المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ



امـ حمد
14-04-2013, 03:55 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مثل المؤمن كمثل التاجر،الذي يعد كشف حساب سنوياً ليعرف مقدار ربحه وخسارته،كذلك المؤمن يجب أن يعد كشف حساب عن

السنة التي مضت،ويسأل الإنسان نفسه،هل كان إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم،فيشكره على أن هداه إلى الإسلام وعلى سنة

حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم،وأعانه على العبادة، ويلوم نفسه عن التقصير، ويعقد العزم على تعويض ما فات،ويخطط للعام

المقبل لزيادة الأعمال الصالحات ولتجنب المعاصي مستشعراً قول الله تبارك وتعالى(إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ

يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً)الفرقان،وتعتبر محاسبة النفس من موجبات التربية الروحية، وتقويمها حتى تلتزم

بالصراط المستقيم. وأمر الله عز وجل عباده المؤمنين الخشية من مخالفته، وتقويم ما قدموه من أعمال قبل الوقوف بين يديه،فقال

سبحانه وتعالى(وَقُلِ اعْمَلُواْ وسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)التوبة،ولقد

أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم،إلى ذلك في كتابه الكريم فقال(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ

إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ،وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فأنساهم أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ)الحشر،وأكد هذا المعنى رسول الله

صلى الله عليه وسلم(الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت،والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني )رواه

الإمام أحمد،ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات عن يوم القيامة،حين ينصب الله موازين المحاسبة،ويقدم لكل إنسان كشف

حساب،ودليل ذلك قول الله عز وجل(وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا

وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)الأنبياء،فليتذكر المسلم أن له وقفة مع الله يوم القيامة،ليحاسبه عن البيعة التي في عنقه،عندما حمل الإسلام

ونطق بالشهادتين،وقال،أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم عاهد الله على الالتزام بفرائض الإسلام وأركان

الإيمان،وقال الحسن البصري،المؤمن قَوَّام على نفسه يحاسبها قبل محاسبة الله، وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في

الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة،الاستعداد ليوم القيامة،والتزم الصحابة رضوان

الله عليهم بهذه التربية الروحية،فكانوا أشد الناس محاسبة لأنفسهم،والنموذج المتميز لذلك هو عمر بن الخطاب القوى في

الحق الذي قال(حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم،وتهيئوا للعرض الأكبر،يومئذ تعرضون لا تخفى

منكم خافية)يقول العلماء،من شق عليه حسابه في الدنيا خف عليه حسابه في الآخرة،فعندما يحاسب الإنسان نفسه فوريّاً،يعرف مقدار

التوفيق في الأعمال الصالحات التي تُرضي الله عز وجل ،فيتحفز على الإكثار منها،ويزداد إيماناً مع إيمانه،وعندما يعرف مقدار

التقصير في جنب الله، يعاقب نفسه، ويتوب ويستغفر،ويجدد البيعة والعهد مع الله على ألا يعود إلى الذنوب مرة أخرى، ويُكثر من

الأعمال الصالحات تكفيراً للسيئات،يوم لا ينفع الندم،ويفرح المؤمن عندما يستلم كتابه بيمنه،ويتحسر الكافر ويندم يوم لا ينفع

الندم،عندما يستلم كتابه بشماله،ويصور الرسول صلى الله عليه وسلم حال الناس يوم المحاسبة الأخروية أمام الله،فيقول(يكون

الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقوتيه،ومنهم

من يلجمه العرق إلجاماً،وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه )رواه مسلم،وإن تصور يوم المحاسبة أمام الله

والميزان والصراط ودار القرار والجنة والنار، يردع الظالم عن ظلمه ليتب ويستغفر ويزداد من الأعمال الصالحات،حتى يلقى الله

بقلب سليم ونفس راضية مطمئنة،فتب قبل أن لا تستطيع أن تتب، وتمنَّ لقاء الله بالعمل الصالح والعبادة الخالصة،مصداقاً لقوله

تبارك وتعالى(فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)الكهف،وهناك تساؤلات،

هل ازدادت ثروتك الإيمانية وزاد رصيد حسناتك وثقلت كفة أعمالك الصالحة،
فإن كنت كذلك،فأنت من الرابحين،

وهل تحليت بخلق النبي صلى الله عليه وسلم وكان الرسول قدوتك حقاً،
فإن كنت كذلك،فقد كسبت شفاعته يوم الحساب،

هل طهرت قلبك واستغفرت الله حتى تلقاه عز وجل بقلب سليم وبنفس مطمئنة راضية مرضية،
فإن كنت كذلك،فقد أَمِنت من هول يوم القيامة،

هل سعيت في قضاء مصالح العباد لا تريد منهم جزاءً ولا شكورا،
فإن كنت كذلك،فقد زرعت في الدنيا،وإن شاء الله سوف تحصد في الآخرة،

هل أعطيت واتقيت الله وصدقت بالحسنى،
فان كنت كذلك،فسوف ييسر الله لك أمور الدنيا والآخرة،

هل اكتسبت طيباً وأنفقت قصداً، وقدمت فضلاً ليوم فقرك وحاجتك، وتجنبت الحرام الخبيث والإسراف والتبذير،
فإن كنت كذلك،فأنت من عباد الرحمن الذين يرثون الفردوس الأعلى،

وهل كنت بارًّا بوالديك،واصلاً للأرحام،
فإن كنت كذلك،فسوف يبارك الله لك في رزقك ويمد لك في عمرك.

أسد قطري
20-04-2013, 12:20 AM
يعطيك العافية ..
ومشكور ..

امـ حمد
20-04-2013, 03:59 PM
يعطيك العافية ..
ومشكور ..

بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس