المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بشائر هزيمة امريكا بقلم د.عبدالعزيز بن مصطفى كامل



كلشن كوف
18-07-2006, 09:16 PM
بشائر الهزيمة الأمريكية
وتحديات ما بعد أمريكا
د.عبدالعزيز بن مصطفى كامل

في الحياة من حولنا، وفي المستجدات التي تمور بها الدنيا أمامنا،نرى آيات وآيات، تكون قبل وقوعها شبيهة بالمستحيلات، وتبدو بعد حدوثها قريبة من وقوع المعجزات، ولكن إلفَ الإنسان للشيء الباهر بعد وقوعه يقلل من الانبهار به،ويحدُّ من وقع الشعور بأن المعجزة معجزة والآية آية، حتى تبدو الأمور التي كانت بالأمس أشبه بالخوارق، أموراً عادية، بل ربما تجد من يجادل في عظمتها وفي جليل دلالتها.
خذ مثلاً أصناف وأشكال المخترعات التي تموج بها الحياة في عصرنا.. إنها كانت قبل قرن واحد، أو عدة عقود، من الأحلام والأوهام التي ربما رُمي من زعم قدرة البشر على صنعها بالخرافة والدّجل، فلما وُجدت ورآها الناس وعايشوها خرجت عن وصف الإعجاز الخيالي إلى الإنجاز الاعتيادي، فالإنسان المعاصر صار يهيم في الهواء،ويطير على سطح الماء، ويتنقل صوته وصورته عبر الفضاء، وربما نسي هذا الإنسان أن يسبِّح اسم ربه الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى، والذي علم الإنسان ما لم يعلم.
قسْ على ذلك المستجدات الحادثة على خريطة التاريخ المعاصر، وقارنْها بماكان عليه الحال، لا نقول قبل قرون، بل قبل عقود.. لا بل قبل سنين، ترَ عجباً!

* فمن كان يصدق أن تشهد السنون القلائل الماضية، عودةالاستعمار واستهداف العالم الإسلامي بغارات جديدة، تستهدف صراحةً أوطان المسلمين في عصر شعارات التعايش السلمي، والتفاهم الأممي والمنظمات الدولية المصنوعة من أجل (السلام العالمي)؟

* من كان يتخيل أن تبدأ الجولة الاستعمارية الجديدة من الشرق، باجتياح الروس لأفغانستان، ليتّحدالعالم الإسلامي بعدها ـ بلا قيادة واحدة ـ ضد الاتحاد السوفييتي حتى تكون ثمرة هذاالاتحاد الإسلامي إسقاط الاتحاد الإلحادي، الذي يُعدّ الكيان الأكبر في التاريخ الذي قام على فكرة إنكار وجود إله للكون؟!
? ومن كان يظن أن تتزامن مع هذه الملحمة نهضة وصحوة إسلامية عالمية، ظلّت تتزايد وتتفاعل حتى أصبحت بالفعل تجديداًجديداً على رأس مئة عام، تصديقاً لخبر المعصوم #؟

* ومن كان يتصور أن دولة اليهود التي حازت ترسانات السلاح من كل نوع، تعجز عن قهر فتيةفلسطين شبه العزّل، بعد أن هزم اليهود في حروب ثلاثة متوالية جيوش العرب مجتمعة؟

* ومن كان يخمِّن أن يبدأ مع ذلك مسلسل سقوط الأصنام القـومية، والزعـامـات الثورية والدمى العلمانية، شرقية كانت أو غربية، لتسلِّم الأمة قيادها من جديد لقادة غير متوّجين من الإسلاميين، في مجال الفكر والفقه،والنظر السياسي والتنظير الإستراتيجي والعسكري في كل ميادين المجابهة الكبيرة التي تولى العلمانيون عنها يوم الزحف؟

* ومن كان يحدث نفسه، أن يأتي الدور بهذه السرعة على القطب الثاني الذي أصبح قطباً وحيداً في قيادةالعالم (أمريكا) لتدخل هي الأخرى في ركب الدول الاستعمارية بعدما ظن الناس أن عهودالاستعمار قد ولّت إلى غير رجعة، وليتحول (النظام الدولي الجديد) الذي دعا إليه بوش الأب، إلى استعمار عالمي جديد في عهد بوش الابن، ولتدخل الدنيا مع مجيئه بوتيرةمتسارعة إلى مقدمات صراع الحضارات الذي يريدون له أن يفضي إلى نهاية التاريخ!

* إن في ذلك لآية:

أطلْـتُ ـ نـوعاً ما ـفيما سبق ـ في التعريج على الذكريات أو التذكيرات ؛ لأنبِّه إلى أننا نمرُّ بحدث جلل، وكائنة عظيمة، أخشى أن تذهب كثرة الإمساس فيها بالإحساس بها، والتهيؤ لتبعاتها، ألا وهي: الهزيمة الجسمية التي بدأت تلوح بوادرها في الأفق القريب لأعتى قوة في التاريخ، مدعومة بتحالف دولي، وتواطؤ عالمي، حيث تجيء مقدمات تلك الهزيمة ـويا للعجب! ـ على يد أناس لا يجمع بينهم ـ بعد الإسلام ـ إلا الحصار والإفقاروالمطاردة والاستضعاف، في أرض طال أسرها في سجن البعث لتخرج منه إلى فضاء الفوضى بلا جيش ولا شرطة ولا سلطة.
كل الشواهد تدل على أن الولايات المتحدة مقبلة علىالإدبار من العراق تجللها الفضيحة والعار، في هزيمة مركبة، وتحوُّلٍ حضاري عسكري،من شأنه أن يغير مجرى تاريخ العالم.

لقد تحدث العالم كثيراً عن تورط الولايات المتحدة في حرب «فيتنام»، وكيف أن شعب ذلك البلد الصغير الفقير، استطاع أن يجبر ثاني قوة في العالم على الانسحاب تحت وقع ضرباته ولسعاته. وقد سجلت الشعوب بطولات هذا الشعب الثائر ـ رغم وثنيته وشيوعيته ـ لا لشيء، إلا لأنه لم يخنع ولم يخضع، بل هبَّ لردِّ العدوان وصد الغارة، وعُدّ هذا في وقته من الكفاح المشروع الذي تكتلت بسببه قوى عالمية وإقليمية للوقوف مع المعتدى عليه ضد المعتدين، فالفيتاميونـ بخلاف العراقيين ـ كانت لهم حكومة معترف بها وثوار يدعمونها، ومعسكر شرقي كامل يقف خلفها يضم الاتحاد السوفييتي والصين والدول الشيوعية.
لكن انظر إلى العراق اليوم: ما هو ذلك المعسكر الدولي الذي يقف مع المقاومين فيه..؟! من هي تلك الكتلةالشرقية أو الغربية أو التحالف الذي يرمي بثقله معهم..؟! من هي تلك المنظمات الدولية التي تنصفهم أو العربية التي تنصرهم؟ وما حجم الهيئات أو التجمعات أو حتى الجماعات الإسلامية التي تقف معهم، ولا تقف ضدهم..؟!
إن المقاومين في العراق ـومنذ بدأ العدوان ـ بدؤوا وحدهم يقاتلون باسم الله من كفر بالله واعتدى على خلق الله، فلم يجـدوا نصيـراً أو معيناً سوى الله، ثم بعض الشرائح القليلة فــي الأمـة،ومـع هـذا.. نـرى الأعـداء المتجـبريـن يتـورطـون ثم يرتبكون ثم يتراجعون.. وها هم اليوم يتنادون بحتمية الخروج، ويتقاذفون التهم في التسبب بتلك الورطة الكبرى!!

إن هذا ـ وأيم اللهِ ـ آية من الآيات، تزيد أهل الإيمان إيماناً بموعودالله الذي قال: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِاللَّهِ} [البقرة: 249]، نعـم! إن الفـئة القلـيلة التـي لا يـزيـد عـددهـا عـن بضـعة عشـرات مـن الآلاف فـي مواجـهة مـئـة وسـتـين ألـفاً مـن الأمريكيين مع من معهم من الحلفاء، ونحو مئة ألف من العراقيين المنهزمين الذين يلتحقون بالجيـش أوالشـرطة التـي ركبـها ودرّبها وخطط لها المحتل على عينه ولأجل مصـلحته، كل هـؤلاءفـي مـواجهة نُـزَّاغ مفـرقين، بلا صولة ولا دولة، ولا كيان سياسي ولا جيـش عسكري ولا مصدر اقتصادي... واللهِ {إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} [النحل: 13].

ونحن نقول: إذا قدَّر الله للكيان القاهر (أمريكا) أن يُقهَر على أيدي المستضعفين من المؤمنين، فستكون هذه هي المرة الثانية في أقل من عقد ونصف، التي يرى العالم فيهاخيرية أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأي العين، بعد أن يكون الله ـ تعالى ـ قدجعل على أيديها إذلال أكبر قوتين في التاريخ المعاصر، وهما:
الاتحاد السوفييتي والاتحاد الأمريكي، دون أن يكون لأمتنا أي اتحاد، ليكون ذلك آية للمؤمنين، وليكون تجديداً لعهد الفخار والاقتدار الذي أسقط فيه المسلمون الأوائل إمبراطوريتي الفرس والروم في أقل من خمسة وعشرين عاماً، ليصدق بهذا قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «مثل أمتي مثل المطر، لا يُدرَى أوله خير أم آخره»(1).

ولكن دون ذلك وقبل اكتماله تضحيات وتحديات، فلم يكن انتصار المؤمنين يوماً بلا مقابل، ولم يكن اندحارالكافرين بلا ثمن باهظ من الدماء والأشلاء وجيش جرّار من الأسرى والسجناء والشهداء،ولكن مع الفارق العظيم بين من يضحون لأجل الله، ومن يصدون عن سبيل الله ويصبحون ويمسون في حرب مع الله ومع أولياء الله: {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ} [النساء: 104].
وابتغاء القوم، وتتبع مكائدهم،والوقوف في وجه طوفانهم، لم يكـن بالأمـر السـهل أو اليـسير التـكاليف، فلنـكن على ذكر ـ حتى لا ننسى ـ كيف سار المجاهدون في مشوار (ابتغاء القـوم) دون وهـن، رغـمالألـم والتنكيل والتخذيل، حتى قام من وسط ركام الهزيمة أولئك القوم الذين يردون اليوم الهزيمة على من أراد أن يلحقها بعموم المسلمين.

*أمريكا: نصر رخيص... وهزيمة باهظة:

بات معلوماً للعالم أن إزاحة صدام حسين لم تكن سبباً وحيداًفي فكرة غزو العراق، بدليل أن الأمريكيين لم يصبهم ضرره قبل الحرب، ولم يؤرقهم خطره بعدها، وأصبح واضحاً أن أسلحة الدمار الشامل (المزعومة) التي فُرض لأجلها الحصارالشامل على العراق لأكثر من عقد كامل، لم تكن هي الأخرى سبباً حقيقياً لتلك الحرب،وظهر أيضاً أن أحداث سبتمبر، وما ادعي بعدها من تواطؤ صدام مع القاعدة، كان مجردهراء، بدليل أن قرار الغزو قد اتخذ قبل تلك الأحداث كما قال ذلك «فويزلي كلارك»المرشح الديمقراطي السابق للرئـاسة الأمريكية في كتاب (النصر في الحروب الحديثة)،وقد كان «كلارك» قائداً عاماً لقوات الحلف الأطلسي الذي تسيطر عليه أمريكا. ويدلأيضاً على أن قرار الغزو قد اتخذ قبلأحداث سبتمبر تصريحات وزير الخزانة الأمريكيالأسبق (بول أونيل) الذي قال في كتابه (ثمن الولاء): إن قرار الغزو اتخذته الإدارةالأمريكية قبل ضربات القاعدة، وهو ما يذكر أيضاً بالتقارير المتعددة التي أشارت إلىأن قرار ضرب أفغانستـان قـد اتخذ قـبل هـذه الضـربات، بـل حـدث فعـلـياً أن استهدفتبصواريخ كروز في نهايات عهد «بيل كلينتون».
وقد تبين أن للغزو أهدافاً أخرى، لمتكن خافية على المراقبين والمهتمين، وعلى رأسها ضم النفط المخزون في العراق إلىجانب النفط في قزوين بالقرب من أفغانستان، إلى نفط الخليج، ريثما يتم بطريقة أوبأخرى الاستيلاء على مخزون نفط إيران، إضافة إلى هدف رئيس آخر وراء الغزو وهو تأمينمستقبل (إسرائيل) أو بالأحرى (نصف إسرائيل) من تهديدات على شاكلة توعدات صدام لهابالحرق عندما قال: «سأحرق نصف إسرائيل»! ومن تهديداته بتحرير القدس، عندما أعدلتحريرها كما أشيع جيشاً باسمها يبلغ قوامه نصف مليون متطوع!
أما الهدف الأبعدمن وراء ذلك فهو ما تواتر عن عزم الإدارة الأمريكية الجديدة ذات القيادة المزدوجةمن الإنجيليين النصارى والمحافظين اليهود الجدد، على البدء الفعلي في تنفيذ مشروعبوش الأب عن (إمبراطورية القرن الحادي والعشرين) الذي اختاروا الشرق الأوسط ليكونساحة ابتدائية لتنفيذه، واختاروا العراق ليكون نقطة انطلاق للوصول إليه، فيصبح ذلكالمشروع الإمبراطوري على هذا هو الهدف الرئيسي الجامع في داخله لكل الأهداف الفرعيةوالجزئية.

كلشن كوف
18-07-2006, 09:18 PM
ومشروع بهذه الضخامة والجسامة، كان يستحق أن تحشد الولايات المتحدةلأجله الحشود، وترصد الميزانيات، وتستنفر الحلفاء، حتى تكشف أنها أنفقت للاستعدادللغزو قبل أن يبدأ أربعمائة وخمسين مليار دولار.
وكتم العالم أنفاسه بانتظار أنينتحر مغول العصر على أبواب بغداد ـ كما توعد صدام ـ ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث،وتسـببت عملـيات (الصـدمة والترويع) التي بدأت بها الحرب في إصابة العالم الإسلاميكله ـ لا العراق فحسب ـ بالصدمة والترويع، وجعلت الأنظمة والحكومات ـ بل الشعوب ـتتحسس الأرض من تحتها، وتتحسب للدور الآتي عليها، بعد أن أنجز الأمريكيون نصراًخاطفاً في حرب سريعة ضد ما كان يشكِّل أقوى قوة عربية في المنطقة، استطاعت أن تذلكبرياء زعماء الثورة «الإسلامية» الإيرانية التي كانت تستعد للوثوب على دول الجوار!

وانفتحت شهية الأمريكيين،وانطلقوا مسارعين إلى تأمين الفريسة وإعدادها كوجبة شهية تتبعها وجبات، وإنجازٍسهلٍ يقود إلى إنجازات، وتتابعت الخطوات:

* فور احتلال بغدادأصدر الأمريكيون المحتلون قرارات بتفكيك كل أجهزة الدولة العراقية البعثية، من جيشوشرطة ووزارات واستخبارات.

* شرعوا في تكوينأجهزة بديلة عميلة عبر مراحل متعددة، كان أولها الإعلان عن إنشاء مجلس الحكمالانتقالي برئاسة اليهودي الأمريكي (جاي جارنر)، ثم خلفه الاستخباراتي العريق (بولبريمر) الذي عمل على اجتذاب كل العناصر المأجورة ليشكل بها وضعاً جديداً.

* أُعلن عن تشكيل مجلس للوزراء دون وزارات، بحيث يُختارالأشخاص أولاً، لينشئ كل وزير وزارته بالتعاون مع مستشار أمريكي، هو الوزير الحقيقيالذي يؤسس سياسات الاحتلال في «وزارة التحرير»!

* نظراً لأهمية تأمين هذا المشروع التآمري الوليد، كان لا بد من إنشاء جهاز شرطةعميل، يسهر على أمن الأمريكيين مضحياً بمستقبل العراق وأهله.

* تزامن مع ذلك سعي آخر لإنشاء جيش جديد، قوامه مئتا ألفجندي، لا لحماية الثغور والدفاع عن الحدود من الخارج؛ بل لتنفيذ العمليات المشتركةمع الأمريكيين ضد المقاومة في الداخل.

* ولإضفاء الشرعيةعلى هذه التمثيلية، أعلن الاحتلال تشـكيل لجـنة «قـانونـية» لصيـاغة دسـتور عراقيجديد، وضـع أسسـه وفـق التـصور الأمريـكي، اليهـودي العراقي (نوح فيلدمان) ذوالجنسية الإسرائيلية الأمريكية المشتركة ليضمن هذا الدستور ألا يكون العراق إسلامياً.. لا ولا عربياً، بل عراق عراك طائفي، ونزاع مذهبي يضمن بقاء بنائه هشّاًومفتقراً للاحتلال، ومهيّأ لأعاصير «الفوضى الخلاَّقة» التي تريد أمريكا اللعب عليها.

* ثم عُين الرافضي العلماني الجاسوس، الجامع بين تلك الظلمات الثلاث «إياد علاوي»؛ ليكون أول رئيس لمجلس وزراء معيَّن من قِبَل الاحتلال، ثم عُين (غازي الياور)؛ ليكون أول رئيس للعراق «المستقل» في ظل الاحتلال!

* مع الوقت شرعالاحتلال في تجسيد التقسيم الطائفي، فأعلن عن تنظيم انتخابات على أسس طائفية، اضطرمعها السُّنة أن يقاطعوا الانتخابات، لتكون النتيجة تشكيل وزارة جديدة، غالبيتها من الشيعة المشايعين للأمريكيين والرافضين لأي تعاون إلا معهم أو مع إيران.
وفي ظل هذه القفزات المتسارعة لتثبيت الاحتلال بدعوى الاستـقلال، وجـد العراقيـون الشرفاءأن العدو ليس واحداً، بل هم مجموع من متحالف من الألداء، ومع أن مقاومة هذاالأخـطبوط بدأت مبكـرةً في أسـرع إفـاقة بعد أكـبر مصـيبة، إلا أن المجــاهدينالمقـاومين بـدت أمـامهم تحديات وعقبات كان لا بد من مواجهتها جميعاً؛ لأن إهمالشيء منها سيعني إخفاق المشروع المقاوم برمّته.

لقد وجدوا أنفسهم أمام واجب مركَّب، يحوي داخله العديدمن الواجبات التي لن ينتدب أحد لحلِّها، ما لم يقفوا هم بأنفسهم لأجلها، متوكلينمحتسبين، فأمامهم قوى الاحتلال الذي قال قادته: إنهم جاؤوا ليبقوا، وضمن ذلك تحدياتكبيرة:

منها: الإصرار علىمحاولات إضفاء الشرعية على هذا الاحتلال من خلال حكومات عميلة تتكلم باسمالعراقيين، وتتصرف لمصالح أجنبية أو شخصية أو طائفية.
ومنها: جهود إسباغالشرعية عربياً وإسلامياً على حكومة الاحتلال عبر إقامة العلاقات وإنشاء السفارات.
ومنها: شبح التقسيم الذي وضعت بذوره في ثنايا الدستور الذي أصرت أمريكاوعملاؤها على تمريره.
ومنها: إشكالية التنسيق بين الخطط العسكرية والمشاريعالسياسية، والتصدي لمحاولة الاحتلال وعزل كل منهما عن الآخر.
ومنها: إيجادمواطئ أقدام ونقاط ارتكاز تنطلق منها المقاومة وتفيء إليها، مع ما يحتاجه ذلك منجهود مطلوبة لإدارة هذه النقاط أو المناطق التي يمكن السيطرة عليها.

وقدجابهت المقاومة هذه التحديات بتحركات، تطورت عبر مراحل، سلمت كل منها إلى الأخرى،فبدأت بُعيد الغزو بمناوشة المحتلين؛ لتكوين الخبرات وتنشئة العناصر القادرة علىالمواجهة، ثم بدأت بتنظيم هجومات تكتيكية ضمن حالة الدفع العام للصائل المعتدي،ورتبت بعدها للانتقال إلى خطة الهجوم الإستراتيجي الذي يحوّل الخصم إلى موقعالدفاع، ثم جرى العمل وفق سياسة استنزاف العدو وإفقاده القدرة على الدفاع، لينتقلالمجاهدون بعد ذلك إلى تكثيف المطاردة والإنهاك؛ لحرمان المعتدي مستقبلاً من الظهوربمظهر المنتصر، أو حتى المنسحب انسحاباً آمناً، أما المتعاونون مع الأعداء فقداعتمد المجاهدون سياسة إفقادهم التوازن، ببثِّ الخوف في أوساط كل من يتعاون معالأمريكيين في الداخل، مع إرباك مخططات إسباغ الشرعية من الخارج، وفوق كل هذا نجحالمجاهدون في نقل جزء من المعركة إلى الداخل الأمريكي، عن طريق اتِّباع سياسةإعلامية تركز على إعادة تصدير إستراتيجية «الصدمة والترويع» ـ التي عانى منها الشعبالعراقي في أول الحرب ـ إلى الشعب الأمريكي نفسه، وذلك بإصدار البيانات وبثّالأفلام الحية عن العمليات الناجحة، وهو ما أوجد انقساماً في الرأي العام الأمريكيتجاه جدوى الحرب، سرعان ما تحول إلى شقاق حول مشروعية تلك الحرب ومسوّغاتها.
ومع هـذا النجاح في تشكيك الأمريكيين في قدراتهم وقوتهم، ظـهـرت أيضاً بوادرتفـكـيك التحالف الـدولـي المتـعاون مـع الأمـريـكيين، بإجـبار العـديـد من الدولعلى سحب قواتها أو الشروع في ذلك، فحتى الآن؛ انسحبت أكثر من 15 دولة من التحالف،وأعلنت كلٌّ من إيطاليا وبولندا وهندوراس وغيرها عن نيتها على الانسحاب، وهو ماتسبب في ردع دول أخرى كانت ترتب لإرسال قوات مساعدة.
ليس معنى ما ذكرناه عنإنجازات المقاومة أن يُظن أن أهل السنة في العراق يملكون قدرات خارقة، أو إمكاناتخرافية، بل على العكس، فسقوط النظام البعثي جعل الطائفة السنية في العراق هي الأكثرتضرراً، بفعل الأحقاد الطائفية الرافضية من جهة، والعنصرية العلمانية الكردية منجهة أخرى، والاستغلال الأمريكي لهذين الطرفين الكارهين من جهة ثالثة، إضافة إلى أنحلّ مؤسسات الدولة كان في غير مصلحة السنة الذين كانوا يمثلون ـ كطائفة ـ غالبيةالحكومة العراقية، وهذه الأسباب مجتمعة دفعت المقاومة إلى العمل السري، فكان هذاعاملاً إضـافياً فـي صعـوبة مهمـتهم، والمقـصود هـنا أن هـذه المقاومة عمـلت فـيظـروف استـثنائية غيـر طبيـعية، ومـع هـذا أحرزت ـ بفضل الله ـ نجاحات قياسية فيحجمها وفي وقتها وفي أثرها القريب والبعيد، فحقاً إن في ذلك لآية.

* إن المقاومة ـ مع هذا ـ ليست كياناً واحداً، ولا حتىفصائل متحدة ذات سياسات واحدة واجتهادات واحدة في كل الأحوال، فهي وإن كان قوامهاأهل الدين والالتزام من العراقيين الذين أحيا الله فيهم روحاً جديدة بعد الغزو، إلاأن فيهم فئات من الجيش العراقي المنحل وكذا رجال من الاستخبارات السابقة وأبناءالعشائر، وبعض الحزبيين البعثيين، مع بعض العناصر القومية والوطنية المستقلة، إضافةإلى شريحة ليست بالهينة من العرب القادمين من خارج العراق؛ فكيف تناسق أداء هذاالفريق المتنوع ليوصل إلى هذه النتائج المبهرة في أقل من ثلاث سنوات، بل كيف انبعثبعد كابوس البعث عشرات الآلاف من الأحرار المجاهدين، بعد أن كنا لا نسمع خلال سنيصدام عن صوت معارض أو رمز مجاهد.
لقد تكاثَرَ الحديث في الآونة الأخيرة عنحتمية الانسحاب الأمريكي من العراق، وعندما يذكر «الانسحاب» فلا بد أن يُعلم أن هذاهو مجرد تلطيف في العبارة لحقيقة الاعتراف بالهزيمة، سواء كان هذا الانسحاب آجلاًأو عاجلاً؛ لأن خطة الغزو أصلاً كانت موضوعة لبقاء دائم في العراق، وهو ما كشفت عنهصحيفة الجمهورية التركية في أوائل عام (2004م)، حيث ذكرت أن الولايات المتحدة بنتسبع قواعد عسكرية دائمة في العراق لوجود دائم.

*أبعادالهزيمة: شواهد ومشاهد:

هناك عدد من الملامح المتفرقة، تصنع بمجموعها الصورة الكاملةلما وصل إليه الوضع في العراق، على المستوى القريب والمتوسط، ومن أبرزها:

* المستوى الذي وصل إليه حجم الخسائر البشرية الأمريكيةفي الحرب، وهو الأمر الذي يجيء في مقدمة الأسباب التي تذهب بصبر الأمريكيين [1] حكومة وشعباً على الاستمرار الطويل في تلك الحرب، فالإعلام الأمريكي ـ رغم عدمدقّته وحياده في نقل الأنباء المتعلقة بالحرب في العراق ـ يبث على الشعب الأمريكيكل يوم أنباء القتلى والجرحى والمخطوفين والمفقودين والهاربين وصرعى الأمراضالبيئية والنفسية والعقلية على ساحة الصراع في العراق، وقد وصل حجم الخسائر البشريةالمعلن عنها نحو (2500) من الجنود الأمريكيين، وأصيب نحو عشرة آلاف جندي، هذا معتأكيد الملاحظة بأن الإعلام الرسمي الأمريكي لا يذكر من الضحايا إلا من يحملونالجنسية الأمريكية، دون ذكر الراغبين في الحصول عليها من المرتزقة والمتطوعين.

* الاقتصاد الأمريكي المنهك بعد أحداث سبتمبر، زادته حربالعراق إنهاكاً، بحيث لم يعد يحتمل إطالة أمد هذه الحرب، فالمقاومة كلّفت المحتلتكاليف باهظة بلغت حتى شهر سبتمبر 2005م (700) مليار دولار في أقل من ثلاث سنواتفقط، في حين أن حرب فيتنام بكاملها التي استمرت 18 سنة كلفت الاقتصاد الأمريكي (600) مليار دولار، وهذه التكاليف أثّرت سلباً على انتعاش الاقتصاد الأمريكي الذيسيصـبح العجـز فـيه مضاعفاً على امتداد السنوات العشر القادمة، بحسب توقعات مكتبالميزانية في الكونجرس في أغسطس (2005م)، وقد بلغ عجز الميزانية (442) مليار دولار،وهو مستوى قياسي ستضطر الحكومة معه إلى إلغاء الكثير من برامج التنمية المجتمعيةوالاقتصادية والإسكان.

* أما الخسارة (الحضارية) فلا يمكن أن تُقّدر بثمن، حيث تستنفد أمريكا رصيدها من شعاراتالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، كلما طارت الأنباء بفظائع الممارسات الأمريكيةفي احتلالها العراق، فإضافة إلى ما سرّبته صحيفة «لانسيت الطبية» البريطانية منذعدة شهور عن وصول عدد القتلى من المدنيين العراقيين أثناء الغزو إلى (120) ألف قتيلبخلاف العسكريين، وإضافة إلى ما سمعه العالم ورآه عن فظائع سجن «أبو غريب» والسجونالعراقية التابعة للاحتلال، وكذلك ما سبق الاحتلال من موت ما لا يقل عن مليون و نصفمن أطفال العراق بسبب الحصار الاقتصادي، فإن الفضائح لا تزال تتوالى عن «الانتصار»الأمريكي لحقوق الإنسان في العراق، حيث تواترت الأنباء عن أن الولايات المتحدةاستعملت بعد الغزو القنابل العنقودية، والأسلحة المزودة باليورانيوم والفسفورالأبيض، والقنابل الثقيلة التي تُعدّ قنابل نووية صغيرة، والأسلحة الكيماوية، وهوما يعني باختصار أن الولايات المتحدة استعملت في العراق (من أجل تحريره من صدامحسين) أسلحة الدمار الشامل، وهو أصبح يمثل كارثة على ذلك الشعب، بحيث أصبحت حالاتالإصابة بالسرطان تتفشى بشكل مخيف، وصل إلى (40) ألف حالة إصابة بسرطان الدم أوالجلد، وأكثرها بين الأطفال.

كلشن كوف
18-07-2006, 09:21 PM
* وقد أوقعت هذهالفظائع الإعلام الأمريكي في ربكة، جعلته في حيرة بين الإصرار على ما اشتهر عنه منالشفافية والحيادية؛ لتأكيد قيم الحرية وحقوق الإنسان، وبين أن يكذب ويتحرى الكذب ـعلى مذهب رامسفيلد ـ فتكون النتيجة هزيمة إعلامية أمريكية تضاف إلى الهزيمةالعسكرية والاقتصادية والحضارية!
لكن المأزق يبدو أنه أصعب مما نتصور، إلى درجةأن جورج بوش فكَّر جدياً ـ كما كشف مؤخراً ـ في محاولة قصف مقرّ قناة الجزيرة فيقطر، كعمل يائس مجنون، يحكي عمق الأزمة الإعلامية الأمريكية، وجاء لجوء وزارةالدفاع إلى إعادة تشغيل جهاز «التضليل الإعلامي» في البنتاجون بتكلفة (300) مليوندولار، تأكيداً جديداً على أن الإعلام الأمريكي أصبح غير قادر على حجب الحقيقة التيتحكي أبعاد الهزيمة.

