المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بطراً ورئاء الناس



امـ حمد
03-04-2013, 04:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بطراً ورئاء الناس

لمّا كان غمط الناس مستلزماً لبطر الحق الذي جاءوا به،جمع النبي، صلى الله عليه وسلّم،بينهما تحت مظلة الكبر،قال الأحنف بن قيس
(عجباً لابن آدم يتكبّر وقد خرج من مجرى البول مرتين،مره من أبوه ،ومره من أمه)فأمّا بطر الحق،فهو دفعه ورده،قال الصحابي الجليل

النعمان بن بشير ،رضي الله عنه،وهو على المنبر،إنّ للشيطان مصائد وفخوخاً، وفخوخه البطر بأنعم الله، والفُجور بإعطاء الله، والكبر على
عباد الله، واتباع الهوى في غير ذات الله،والبطر على أربعه أنواع،أولاً،بطر الغنى،قال تعالى(إنّ الإنسان لَيَطغَى)العلق،ثانياً، بطر
المُلك،قال تعالى(فَحَشَرَ فَنادى فَقَالَ أناْ ربُّكم الأعلى)النازعات،ثالثاً،بطر المنصب،رابعاً،بطر الجاه والمكانة،وأمّا غمط الناس،فيقول الإمام ابن

كثير،والمراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم وهذا حرام، فإنه قد يكون المحتَقَرُ أعظم قدراً عند الله تعالى،وأحبَّ إليه من الساخر منه
المحتقِر له، ولهذا قال الله تعالى(هَمَّازٍ مشَّاءٍ بِنَميم)القلم،أي،أنه يحتقر الناس ويهمزهم طاغياً عليهم، ويمشي بينهم بالنميمة،ولقد جمع الله ذَمَّ

البطر والرياء معاً،في قوله(بطراً وَرِئاء النّاس)فهنا ثلاثة أخلاق سيئة لا بد من اجتماعها،غمط الضعفاء، ومراءاة الكبراء، ورد الحق من

المخالف،أمّا الرياء،فهو إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمد صاحبها،وأمّا السمعة،فهي نحو ما في الرياء،إلا أنها تتعلق بحاسة

السمع،والرياء بحاسة البصر،وعليه يحمل حديث جندب بن عبدالله،رضي الله عنه في،الصحيحين،قال صلى الله عليه وسلّم(من سمع سمع الله به،ومن يرائي يرائي الله به)إن أضرّ شيء على العبد، أن يعمل عملاً، أو يقول قولاً، لا يريد به وجه الله، جميل ظاهره، قبيح

باطنه، يسرّ غير ما يعلن، ويظهر خلاف ما يبطن، يسبح ويهلل، ويقرأ القرآن، ويخطب، ويعلم، ويدعو إلى الله بلسانه، وقلبه غافل

وذاهل، وبغير الله مشغول، وعلى سواه معوّل ومتكل،واستمالة قلوبهم إليه، إذا قرأ جوَّد، وإذا وعظ بكى،ولو أخلص في قلبه لكان الزعيم

المطاع، والمصلح الحكيم، والمرشد العظيم، ولكنه الخادع المنافق، والكذاب المكار المزور، يقول بفيه ما ليس في قلبه, ويرائي الناس بما يعمله لربه، وفيه يقول الله،تعالى(فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)الماعون، ويحذر الله

عباده المؤمنين من الرياء بقوله تعالى(وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً

فَسَاءَ قَرِيناً) النساء،وبهذا الحديث وأمثاله يحذرنا النبي،صلى الله عليه وسلم،من الرياء والسمعة وأن يعمل المسلم عملاً يبتغي به الشهرة

وثناء الناس عليه،لأنه لا يصنع الخير حباً فيه، ولا يترك الشر كراهة له، بل ربما إذا خلا بنفسه ارتكب العظائم، واقترف الجرائم،ومن

أحسن الصلاة حيث يراه الناس، وأساءها حيث يخلو، فتلك استهانة استهان بها ربه،تبارك وتعالى، واتصف فيها بصفة المنافقين،قال ابن
حجر،قال الخطَّابي،المعنى من عمل عملاً على غير إخلاص، يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزي على ذلك بأن يُشهِّر اللهُ به ويفضحه

ويُظهر ما كان يُبطنه، وقيل، مَنْ قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله فإنَّ اللهَ يجعله حديثاً عند الناس الذين أراد

نيل المنزلة عندهم ولا ثواب له في الآخرة، وقيل،مَنْ قصد بعمله أن يسمعه الناس ويروه ليعظِّموه وتعلو منزلته عندهم، حصل له ما قصد،

وكان ذلك جزاؤه على عمله، ولا يُثاب عليه في الآخرة، ومن سمَّع بعيوب الناس وأذاعها أظهر اللهُ عيوبه وسمَّعَه المكروه، والحديث لم

يقيد هل هو في الدنيا أو في الآخرة، فيمكن أن يسمع الله به في الدنيا فيكشف عيبه عند الناس، ويمكن أن يكون ذلك في الآخرة وهو أشد

والعياذ بالله وأخزى، كما قال الله تعالى(وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) فصلت،عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى اللّه عليه

وسلم قال(إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر،قالوا،وما الشرك الأصغر يا رسول الله،قال،الرياء،يقول اللّه عزوجل لهم يوم القيامة

إذا جزي الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً)أخرجه أحمد،وصححه الألباني،
ومعنى الحديث،أنّ من عمل عملاً على غير إخلاص، يريد أن يراه الناس ويسمعوه، يجازى يوم القيامة على ذلك بأن يشهره الله

ويفضحَه،ويظهر ما كان يبطنه على رؤوس الأشهاد،وما أكثر أمثال هؤلاء في زماننا،ممن يسمون بالمحسنين،وكان ينبغي أن يحسنوا

لأنفسهم بإخلاصهم لله وصدقهم مع الله،يقول ابن تيمية رحمه الله،فالرياء من باب الإشراك بالخلق،والعجب من باب الإشراك

بالنفس،والعجب بالطاعات،إنما يكون نتيجة استعظام الطاعة، فكأنه يمنّ على الله تعالى،وينسى نعمته عليه بتوفيقه لها قال تعالى(بَلِ اللَّهُ

يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)والمعجب مغرور بنفسه وبعبادته وطاعته لا يحقق(إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)كما أن المرائي لا يحقق

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ)ومتى شغل العبد بتحقيق(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)خرج من الرياء والعجب،وفي الحديث(ثلاث مهلكات،شح مطاع،وهوى

متبع،و إعجاب المرء بنفسه)صحيح،رواه البيهقي وصححه الألباني،والعجب آفة تحبط العمل،يقول النووي،رحمه الله تعالى،اعلم

أن الإخلاص قد يعرض عليه آفة العجب فمن أعجب بعمله حبط عمله وكذلك من استكبر حبط عمله،درجات الرياء،وهي أغلظها ألا يكون

مراده الثواب أصلاً ,كالذي يصلي أمام الناس,ولو انفرد فإنه لا يصلي،علاج الرياء،مجاهدة النفس في الخلاص من الرياء،وقراءة

كتب عن الإخلاص،وتذكر عظمة الله وجلاله واستحقاقه، وإخلاص العبادة له وحده،تذكر الموت وسكراته، والقبر وظلمته، واليوم الآخر

وأهواله،علاجه ،يستلزم من المرء أن يعود نفسه إخفاء العبادات(كالصيام والصدقة) ليس من الرياء أن يعمل المسلم عملاً خالصاً

لوجه الله، ثم يلقى له في قلوب المؤمنين محبته والثناء عليه، فيفرح بفضل الله ويستبشر بذلك فقد سئل الرسول ،صلى الله عليه وسلم

(أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه) وفي رواية،ويحبه الناس عليه،فقال،صلى الله عليه وسلم(تلك عاجل بشرى

المؤمن)رواه مسلم،من مضار الرياء،محبط للأعمال مضيع لثوابها،وسبب للمقت عند الله,والمرائي ملعون ومطرود من رحمة الله

وهو من كبائر المهلكات،والرياء يجلب الفقر ويعرض صاحبه للفتن ويفضح أصحابه على رؤوس الأشهاد يوم القيامة،و يحول العمل

الصالح إلى نقيضه، ولا يسلم المرائي من أن يفتضح أمره في الدنيا فيسقط من أعين الناس وتذهب هيبته ناهيك عن حسرته يوم القيامة،

اللهم طهر قلوبنا من الكبر والغل والحسد وطهر أعمالنا من الرياء وطهر أعيننا من الخيانة إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور،
اللهم آمين.

أسد قطري
20-04-2013, 12:57 AM
يعطيك العافية ..
ومشكور ..

امـ حمد
20-04-2013, 02:43 AM
يعطيك العافية ..
ومشكور ..

الشكر لله اخوي
الله يعافيك وجزاك الله خير

الصغيره
20-04-2013, 04:39 AM
بارك الله فيك وجعله بميزان اعمالك الصالحه وجزيت الجنه مقاما

امـ حمد
20-04-2013, 03:53 PM
بارك الله فيك وجعله بميزان اعمالك الصالحه وجزيت الجنه مقاما

بارك الله في حسناتج حبيبتي
ويزاااج ربي جنة الفردوس