المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وعظنا رسول الله موعظة



امـ حمد
30-01-2013, 04:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعظنا رسول الله موعظة
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال،وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،موعظة بلغ من قوة تأثيرها أن وجلت منها

القلوب،وتملكها الفزع والخوف الشديد،وفاضت منها العيون بالدمع الغزير،فقلنا،يا رسول الله كأنها موعظة مودّع فأوصنا،قال صلى الله

عليه وسلم(أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة،وإن تأمر عليكم عبد حبشي،فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً

كثيراً،فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين،عضوا عليها بالنواجذ،وإياكم ومحدثات الأمور،فإن كل بدعة ضلالة)رواه

أحمد وأبو داود والترمذي،وقال حديث حسن،فأمرهم أولاً،بتقوى الله،فإن كل ما أمر الله به فقد أحبه ورضيه،وكل ما نهى

عنه،فقد كرهه وسخطه،ولا يمكن أن تنال التقوى كاملة مع فوت شيء من المحبوبات،أو فعل شيء من المكروهات،فإن ذلك موجب

لعذاب الله وسخطه ، ومن عرض نفسه لعذاب الله لا يقال إنه اتقاه،ولكل إنسان من التقوى،بقدر ما أطاع الله عز وجل فيه،امتثالاً

لأمره،واجتناباً لنهيه،ويترتب عليها الفوز من كل مرغوب،والنجاة من كل مرهوب،جاء في الحديث الصحيح انه صلى

الله عليه وسلم قال( إذا أراد الله بأهل بيتٍ خيراً أدخل عليهم الرفق،وإذا أراد الله بأهل بيتٍ شراً نزع منهم الرفق)إنه الرفق في

التعامل مع الناس والجيران والزملاء ومع الآخرين عموماً ، إنه الرحمة والشفقة،وإذا دخل الرفق على أهل بيتك فلا تسأل

عن الرحمة والشفقة والتعاون والسعادة بين الرجل وزوجته وأولاده وبناته،وعلى العكس من ذلك إذا نزع الله منهم الرفق رأيت

التنافر والشدة والمعاصي والتباعد وارتكاب الذنوب ووجود الشر في هذا البيت وعدم صلاح الأولاد والزوجة،وقد جاء في الحديث

الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله حرم على النار كل هيّنٍ لينٍ سهلٍ قريبٍ من الناس ) ولم يقل العابد

أو الصائم أو القائم مع فضل ذلك العمل،لذلك ما الفائدة من الصلاة إذا لم تنهاك عن الفحشاء والمنكر،والصدقة إن لم تزرع في قلبك

الرحمة والشفقة على الفقراء والمساكين،وما الفائدة من الحج إن لم يزرع في قلبك التعاون والأخوة مع

المسلمين،والصوم إن لم يربي فيك الحُلُم وكتم الغيظ والشفقة بالآخرين،إذن العبادة لا فائدة منها إذا كانت صور فقط،بالرفق
نكسب الناس والزوجة والأخوان والأخوات،وبالرفق يصلح البيت والأسرة والمجتمع والأمة،ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم

( إن الله رفيقاً يُحب الرفق،وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف )من سنن الترمذي،ويقول صلى الله عليه وسلم (من يُحرم الرفق يُحرم الخير )صحيح مسلم،قال تعالى(للذين اتقوا عند

ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد)وقوله تعالى(يا أيها الذين

آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم)ثم أمرهم ثانياً،بالسمع والطاعة لمن

ولاهم الله أمرهم،فإنه كما يجب القيام بحق الله في التقوى،يجب القيام للولاة بحقهم في السمع والطاعة،ما داموا لا يأمرون بمعصية الله تعالى،فإنه لا طاعة إلا في معروف،ولا طاعة لمخلوق

في معصية الخالق،قال تعالى(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)قال المفسرون(أولي الأمر)هم

العلماء والأمراء،ويجب على العلماء،تبصير الولاة بمواطن الحق والعدل،إن خيف منهم جنوح إلى باطل أو ميل إلى جور،وأن يكون

ذلك في رفق وهوادة،فإن الله رفيق يحب الرفق،ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف،وما دخل الرفق في شيء إلا زانه،وما نزع من شيء إلا شانه،رواه مسلم،ذكر المؤلف أحاديث

عن عائشة رضي الله عنها،أن الرفق محبوب إلى الله عز وجل،وأنه ما كان في شيءٍ إلا زانه،ولا نزع من شيءٍ إلا شانه،ففيه الحث على أن يكون الإنسان رفيقاً في جميع شؤونه،رفيقاً في معاملة أهله،وإخوانه،وأصدقائه،وعامة الناس يرفق بهم،فإن

الله عز وجل رفيق يحب الرفق،ولهذا فإن الإنسان إذا عامل الناس بالرفق واللين والأناه انشرح صدره،ثم أوصاهم ثالثاً،إذا هبت

رياح الفتنة وتشعبت بالناس الأهواء،ونجمت قرون الضلالة،أن يستمسكوا بسنته عليه الصلاة والسلام،يعني بطريقته وهديه،وبسنة

الخلفاء الراشدين المهديين من بعده،فإن السنة هي قارب النجاة الذي يوصل إلى شاطئ الأمان والسلامة،ويعصم من

الغرق في لجج الضلال وطوفان الفتنة،و(السنة)هي كل ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم، لأمته في الاعتقاد والعمل جميعاً،فهي

تشمل هديه كله،فنصدق بكل ما أخبر عنه من أسماء الله عز وجل وصفاته وأفعاله،ولا نتجاوز ما حده لنا في ذلك،فلا نثبت لله من

الأسماء والصفات إلا ما نعلم أنه أثبته،ولا ننفي إلاما نعلم أنه نفاه،ونصدق،كذلك،بكل ما أخبر عنه من الحقائق الغيبية التي لا تعلم إلا من طريقه،ولا نعارض شيئاً من أخباره بقياس عقولنا،ولا بفلسفات أجنبية دخيلة على ديننا،كما فعله أهل الكلام الباطل،فضلوا به وأضلوا،ثم ننظر كيف كان هدّيه في

صلاته،فنصلي كما كان يصلي هو،وهكذا في سائر العبادات،وكيف كانت معاملته لأهل بيته ولأصحابه ولأعدائه،فنجتهد في أن نتخلق

بما كان عليه من خلق عظيم،هو المثل الأعلى،الذي يجب أن نهدف إلى تطبيقه على كل شؤون حياتنا،كما فعل سلفنا الصالح رضي الله

عنهم في إحياء سنته والتزام طريقته،وكذلك نأخذ بما سنه لنا خلفاؤه الراشدون،الذين كانوا أعرف الناس بسنته،وأشدهم أخذاً

بها،فإن طريقتهم وهديهم لا يمكن أن تخالف طريقته وهديه،بل لا تكون إلا تكميلاً وامتداداً لها،وأخيراً،حذرهم أشد التحذير من
الأمور
المحدثة،التي ابتدعت بعده خلاف طريقته وهديه،وبين لهم أن ذلك كله ضلال وخروج عن سواء السبيل،

نسأل الله أن يجعلنا ممن أحسن الإتباع لهديه،وأن يقينا شر الابتداع بمنّه وكرمه،ووفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح وحسن الأخلاق والآداب،
ونسأل الله تعالى أن يرزقنا الرفق ،وأن يجعلنا من أهله.