* مع اهتزاز الأوضاعبسبب الحرب في العراق، عسكرياً واقتصادياً وإعلامياً؛ فقد كان لزاماً أن ينعكس ذلكعلى الداخل الأمريكي من الناحية الأمنية، فالإدارة الإمريكية التي استنفرت نحـومليون جنـدي أمريكي؛ لإدارة مـا تسـميه أمـريـكا «الحـرب العالمية علـى الإرهـاب»فـي العراق وأفغـانسـتان والعـديـد من القواعد في بلدان العالم، أوجدت ضغطاً أمنياًيمكن أن يتحـول إلى ضعف في مواجهة أي طارئ حادّ، وهـو ما صرح به مؤخراً وزير الأمنالأمريكي عندما قال: إن الولايات المتحدة لا تستطيع تحمّل ضربات أخرى على شاكلةأحداث سبتمبر.

* كلما ازداد التورطالأمريكي في العراق، شعر حلفاء أمريكا بأنها ستغرقهم معها في المستنقع العراقي،وهذا يعمِّق هوة خلاف الأحلاف، ويؤدي إلى تسارع وتيرة تفكيك التحالف الدولي معأمريكا، لا على مستوى العراق فحسب، بل على المسـتوى العـالمي، فـي ما يسـمى بـ«الحرب على الإرهاب»، حيث صارت عمليات الانتقام تطال حلفاء أمريكا داخل أراضيهم، لاعلى أرض العراق فحسب، كما حدث في لندن وإسبانيا وتركيا، وهو ما كان سبباً مباشراًفي انسحاب جيوش دول عديدة من التحالف، واستعداد أخرى للانسحاب.

* بل إن تخالف التحالف بدأ يسري داخل أوروبا، بل داخلالبلد الأوروبي الواحد، كما حدث في بريطانيا، عندما اتهم عمدة لندن رئيس الوزراء«توني بلير» بأنه هو السبب الحقيقي في تفجيرات لندن.

* وممايزيد في أرق الجميع ـ أمريكا وحلفائها في العراق وخارجه ـ ما تبثّه التحليلات عنتضاعف قدرات المقاومة، وزيادة إمكاناتها كمّاً وكيفاً، وهو ما ينعكس زيادة في نوعيةالعمليات وتأثيرها؛ فالتقارير تؤكد أن المقاومة ستزداد قوتها بفـعـل عـوامـلكثـيـرة، علـى عكس ما يـراهن عـليه بعـضهم من انحسارها وانكسارها، وقد ذكرت بعضالدراسات أن المقاومة ستصـل أعـدادها إلى الضعف، في الفترة الممتدة من شهر يناير (2006م)، إلى سبتمبر من العام نفسه، وهو الوقت الذي ستتهيأ فيه القوات الأمريكيةللانسحاب، وهذا ما جعل الباحث الاستراتيجي «إنتوني كوردسمان» يحدد السقف الزمـنيللوجـود العسكري الأمريكي في العراق بعام ونصف، إن لم يكن أقل!

* هذه المخاوف المستقبلية لها ما يسوغها من الوقائعالسابقة واللاحقة على أرض الصراع في العراق، فالقوات الأمريكية ومن يتحالف معها،تتعرض في العراق إلى ما يقارب (2100) عملية كل شهر، كما صرح دونالد رامسفيلد وزيرالدفـاع الأمريكي، أي: ما يعادل (70) عملية كل يوم، ينفّذها ما يقارب خمسين ألفاًمن المقاومين، منهم نحو عشرين ألفاً من المتطوعين العرب، وهو ما جعل العراق في نظرالاستخبارات الأمريكية والدولية؛ أخطر من أفغانستان أيام طالبان، لاتِّساع حدوده،وتعدد الدول المجاورة له.

* التقارير تثبت فيالمقابل ضعف أو عجز الشرطة والجيش العراقيين المكلفين بمقاومة المقاومة عن أداءمهامهما، فبحسب صحيفة «النيويورك تايمز» الصادرة في 21 يوليو 2005م، فإن (50%) منقوى الأمن العراقي، لا تزال تحت التدريب، والنسبة الباقية لا تستطيع وحدها إنجاز أيمهمة دون مساندة أمريكية.

* يراقب الأمريكيونوالأوروبيون والإسرائيليون بتوجس بالغ، تأثّر قطاعات شعبية في بلدان عربية،بانتصارات المقاومة وإنجازاتها، وهو ما قد يزيد من حالات التوتر التي بدأت بالفعلتشكـل هـاجسـاً أمنـياً خطـيراً، وبخـاصة فـي الدول المحـيطة بـ «إسرائيل» التي كانتأمينها هدفاً رئيساً من أسباب غزو العراق، وهذا عامل محيّر للأمريكيين، لا يدرونما الحل فيه: أيظـلون في المنـطقة ليـدافعوا بالنـيابة عن «أمـن إسـرائـيل»؟ أميغادرونها ويتركون اليهود يلاقون مصيرهم وحدهم؟

* كانطبيعياً أن يقود كل ما سبق إلى زيادة خصوم الحكومة الأمريكية في الداخل، وقد استغلالديمقراطيون بوجه خاص ورطات بوش في العراق، كي يضغطوا باتجاه المطالبة بانسحابسريع، وهو ما يزيد من حالة الحرج التي يتعرض لها بوش وإدارتـه، حـتى أصبـح يخـرجإلى الإعلام بكثرة مدافعاً أو محذراً أو مبرراً أو رافضاً أو مصدراً للقراراتوالتصريحات التي يحاول أن يدفع بها الحملة عليه وعلى إدارته، وهناك الكثير ممنكانوا يؤيدون قرار الحرب سحبوا موافقتهم، منهم المرشح الديمقراطي للرئاسة فيالانتخابات السابقة (جون كيري)، والرئيس السابق (بيل كلينتون)، وقد اتهم جورج بوشزعيم الديمقراطيين في مجلس النواب في شهادة أمام الكونجرس بأنه يعرض الأمن القوميالأمريكي للخطر، فقال: «مستقبل جيشنا في خطر... إن جنودنا وعائلاتهم يحمّلون فوقطاقاتهم، وأصبح الناس يتحدثون أن الجيش الأمريكي هزم»!

* وقدتضافرت كل هذه العوامل في إيصال إنذار مبكر إلى «جورج بوش»، بأن هزيمة أمريكا قدتكون كارثية على يديه، وهو الذي كان يتفاخر مع أنصاره من الإنجيليين والمحافظينالجدد بإطلاق مشروعات على امتداد العالم مكانياً، وعلى امتداد القرن زمانياً،انطلاقاً من الشرق الأوسط «الكبير»!
هبطت شعبية «بوش» بشكل كبير في الشهورالأخيرة، فنزلت إلى معدل (42%) بحسب الاستطلاع الذي أجرته صحيفة (نيويورك تايمز) وشبكة ((c.b.s نيوز، ولم يكن هناك تفسير لهذا الهبوط الحاد، إلا الارتفاع الحاد فيمعدل خسائر أمريكا بشرياً واقتصادياً وإعلامياً.
كل هذه الأمور وغيرها من مظاهرودلائل الهزيمة، جعلت المشروع الأمريكي برمّته في العراق في مهب الريح، وقد بدا هذاباعتراف «جورج بوش» الصريح مؤخراً في 17/12/2005م بأن: «قرار الحرب قد اتخذ بناءعلى معلومات استخباراتية خاطئة»! وهو اعتراف يعني بلفظ آخر، أن هناك خطأ ما تسبب فيخسارة الحرب!
ويحاول الأمريكيون التغطية على بوادر الهزيمة، بالإعلان عن إجراء(حوارات) مع بعض رموز المقاومة. وفي محاولة لحفظ ماء الوجه؛ يركزون على ما يعدونه«نجاح» التجربة الديمقراطية العراق عبر الانتخابات، وهي تلك التجربة التي فاضترائحتها من بلاغات الشكوى المتبادلة من التزوير والتزييف التي يحاول بها الفرقاء فيالعراق إثبات أن الشعب يقف معهم. وفي شكل آخر من أشكال التغطية على النتائج المخيبةلآمال الأمريكيين، جُرّت الجامعة العربية للتحرك ضمن ما سُمي بـ «مؤتمر الوفاقالوطني» الذي يحاول الأمريكيون من خلاله إسباغ شرعية عربية على العملاء العائدينإلى العراق على ظهور الدبابات الأمريكية، مع أن هؤلاء أنفسهم يستشعرون الخطر كلماعلت الأصوات بضرورة الانسحاب، إلى درجة المطالبة ببقاء الاحتلال والتحذير من تعريضالعراق للخطر إذا وقع هذا الانسحاب في وقت قريب.
والعجيب أن هذا نفسه ما يحس بهالأمريكيون، حيث يصرحون بأن هذا الانسحاب لو تم مبكراً لكان هزيمة مشتركةللأمريكيين، ولحلفائهم العراقيين في وقت واحد.
وقد كرّر جورج بوش ذلك في الفترةالأخيرة، وقال ردّاً على من يطالبونه بالانسحاب السريع: «إن الانسحاب الفوري خطأجسيم، وسيؤدي إلى انتصار الإرهاب، وهزيمة أمريكا»! والمعنى نفسه صرَّح به «جيفريوايت» المحلل السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية، حيث قال: «لا نستطيع أن نسيطرسوى على الأرض التي نقف عليها، وإذا غادرنا العراق، فسوف تسقط في أيدي المسلحين»،وكذلك قال «رامسفيلد» في زيارته الأخيرة للعراق في 12/12/2005م: «الانسحاب السريعمن العراق، هو أقصر الطرق إلى الهزيمة،»! ولكن الأعجب في استعمال لفظ «الهزيمة» علىألسنة «جورج بوش» و«رامسفيلد» وغيرهما من المسؤولين الأمريكيين أن التصريح بهاوباحتمالات وقوعها؛ يجيء بعد أن كان «جورج بوش» قد أعلن من فوق بارجة أمريكية في 2/5/2003 ـ أي بعد انتهاء العمليات العسكرية بشهرين، انتصار أمريكا في حربها ضدالعراق!
ولكن بعد مرور ما يزيد على عامين ـ وبالتحديد في أول شهر ديسمبر من عام 2005 ـ تصدر حكومة بوش ما أسمته: «إستراتيجية صنع النصر في العراق»!!، وقد جاء فيهاـ كما نشر على موقع الخارجية الأمريكية ـ: «إن الهزيمة في العراق، ستشجع الإرهابيينعلى توسعة رقعة نشاطهم، والنجاح في العراق سيوجه ضربة حاسمة إلى الإرهابيين تشلّقواهم، إن مصير الشرق الأوسط الكبير، الذي سيكون له تأثير عميق ودائم على الأمنالأمريكي؛ هو الآن في كفة الميزان»!

كلشن كوف
18-07-2006, 09:22 PM
* الانسحاب أوبالأصح: (الهزيمة) بدأت فعالياتها من الآن، فقد صرح موفق الربيعي مستشار الأمنالوطني العراقي، بأن ما يقرب من (25%)، أي نحو ثلاثين ألفاً من القوات الأمريكيةبالعراق، ستنسحب في أوائل عام 2006م.
هناك حالة من الإحباط واليأس، لم يستطعالأمريكيون كتمها، حتى «دونالد رامسفيلد» الذي تعوَّد الناس على ظهوره متبختراًمازحاً أمام الشاشات في أعقاب حرب أفغانستان، وأثناء حرب العراق، لا يُرى الآن إلامتجهماً عابساً، وقد اعترف في تصريح له في شهر يونيو (2005م) بأن المقاومة فيالعراق عندها من الإمكانيات أن تستمر لاثني عشر عاماً في محاربة أمريكا، وقد كررقائده الميداني ورئيس الأركان السابق في العراق «مايرز» الكلامَ نفسه، إلا أن أحدالجنرالات الأمريكيين المتقاعدين ـ وهو «باري ماكفراي» ـ قد فاجأ الجميع بكلامأخـطر مـن تصــريحات «رامسفليد» وقائده «مايرز»، حيث قال ـ بحسـب موقع الجزيرة علىالإنترنت في 19/7/2005م ـ: «إن الأعمال المسلحة ستبلغ ذروتها في العراق خلال الشهورالتسعة الأولى من عام (2006م)، وبعدها سيكون الانسحاب الأمريكي أمراً لا مفرّ منه»!
هناك من السيناريوهات ما هو أكثر خطورة عند الأمريكيين من كل ما سبق، وهو أن لايستطيع الأمريكيون الانسحاب من العراق في الوقت الذي يريدون، وذلك عندما يثبت عجزهمعن تثبـيت الأقـدام الخشبيـة لـ «جيــش الدفاع» العراقي المكون مـن الميـلشـياتالكــردية العلمـانية والشيعية الرافضية، وعنـدها قـد تضطـر أمريـكا اضطـراراًللبـقاء القســري، متلقية الضربات الموجـعة التـي يـختار المجـاهـدون زمـانهاومكـانها، وعنـدهـا لـن يسـتطـيع «جـيـش الأشـباح» ـ كمـا وصفـه الكـاتب «باتـريككـوك» ـ أن يـدافع عـن الأمريكيين، كما لا يستطيع الأمريكيون أن يـدافـعوا عنـه؛لأن قسـماً كبيـراً مـن ضبـاط هذا الجيش ـ كما يقول الكاتب ـ يتسلمون رواتب جنـودوهميـيين، جالسـين في البيوت، أو غير موجودين أصلاً، فإحدى الوحدات التي يفترض أنيكون فيها عشرون ألف رجل، لا يعدو العدد الحقيقي فيها (300) رجل فقط، والولاياتالمتحدة التي تتحدث عما يقرب من (150) ألـف عراقـي فـي قـوات الأمـن، لا يزيـدعـددهم في الحقيقة عن (40) ألفاً فقط!


ماذا تعني هزيمة أمريكا؟

سيكون لهذه الهزيمة عندما تحدث ـ وهي لا بد أن تحدث بإذنالله ـ ستعني أموراً كثيرة وكبيرة:

* ستعني أن المشاريعذات الطبيعة الكونية العالمية، مثل: «مشروع الإمبراطورية الأمريكية للقرن الحاديوالعشرين» للإنجيليين الأمريكيين النصارى، ومشروع «القرن الأمريكي الجديد»للمحافظين اليـهود الجـدد في أمـريكا، قـد توقـفا أو تعرقلا إلى أجل غير مسمّى،وربما أُلغيا بالمرة، بعد أن أنسى المجاهدون في العراق عصابة «الأبواش» وساوسالشيطان.

* ستعني أن أحلاماليهود ـ من المحافظين الجدد أنفسهم ـ في تسلّم دفة الحكم في أمريكا، في مهبالأعاصير؛ نظراً للإحباط الذريع في العراق أولى محطات التآمر العالمي ليهود أمريكافي القرن الجديد.

* ستعني أيضاً، أنمشروع «الشرق الأوسط الكبير» سوف يرفع إلى رفٍّ صغير في البنتاجون أو البيت الأسود؛لأن منصة إطلاق هذا المشروع في العراق قد احترقت.

* ستعني أن دولة اليهود التي لا يغيب ظلّها عن كل تلك المؤامرات الدولية ستصبح عماقريب في مواجهة حقيقية مع خطر حقيقي، يختلف مع المخاطر الوهمية الماضية، مثل: الناصرية، والقومية، والبعث العراقي، والبعث السوري، والثورة الإيرانية.

* ستعني أن حاجز الرعب الغربي قد انهدم، وسيف الإرهابالأمريكي قد انخرم، وبكسر هذين الحاجزين سيكون ما دونهما أهون منهما بإذن الله.

* ستعني أن خيرية الأمة الإسلامية ستتجلى من الآنفصاعداً، في شعوبها، لا في دولها وأنظمتها، فالشعب في العراق هو الذي يدافع عنالعراق وعن كرامة الأمة كلها، والشعب في فلسطين هو الذي يدافع عن فلسطين وعن كرامةالأمة كلها، والشعب في أفغانستان هو الذي يدافع عن أفغانستان وعن كرامة الأمة كلها،وكذا يقال، وسيقال عن بقية الأمة بشعوبها في أكثر أوطانها.

* ستعني أن عصر القطبية الواحدة آيل للأفول، وسوف تبرزأقطاب أخرى قريباً ـ بإذن الله ـ سيكون منها: القطب الإسلامي العالمي، مُسقِطالقطبين قبله، وما ذلك على الله بعزيز؛ فسنن الله الكونية ماضية إلى غاياتهاالحكيمة، وفق محكمات السنن الشرعية الدينية؛ لأن امتثال أحكام الله الشرعية، هوالطريق الوحيد لتحقيق أحكام الله القدرية، حتى لو ظنها الناس معجزات أو خوارق لايمكن أن تتحقق {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّعَزِيزٌ} [الحج: 40].
تحدثت عن الآيات... وتبقى بقية عن التحديات:
فإلى عددقادم بإذن الله.

تحديات ما بعد أمريكا

* يخطئ كثيراً من يظن أن الصراعالدائر في العراق، شأن يخص العراقيين وحدهم، أو يخص المجاهدين هناك فقط، وهذا الخطأيعود لأمرين جوهريين :
أولهما: أن المحتلالأمريكي الذي جاء إلى المنطقة لمطامع إمبراطورية بذرائع نشر الحرية والديمقراطيةانطلاقاً من العراق ؛ أراد تحويل هذا البلد إلى قاعدة عسكرية يمكن الوثوب منها إلىدو
"

السهم الذهبي 2007
18-07-2006, 10:53 PM
وما النصر الا من الله عز وجل
ولكل قوه لابد لاها من ضعف وهذه حكمه الله البالغه في خلقه
ويعطيك العافيه على البشاره

N7eEeS
18-07-2006, 11:14 PM
اللهم أعز الاسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين
وأنصر عبادك المجاهدين الموحدين في كل مكان
اللهم سدد رميهم وأجمع شملهم ووحد صفهم
يا رب العالمين
اللهم عليك بالتحالف الصليبي من عربه وعجمه
اللهم فرق جمعهم وأجعل بأسهم بينهم شديد
وتتبع عوراتهم كما يتتبعون عورات عبادك المجاهدين
اللهم عليك برأس الكفر والفساد أمريكا
يا قوي يا عزيز
اللهم فك أسرنا في كل مكان
اللهم أرحم ضعفهم وعجزهم وقلة حيلتهم وهوانهم علي الناس
يا أرحم الراحمين
اللهم أمين