المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علو الهمة



امـ حمد
26-01-2013, 12:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي الهمة
الهمة،هي الباعث على الفعل،وتوصف بعلو أو سفول،قال أحد الصالحين،همتك فاحفظها،فإن الهمة مقدمة الأشياء،فمن صلحت

له همته وصدق فيها،صلح له ما وراء ذلك من الأعمال،الهمة محلها القلب،الهمة عمل قلبي،والقلب لا سلطان عليه لغير

صاحبه،وكما أن الطائر يطير بجناحيه، كذلك يطير المرء بهمته، فتحلق به إلى أعلى الآفاق، طليقةً من القيود التي تكبل

الأجساد،ونقل ابن قتيبة عن بعض كتب الحكمة(ذو الهمة إن حطَّ،فنفسه تأبى إلا علواً،كالشعلة من النار يصوبها

صاحبها،وتأبى إلا ارتفاعاً)همَّة المؤمن أبلغ من عمله،قال صلى الله عليه وسلم(من همَّ بحسنة،فلم يعملها،كتبها الله عنده حسنة

كاملة) رواه البخاري،وقال صلى الله عليه وسلم(من سأل الله الشهادة بصدقٍ، بلَّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه)

رواه مسلم،وغيره،وقال صلى الله عليه وسلم(فيمن تجهز للجهاد، ثم أدركه الموت،قد أوقع الله أجره على قدر نيته)رواه الإمام

أحمد،وقال صلى الله عليه وسلم(ما من امرئٍ تكون له صلاة بليل، فغلبه عليها نوم،إلا كُتب له أجر صلاته،وكان نومه صدقةً

عليه)رواه النسائي وأبو داود،وقد يتفوق المؤمن بهمته العالية كما بيَّن ذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم،في قوله

(سبق درهم مائة ألف،قالوا،يا رسول الله ،كيف يسبق درهم مائة ألف،قال،رجل كان له درهمان،فأخذ أحدهما،فتصدق به،وآخر له

مال كثير،فأخذ من عرضها مائة ألف)رواه أحمد،خصائص كبير الهمة،يا عالي الهمة،بقدر ما تتعنى،تنال ما تتمنى،إن عالي الهمة

يجود بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايته، وتحقيق بغيته، لأنه يعلم أن المكارم منوطة بالمكاره،وأن المصالح والخيرات،و

اللذات والكمالات كلها لا تنال إلا بحظ من المشقة، ولا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب،عالي الهمة،يُرى منطلقاً بثقة وقوة

وإقدام نحو غايته التي حددها على بصيرة وعلم،فيقتحم الأهوال،ويستهين الصعاب،من أراد الجنة سلعةَ الله الغالية لم

يلتفت إلى لوم لائم،ومضى يكدح في السعي لها،قال تعالى( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك ،كان سعيهم

مشكوراً)وقال صلى الله عليه وسلم(من خاف أدلج،ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية،ألا إن سلعة الله الجنة،قال تعالى

( فإذا عزمت فتوكل على الله )قال جعفر الخلدي البغدادي،ما عقدت لله على نفسي عقداً، فنكثته،علام يندم كبير الهمة،يندم

على ساعة مرت به في الدنيا لم يعمرها بذكر الله عز وجل،وقال صلى الله عليه وسلم(إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنها وسط
ا
لجنة وأعلاها وفوقها عرش الرحمن ومنها تفجير أنهار الجنة)صححه الألباني،وقال صلى الله عليه وسلم(ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على

ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها،يا كبير الهمة،لا يضرك التفرد،فإن طرق العلاء قليلة الإيناس،فعالي الهمة ترقى

في مدارج الكمال بحيث صار لا يأبه بقلة السالكين،ووحشة الطريق لأنه يحصل مع كل مرتبة يرتقي إليها من الأنس بالله ما

يزيل هذه الوحشة،وإلا انقطع به السبيل،عالي الهمة لا يرضى بالدون ولا يرضيه إلا معالي الأمور،إن عالي الهمة يعلم أنه إذا

لم يزد شيئاً في الدنيا،فسوف يكون زائداً عليها ، ومن ثم فهو لا يرضى بأن يحتل هامش الحياة ، بل لابد أن يكون في صلبها

ومتنها عضوا مؤثراً،إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يداً،ولم أقتبس علماً فما هو من عمري،إن كبير الهمة نوع من البشر

تتحدى همته ما يراه مستحيلاً،وينجز ما ينوء به العصبة أولو القوة،ويقتحم الصعاب والأهوال لا يلوي على شيء،له همم لا

منتهى لكبارها وهمته الصغرى أجل من الدهر،عالي الهمة لا يرضى بما دون الجنة،إن كبير الهمة لا يعتد بما له فناء ،ولا

يرضى بحياة مستعارة،ولا بقُنيةٍ مستردة،بل همه قنية مؤبدة،وحياة مخلدة،فهو لا يزال يحلق في سماء المعالي،ولا

ينتهي تحليقه دون عليين،فهي غايته العظمى،وهمه الأسمى،عالي الهمة شريف النفس يعرف قدر نفسه،وعالي الهمة

يعرف قدر نفسه،في غير كبر،ولا عجب،ولا غرور،وإذا عرف المرء قدر نفسه،صانها عن الرذائل،وحفظها من أن

تهان،ونزهها عن دنايا الأمور،وسفاسفها في السر والعلن ،وجنبها مواطن الذل بأن يحملها ما لا تطيق أو يضعها فيما لا

يليق بقدرها،فتبقى نفسه في حصن حصين،وعز منيع لا تعطى الدنية،و لا ترضى بالنقص،ولا تقنع بالدون،كبير الهمة عصامي

لا عظامي،فكبير الهمة عصامي يبني مجده بشرف نفسه،لا اتكالاً على حسبه ونسبه،فهو يبني مجده بنفسه، فلا يفخر بآبائه، ولا يتكل على أسلافه، بل يعمل مثل ما عملوا، ويحرص على أن ينافسهم في الخيرات، ويعلو عليهم في الدرجات،

أثرعلو الهمة في إصلاح الفرد والأمة،أصحاب الهمة العالية هم، الذين يقومون على البذل في سبيل المقصد الأعلى،يغيرون مجرى الحياة بجهادهم وتضحياتهم.