المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاستعمار الثقافي..



شمعة الحب
25-07-2006, 02:38 PM
الاستعمار الثقافى
و المؤامرة هى إصرار الغرب الاستعمارى – بكل أشكاله و صوره – على إعادة صياغة الشخصية العربية – و الإسلامية – بما يضمن له دوام استمرار السيطرة و القضاء على الهوية العربية و الإسلامية .
و ليس غريبا فى هذا الصدد ما أعلنه و صرح به علانية – دون مواربة – الاستعمارى الصليبى الصهيونى – جورج دبليو بوش ، من أنه – و بعد انهيار الشيوعية ، فإن الإسلام قد أصبح العدو الأول للغرب الذى تتزعمه أمريكا .
و يستخدم هؤلاء الاستعماريون الجدد طرقا و أساليب تطورت عن طرق أقدم ابتدعها الاستعماريون الانجليز و الفرنسيون .. و تقوم على أساس محو مقومات الشخصية ، التى تتمثل أساسا فى الثقافة : لغة ، و قيما ، و دينا ..إلخ .
و كما يقول علماء الاجتماع ، فإن التراث الاجتماعى يتمثل فى قسمين رئيسين : الثقافة و هى الجانب المعنوى الذى يشمل اللغة و القيم و المعتقدات .. الخ ، الحضارة و هى الجانب المادى الذى يشمل منجزات العلم و مخترعات التكنولوجيا .
و الغرب لا شك متفوق تفوقا صارخا فى الجانب الحضارى ، و يعلم أننا عالة عليه فى هذا المجال .. مستهلكو حضارة و لسنا مبتدعيها ، و لذلك فهو يريد – إلى جوار اكتساحه لنا حضاريا – اكتساحنا ثقافيا ، و بالتالى لا تقوم لنا أية قائمة إلا بإرادته ، و لا نعيش إلا تحت مظلته.
و كانت البداية : الحملة الفرنسية على مصر- لكن جاء محمد على – بانى مصر الحديثة – فأراد أن يصنع من مصر قوة يعادل بها القوى الغربية ، فكانت البداية بالتعليم و إرسال البعثات التعليمية إلى أوربا – فرنسا بالذات .. و حين أراد أن يبنى النظام التعليمى فإنه قد بدأ من القمة ، بالكليات العليا : الطوبجية ( الحربية ) و المهندسخانة (الهندسة) و استقدم لها التلاميذ من الأزهر الشريف ، و لكن طبيعة دراسة هؤلاء الأزهريين لم تمكنهم من الاستمرار، فأنشأ مدرسة وسطى تجهزهم للالتحاق بتلك الكليات و سماها المدرسة التجهيزية (المرحلة الثانوية ) ، و لكن الأزهريين خذلوه أيضا ، فأنشأ مدرسة المبتديان (الابتدائية ) ليلتحق بها التلاميذ دون المرور على الأزهر الشريف ... و من هنا نشأت الازدواجية فى التعليم .. و ليس فى مثل هذا الموقف بأس و لا ضرر .
و جاء الاستعمار البريطانى (1882) و لعب لعبته الخطرة فى ميدان التعليم ، ليجعل منه أداة لتخريج موظفين يعملون فى إدارات الحكومة .
و فى ذلك الحين نشأ مرحلة تعليمية أخرى هى المدرسة الأولية ، و ذلك إلى جوار الكتاتيب المنتشرة فى أنحاء القطر .. فكانت ثنائية جديدة داخل التعليم العام .. و قد قضى على هذه الثنائية فى منتصف القرن العشرين .
الأمر الخطير فى عالمنا المصرى اليوم ليس الثنائية ( تعليم دينى أزهرى ، تعليم مدنى ) فلا غضاضة فى هذه الثنائية خاصة بعد أن طور التعليم فى الأزهر فى ستينيات القرن الماضى ، فأدخلت إليه المواد العلمية المدنية ، لكن المشكلة التى سيعانى منها المجتمع مستقبلا هى فى كثرة كثيرة من المدارس و الجامعات الأجنبية التى أنشئت فى بلادنا : ألمانية ، أمريكية ، بريطانية ، فرنسية ، كندية ..الخ .. مما سيفتت انتماءات الشباب و يصوغ شخصياتهم صياغات تتفق مع أهداف المستعمرين .
يعبث الاستعمار الحديث اليوم بشخصيتنا القومية بوسيلتين :
• القضاء على اللغة – باعتبارها أداة التواصل الاجتماعى - محاولا إحلال لغاته محلها .
• القضاء على القيم من خلال ما يبثه إلينا ليل نهار عبر الميديا الغربية المتطورة من أشكال مبهرة من الفنون المتدنية التى لا تلائم قيمنا ، لكنها تتسلل إلى نفوس الشباب و النشء الذين هم عدة المستقبل .. فتقضى على ما غرسناه فيهم من قيم .
إن تعلم اللغات الأجنبية هو ضرورة قصوى لأجيال اليوم ، فطالما أن العلم منبعه الغرب حاليا ، و بما أن التكنولوجيا وطنها خارج ديارنا .. و بما أنه لا بد لنا من العلم و التكنولوجيا ، فمن الضرورى تعلم لغاتهم و إجادتها .. على ألا يحدث ما نراه الآن من إهمال للغة الأم – لغة القرآن – لغة الفصاحة و البيان – اللغة العربية .
مما يؤسف له حقا أن التدنى قد طال التعليم كله ، فانهارت – ضمن ما انهار – اللغة العربية و كذلك اللغات الأجنبية .

مصطفى سلام