المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مالك فيما انفقته وجسمك فيما أبليته



امـ حمد
23-03-2013, 11:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم،أن كل عبد سيسأل يوم القيامة عن أربع(عن عمره فيما أفناه،وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه،وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه) رواه الترمذي والطبراني،وصححه شيخنا الألباني في السلسلة الصحيحه،وهذه الأربع هي عنوان السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة،

المال نعمة من أعظم النعم ،وزينة الحياة الدنيا مع الأولاد،قال جل وعلا(المال والبنون زينة الحياة الدنيا)سورة الكهف،ولاحظ أن الله

قدم فى هذه الآية المال على الأولاد ، المال زينة ونعمة عظيمة،ولكن لا يعرف قدر هذه النعمة إلا من عرف الغاية من المال،فما أكرمها

من نعمة إن حركتها أيدى الصالحين، والشرفاء،ونعمة لا يعرف قدرها إلا صالح تقى،المال نعمة منّ الله من بها عليك،وزينةّ زينك

الله بها،ولكن انتبه سوف تُسأل عن هذا المال كله من أين اكتسبت،وفيما أنفقت،سؤالان يملأن القلب بالخوف والوجل ويجعلان

العبد يسأل نفسه ألف مرة قبل أن يحصل على هذا المال،يا من تتاجر فى الحرام،فى المخدرات لتحرق قلوب فلذة أكبادنا ولا هم لك إلا أن

تجمع المال،حاسب نفسك الآن وقف مع نفسك موقف صدق ، من الآن طهَّر مالك كله قبل أن تُسأل بين يدى الله الذى يعلم السر

وأخفى،عن كل ما جمعت من مال،من أين لك هذا المال،وفيما أنفقته،فالمال نعمة إذا حركته أيدى الصالحين والشرفاء،ومنحة

لمؤمن تقى عرف الغاية منه،وعرف الوظيفة لهذا المال،لذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيحين(لا حسد إلا فى

اثنتين رجل أتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل أعطاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)رواه البخاري

،ومسلم،وتدبر قول الحبيب،والحديث رواه أحمد والترمذى وصححه شيخنا الألبانى،عنه صلى الله عليه وسلم قال(ثلاثة أقسم الله عليهن

وأحدثكم حديثاّ فاحفظوه،ما نقص مال عبد من صدقة،وما ظلم عبد مظلمةً فصبر عليها إلا زاده الله عز وجل بها عزاً،ولا فتح عبد باب

مسألةٍ إلا فتح الله عليه باب فقر،وأحدثكم حديثا فاحفظوه إنما هذه الدنيا لأربعة نفر،عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقى فى ماله ربه

ويصل به رحمه ، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً،فهو صادق النية لله يقول لو أن لى

مالاً لعملت فيه بعمل فلان ، فهو بنيته فأجرهما سواء،وعبد رزقه اله مالاّ ولم يرزقه علماً فهو يخبط فى ماله بغير علم،لا يتقى فيه ربه

ولا يصل به رحمه ، ولا يعلم لله فيه حقاً فهذا بأخبث المنازل،وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول لو أن لى مالاً لعملت بعمل

فلان ، فهو بنيته ووزرهما سواء)إن المال لا يصبح نعمة إلا إذا كان في يد صالحة تعرف الغاية منه والمال الذى سنتركه ليس مالاً لنا

وإنما هو مال ورثتنا كما فى صحيح البخارى،والإمام أحمد،من حديث ابن مسعود رضى الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم (أيكم

مال وارثه أحب إليه من ماله )قالوا،يا رسول الله ما منا أحد إلا وماله أحب إليه من ماله وارثه ، قال( فإن ماله ما قدم ومال ورثته

ما أخر)لذا يقول المصطقى صلى الله عليه وسلم كما فى صحيح مسلم من حديث ابى هريرة رضى اللـه عنه (يقول العبد،مالى

مالى،وإنما له من ماله ثلاث،ما أكل فأفنى،أو لبس فأبلى،أو اعطى فأقنى،وما سوى ذلك ، فهو ذاهب وتاركه للناس)ولذا ورد فى سنن

الترمذى أن عائشة رضى الله عنها ذبحت شاة وتصدقت بها كلها إلا الذراع فقال النبى صلى الله عليه وسلم(ما بقى من الشاة يا عائشة)

قالت،ما بقى منها شئ إلا الذراع،فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم(بقى كلها إلا الذراع)إن الذى تصدقت به هو الذى سيبقى لك فى

ميزان أعمالك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم،
واسمع لحبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يقول كما فى

صحيح مسلم من حديث ابى هريرة قال(أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيب،وقال تعالى للمؤمنين(ياأيها الذين ءامنوا كلوا من

