مراد2015
25-05-2013, 03:44 PM
كذبات امي الثمانيه
تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر
فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا و إذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد جوعنا كانت أمي تعطيني نصيبها و بينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز ، فأنا لست جائعة و كانت هذه كذبتها الأولى
و عندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شؤون المنزل و تذهب للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، و كان عندها أمل أن أتناول سمكة قد تساعدني على أن أتغذى و أنمو ، و في مرة من المرات استطاعت بفضل الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت إلى البيت و أعدت الغذاء و وضعت السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ، و كانت أمي تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام و الشوك ، فاهتز قلبي لذلك ، وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي فورا و قالت : يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمك و كانت هذه كذبتها الثانية
و عندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، و لم يكن معنا من المال ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق و اتفقت مع موظف بأحد محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل
و تعرض الملابس على السيدات ، و في ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في العمل و كنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ، و وجدتها تحمل البضائع و تطرق أبواب البيوت ، فناديتها : أمي ، هيا نعود إلى المنزل فالوقت متأخر و البرد شديد و بإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح ، فابتسمت أمي و قالت لي : يا ولدي أنا لست مرهقة و كانت هذه كذبتها الثالثة
و في يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي على الذهاب معي ، و دخلت أنا و وقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ،
و عندما دق الجرس و انتهى الامتحان خرجت لها فأحتضنتني بقوة و دفء
و بشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، و وجدت معها كوبا فيه مشروب كانت
قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى أرتويت ، بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا و سلاما ، و فجأة نظرت إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب على الفور و قلت لها : إشربي يا أمي، فردت : يا ولدي أشرب أنت ، أنا لست عطشانة و كانت هذه كذبتها الرابعة
و بعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ، و أصبحت مسئولية البيت تقع عليها وحدها ، و يجب عليها أن توفر جميع الاحتياجات ، فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا و صرنا نعاني الجوع ، كان عمي رجلا طيبا و كان يسكن بجانبنا و يرسل لنا ما نسد به جوعنا ، و عندما رأى الجيران حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق علينا فهي لازالت صغيرة ، و لكن أمي رفضت الزواج قائلة :
أنا لست بحاجة إلى الحب و كانت هذه كذبتها الخامسة
و بعدما أنتهيت من دراستي و تخرجت من الجامعة ، حصلت على وظيفة
إلى حد ما جيدة ، و اعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي و تترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ، و كانت في ذلك الوقت لم يعد لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا في السوق و تبيع الخضروات كل صباح ، فلما رفضت أن تترك العمل
خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه قائلة : يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني و كانت هذه كذبتها السادسة
و بجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ، و بالفعل نجحت و أرتفع راتبي ، و منحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها
الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت بسعادة بالغة ،
و بدأت أحلم ببداية جديدة و حياة سعيدة ، و بعدما سافرت و هيأت الظروف ، اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ، و لكنها لم تحب أن تضايقني و قالت : يا ولدي أنا لست معتادة على المعيشة المترفة و كانت هذه كذبتها السابعة
كبرت أمي و أصبحت في سن الشيخوخة ، و أصابها مرض السرطان اللعين ، و كان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ، و لكن ماذا أفعل فبيني و بين أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء و ذهبت لزيارتها في منزلنا ، فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي و لكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا و ضعيفة ، ليست أمي التي أعرفها ، أنهمرت الدموع من عيني و لكن أمي حاولت أن تواسيني فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم و كانت هذه كذبتها الثامنة
و بعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا
إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته :
حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها
و إلى كل من فقد أمه الحبيبة :
تذكر دائما كم تعبت من أجلك ، و ادع الله تعالى لها بالرحمة و المغفرة
منقول
تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر
فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا و إذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد جوعنا كانت أمي تعطيني نصيبها و بينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز ، فأنا لست جائعة و كانت هذه كذبتها الأولى
و عندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شؤون المنزل و تذهب للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، و كان عندها أمل أن أتناول سمكة قد تساعدني على أن أتغذى و أنمو ، و في مرة من المرات استطاعت بفضل الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت إلى البيت و أعدت الغذاء و وضعت السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ، و كانت أمي تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام و الشوك ، فاهتز قلبي لذلك ، وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي فورا و قالت : يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمك و كانت هذه كذبتها الثانية
و عندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، و لم يكن معنا من المال ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق و اتفقت مع موظف بأحد محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل
و تعرض الملابس على السيدات ، و في ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في العمل و كنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ، و وجدتها تحمل البضائع و تطرق أبواب البيوت ، فناديتها : أمي ، هيا نعود إلى المنزل فالوقت متأخر و البرد شديد و بإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح ، فابتسمت أمي و قالت لي : يا ولدي أنا لست مرهقة و كانت هذه كذبتها الثالثة
و في يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي على الذهاب معي ، و دخلت أنا و وقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ،
و عندما دق الجرس و انتهى الامتحان خرجت لها فأحتضنتني بقوة و دفء
و بشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، و وجدت معها كوبا فيه مشروب كانت
قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى أرتويت ، بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا و سلاما ، و فجأة نظرت إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب على الفور و قلت لها : إشربي يا أمي، فردت : يا ولدي أشرب أنت ، أنا لست عطشانة و كانت هذه كذبتها الرابعة
و بعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ، و أصبحت مسئولية البيت تقع عليها وحدها ، و يجب عليها أن توفر جميع الاحتياجات ، فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا و صرنا نعاني الجوع ، كان عمي رجلا طيبا و كان يسكن بجانبنا و يرسل لنا ما نسد به جوعنا ، و عندما رأى الجيران حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق علينا فهي لازالت صغيرة ، و لكن أمي رفضت الزواج قائلة :
أنا لست بحاجة إلى الحب و كانت هذه كذبتها الخامسة
و بعدما أنتهيت من دراستي و تخرجت من الجامعة ، حصلت على وظيفة
إلى حد ما جيدة ، و اعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي و تترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ، و كانت في ذلك الوقت لم يعد لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا في السوق و تبيع الخضروات كل صباح ، فلما رفضت أن تترك العمل
خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه قائلة : يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني و كانت هذه كذبتها السادسة
و بجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ، و بالفعل نجحت و أرتفع راتبي ، و منحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها
الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت بسعادة بالغة ،
و بدأت أحلم ببداية جديدة و حياة سعيدة ، و بعدما سافرت و هيأت الظروف ، اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ، و لكنها لم تحب أن تضايقني و قالت : يا ولدي أنا لست معتادة على المعيشة المترفة و كانت هذه كذبتها السابعة
كبرت أمي و أصبحت في سن الشيخوخة ، و أصابها مرض السرطان اللعين ، و كان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ، و لكن ماذا أفعل فبيني و بين أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء و ذهبت لزيارتها في منزلنا ، فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي و لكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا و ضعيفة ، ليست أمي التي أعرفها ، أنهمرت الدموع من عيني و لكن أمي حاولت أن تواسيني فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم و كانت هذه كذبتها الثامنة
و بعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا
إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته :
حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها
و إلى كل من فقد أمه الحبيبة :
تذكر دائما كم تعبت من أجلك ، و ادع الله تعالى لها بالرحمة و المغفرة
منقول