امـ حمد
03-08-2013, 11:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولا تَمنُن تَسْتَكْثِر
فقد أظلنا شهر مبارك عظيم، وهو شهر رمضان، فيه يزاد الإيمان بكثرة الطاعة،التسبيح والذكر وقراءة القرآن، والتهجد والقيام،
ولكن الحذر الحذر من مداخل الشيطان، وأن يستكثر المرءُ ما قدم من عمل للكريم المنان،فلتحذر أيها الموحد العُجب بأنواع العبادة
التي تقدمها في رمضان، ولكن عليك أن تكون من الذين يتوجون عملهم بالخوف من عدم القبول، بعد أن يكون موافقاً لهدي الرسول
صلى الله عليه وسلم ، فهذا حال المقبولين لقوله تعالى(إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ،وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُون،وَالَّذِينَ
هُمْ بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ،وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ،أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)
المؤمنون، فهؤلاء السابقون يعملون ويخافون عدم القبول،فعن عائشة رضي الله عنها،أنها سألت النبي صلى الله عليه
وسلم،فقالت،هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل،قال(لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون
ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات)السلسلة الصحيحة،والعاملون حقاً يخافون أن تنالهم هذه
الآية(وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا
يَحْتَسِبُونَ)الزمر،فيخافون الرياء والسمعة،ويخافون حبوط
الأعمال،لأنهم يعلمون أن الله يتقبل من المتقين(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ
الْمُتَّقِينَ)المائدة، ويخافون أن يظهر لهم أن الله لم يتقبل منهم.فعليك أيها الموحد أن تأتي بجميع أنواع العبادات المشروعة في رمضان،
وإياك ثم إياك أن تستكثر عملك لأن الله سبحانه وتعالى نهى عن ذلك، فقال سبحانه(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ،قُمْ فَأَنْذِرْ،وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ،وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ
،وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ،وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)المدثر،وذكر الربيع بن أنس في تفسير قوله تعالى(وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ أي، لا تعظم عملك في عينك
أن تستكثر من الخير،وقال ابن كيسان،لا تستكثر عملاً فتراه من نفسك إنما عملك مِنَّةُ من الله عليك إذ جعل لك سبيلاً إلى
عبادته،ونقل ابن كثير عن الحسن البصري،لا تمنن بعملك على ربك تستكثره،وعليك أن تكون وجل القلب راجياً القبول من الله سبحانه وتعالى،لعملك القليل في حق الله،
لو قارنته بعمل كل من،
أولاً،أنبياء الله،
قد تختم القرآن أكثر من مرة في صلاة الليل، ولكن هذا ليس بكثير لو قارنته بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم،الذي قام
حتى تورمت قدماه، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال،إن كان النبي صلى الله عليه وسلم،ليصلي حتى تَورمت قدماه أو
ساقاه،فيقول(أفلا أكون عبدًا شكورًا)وكذلك أثنى الله ورسوله على صلاة داود عليه السلام وصيامه وعبادته وقراءته، فقال تعالى
(اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ)ص،والأيد،هي القوة في العمل والعلم والطاعة،وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم(أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود،كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام
سدسه وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا،وإنه كان أوابًا)رواه البخاري،ومسلم،وكان يقوم ثلث الليل ويصوم ستة أشهر من العام،
وألزم أهله بشكر الله تعالى(اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)سبأ، وذكر ابن كثير في تفسيرها،وقد كان آل داود كذلك
قائمين بشكر الله تعالى قولاً وعملاً، كان داود جزأ على أهله وولده ونسائه،لا تأتي عليهم ساعة من الليل والنهار إلا وإنسان من آل
داود قائم يصلي فغمرتهم هذه الآية(اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)(تفسير ابن كثير)فأين أنت من صلاة هؤلاء