طيبات ما رزقناكم) البقرة،وقال(ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاّ)ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم(الرجل يطيل

السفر أشعت أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام،قال النبي صلى الله عليه وسلم،

فأنى يستجاب له)أنى يستجاب لمن أكل الحرام ، أنى يستجاب لمن شرب الحرام أنى يستجاب لمن غذى أولاده بالحرام ، إننا نرى الآن

تهاوناً مروعاً فى الأكل الطيب الحلال فنرى الرجل لا هم له إلا جمع المال ، من أى سبيل كان حتى لو كان حرام أو من الربا،حتى

لو من أموال الناس بالباطل،المهم ان يكتنز المال ، ومع ذلك فوالله لن يخرج من الدنيا بدرهم أو دولار،سيسأل الفؤاد والقلب عما

وعاه،هل امتلأ القلب بحب الله وبحب رسول الله والمؤمنين،وامتلأ فى الوقت ذاته ببغض الشرك والمشركين والباطل والمبطلين،سيسأل

السمع عن كل ما سمع سيسأل البصر عن كل ما رأى،وسيشهد هذا الجسم كله بما قدم وبما صنع وبما فعل سيشهد السمع والبصر

والفؤاء ستشهد الرجل واليد والجوارح عامة قال تعالى(اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أَيديهم وتشهد أَرجلهم بما كانوا يكسبون)سورة

يس،سيشهد عليك بدنك كله وسوف تسأل عن هذا البدن وعن هذا الجسم فيما أبليته،هل أبليت جسمك فى عمل الدنيا والآخرة أم فى

عمل الدنيا فحسب،فلا حرج أن يبلى الإنسان جسمه فى عمل الدنيا وفى عمل الآخرة, والخطأ والحرج أن يفنى وأن يبلى جسمه كله

وحياته كلها فى عمل الدنيا ليضيع بذلك حق الله،وعمل الآخرة ،تاجر وعمَّر وابنّى واجمع المال من الحلال لكن لا تنسى حق الكبير

المتعال لا تنسى الآخرة، اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداّ واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ، فلا حرج أن تجمع بين الأمرين،قال

المصطفى صلى الله عليه وسلم(اللـهم اصلح لى دينى الذى هو عصمت أمرى وأصلح لى دنياى التى فيها معاشى)رواه مسلم،فلا

تجعل عمرك جله للدنيا وتنسى الآخرة ، ستتمنى يوم القيامة الرجعة والعودة إلى الدنيا لا لتعمل للدنيا مرة أخرى بل لتعمل للآخرة،فاعمل

الآن للدنيا وللآخرة قبل أن تتمنى الرجعة والعودة،واعلم يقيناً أنه لو أفنيت جسمك كله ليلاً ونهاراً من أجل الدنيا ونسيت عمل الآخرة لن

تحصل من الدنيا إلا ما قدره الرزاق لك،تدبر هذا الحديث الجميل الذى رواه الترمذى وغيره وصحح الحديث الشيخ الألبانى فى

صحيح الجامع أنه صلى الله عليه وسلم قال(من كانت الآخرة همه جعل الله غناه فى قلبه وجمع عليه شمله وأتته الدنيا وهى راغبة ،

ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر الله له)سل نفسك الآن فيما مضى من عمرك

هل سخرت جسمك فى طاعة الله ورسوله أم سخرته فى معصية الله ورسوله،هل أعطاك الله نعمة هذا الجسم لنعصى الله به أم لتطيع الله

به،واعلم يقيناً أن المعصية سبب لكل شقاء وضنك وبلاء فى الدنيا والآخرة،والطاعة سبب لكل فلاح وفوز وخير فى الدنيا والآخرة،

قال ابن عباس،إن للطاعة نوراً فى الوجه ونوراً فى القلب وسعة فى الرزق وقوة فى البدن ومحبة فى قلوب الخلق ، وإن للمعصية سواد

فى الوجه وظلمة فى القلب وضيق فى الرزق وضعف فى البدن وبغضاً فى القلوب،فعُد إلى الله وتب واستعد للجواب عن هذه الأسئلة

الأربعة ،واعلم علم اليقين أنه لا تزول قدماّ عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه ،وعن علمه ماذا عمل به ،وعن

ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه،وعن جسمه فيما أبلاه)رواه البخاري ،ومسلم،



أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحسن خاتمتنا،إنه ولى ذلك والقادر عليه .

كازانوفا
24-03-2013, 08:46 AM
جزيت خيرا على الموضوع الطيب

امـ حمد
24-03-2013, 03:01 PM
جزيت خيرا على الموضوع الطيب


بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس