خوي الدرب
06-03-2013, 10:16 AM
محمد ؛ لم يكٌ انطوايا أو ميال إلى العزلة
ولكن يبدو أن روحة إستمرت الوحدة
حتى أصبحت سمته في الحل والترحال.
توفيت والدته وعمره لم يتجاوز الخامسة.
ووالده شيخ كبير لم يرزق غيره أحدا
يبدو أن الوحدة كانت متجذرة في جذع محمد .
فما محمد ألا أمتدادا لشيخ كبير ليس له أخوة .
ألا أرملة لم تنجب ألا بنت واحدة تعيش بنصف عثقل .
وكذلك ليس لمحمد خوال أو خالات.
ألا رجل مات بلا عقب .
كان والده الذي قد تجاوز العقد السادس بسنوات
يتركه عند عمّته حين يذهب للبحث عن لقمة عيش
يسد بها رمق أخته العجوز الأرملة وأبنتها البلهاء
وأبنه اليتيم . كانت البنت البلهاء التي تجاوزت الثلاثين من العمر
تذيق محمد صنوف العذاب حين يذهب أبيه . فلديها غيضة من الصبي
الصغير الذي يترك عندهم بين الفينة والأخرى.
وكانت والدتها العجوز عديمة الحيلة في صد عدوانها المتكرر على الصبي.
تحدث يوما عن أسوأ ما قد تعرض له على يد تلك البلهاء .
أخذته في يوم قائظ وأجبرته أن يصعد على أحد خزانات المياة
الحديدية وقامت بربطه على الصفيحة الملتهبة حتى أنقطع منه النفس.
ولولا أن مر بعض أبناء الجيران لكانت القاضية .
لم يتجاوز محمد يومئذ التاسعة.
رحل الشيخ الكبير في صمت بعد أن بلغ محمد السادسة عشرة.
كان يوما حزينا لحي " الريان العتيق " بكى البعض.
لحال محمد. وأن كان هناك حسنة وحيدة في حياة محمد
فهي رحيل البلهاء وأمها قبل رحيل والده بشهور
ولم يكٌ بين رحيل الاثنتين ألا شهرا فحين ماتت البلهاء
كانت والدتها على فراش الموت. فلحقت بها سريعا.
فلم يكٌ محمد مسؤلا عن أحد ألا محمدا ذاته.
لا أعلم كيف تدبر محمد أحواله بعد رحيل والده
ألا أنه في نهاية العام حصل على شهادة الإعدادية.
وعمل مراسلا في شركة البترول في راس أبو عبود.
أجّر له غرفة في حي " السلطة القديم " وفي نهاية كل أسبوع
يذهب إلى الريان إذ يلتقي بأتراب الطفولة والدراسة .
وفي كل ليلة جمعة يبات عند أحدهم.
مرت الأيام بوحدتها وروتينها الدأوب والوحدة تكبر في محمد
قبل أن يكبر . ألا أن محمدا رجع لمواصلة الدراسة في التعليم الليلي.
حصل على شهادة الثانوية بعد أن بلغ الحادية والعشرين.
قال له مديره المباشر: سنمنحك دورة دراسية في الإدارة في بريطانيا.
ألا أن محمدا رفض الفكرة .
وألتحق بدورة مكثفة في الإدارة في مقر عمله.
تخرج بعد سنتين وحصل على ترقية في عمله وأصبح إداريا
نشطا يحترمه مرؤوسيه . حاول محمد الخروج من جلباب وحدته
أشترى سيارة وأجر له بيتا جديدا في الريان الجديد
جهّز المنزل الجديد وأستقدم طباخا جيدا وفتح مجلس البيت
وقام بدعوة أهل حيّه القديم وكذلك الحي الجديد.
وأقرباء والده ووالدته الذين لا تجمعه بأقربهم رحما ألا في الجد الثالث.
وأولمهم كبشين سمينين.
لم يكٌ الحال على ما كان محمد متصورا. الأتراب كبروا ومن قد بكى
لحال محمد قبل قد ونصف لم يعد يتذكر حال محمد ووحدته حين
رحل والده وهو غر يافعا.
ظروف الحياة وانشغال الأصحاب في حياتهم الجديدة هنالك من تزوج
فأنشغل بالزوجة والأولاد ؛ وآخر افتتح مشروعا تجاريا ؛ والثالث
يواصل الدراسة خارج الوطن. ما قد كان محمد متصوره لم يكٌ ألا
سحابة من الأحلام الوردية. ألا أنها لم تمطر على صحراء الوحدة.
