تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء



امـ حمد
29-04-2013, 05:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى أبو داود عن أبي أمامة،رضي الله عنه،أن رسول الله،صلى الله عليه وسلم،قال(أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا،وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً،وببيت في أعلى الجنة لمن

حسَّن خلُقَه)رواه أبو داود،وحسنه الالبانى،وقد اشتمل هذا الحديث،على أصول الأدب،وجوامع حسن الخلق،وكيفية التعامل مع الناس،وقرن فيه النبي صلى الله عليه وسلم،الجزاء والأجر لمن عمل بما جاء فيه،حيث تكفّل نبينا،صلى

الله عليه وسلم،في هذا الحديث بثلاثة بيوت في الجنة،البيت الأول،في ربض الجنة،أي،أسفل الجنة،لمن ترك المراء وإن كان على حق،البيت الثاني،في وسط الجنة،لمن ترك الكذب في كل موضع لا يجوز فيه، وإن كان مازحاً،وهذا

الأمر مما يخالف فيه كثيرٌ من الناس حيث يسمحون لأنفسهم بالكذب،ويعللون ذلك بأنهم مازحون،البيت الثالث،في أعلى الجنة،لمن حسَّن خُلُقَه،أي سعى في تحسين أخلاقه،وابتعد عن كل ما يدنسها ويفسدها،وترك جميع ما يخالف

فطرة الله التي فطر الناس عليها،وما رواه أحمد من حديث أبي هريرة،رضي الله عنه،أن رسول الله،صلى الله عليه وسلم،قال(لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاح،ويترك المراء وإن كان صادقاً)وما رواه

الترمذي عن ابن عباس،رضي الله عنهما،أنه قال،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(لا تمار أخاك)وفي هذه الأحاديث ونحوها يحذر النبي صلى الله عليه وسلم،من جميع الأمور التي لا تناسب المسلم ولا يصلح أن تكون من

أخلاقه،والمراء،والمقصود به في اللغة،استخراج غضب المجادل،وحقيقة المراء المنهي عنه،طعن الإنسان في كلام غيره،لإظهار خلله واضطرابه،لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار مزيته عليه،وإن كان المماري على حق،وإنه

لا يجوز له أن يسلك هذا السبيل،لأنه لا يقصد من ورائه إلا تحقير غيره والانتصار عليه،ومن ذلك ما قاله ابن الجوزي(حسن القصد في إظهار الحق طلباً لما عند الله تعالى،فإن آنس من نفسه الحيد عن الغرض الصحيح فليكفّها

بجهده،فإن ملكها،وإلا فليترك المناظرة في ذلك المجلس، وليتق السباب والمنافرة فإنهما يضعان القدر،ويكسبان الوزر،وإن زل خصمه فليوقفه على زلـله،غير مخجل له بالتشنيع عليه،فإن أصر أمسك إلا أن يكون ذلك الزلل مما

يحاذر استقراره عند السامعين، فينبههم على الصواب فيه بألطف الوجوه جمعاً بين المصلحتين)ومن الأدلة عليه قوله تعالى(وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)النحل،وقوله(قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)البقرة،وأما الجدال الذي

يكون على وجه الغلبة والخصومة والانتصار للنفس،ونحو ذلك فهو منهي عنه،كقوله،صلى الله عليه وسلم،الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجة(ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل)أخرجه الترمذي،وابن ماجة،ثم

تلا قوله تعالى(مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)وكلاهما محرم وبهذا يتضح الفرق بين المراء والجدال،وأن المراء منهي عنه ومذموم على كل حال،لأنه لا يقصد منه تبيين الحق، وإنما يقصد به الانتصار على

الآخرين وتحقيرهم وإذلالهم،أما الجدال فله حالتان،الأولى،الجدال المحمود،وهو الذي يكون لتبيين الحق وإظهاره، ودحض الباطل وإسقاطه،وهو الذي أمرت به الأدلة الشرعية،وفعله العلماء قديماً وحديثاً،والثانية،الجدال المذموم،

وهو الذي يقصد به الغلبة والانتصار للنفس ونحو ذلك،وهو الذي تحمل عليه الأدلة الشرعية الناهية عن الجدال، ويكون الجدال هنا كالمراء،وكلاهما محرم،ويمكن للإنسان أن يعرف أن الشخص يماري أو يجادل من خلال

طريقته في الكلام، وموقفه مما يُعرض عليه من الأدلة والحجج،فالذي يجادل من أجل بيان الحق،يقبل الأدلة الصحيحة ويعمل بمقتضاها،إلا إذا كان عنده ما يعارضها مما هو أقوى منها،ولذلك فإنك تجد كثيراً ممن يجادلون

بالحق يرجعون عن أقوالهم،إذا تبين لهم خطؤها ويأخذون بقول الآخرين،لأن هدفهم الوصول إلى الحق لا الانتصار للنفس،أما الذي يماري فتجده يصر على رأيه من غير دليل،ولا يقبل من الأدلة إلا ما يوافق رأيه،ولذا فإنه يتكلف

في رد الأدلة وتأويلها وصرفها عن دلالاتها ونحو ذلك مما يدل على أنه لا يريد الحق،وإنما يقصد الانتصار لنفسه وتحقير غيره،أما عن الكذب فالمؤمن الصادق لا يكذب،ولكن قد يكذب لنقص وضعف إيـمانه، فالواجب على كل

مؤمن أن يحذر الكذب،وينبغي أن يتحرى الصدق،يقول الله جل وعلا(هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ)سورة المائدة،ولقد قرن الله تعالى الكذب بعبادة الأوثان فقال تعالى(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ

الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)الحج،فهل بعد ذلك سبيل إلى أن يتخذ المؤمن الكذب مطية لسلوكه أو منهجاً لحياته،احذروا من الكذب في عبادة الله لا تعبدوا الله رياء وسمعة وخداعاً ونفاقاً،واحذروا من الكذب في اتباع

رسول الله،لا تبتدعوا في شريعته ولا تخالفوه في هديه، واحذروا من الكذب مع الناس،لا تخبروهم بخلاف الواقع ولا تعاملوهم بخلاف الحقيقة، إن المؤمن لا يمكن أن يكذب،لأن الكذب من خصال المنافقين،قال تعالى(فِي قُلُوبِهِم

مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)البقرة،إن المؤمن لا يمكن أن يكذب لأنه يؤمن بآيات الله وبرسوله يؤمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم(إن الصدق يهدي إلى البر,وإن البر يهدي إلى الجنة,وإن الرجل

ليصدق حتى يُكتبَ عند الله صديقاً,وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار,وإن الرجل ليكذب حتى يُكتَب عند الله كذاباً)عن ابن مسعود،قال،ما أقبح غاية الكذب،الكذب يفضي إلى الفجور وهو الميل والانحراف

عن الصراط السوي،حديث النبي صلى الله عليه وسلم(آية المنافق ثلاث،إذا حدَّث كذب,وإذا وعَد أخلف ,وإذا اؤتُمن خان)عن أبي هريرة،وزاد مسلم(وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)والكذب حرام وإن لم يكن فيه أكل لمال

الغير بالباطل، ولكنه إذا تضمن أكل مال بالباطل كان أعظم جرما وأشد عقوبة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص،أن النبي صلى الله عليه وسلم،عد الكبائر وفيها اليمين الغموس قيل ما اليمين الغموس،قال(التي يقتطع بها

مال امرئ مسلم هو فيها كاذب)رواه مسلم،الكذب ليُضحك القوم،إن بعض الناس يكذب ليضحك به القوم فيألف ذلك لما يرى من ضحك الناس ويستمر على عمله فيهون عليه وقد جاء في الحديث(ويل للذي يحدث فيكذب

ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له)أخرجه الثلاثة وإسناده قوي،فالواجب تحري الصدق والحذر من الكذب أينما كان إلا في الأوجه التي يجوز فيها الكذب، تقول أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قال،النبي صلى الله عليه وسلم

(يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث،في الحرب،والإصلاح بين الناس،وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها)ما يُباح من الكذب حديث النبي صلى الله عليه وسلم(ليس الكذاب الذي يُصلح بين الناس فَيُنمي خيراً أو

يقول خيراً)عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت،قال رسول اللّه صلى اللَه عليه وسلم(لا يحل الكذب إِلا في ثلاث،يحدث الرجل امرأته ليرضيها،والكذب في الحرب،والكذب ليصلح بينَ الناس)والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.

الحسيمqtr
18-10-2013, 06:54 AM
جزاك الله خير

امـ حمد
18-10-2013, 06:56 AM
جزاك الله خير

وجزاك ربي جنة الفردوس اخوي