وصيامهم(فلا تمنن تستكثر) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم،يواصل الصيام أياماً، وكان إذا لم يجد طعامًا في البيت صام ذلك اليوم لله تعالى،
ثانياً،ملائكة الله سبحانه
لا تظن أنك في هذا الكون وحدك تعبد الله وتقوم له، فهناك من خلق الله عز وجل من يقوم له حق القيام، ولا يعتبر عمله شيئًا، وأنه ما
عبد الله سبحانه وتعالى حق عبادته فقال تعالى( فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ)فصلت،
ولنتأمل قوله تعالى(عِنْدَ رَبِّكُ) وهم الملائكة لا يشغلهم زرع ولا ضرع ولا صناعة ولا تجارة عن ذكر الله تعالى وعبادته، ولا
يستكثرون عملهم،فعن عدي بن أرطأة قال،سمعت رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال(إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من خيفته ما منهم ملك تقطر منه دمعة من عينه إلا وقعت على ملك يصلي، وإن منهم
ملائكة سجودًا منذ خلق الله السماوات والأرض لم يرفعوا رؤوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة وإن منهم ملائكة ركوعًا لم يرفعوا
رؤوسهم منذ خلق الله السماوات والأرض ولا يرفعونها إلى يوم القيامة، فإذا رفعوا رؤوسهم نظروا إلى وجه الله عز وجل،قالوا
(سبحانك ما عبدناك حق عبادتك)ابن كثير،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت
السماء وحُقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم
بالنساء على الفُرُشات ولخرجتم إلى الصَّعُدات تجأورن إلى الله تعالى)حسنه الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة ،فهذا هو الملأ
العلوي بما فيه على اتساعه وامتلائه بالملائكة، حتى لا يخلو منه موضع أربعة أصابع،فهم يعبدون الله ويسبحونه بالليل والنهار وهم
لا يسئمون، يعني،لا يفترون ولا يملون من هذه العبادة ولا يستكثرونها في حق الله، بل يقولون،سبحانك ما عبدناك حق
عبادتك، فأين أنت من هؤلاء(وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)
ثالثاً،بعض الكائنات
هذا الكون العجيب المفعم بالأسرار والمخلوقات المرئية يطيع الله
سبحانه وتعالى ويسبح بحمده، قال تعالى(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ
وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)الإسراء،كما في حديث أبي
هريرة رضي الله عنه،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الله أَذِنَ لي أن أُحَدِّث عن ديك قد مَرَقت رجلاه الأرض وعُنُقُهُ مُنْثَنٍ
تحت العرش وهو يقول سبحانك ما أعظمك ربنا، فَيرَدُّ عليه ما يعلم ذلك من حلف بي كاذبًا)الصحيحة 150،فهل تخيلنا عظمة هذا الديك
ومكانه وعنقه الذي انثنى تحت العرش، وعمره، وتسبيحه لله سبحانه وتعالى دون أن يستكثر ولا يفتر(وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)وهناك
أيضًا ملائكة لا يعلم عظمة خلقها إلا الله، فعن جابر بن عبد الله،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(أُذِنَ لي أن أُحدث عن ملك من
ملائكة الله تعالى من حملة العرش ما بين شحمة أُذُنِهِ إلى عاتقه مسيرةُ سبعمائة سنة)السلسلة الصحيحة 151،فهذه المخلوقات
العجيبة لا تفتر عن ذكر الله وتسبيحه وتعظيمه، فأين أنت من ذكرهم وتعظيمهم وخوفهم من الله تعالى، وأنت لا تشد المئزر إلا
في رمضان وتظن أنك عملت الكثير(وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)أيها الموحد الكريم، اجتهد في العمل في رمضان وغير رمضان، واسأل ربك القبول ولا تستكثر،
ومن علامات قبول العمل
1- الاستمرار على الحسنات بعد رمضان والمحافظة على الفرائض والنوافل،
2- انشراح الصدر للعبادة والشعور بلذة الطاعة( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ)
3- الخوف من عدم القبول، وكان الصحابة يسألون الله سبحانه القبول ستة أشهر بعد رمضان ويسألونه ستة أشهر أن يبلغهم رمضان،
4- الغيرة للدين والغضب لانتهاك حرمات الله،
فيا أيها الموحد الكريم، شمر عن ساق الجد والاجتهاد في رمضان،
والخضوع والخوف والانكسار والذل للكريم المنان، فما بك من طاعة واستقامة فمن الله،وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، (وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ،وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولا تَمنُن تَسْتَكْثِر
فقد أظلنا شهر مبارك عظيم، وهو شهر رمضان، فيه يزاد الإيمان بكثرة الطاعة،التسبيح والذكر وقراءة القرآن، والتهجد والقيام،
ولكن الحذر الحذر من مداخل الشيطان، وأن يستكثر المرءُ ما قدم من عمل للكريم المنان،فلتحذر أيها الموحد العُجب بأنواع العبادة
التي تقدمها في رمضان، ولكن عليك أن تكون من الذين يتوجون عملهم بالخوف من عدم القبول، بعد أن يكون موافقاً لهدي الرسول
صلى الله عليه وسلم ، فهذا حال المقبولين لقوله تعالى(إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ،وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُون،وَالَّذِينَ
هُمْ بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ،وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ،أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)
المؤمنون، فهؤلاء السابقون يعملون ويخافون عدم القبول،فعن عائشة رضي الله عنها،أنها سألت النبي صلى الله عليه
وسلم،فقالت،هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عز وجل،قال(لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون
ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات)السلسلة الصحيحة،والعاملون حقاً يخافون أن تنالهم هذه
الآية(وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا
يَحْتَسِبُونَ)الزمر،فيخافون الرياء والسمعة،ويخافون حبوط
الأعمال،لأنهم يعلمون أن الله يتقبل من المتقين(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ
الْمُتَّقِينَ)المائدة، ويخافون أن يظهر لهم أن الله لم يتقبل منهم.فعليك أيها الموحد أن تأتي بجميع أنواع العبادات المشروعة في رمضان،
وإياك ثم إياك أن تستكثر عملك لأن الله سبحانه وتعالى نهى عن ذلك، فقال سبحانه(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ،قُمْ فَأَنْذِرْ،وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ،وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ
،وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ،وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)المدثر،وذكر الربيع بن أنس في تفسير قوله تعالى(وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ أي، لا تعظم عملك في عينك
أن تستكثر من الخير،وقال ابن كيسان،لا تستكثر عملاً فتراه من نفسك إنما عملك مِنَّةُ من الله عليك إذ جعل لك سبيلاً إلى
عبادته،ونقل ابن كثير عن الحسن البصري،لا تمنن بعملك على ربك تستكثره،وعليك أن تكون وجل القلب راجياً القبول من الله سبحانه وتعالى،لعملك القليل في حق الله،
لو قارنته بعمل كل من،
أولاً،أنبياء الله،
قد تختم القرآن أكثر من مرة في صلاة الليل، ولكن هذا ليس بكثير لو قارنته بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم،الذي قام
حتى تورمت قدماه، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال،إن كان النبي صلى الله عليه وسلم،ليصلي حتى تَورمت قدماه أو
ساقاه،فيقول(أفلا أكون عبدًا شكورًا)وكذلك أثنى الله ورسوله على صلاة داود عليه السلام وصيامه وعبادته وقراءته، فقال تعالى
(اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ)ص،والأيد،هي القوة في العمل والعلم والطاعة،وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم(أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود،كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام
سدسه وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا،وإنه كان أوابًا)رواه البخاري،ومسلم،وكان يقوم ثلث الليل ويصوم ستة أشهر من العام،
وألزم أهله بشكر الله تعالى(اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)سبأ، وذكر ابن كثير في تفسيرها،وقد كان آل داود كذلك
قائمين بشكر الله تعالى قولاً وعملاً، كان داود جزأ على أهله وولده ونسائه،لا تأتي عليهم ساعة من الليل والنهار إلا وإنسان من آل
داود قائم يصلي فغمرتهم هذه الآية(اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)(تفسير ابن كثير)فأين أنت من صلاة هؤلاء
وصيامهم(فلا تمنن تستكثر) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم،يواصل الصيام أياماً، وكان إذا لم يجد طعامًا في البيت صام ذلك اليوم لله تعالى،
ثانياً،ملائكة الله سبحانه
لا تظن أنك في هذا الكون وحدك تعبد الله وتقوم له، فهناك من خلق الله عز وجل من يقوم له حق القيام، ولا يعتبر عمله شيئًا، وأنه ما
عبد الله سبحانه وتعالى حق عبادته فقال تعالى( فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ)فصلت،
ولنتأمل قوله تعالى(عِنْدَ رَبِّكُ) وهم الملائكة لا يشغلهم زرع ولا ضرع ولا صناعة ولا تجارة عن ذكر الله تعالى وعبادته، ولا
يستكثرون عملهم،فعن عدي بن أرطأة قال،سمعت رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال(إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من خيفته ما منهم ملك تقطر منه دمعة من عينه إلا وقعت على ملك يصلي، وإن منهم
ملائكة سجودًا منذ خلق الله السماوات والأرض لم يرفعوا رؤوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة وإن منهم ملائكة ركوعًا لم يرفعوا
رؤوسهم منذ خلق الله السماوات والأرض ولا يرفعونها إلى يوم القيامة، فإذا رفعوا رؤوسهم نظروا إلى وجه الله عز وجل،قالوا
(سبحانك ما عبدناك حق عبادتك)ابن كثير،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت
السماء وحُقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم
بالنساء على الفُرُشات ولخرجتم إلى الصَّعُدات تجأورن إلى الله تعالى)حسنه الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة ،فهذا هو الملأ
العلوي بما فيه على اتساعه وامتلائه بالملائكة، حتى لا يخلو منه موضع أربعة أصابع،فهم يعبدون الله ويسبحونه بالليل والنهار وهم
لا يسئمون، يعني،لا يفترون ولا يملون من هذه العبادة ولا يستكثرونها في حق الله، بل يقولون،سبحانك ما عبدناك حق
عبادتك، فأين أنت من هؤلاء(وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)
ثالثاً،بعض الكائنات
هذا الكون العجيب المفعم بالأسرار والمخلوقات المرئية يطيع الله
سبحانه وتعالى ويسبح بحمده، قال تعالى(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ
وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)الإسراء،كما في حديث أبي
هريرة رضي الله عنه،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الله أَذِنَ لي أن أُحَدِّث عن ديك قد مَرَقت رجلاه الأرض وعُنُقُهُ مُنْثَنٍ
تحت العرش وهو يقول سبحانك ما أعظمك ربنا، فَيرَدُّ عليه ما يعلم ذلك من حلف بي كاذبًا)الصحيحة 150،فهل تخيلنا عظمة هذا الديك
ومكانه وعنقه الذي انثنى تحت العرش، وعمره، وتسبيحه لله سبحانه وتعالى دون أن يستكثر ولا يفتر(وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)وهناك
أيضًا ملائكة لا يعلم عظمة خلقها إلا الله، فعن جابر بن عبد الله،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(أُذِنَ لي أن أُحدث عن ملك من
ملائكة الله تعالى من حملة العرش ما بين شحمة أُذُنِهِ إلى عاتقه مسيرةُ سبعمائة سنة)السلسلة الصحيحة 151،فهذه المخلوقات
العجيبة لا تفتر عن ذكر الله وتسبيحه وتعظيمه، فأين أنت من ذكرهم وتعظيمهم وخوفهم من الله تعالى، وأنت لا تشد المئزر إلا
في رمضان وتظن أنك عملت الكثير(وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)أيها الموحد الكريم، اجتهد في العمل في رمضان وغير رمضان، واسأل ربك القبول ولا تستكثر،
ومن علامات قبول العمل
1- الاستمرار على الحسنات بعد رمضان والمحافظة على الفرائض والنوافل،
2- انشراح الصدر للعبادة والشعور بلذة الطاعة( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ)
3- الخوف من عدم القبول، وكان الصحابة يسألون الله سبحانه القبول ستة أشهر بعد رمضان ويسألونه ستة أشهر أن يبلغهم رمضان،
4- الغيرة للدين والغضب لانتهاك حرمات الله،
فيا أيها الموحد الكريم، شمر عن ساق الجد والاجتهاد في رمضان،
والخضوع والخوف والانكسار والذل للكريم المنان، فما بك من طاعة واستقامة فمن الله،وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، (وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ،وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ)