم إلا الانتظار داخل سياراتهم في موقف السيارات ، وبالفعل وجدت ضالتي في النهاية مع اثنين من الوافدين الفرنسيين ، وقد أسعدهما كثيرا إجادتي للفرنسية ، فامتد بيننا الحوار ونحن في طريقنا للفندق الذي يقيمان فيه عن أهم المعالم السياحية في قطر ، والأسواق التراثية التي عليهما التوجه لها .
وقد توقفت طويلا عما يجب أن يقوم به سائقو كروة من خدمة لتنشيط السياحة وتعريف الأجانب بأهم المناطق السياحية والتراثية ، وأهمية تأهيلهم للقيام بتلك المهمة ، خاصة في ظل تصاعد الشكاوى من عدم إجادة معظم قائدي كروة للعربية او الانجليزية ، فيما تحرص العديد من دول العالم على أن يكون سائق سيارات الأجرة التي تعمل في مطاراتها يجيدون عدة لغات .
يبدو أنني أجدت دور المرشد السياحي ، فقد منحني الزبون الفرنسي وزوجتة 200 ريال مقابل توصيلهما في رحلة لا تساوي أكثر من 20 ريالا ، وحينما ساعدتهما في إدخال حقائبهما للفندق الذي توجها إليه منحني صديق لهما 100 ريال.. أي 300 ريال في رحلة واحدة لم تستغرق 20 دقيقة.
كانت حصيلة المغامرة 750 ريالا خلال 8 ساعات فقط وكان أكثر ما لفت انتباهي هو كم القصص والحكايات والوجوه التي تزاحمت أمامي في نهاية يوم طويل شاق ، يحمل كل منهم قصة تصلح لكتابة فيلم سينمائي ، ولا ينقصها سوى قليل من " الأكشن" والمغامرات ، والتي لن تتحقق إلا اذا وقعت في قبضة رجال المرور!