المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فاصبر صبراً جميلاً



امـ حمد
23-04-2013, 11:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

يا مؤخِّراً توبته بمطل التسويف،لأيّ يوم أجّلت توبتك وأخَّرت أوبتك،لقد كنت في كل يوم تضع قاعدة الإنابة لنفسك،ولكن على شفا

جرف هار،أيها المذنب المقصر،لا تخجل من التوبة،ولا تستح من الإنابة،فلقد فعلها قبلك آدم وحواء حين قالا(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ

تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)الأعراف،وفعلها قبلك إبراهيم حين قال(وَالَّذِى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدِينِ)

الشعراء،وفعلها موسى حين قال(رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ)القصص،فلا إله إلا الله، من يمنع المذنب من التوبة،ومن

يقنط من رحمة ربه إلا الضالون،يقول ابن عباس رضي الله عنهما،دعا الله إلى مغفرته من زعم أن عزيراً ابن الله، ومن زعم

أن الله فقير، ومن زعم أن يد الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة، يقول لهؤلاء جميعاً(أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ

غَفُورٌ رَّحِيمٌ)المائدة،إن صاحب الذنب مهما غفل عن التوبة أو تناءى عنه الوصول إليها فسيظل أسير النفس، قلقاً لا قرار له، متلفّتاً لا

يصل إلى مبتغاه ما لم يُفتح له باب التوبة ليطهّر نفسه من كلكلها،ويخفّف من أحمالها،قال الله تعالى(إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)

الأنفال،وقال تعالى(وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)آل عمران،وقال رسول الله(ما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر)متفق عليه،

ذكرَ الصبرُ في القرآنِ في أكثرِ من تسعينَ موضعاَ، مرةً يمدحُ اللهُ الصابرين، ومرةً يخبرُ اللهُ بثوابِ الصابرين، ومرة يذكر الله نتائج

الصابرين، يقولُ لرسولِه(فاصبر صبراً جميلاً)
إذا رأيتَ الباطلَ يتحدى،وإذا رأيت الطغيان يتعدى،فاصبر صبراً جميلاً،
إذا قل مالك وكثر فقرك وعوزك وتجمعت همومك وغمومك،فاصبر صبراً جميلاً،
إذا وضعوا في طريقك العقبات،وصنفوا لك المشكلات،وتهددوكَ بالسيئات وأقبح الفعلات،فاصبر صبراً جميلاً،

فكان مثالاً للصبر،سكن في مكةَ فعاداه الأقرباء والأحباء،ونبذه الأعمام والعمومة،وقاتله القريب قبل البعيد فكان من أصبرِ الناس،

أفتقر،ووضع الحجر على بطنه من الجوع وظمأ فكان من أصبرِ الناس،مات أبنه بين يديه وعمره سنتان،فكان ينظر إلى أبنه الحبيب

القريب من القلب، ودموع المصطفى صلى الله عليه وسلم،تتساقط كالدر ،وهو من أصبر الناس يقول،تدمع العين، ويحزن القلب،ولا

نقول إلا ما يرضي ربنا،وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون،ماتت خديجة زوجته وامرأتُه الرشيدة،العاقلة الحازمة المرباة في بيت النبوة،التي كانت تؤيده وتنصره، ماتت وقت الأزمات،ماتت في العصرِ المكي يوم تألبت عليه الجاهلية،وقد كانت رضي اللهُ عنها

ساعدَه الأيمن،يشتكي إليها من كثرةِ الأعداء،ومن الخوفِ على نفسِه فتقول،كلا والله لا يخزيك الله أبداً،إنك لتصلُ الرحم، وتحمل الكل،

وتعين الملهوف،وتطعم الضيف،كلا والله لا يخزيك اللهُ أبداً، فتموت في عام الحزن فيكون من أصبر الناس لأن اللهَ يقول

له،فاصبر صبراً جميلاً،تجمع عليه كفار مكة،أقاربه وأعمامُه، نصبوا له كمينا ليقتلوه ويغتالوه، فدخل داره، وأتى خمسونَ من

شباب قريش، كلُ شابٍ معَه سيف يقطر دماً وحقداً وحسداً وموتاً، فلما طوقوا داره كان من أصبر الناس،خرج من الدار وهم في نعاس

وسبات فحثا على رؤوسِهم التراب لأن الله يقول له،فاصبر صبراً جَمِيلاً،ولما حثا الترابَ على رؤوسِهم كانوا نياما قد تساقطت سيوفُهم

من أياديهم،والرسول يتلو عليهم(وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)فلما دخل الغار مع أبي بكر،

قالُ أبو بكر،يا رسول الله واللهِ لو نظرَ أحدُهم إلى موطني قدمه لرآنا،فيتبسم،الواثق بنصر اللهِ ويقول،يا أبا بكر،ما ظنك باثنين اللهُ

ثالثهما،ويقول،لا تحزن إن اللّه معنا،ويقترب سراقة ويدع عليه المصطفى فتسيخ أقدام فرسه ويسقط، فيقوم ويركب ويقترب فيدع

عليه المصطفى فيسقط،ثم يقولُ،يا رسول الله أعطني الأمان،الآن هو يطلب الأمان وأن يحقن
المصطفى دمه، وهو بسيفٍ والمصطفى

بلا سيف،فيعطيه المصطفى أمانه،يصل إلى المدينة، ويشاركُ في معركة بدر،فيجوع حتى يجعل الحجر على بطنه،يا أهل الموائد

الشهية،يا أهل التخم والمرطبات، والمشهيات والملابس، رسول الإنسانية، وأستاذ البشرية يجوع حتى ما يجد دقل التمرِ وحشف

التمر،فصبر صبراً جمِيلاً،تموت بناته الثلاث هذه تلو الأخرى، تمت الأولى فيغسلها ويكفنها ويدفنها ويعود من المقبرة وهو يتبسم،وبعد

أيام تموت الثانية فيغسلها ويكفنها ويدفنها ويعود من المقبرة وهو يتبسم،تموت الثالثة فيغسلها ويكفنها ويدفنها ويعود من المقبرة وهو

يتبسم،فاصبر صبراً جميلاً،يشارك في معركة أحد، فيهزم أصحابه، ويقتل من قرابتِه ومن سادة أصحابه، ومن خيار مقربيه سبعون

رجلا أولهم حمزة رضي اللهُ عنه، عمُه سيفُه الذي بيمينه،أسد اللهِ في أرضِه،سيد الشهداء في الجنة، ثم يقفُ على القتلى،وينظر إلى

حمزة وهو مقتول مقطع، وينظر إلى سعد أبن الربيع وهو ممزق،وأنس ابن النظر وغيرهم من أولئك النفر فتدمع عيناه، وتسيل

دموعه الحارة على لحيتِه الشريفة،ولكن يتبسم لأن الله قال له،فاصبر صبراً جميلاً،أي صبرٍ هذا،إنها واللهِ دروسُ لو وعتَها الأمم لكانت

شعوباً من الخير والعدلِ والسلام، يمرُ عليه في بيته ثلاثةُ أيام وأربعة فلا يجد ما يشبع بطنه،لا يجد التمر، لا يجد اللبن،لا يجد

خبز الشعير،وهو راضٍ برزق الله وبنعيم الله،ينام على الحصير،ويؤثر الحصير في جنبه، وينام على التراب في شدة البرد، ولا يجد

غطاءً،بيته من طين،إذا مد يده بلغت السقف،وإذا اضطجع فرأسه في جدار وقدميه في جدار لأنها دنيا فانيه،فرعون على منبرِ الذهب،

وفي إيوان الفضة، ويلبس الحرير،وكسرى في عمالةِ الديباج، وفي متاع الدرر والجواهر، ومحمدُ على التراب،أتى جبريلُ بمفاتيح

خزائن الدنيا وسلمها إلى المصطفى،وقال له،أتريد أن يحول الله لك جبال الدنيا ذهباً وفضة،فقال لا، بل أشبع يوماً وأجوع يوماً حتى

ألقى الله،حضرته الوفاة،فقالوا له،أتريد الحياة، أتريدُ أن تبقى،قال لا بل الرفيقِ الأعلى، بل الرفيقِ الأعلى،أي عظمةٍ هذه العظمة.

Radnes
29-04-2013, 10:42 AM
جزاج الله كل خيير

امـ حمد
29-04-2013, 04:06 PM
جزاج الله كل خيير

بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس