المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أي مصير تريد



امـ حمد
07-02-2013, 06:11 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أي مصير تريد
إنه الحساب وشدته وهو أعظم موقف وأشد عقبة،إما يقال،يا أهل الجنة خلود فلا موت،وإما يقال،يا أهل النار خلود فلا موت،حسبك أن تعلم،أن القاضي والمحاسب في ذلك اليوم،هو الحكم

العدل قيوم السماوات والأراضين(هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور)نعم سيجيء الرحمن،الله أعلم بكيفيته،نؤمن به ونعلم أنه

حق،ولا نكذب به،وستجيء الملائكة في هذا الموقف الجليل،ومعها كتب الأعمال التي أحصت على الخلق أعمالهم وتصرفاتهم وأقوالهم ليكون حجة على العباد(ووضع الكتاب فترى

المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها،ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً)ومعنى الحساب أن يوقف الحق تبارك

وتعالى عباده بين يديه، يعرفهم بأعمالهم التي عملوها أقوالهم التي قالوها وما كانوا عليه في حياتهم من إيمان او كفر أو استقامة او انحراف أو طاعة أو عصيان،فمن سلك طريق الهداية

فيُعطى كتابه بيمينه ويحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً،ومن سلك طريق الغواية فيُعطى كتابه بشماله ويحاسب حساباً عسيراً ويدعو ثبوراً،ستقام محكمة قاضيها الملك

الديان،شعارها(لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب )شعارها،إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً،ستقوم المحاكمة على قواعد وأصول بينّها الله جل في علاه،منها،العدل

التام الذي لا يشوبه ظلم،قال جل في علاه(ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين)ومنها،لا يُؤخذ أحد بجريره

غيره،قال سبحانه(ولا تزر وازرة وزر أخرى)ومنها،إطلاع العباد على ما قدموه من أعمال ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً )ومنها،إقامة الشهود،قال سبحانه(اليوم تشهد

عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون،يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين)عن ماذا سيكون السؤال،سيكون السؤال عن خمس فاستعد للجواب،عن

عبد الله بن مسعود رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم،قال،لا تزول،أي إلى الجنة أو إلى النار،لا تزول قدماً ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس،عن عمره فيما

أفناه،وعن شبابه فيما أبلاه،وعن ماله من أين اكتسبه،وفيما أنفقه،وماذا عمل فيما علم،الحساب فيه بالذرة،ووالله إنه لحساب شديد ذلك الذي سنحاسب فيه بالذرة(فمن يعمل مثقال

ذرة خيراً يره،ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)فتخيل نفسك إذا تطايرت الكتب،ونُصبت الموازين،وعُرضوا على ربك صفاً ( لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم

موعداً )وإذا نوديت باسمك على رؤوس الخلائق،أين فلان ابن فلان،استعد للعرض والوقوف بين يدي الله،وقد وُكلت الملائكة بأخذك فساقتك إلى الله لا يمنعها اشتباه الأسماء باسمك واسم

أبيك إذا عرفت أنك المراد بالدعاء،تخيل إذا قرع النداء قلبك فعلمت أنك أنت المطلوب فارتعدت فرائصك واضطربت جوارحك وتغير لونك وطار قلبك،تُخطى بك الصفوف إلى ربك للعرض

عليه،والوقوف بين يديه،وقد رفع الخلائق إليك أبصارهم،وأنت في أيدي الملائكة،قد طار قلبك واشتد رعبك،لعلمك أين يراد بك ،فلا إله إلا الله إذا وقفت بين يدي ربك ليس بينك وبينه

ترجمان،في يدك صحيفة مخبرة بعملك لا تغادر بلية كتمتها ولامخبأة أسررتها،وأنت تقرأ ما فيها بلسان كليل وقلب منكسر،والأهوال محيطة بك من بين يديك ومن خلفك،فكم من بلية قد كنت