لم يستسلم ؛ فحاول أن يزرع في تربتها الكالحة فسّيلة نخلة تجود بالثمر.
ذهب إلى رجل من أقرباء والده ؛ وطلب منه أن يساعده في العثور على زوجة ؛ لم يتوان الرجل في مساعدة محمد. وذهب معه إلى بعض العوائل من الأقرباء على بعد صلة الرحم بهم ولكن بعد ثلاث محاولات لم تنجح أي منها . صرف محمد النظر من التوسط بهذا الرجل وقال لعل الرجل كان منحوسا . وعاود الكرة مع رجل آخر من عائلة والدته وهذه المرة
شاركم البحث امرأة. وبعد عدة محاولات وافقت إحدى العائلات على مصاهرة محمدا . ألا أنه في اللحظات الأخيرة دخل عم تلك الفتاة التي قبل أهلها به على الخط وحجر بنت أخيه لإبنه.
فكانت الصدمة قاسية على محمد. كافة من وقف مع محمدا في البحث عن عروس كانوا جادين في موقفهم مع هذا الرجل الذي لم يكن للوحدة عنوان أمثل منه. لما لمسوا من كرم أخلاق هذا الشاب ومروءته.
ألا أن شيطان الوحدة كان أشد من الإصرار الذي قد سلك محمد طريقه
كي يخرج من هذه الدائرة التي وضعه بها قدره.
فما هي ألا شهور قلائل حتى أجّر محمد منزلا جديدا في " حي كليب "
ورحل دون ضوضاء. ألا أنه يبدو أن رحيل محمد الذي لا ضوضاء له
تكرر معه ولكن للمرّة الأخيرة. حين طلب سيارة الإسعاف في ساعة متأخرة من الليل. حملته فيها إلى المستشفى لعارض بسيط ألم به فجأة
بعد مرور خمس سنين وهو في ذلك المنزل ولم تحين ساعة الزوال
ألا وقد رحل محمد بصمت إلى الحياة الأخرى مثل ما رحل من الريان
الجديد دون ضوضاء. فيبدو أنه لم يفتقده ألا رفيقة دربه " الوحدة "
ولكن يبدو أن روحة إستمرت الوحدة
حتى أصبحت سمته في الحل والترحال.
توفيت والدته وعمره لم يتجاوز الخامسة.
ووالده شيخ كبير لم يرزق غيره أحدا
يبدو أن الوحدة كانت متجذرة في جذع محمد .
فما محمد ألا أمتدادا لشيخ كبير ليس له أخوة .
ألا أرملة لم تنجب ألا بنت واحدة تعيش بنصف عثقل .
وكذلك ليس لمحمد خوال أو خالات.
ألا رجل مات بلا عقب .
كان والده الذي قد تجاوز العقد السادس بسنوات
يتركه عند عمّته حين يذهب للبحث عن لقمة عيش
يسد بها رمق أخته العجوز الأرملة وأبنتها البلهاء
وأبنه اليتيم . كانت البنت البلهاء التي تجاوزت الثلاثين من العمر
تذيق محمد صنوف العذاب حين يذهب أبيه . فلديها غيضة من الصبي
الصغير الذي يترك عندهم بين الفينة والأخرى.
وكانت والدتها العجوز عديمة الحيلة في صد عدوانها المتكرر على الصبي.
تحدث يوما عن أسوأ ما قد تعرض له على يد تلك البلهاء .
أخذته في يوم قائظ وأجبرته أن يصعد على أحد خزانات المياة
الحديدية وقامت بربطه على الصفيحة الملتهبة حتى أنقطع منه النفس.
ولولا أن مر بعض أبناء الجيران لكانت القاضية .
لم يتجاوز محمد يومئذ التاسعة.
رحل الشيخ الكبير في صمت بعد أن بلغ محمد السادسة عشرة.
كان يوما حزينا لحي " الريان العتيق " بكى البعض.
لحال محمد. وأن كان هناك حسنة وحيدة في حياة محمد
فهي رحيل البلهاء وأمها قبل رحيل والده بشهور
ولم يكٌ بين رحيل الاثنتين ألا شهرا فحين ماتت البلهاء
كانت والدتها على فراش الموت. فلحقت بها سريعا.
فلم يكٌ محمد مسؤلا عن أحد ألا محمدا ذاته.
لا أعلم كيف تدبر محمد أحواله بعد رحيل والده
ألا أنه في نهاية العام حصل على شهادة الإعدادية.
وعمل مراسلا في شركة البترول في راس أبو عبود.
أجّر له غرفة في حي " السلطة القديم " وفي نهاية كل أسبوع
يذهب إلى الريان إذ يلتقي بأتراب الطفولة والدراسة .
وفي كل ليلة جمعة يبات عند أحدهم.
مرت الأيام بوحدتها وروتينها الدأوب والوحدة تكبر في محمد
قبل أن يكبر . ألا أن محمدا رجع لمواصلة الدراسة في التعليم الليلي.
حصل على شهادة الثانوية بعد أن بلغ الحادية والعشرين.
قال له مديره المباشر: سنمنحك دورة دراسية في الإدارة في بريطانيا.
ألا أن محمدا رفض الفكرة .
وألتحق بدورة مكثفة في الإدارة في مقر عمله.
تخرج بعد سنتين وحصل على ترقية في عمله وأصبح إداريا
نشطا يحترمه مرؤوسيه . حاول محمد الخروج من جلباب وحدته
أشترى سيارة وأجر له بيتا جديدا في الريان الجديد
جهّز المنزل الجديد وأستقدم طباخا جيدا وفتح مجلس البيت
وقام بدعوة أهل حيّه القديم وكذلك الحي الجديد.
وأقرباء والده ووالدته الذين لا تجمعه بأقربهم رحما ألا في الجد الثالث.
وأولمهم كبشين سمينين.
لم يكٌ الحال على ما كان محمد متصورا. الأتراب كبروا ومن قد بكى
لحال محمد قبل قد ونصف لم يعد يتذكر حال محمد ووحدته حين
رحل والده وهو غر يافعا.
ظروف الحياة وانشغال الأصحاب في حياتهم الجديدة هنالك من تزوج
فأنشغل بالزوجة والأولاد ؛ وآخر افتتح مشروعا تجاريا ؛ والثالث
يواصل الدراسة خارج الوطن. ما قد كان محمد متصوره لم يكٌ ألا
سحابة من الأحلام الوردية. ألا أنها لم تمطر على صحراء الوحدة.
لم يستسلم ؛ فحاول أن يزرع في تربتها الكالحة فسّيلة نخلة تجود بالثمر.
ذهب إلى رجل من أقرباء والده ؛ وطلب منه أن يساعده في العثور على زوجة ؛ لم يتوان الرجل في مساعدة محمد. وذهب معه إلى بعض العوائل من الأقرباء على بعد صلة الرحم بهم ولكن بعد ثلاث محاولات لم تنجح أي منها . صرف محمد النظر من التوسط بهذا الرجل وقال لعل الرجل كان منحوسا . وعاود الكرة مع رجل آخر من عائلة والدته وهذه المرة
شاركم البحث امرأة. وبعد عدة محاولات وافقت إحدى العائلات على مصاهرة محمدا . ألا أنه في اللحظات الأخيرة دخل عم تلك الفتاة التي قبل أهلها به على الخط وحجر بنت أخيه لإبنه.
فكانت الصدمة قاسية على محمد. كافة من وقف مع محمدا في البحث عن عروس كانوا جادين في موقفهم مع هذا الرجل الذي لم يكن للوحدة عنوان أمثل منه. لما لمسوا من كرم أخلاق هذا الشاب ومروءته.
ألا أن شيطان الوحدة كان أشد من الإصرار الذي قد سلك محمد طريقه
كي يخرج من هذه الدائرة التي وضعه بها قدره.
فما هي ألا شهور قلائل حتى أجّر محمد منزلا جديدا في " حي كليب "
ورحل دون ضوضاء. ألا أنه يبدو أن رحيل محمد الذي لا ضوضاء له
تكرر معه ولكن للمرّة الأخيرة. حين طلب سيارة الإسعاف في ساعة متأخرة من الليل. حملته فيها إلى المستشفى لعارض بسيط ألم به فجأة
بعد مرور خمس سنين وهو في ذلك المنزل ولم تحين ساعة الزوال
ألا وقد رحل محمد بصمت إلى الحياة الأخرى مثل ما رحل من الريان
الجديد دون ضوضاء. فيبدو أنه لم يفتقده ألا رفيقة دربه " الوحدة "