مغروور قطر
23-07-2006, 06:41 AM
مصارف الكويت بألف خير وعافية.. حتى لو هبطت البورصة أكثر
متانة أصول المصارف تحميها من هزات سوق المال ِِ لكن ماذا عن العقار؟
23/07/2006
إعداد: محمود عبدالرزاق
فيما بدأ الناس يحزمون حقائبهم استعدادا لموسم الاجازات الذي حل في الكويت، فان معظم العاملين في القطاع المصرفي الكويتي سيشعرون فعلا انهم في حاجة الى اجازة صيفية من عناء العمل الشاق، لاسيما بعد فترة عاصفة شهدتها الاسواق المالية في الكويت في النصف الاول من العام الحالي، وعلى رغم ما تعرضت له الاسواق المالية الاقليمية من هزات، فإن المؤسسات المالية الكويتية، على ما يبدو، ستخرج من الازمات التي شهدتها الاسواق المالية، والتراجع الذي شهده سوق الكويت للاوراق المالية سالمة من الاذى ودون ان تكون قد تضررت نسبيا، ويعود الفضل في ذلك الى القوانين المشددة التي فرضت حدودا على انغماس البنوك في عمليات الاسهم وتعرضها للمخاطر الناشئة عنها، ومع الازدهار الذي يشهده الاقتصاد المحلي، فان المخاوف المبدئية من دخول البنوك العالمية والمصارف الاسلامية ساحة العمل المصرفي الكويتي، قد تراجعت الى حد كبير.
فحتى العاشر من يوليو الجاري، اصدرت مؤسسة مالية واحدة هي بنك الكويت الوطني نتائجها للنصف الاول من العام محققة ارباحا صافية بلغت 447 مليون دولار، وذلك بزيادة نسبتها 25% عما كانت عليه خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفي العادة يعتبر البنك الوطني، اكبر البنوك التجارية في البلاد، مؤشرا دقيقا تماما للنتائج التي ستعلنها المؤسسات المالية في الكويت، كما يبدو ان المخاوف التي سادت حول تعرض البنك المذكور والمصارف الكويتية الاخرى الى مخاطر انهيار في سوق الاوراق المالية كانت قائمة على غير اساس، ويدلل على هذا القول ان السوق المالي الكويتي تراجع فقط بنسبة 10% عن اقصى ارتفاعاته التي سجلها في فبراير على الاطلاق، كما تعزى هذه المناعة من المخاطر الى ان البنوك المحلية التي عرفت جميعا بانها محافظة وبالغة التطور، عمدت الى تصفية اصولها من الاسهم في الاستثمارات الاقل تعرضا للمخاطر قبل وقت كاف من انهيار الاسواق المالية.
مخاطر الديون محدودة
كما ان تعرض البنوك الى مخاطر ناجمة عن الديون المعدومة والمشكوك في تحصيلها محدود ايضا، ويعود الفضل في ذلك الى قوانين وقواعد الاقراض التي فرضها بنك الكويت المركزي، ويقول عبدالمجيد الشطي، رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في البنك التجاري الكويتي، ثالث البنوك التجارية في الكويت، ان سجلات البنك لا تتضمن عميلا واحدا تخلف عن الدفع نتيجة عملية تصحيح الاسواق.
ويقول مسؤول مصرفي كبير في بنك كويتي آخر 'لا اعتقد ان الارباح ستتأثر على الاطلاق، ففي شهر مارس الماضي قدمنا قروضا بلغت قيمتها 230 مليون دينار لشراء الاوراق المالية مقابل ضمانات بلغت قيمتها 500 مليون دينار، وكنا على الدوام ملتزمين بالاقراض مقابل نسبة معينة قصوى من راتب العميل المقترض، كما ان اقساط القروض محددة بواقع 50% من الراتب الشهري، ولما كان اكثر من 90% من السكان المحليين العاملين موظفين لدى القطاع الحكومي، فان ذلك لا يشكل اي مخاطر اقراضية'.
ويمكن أن ينسب بنك الكويت المركزي الفضل الى نفسه في هذا المجال، حيث ان البنك معروف بسياسته المتشددة تماما حيال خرق القوانين او تجاوزها، فعلى سبيل المثال، داهم مفتشو الرقابة بالبنك واحدا من البنوك المحلية لمنحه قروضا شخصية توازي قيمتها مائتي ضعف الراتب الشهري من خلال شركة فرعية أجنبية تابعة للبنك، غير ان هذه السياسة تلقى الثناء والإدانة في آن معا.
الآلام التي يسببها معدل 20/80
أكثر ما يؤلم البنوك التجارية، بل ان مصدر ألمها الرئيسي يتمثل في المعدل البغيض الذي يملي عليها التقيد بحد أقصى من الاقراض، لا يتعدى 80% من الودائع، يمكن تقديمه للعميل. وعندما وضع موضع التطبيق للمرة الأولى العام الماضي، كان المعدل الجديد حافزا للبنوك لإجراء مراجعة سريعة لميزانياتها العمومية، ويتجلى هذا بوضوح في تراج الحد الأدنى لاجمالي الأصول منذ بدء تطبيق المؤشر الجديد، حيث عمدت البنوك الى التخلص من القروض التي تعتبر أقل ربحية في سجلاتها، وأصبحت في الوقت ذاته مقيدة في منح القروض الجديدة مع التسابق لاستقطاب ودائع العملاء.
اما المحاولات التي قامت بها البنوك للالتفاف على القانون من خلال اعتبار الودائع الموازية التي يودعها احد البنوك لدى بنك آخر مقابل ايداع الأخير لديه أموالا مقابلة، من ضمن الودائع التي يمكن استخدامها ضمانا للقروض وتعزيزا للقدرة الاقراضية من خلال ميعار ال ،20/80 فإنه سرعان ما انقض البنك المركزي عليها وشدد مسألة تطبيقها، كما تجلى ذلك في وقت سابق من هذا العام عندما ألغى برنامجا لاصدار سندات باليورو نظمه بنك الكويت الوطني والبنك التجاري الكويتي.
المشرع منصف للجميع
ويقول الشطي 'ان مهمة بنك الكويت المركزي تتمثل في تنظيم السوق، وان هدفه الاساسي المحافظة على وجود بنوك محلية قوية، والمشكلة هي ان المشرع يرى أمورا لا نشاهدها نحن، ويمدنا بمعلومات أفضل مما نفعل، ولهذا السبب فإنه يصدر قرارات لا نوافق عليها بالضرورة، وقد كان المشرع في هذا الصدد منصفا مع الجميع'.
ان عملاء التجزئة قد يوافقون على هذه الميول والاتجاهات، فبعد ان اخفقت معدلات الفائدة على الودائع في مجارة الارتفاع في أسعار الخصم الرسمية في النصف الثاني من العام الماضي، بدد البنك المركزي أي شكوك أو تفسيرات غامضة قائلا: انه يتوقع من البنوك ان تلتزم بالتعليمات السابقة.
يقول محلل يعمل في الكويت 'من الواضح ان ثمة قيودا صارمة للغاية في مختلف مجالات العمل المصرفي والمسؤولية الصارمة الملقاة على عاتق مجلس الإدارة، بالإضافة الى ان التفصيلات التي تتضمنها القوانين الرقابية تقلل من القدرة على المنافسة، ولكنها في نهاية المطاف تساعد العميل'.
غير ان وجهة النظر هذه لا تلاقي قبولا من الجميع، فقد تلقى البنك المركزي انتقادات كثيرة بسبب قراره القاضي بقصر النشاط المصرفي الاسلامي في البلاد على ثلاثة مصارف هي: الأول قائم وهو بيت التمويل الكويتي، والثاني بنك بوبيان الذي افتتح مؤخرا، اما الثالث فهو البنك العقاري الكويتي، الذي تم تحويله الى بنك اسلامي، وكان مصدر تلك الانتقادات البنوك التقليدية الراغبة في تقديم الخدمات المصرفية الاسلامية، والقادمين الجدد المحتمل دخولهم الى السوق على حد سواء.
مرحلة تثبيت الأقدام
ان المبرر العقلاني لقرار البنك المركزي يتمثل في الرغبة في السماح للمصارف الاسلامية بتثبيت اقدامها في السوق الكويتي قبل ان يدخله مزيد من اللاعبين. ولكن في ظل اعلان بيت التمويل الكويتي في الآونة الاخيرة انه يستحوذ على ما نسبته 25% من اجمالي الودائع المحلية، فان هذا الامر يكتسب المزيد من الصعوبة يوما بعد يوم، ولا تستطيع البنوك التقليدية ان تبتلعه بسهولة وتتغاضى عنه.
وقد اصبحت البنوك المحلية اكثر ثقة في موقفها حيال الاثر الناجم عن دخول البنوك العالمية الاربعة الجديدة في الساحة المصرفية الكويتية وهي: سيتي غروب، بي ان بي باريبا، اتش اس بي سي وبنك ابو ظبي الوطني. ولما كان نشاط هذه البنوك محدودا بفرع واحد، فان تأثيرها في العمليات المصرفية المتفرقة كان طفيفا. اما على صعيد خدمة الشركات، فان الفرصة لتقديم هوامش اكثر تنافسية، والخدمات المصرفية عبر الانترنت، فضلا عن قدرات تمكن من الوصول الى الاسواق الاقليمية على نحو اوسع كانت كلها عوامل اكثر اقناعا من حيث جدوى العمل في السوق الكويتي. ومن الحوافز التي يمكن اضافتها، قدرة البنوك على الالتفاف على حدود الاقراض المفروضة من خلال اجراء العقود والصفقات عن طريق فروعها الاجنبية.
ومع ذلك، ففي ظل النمو الحالي الذي يسجله الاقتصاد الكويتي والذي تجاوز 30% في العام الماضي، فان ثمة كثيرا من المجالات التي يمكن العمل من خلالها. وتقول رندا عازر الخوري، كبيرة الاقتصاديين في بنك الكويت الوطني 'اننا نواجه ضغوطا تنافسية شديدة من قبل البنوك العالمية، ولكن من المؤكد انها ليست بالامر الذي يؤثر في نمو البنك'. ويوافق الشطي على هذا الرأي قائلا 'لقد كانت البنوك العالمية موجودة على الدوام في المنطقة، وكل ما في الامر انها اصبحت ترفع شعاراتها في الكويت'.
بازل ولكن مخففة
ومن القرارات التنظيمية الاخرى للبنك المركزي فرض تطبيق اتفاقية بازل الثانية المتعلقة بالمعايير العالمية للمصارف، وبازل الاولى، وبازل الثالثة التي تغطي مسائل مثل كفاءة رأس المال والافصاح، وهذه تضاف الى قائمة التعليمات التي يطلب من البنوك التقيد بها. وفي حين التزمت جميع البنوك المحلية بتطبيق هذه المعايير في الحادي والثلاثين من ديسمبر الماضي، وهو الموعد النهائي الذي كان مضروبا لذلك، فقد كانت الكويت الدولة الاولى في العالم التي تفعل ذلك. ويعتقد البعض ان البنوك طبقت هذه القوانين نظرا لانها كانت مجبرة على ذلك، وان هذا التزام ليس نابعا من الرغبة في خدمة افضل لمصالحها.
ويقول المحلل 'اعتقد انه يمكن تسميتها بازل المخففة، حيث انه لم يتم تطبيقها بالجدية التي يجب ان تكون عليها، ولكن الناس يعتبرون ان من الامور المريحة ان تغلف البنوك نفسها بغطاء من التطبيق المزعوم'.
وسواء رغبت البنوك او لم ترغب، فانه يتعين عليها الاعداد لاتفاقية بازل الثانية التي تتناول الرقابة المصرفية بحلول نهاية العام الحالي.
نقص العمالة الماهرة
ربما تكون اكبر التحديات التي تواجه البنوك المحلية هي مسألة التوظيف. ففي الوقت الذي تحتدم فيه المنافسة وتزداد تركيزا، فان كثيرا من البنوك تجد من الصعب العثور على الموظفين او الحفاظ عليهم لديها. وترتفع الرواتب، خصوصا بالنسبة لاعضاء الادارة الوسطى من ذوي الخبرة، بسرعة كبيرة. ويحصل الموظفون الاجانب من المديرين على عروض عمل تتميز برواتب أعلى ومزايا اكثر سخاء في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي مما يحصلون عليه في الكويت. وفضلا عن ذلك فإن سياسة التكويت تجعل من الصعب العثور على الفرص والمناصب في الصفوف الخلفية الاقل جاذبية، وفي دوائر الحسابات. وتجد البنوك نفسها بصورة متزايدة مضطرة الى ابتكار وسائل جديدة من مثل عرض خيارات الاسهم على الموظفين لاجتذاب الأشخاص المناسبين.
ونظرا الى ضغوط المنافسة وقيود القوانين والتشريعات، فمن المرجح ان تواصل البنوك الكويتية المضي في التوجه بأنظارها الى فرص جديدة في الخارج. فقد عمد كل من بنك الكويت الوطني، والبنك التجاري الكويتي وبيت التمويل الكويتي خلال الشهور القليلة الماضية الى توسيع افاقها في الخارج، سواء من خلال زيادة مساهماتها في المؤسسات المالية الاقليمية، او توحيد الجهود لتشكيل بنود جديدة.
وبالنسبة الى الكثيرين، يعتبر الاندماج والتكامل نتيجة محتملة على المدى البعيد اذا ما أرادت البنوك المحلية ان تتنافس على مستوى اقليمي.
ولكن في هذا الوقت الراهن، فإن معظم البنوك تستفيد من فترة الازدهار التي يشهدها الاقتصاد مادامت مستمرة. وقد حققت البنوك الاربعة ارباحا صافية مجمعة في عام 2005 بلغت 1730 مليون دولار، مقابل 1254 مليون دولار في العام الذي سبقه. ويقول المحلل 'إن القطاع المصرفي الكويتي لا يمر في مرحلة ديناميكية بالغة النشاط، ولكنها مرحلة ازدهار، فليست بحاجة الى ان تكون ديناميكية'.
متانة أصول المصارف تحميها من هزات سوق المال ِِ لكن ماذا عن العقار؟
23/07/2006
إعداد: محمود عبدالرزاق
فيما بدأ الناس يحزمون حقائبهم استعدادا لموسم الاجازات الذي حل في الكويت، فان معظم العاملين في القطاع المصرفي الكويتي سيشعرون فعلا انهم في حاجة الى اجازة صيفية من عناء العمل الشاق، لاسيما بعد فترة عاصفة شهدتها الاسواق المالية في الكويت في النصف الاول من العام الحالي، وعلى رغم ما تعرضت له الاسواق المالية الاقليمية من هزات، فإن المؤسسات المالية الكويتية، على ما يبدو، ستخرج من الازمات التي شهدتها الاسواق المالية، والتراجع الذي شهده سوق الكويت للاوراق المالية سالمة من الاذى ودون ان تكون قد تضررت نسبيا، ويعود الفضل في ذلك الى القوانين المشددة التي فرضت حدودا على انغماس البنوك في عمليات الاسهم وتعرضها للمخاطر الناشئة عنها، ومع الازدهار الذي يشهده الاقتصاد المحلي، فان المخاوف المبدئية من دخول البنوك العالمية والمصارف الاسلامية ساحة العمل المصرفي الكويتي، قد تراجعت الى حد كبير.
فحتى العاشر من يوليو الجاري، اصدرت مؤسسة مالية واحدة هي بنك الكويت الوطني نتائجها للنصف الاول من العام محققة ارباحا صافية بلغت 447 مليون دولار، وذلك بزيادة نسبتها 25% عما كانت عليه خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفي العادة يعتبر البنك الوطني، اكبر البنوك التجارية في البلاد، مؤشرا دقيقا تماما للنتائج التي ستعلنها المؤسسات المالية في الكويت، كما يبدو ان المخاوف التي سادت حول تعرض البنك المذكور والمصارف الكويتية الاخرى الى مخاطر انهيار في سوق الاوراق المالية كانت قائمة على غير اساس، ويدلل على هذا القول ان السوق المالي الكويتي تراجع فقط بنسبة 10% عن اقصى ارتفاعاته التي سجلها في فبراير على الاطلاق، كما تعزى هذه المناعة من المخاطر الى ان البنوك المحلية التي عرفت جميعا بانها محافظة وبالغة التطور، عمدت الى تصفية اصولها من الاسهم في الاستثمارات الاقل تعرضا للمخاطر قبل وقت كاف من انهيار الاسواق المالية.