نسيتها ذكركها،وكم من سيئة قد كنت أخفيتها أبداها وأظهرها،وكم من عمل ظننت أنه سلم لك وخلص فرده عليك في ذلك الموقف وأحبطه بعد أن كان أمَلك فيه عظيماً،فيا حسرة قلبك ويا

أسفك على ما فرطت في طاعة ربك،عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال،قال صلى الله عليه عليه وسلم(يدني الله العبد منه يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه،يعني ستره،فيقرره بذنوبه

حتى إذا ظن العبد أنه هلك)فإذا كان ممن تاب وسلك طريق الهداية قال الله له بعد أن قرره بذنوبه،فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم، فيُعطى كتابه بيمينه،فينطلق بين

الملأ فرحاً مسروراً ضاحكاً مستبشراً يقول بأعلى صوته(هاؤم اقرأوا كتابيه،إني ظننت أني ملاق حسابيه،فهو في عيشة راضيه،في جنة عاليه ، قطوفها دانيه، كلوا واشربوا هنئياً بما

أسلفتم في الأيام الخاليه) (وجوه يومئذ مسفرة،ضاحكة مستبشرة )لكن لو كان ممن سلك طريق الغواية وجاءته النهاية بلا توبة ولا أوبة،يقرره الله بذنوبه ثم يقول الجبار،يا ملائكتي خذوه ومن

عذابي أذيقوه فلقد اشتد غضبي على من قل حياءه معي،فيؤتي كتابه بشماله،فيخرج إلى الملأ وهو يقول(يا ليتني لم أوت كتابيه،ولم أدر ما حسابيه،يا ليتها كانت القاضيه،ما أغنى عني

ماليه،هلك عني سلطانيه )(ووجوه يومئذ عليها غبرة ، ترهقها قترة،أولئك هم الكفرة الفجرة )فأي مصير تريد،اسلك طريق الهداية وتجنب طريق الغواية،استعن بالصبر والصلاة،اصبر نفسك مع الذين يدعون

ربهم،أسهر ليلك بالقرآن والقيام،واقطع نهارك بالظمأ والصيام،صم في دنياك عن الشهوات والمعاصي والمنكرات،وأفطر يوم تلقى الله وتنادى إلى جنة عرضها الأرض والسماوات،قال

إبراهيم بن أدهم لأخ له في الله،إنه بلغني أن الله تعالى أوحى إلى يحيى بن زكريا عليهما السلام،يا يحيى إني قضيت على نفسي أنه لا يحبني عبد من عبادي أعلم ذلك منه،إلا كنت سمعه

الذي يسمع به،وبصره الذي يبصر به،ولسانه الذي يتكلم به،وقلبه الذي يفهم به ،فإذا كان عبدي كذلك بغّضت إليه الاشتغال بغيري،وأدمت فكرته،وأسهرت ليله،وأظمأت نهاره،يا يحيى أنا جليس

قلبه وغاية أمنيته وأمله،أهبُّ له كل يوم وساعة فيتقرب مني وأتقرب منه،أسمع كلامه وأجيب تضرعه ودعاءه فو عزتي وجلالي لأبعثنه مبعثاً يغبطه به النبيون والمرسلون،ثم آمر منادياً

ينادي،هذا فلان بن فلان ولي الله وصفيه وخيرته من خلقه دعاه إلى زيارته ليشفي صدره من النظر إلى وجهه الكريم ، فإذا جاءني رفعت الحجاب فيما بيني وبينه فنظر إلي كيف شاء وأقول

له أبشر فو عزتي وجلالي لأشفينّ صدرك من النظر إلي ولأجددن كرامتك في كل يوم وليلة وساعة،سبحانك يا علي يا عظيم،يا باري يا رحيم ،يا عزيز يا جبّار،يا حي يا حليم،سبحان من

سبحت له السماوات بأكنافها،والجبال بأصواتها،سبحان من ( يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال )سبحانك لا إله إلا أنت وحدك،



اللهم اعصمنا من فتن الدنيا ووفقنا لما تحب من العمل وترضى،وأصلح لنا شأننا كله وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة،

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا يا ربنا من الراشدين.