المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تتبع النظرة النظرة،فإن الأولى لك وليست لك الآخرة



امـ حمد
11-06-2013, 03:09 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال النبي صلى الله عليه وسلم(استحيوا من الله حق الحياء، قالوا،إنا نستحي يا رسول الله ، قال،ليس ذلكم،ولكن من استحى من
الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى ،وليذكر الموت والبلى،ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، فمن فعل
ذلك،فقد استحيا من الله حق الحياء)رواه الترمذي،فالحياء الشرعي للعين أن تحفظ نفسها من النظر إلى ما حرم الله، فإن العين إذا
اشتد حياؤها صانت صاحبها،ودفنت مساوئه ونشرت محاسنه،قال ابن حبان،ومن ذهب حياؤه ذهب سروره،ومن ذهب سروره،هان على الناس،
النظر بريد الزنا،
إن النظرة تولد خطرة،ثم تولد الخطرة فكرة،ثم تولد الفكرة شهوة،ثم تولد الشهوة
إرادة،ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة،فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع منه مانع،فعن أبي هريرة رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه
وسلم(إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة،فزنى العين النظر، وزنى اللسان المنطق،والنفس تمنى
وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)رواه البخاري،وقال تعالى(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)يقول القاسمي
في تفسير هذه الآية،سر تقديم غض البصر على حفظ الفرج هو،أن النظر بريد الزنا ورائد الفجور،لا تتبع النظرة النظرة،
النظرة،سهم من سهام إبليس المسمومة،ورائد الشهوة،النظر المحرم يثمر في القلب خواطر سيئة رديئة،يقول سيد قطب،إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف،لا تهاج فيه
الشهوات في كل لحظة،فعلميات الاستثارة المستمرة تنتهي إلى سعار شهواني لا ينطفئ،ولا يرتوي،والنظرة الخائنة والحركة
المثيرة والزينة المتبرجة والجسم العاري كلها لا تصنع شيئاً،إلا أن تهيج ذلك السعار الحيواني المجنون،فغض البصر من جانب العين
أدب نفسي،ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الإطلاع على المحاسن والمفاتن والأجسام،كما أن فيه إغلاقاً للنافذة الأولى من
نوافذ الفتن والغواية،ومحاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم،والواجب على المسلم إذا وقع نظره على ما حرم الله أن
يصرف بصره، ولا يتبع النظرة النظرة،لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي(يا علي لا تتبع النظرة النظرة،فإن الأولى لك
وليست لك الآخرة)رواه أبو داود،والترمذي، وصححه الألباني،إن النظرة كأس مسكر،وسكره العشق وسكر العشق أعظم من سكر الخمر،فسكران الخمر يفيق وسكران العشق أنّى يفيق،عن جرير بن عبد اللَّه قال،سألت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم،عن نظرة
الفجاءة(فأمرني أن أصرف بصري)رواه الترمذي وقال،حَسَنٌ صَحِيحٌ،قال المباركفوري في شرح الحديث،قوله( الفجاءة )أي،أن
يقع بصره على الأجنبية بغتة من غير قصد,يقال،فجأه الأمر إذا جاءه بغتة من غير تقدّم سبب( فأمرني أن أصرف بصري )أي،لا
أنظر مرة ثانية،لأن الأولى إذا لم تكن بالاختيار فهو معفو عنها,فإن أدام النظر أثم ,وقوله تعالى(‏‏قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)
قال في التّحفة،قوله( لا تتبع النظرة النظرة ) من الاتباع ,أي،لا تعقبها إياها ولا تجعل أخرى بعد الأولى( فإن لك الأولى )أي،النظرة الأولى،إذا كانت من غير قصد(وليست لك الآخرة )
أي،النظرة الآخرة لأنها باختيارك فتكون عليك،وبهذا يتبيّن لك أنّ تعمّد النّظر إلى المرأة الأجنبية وكذلك الاستمرار في النّظر بعد
نظرة الفجأة حرام لا يجوز في أيّ موضع من جسمها سواء كانت جميلة في نظرك أم لا،وسواء أدّى إلى إثارة الشّهوة أم لا،وكان مصحوباً بتخيّلات سيئة أم لا ،وسواء أدّى إلى الوقوع في الفاحشة أم لا،
فوائد غض البصر عن الحرام
ذكر ابن القيم جملة من الفوائد في غض البصر منها،امتثال أمر الرب جل وعلا،والذي هو نهاية سعادة العبد دنيا وأخرى
أنه مانع من وصول أثر السهم المسموم إلى قلبك فيهلك
أنه يورث القلب أنسا بالله،ولذة لا يجدها من أطلق بصره في
الحرام،أنه يقوي القلب ويفرحه،كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه،أنه يورث العبد الفراسة الصادقة التي يميز بها بين الحق
والباطل والصدق والكذب،ويورث القلب شجاعة وثباتاً ويجمع الله لصاحبه سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة،
أنه يسد على الشيطان مدخلاً من مداخله على القلب
أن بين العين والقلب منفذاً وطريقاً يوجب انفعال أحدهما بالآخر وأنه يصلح بصلاحه ويفسد،فإن صلحت منظورات العبد صلح قلبه،وإن فسدت فسد.