مخاطر الديون محدودة
كما ان تعرض البنوك الى مخاطر ناجمة عن الديون المعدومة والمشكوك في تحصيلها محدود ايضا، ويعود الفضل في ذلك الى قوانين وقواعد الاقراض التي فرضها بنك الكويت المركزي، ويقول عبدالمجيد الشطي، رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في البنك التجاري الكويتي، ثالث البنوك التجارية في الكويت، ان سجلات البنك لا تتضمن عميلا واحدا تخلف عن الدفع نتيجة عملية تصحيح الاسواق.
ويقول مسؤول مصرفي كبير في بنك كويتي آخر 'لا اعتقد ان الارباح ستتأثر على الاطلاق، ففي شهر مارس الماضي قدمنا قروضا بلغت قيمتها 230 مليون دينار لشراء الاوراق المالية مقابل ضمانات بلغت قيمتها 500 مليون دينار، وكنا على الدوام ملتزمين بالاقراض مقابل نسبة معينة قصوى من راتب العميل المقترض، كما ان اقساط القروض محددة بواقع 50% من الراتب الشهري، ولما كان اكثر من 90% من السكان المحليين العاملين موظفين لدى القطاع الحكومي، فان ذلك لا يشكل اي مخاطر اقراضية'.
ويمكن أن ينسب بنك الكويت المركزي الفضل الى نفسه في هذا المجال، حيث ان البنك معروف بسياسته المتشددة تماما حيال خرق القوانين او تجاوزها، فعلى سبيل المثال، داهم مفتشو الرقابة بالبنك واحدا من البنوك المحلية لمنحه قروضا شخصية توازي قيمتها مائتي ضعف الراتب الشهري من خلال شركة فرعية أجنبية تابعة للبنك، غير ان هذه السياسة تلقى الثناء والإدانة في آن معا.
الآلام التي يسببها معدل 20/80
أكثر ما يؤلم البنوك التجارية، بل ان مصدر ألمها الرئيسي يتمثل في المعدل البغيض الذي يملي عليها التقيد بحد أقصى من الاقراض، لا يتعدى 80% من الودائع، يمكن تقديمه للعميل. وعندما وضع موضع التطبيق للمرة الأولى العام الماضي، كان المعدل الجديد حافزا للبنوك لإجراء مراجعة سريعة لميزانياتها العمومية، ويتجلى هذا بوضوح في تراج الحد الأدنى لاجمالي الأصول منذ بدء تطبيق المؤشر الجديد، حيث عمدت البنوك الى التخلص من القروض التي تعتبر أقل ربحية في سجلاتها، وأصبحت في الوقت ذاته مقيدة في منح القروض الجديدة مع التسابق لاستقطاب ودائع العملاء.
اما المحاولات التي قامت بها البنوك للالتفاف على القانون من خلال اعتبار الودائع الموازية التي يودعها احد البنوك لدى بنك آخر مقابل ايداع الأخير لديه أموالا مقابلة، من ضمن الودائع التي يمكن استخدامها ضمانا للقروض وتعزيزا للقدرة الاقراضية من خلال ميعار ال ،20/80 فإنه سرعان ما انقض البنك المركزي عليها وشدد مسألة تطبيقها، كما تجلى ذلك في وقت سابق من هذا العام عندما ألغى برنامجا لاصدار سندات باليورو نظمه بنك الكويت الوطني والبنك التجاري الكويتي.
المشرع منصف للجميع
ويقول الشطي 'ان مهمة بنك الكويت المركزي تتمثل في تنظيم السوق، وان هدفه الاساسي المحافظة على وجود بنوك محلية قوية، والمشكلة هي ان المشرع يرى أمورا لا نشاهدها نحن، ويمدنا بمعلومات أفضل مما نفعل، ولهذا السبب فإنه يصدر قرارات لا نوافق عليها بالضرورة، وقد كان المشرع في هذا الصدد منصفا مع الجميع'.
ان عملاء التجزئة قد يوافقون على هذه الميول والاتجاهات، فبعد ان اخفقت معدلات الفائدة على الودائع في مجارة الارتفاع في أسعار الخصم الرسمية في النصف الثاني من العام الماضي، بدد البنك المركزي أي شكوك أو تفسيرات غامضة قائلا: انه يتوقع من البنوك ان تلتزم بالتعليمات السابقة.
يقول محلل يعمل في الكويت 'من الواضح ان ثمة قيودا صارمة للغاية في مختلف مجالات العمل المصرفي والمسؤولية الصارمة الملقاة على عاتق مجلس الإدارة، بالإضافة الى ان التفصيلات التي تتضمنها القوانين الرقابية تقلل من القدرة على المنافسة، ولكنها في نهاية المطاف تساعد العميل'.
غير ان وجهة النظر هذه لا تلاقي قبولا من الجميع، فقد تلقى البنك المركزي انتقادات كثيرة بسبب قراره القاضي بقصر النشاط المصرفي الاسلامي في البلاد على ثلاثة مصارف هي: الأول قائم وهو بيت التمويل الكويتي، والثاني بنك بوبيان الذي افتتح مؤخرا، اما الثالث فهو البنك العقاري الكويتي، الذي تم تحويله الى بنك اسلامي، وكان مصدر تلك الانتقادات البنوك التقليدية الراغبة في تقديم الخدمات المصرفية الاسلامية، والقادمين الجدد المحتمل دخولهم الى السوق على حد سواء.
مرحلة تثبيت الأقدام
ان المبرر العقلاني لقرار البنك المركزي يتمثل في الرغبة في السماح للمصارف الاسلامية بتثبيت اقدامها في السوق الكويتي قبل ان يدخله مزيد من اللاعبين. ولكن في ظل اعلان بيت التمويل الكويتي في الآونة الاخيرة انه يستحوذ على ما نسبته 25% من اجمالي الودائع المحلية، فان هذا الامر يكتسب المزيد من الصعوبة يوما بعد يوم، ولا تستطيع البنوك التقليدية ان تبتلعه بسهولة وتتغاضى عنه.
وقد اصبحت البنوك المحلية اكثر ثقة في موقفها حيال الاثر الناجم عن دخول البنوك العالمية الاربعة الجديدة في الساحة المصرفية الكويتية وهي: سيتي غروب، بي ان بي باريبا، اتش اس بي سي وبنك ابو ظبي الوطني. ولما كان نشاط هذه البنوك محدودا بفرع واحد، فان تأثيرها في العمليات المصرفية المتفرقة كان طفيفا. اما على صعيد خدمة الشركات، فان الفرصة لتقديم هوامش اكثر تنافسية، والخدمات المصرفية عبر الانترنت، فضلا عن قدرات تمكن من الوصول الى الاسواق الاقليمية على نحو اوسع كانت كلها عوامل اكثر اقناعا من حيث جدوى العمل في السوق الكويتي. ومن الحوافز التي يمكن اضافتها، قدرة البنوك على الالتفاف على حدود الاقراض المفروضة من خلال اجراء العقود والصفقات عن طريق فروعها الاجنبية.
ومع ذلك، ففي ظل النمو الحالي الذي يسجله الاقتصاد الكويتي والذي تجاوز 30% في العام الماضي، فان ثمة كثيرا من المجالات التي يمكن العمل من خلالها. وتقول رندا عازر الخوري، كبيرة الاقتصاديين في بنك الكويت الوطني 'اننا نواجه ضغوطا تنافسية شديدة من قبل البنوك العالمية، ولكن من المؤكد انها ليست بالامر الذي يؤثر في نمو البنك'. ويوافق الشطي على هذا الرأي قائلا 'لقد كانت البنوك العالمية موجودة على الدوام في المنطقة، وكل ما في الامر انها اصبحت ترفع شعاراتها في الكويت'.
بازل ولكن مخففة
ومن القرارات التنظيمية الاخرى للبنك المركزي فرض تطبيق اتفاقية بازل الثانية المتعلقة بالمعايير العالمية للمصارف، وبازل الاولى، وبازل الثالثة التي تغطي مسائل مثل كفاءة رأس المال والافصاح، وهذه تضاف الى قائمة التعليمات التي يطلب من البنوك التقيد بها. وفي حين التزمت جميع البنوك المحلية بتطبيق هذه المعايير في الحادي والثلاثين من ديسمبر الماضي، وهو الموعد النهائي الذي كان مضروبا لذلك، فقد كانت الكويت الدولة الاولى في العالم التي تفعل ذلك. ويعتقد البعض ان البنوك طبقت هذه القوانين نظرا لانها كانت مجبرة على ذلك، وان هذا التزام ليس نابعا من الرغبة في خدمة افضل لمصالحها.
ويقول المحلل 'اعتقد انه يمكن تسميتها بازل المخففة، حيث انه لم يتم تطبيقها بالجدية التي يجب ان تكون عليها، ولكن الناس يعتبرون ان من الامور المريحة ان تغلف البنوك نفسها بغطاء من التطبيق المزعوم'.
وسواء رغبت البنوك او لم ترغب، فانه يتعين عليها الاعداد لاتفاقية بازل الثانية التي تتناول الرقابة المصرفية بحلول نهاية العام الحالي.
نقص العمالة الماهرة
ربما تكون اكبر التحديات التي تواجه البنوك المحلية هي مسألة التوظيف. ففي الوقت الذي تحتدم فيه المنافسة وتزداد تركيزا، فان كثيرا من البنوك تجد من الصعب العثور على الموظفين او الحفاظ عليهم لديها. وترتفع الرواتب، خصوصا بالنسبة لاعضاء الادارة الوسطى من ذوي الخبرة، بسرعة كبيرة. ويحصل الموظفون الاجانب من المديرين على عروض عمل تتميز برواتب أعلى ومزايا اكثر سخاء في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي مما يحصلون عليه في الكويت. وفضلا عن ذلك فإن سياسة التكويت تجعل من الصعب العثور على الفرص والمناصب في الصفوف الخلفية الاقل جاذبية، وفي دوائر الحسابات. وتجد البنوك نفسها بصورة متزايدة مضطرة الى ابتكار وسائل جديدة من مثل عرض خيارات الاسهم على الموظفين لاجتذاب الأشخاص المناسبين.
ونظرا الى ضغوط المنافسة وقيود القوانين والتشريعات، فمن المرجح ان تواصل البنوك الكويتية المضي في التوجه بأنظارها الى فرص جديدة في الخارج. فقد عمد كل من بنك الكويت الوطني، والبنك التجاري الكويتي وبيت التمويل الكويتي خلال الشهور القليلة الماضية الى توسيع افاقها في الخارج، سواء من خلال زيادة مساهماتها في المؤسسات المالية الاقليمية، او توحيد الجهود لتشكيل بنود جديدة.
وبالنسبة الى الكثيرين، يعتبر الاندماج والتكامل نتيجة محتملة على المدى البعيد اذا ما أرادت البنوك المحلية ان تتنافس على مستوى اقليمي.
ولكن في هذا الوقت الراهن، فإن معظم البنوك تستفيد من فترة الازدهار التي يشهدها الاقتصاد مادامت مستمرة. وقد حققت البنوك الاربعة ارباحا صافية مجمعة في عام 2005 بلغت 1730 مليون دولار، مقابل 1254 مليون دولار في العام الذي سبقه. ويقول المحلل 'إن القطاع المصرفي الكويتي لا يمر في مرحلة ديناميكية بالغة النشاط، ولكنها مرحلة ازدهار، فليست بحاجة الى ان تكون ديناميكية'.