المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هم أهل الحل والعقد ؟



عضوو
13-08-2013, 05:19 AM
أهل الحل والعقد
******* الشورى دعامة الحكم في الدولة الإسلامية، وقوام عملية صنع القرار في الدولة الإسلامية، وقد عُنِيَ علماء الشريعة الإسلامية بأعضاء هذا السلطة التشريعية؛ للدور الخطير الذي يستند إليهم في توجيه شئون الدولة، سواء في مجال الاجتهاد والتشريع، أو في مجال اختيار رئيس الدولة، ويطلق علماء الشريعة على أعضاء السلطة التشريعية اسم "أهل الحل والعقد".

******* أما لماذا سُمِّيَ هؤلاء بأهل الحل والعقد ؟ فهذه تسمية ابتكرها علماء الشريعة المسلمون، وليس عليها نص صريح في القرآن أو السنة، ومن استدل عليها بنص أو حديث أو بما يشبه النص، فإنما كان ذلك على سبيل التوسع والتأويل. ولم نهتدِ إلى أول من وضع هذا التعبير أو أول من أطلقه، وكل ما عثرنا عليه من إشارات ليس فيها الدلالة الكافية في كتب أصول الفقه.

******* ولما كان أهل الحل والعقد يستندون في سلطتهم إلى مبدأ الشورى؛ فقد ذهب البعض إلى تسميتهم "بأهل الشورى"، وهي تسمية أفضل وأوضح، وإن كنا سنلتزم بالتسمية الشائعة؛ لأنها المُعِيْنَة على البحث في كتب الفقه والتراث.

تعريف أهل الحل والعقد

******* لقد أوجب الإسلام الشورى، ولكن من هم أولئك الذين يجب أن يستشاروا ؟ إننا لا نجد في الآيات القرآنية ولا في الأحاديث النبوية نصًّا صريحًا يحددهم بصورة مفصلة، أو حتى يشير إليهم إشارة عامة مجملة؛ لذلك كان علينا أن نرجع إلى ما جرت عليه السنة العملية، أي: في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما جرى عليه من بعده الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم أجمعين - كما علينا الرجوع إلى ما ذكره كبار المفسرين، وإلى ما يراه علماء الفقه الإسلامي.

******* ومِنَ استعراض الوقائع التاريخية يثبت أن أهل الشورى من الصحابة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو في عهد الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم أجمعين - (أهل الحل والعقد) يضمون عناصر أو فئات مختلفة تكونت بطريقة طبيعية تدريجية، وتولدت غالبيتها من بطون أحداث تاريخية مختلفة. فإذا استعرضناها ألفيناها تشمل الفئات التالية:

أولاً: السابقون الأولون إلى اعتناق الإسلام بمكة.

ثانيًا: الممتازون بخدماتهم وتضحياتهم وبصيرتهم وفراستهم.

ثالثًا: أصحاب النفوذ من الأنصار الذين دعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد إسلامهم إلى الهجرة إلى المدينة، وذلك بعد أن عملوا على نشر الإسلام بالمدينة.

******* ويضاف إلى هذه الفئات أو العناصر عنصران بارزان في المجتمع المدني:

أولاً: أولئك الذين قاموا بأعمال جليلة في الشئون العسكرية والسياسية، ودعوة الناس إلى الدين.

ثانيًا: أولئك الذين نالوا شهرة عظيمة بين الناس؛ من حيث علم القرآن وفهم الدين والتفقه فيه. وقد نهج الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم أجمعين - نهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - في اختياره لأهل الشورى.

******* أما في عصرنا الحالي.. فبما أن سلطة التشريع في الدولة الإسلامية هي السلطة التي تتولى استنباط الأحكام الشرعية فيما يتعلق بشئون البشر من عبادات ومعاملات ونظام حكم، أي: السلطة التي تضع القواعد لضبط أمور الدين والسياسة لدينا، وتصدر قوانينها في حدود المقاييس التي أتت بها الشريعة الإسلامية، أي: وفقًا لمبادئ الشرع، فإن هذه السلطة يتولاها كل قادر على استنباط الأحكام للوقائع وفقًا لما يتفق والأصول العامة للشريعة الإسلامية، ووفقًا لما يحقق أهدافها في التيسير على الناس، ودفع الحرج عنهم، وتحقيق غاياتها في إسعاد البشرية، وهذا يتطلب أن يكون مُتولِّي وضع القوانين في دولة الإسلام عالمًا بأحكام الشريعة الإسلامية، فاهمًا لأغراضها ومراميها، وهو أمر ينطبق على العلماء والباحثين في شتى المجالات.

******* وعليه فإن سلطة التشريع في الدولة الإسلامية مكونة من الصفوة المختارة من الأمة الذين أُتيح لهم العلم والفهم، ككبار فقهاء الشريعة الإسلامية، وكبار قادة الجند، وكبار القضاة، وكبار العلماء الباحثين في شتى المجالات، وبذلك تكون سلطة التشريع قد جمعت شتى التخصصات، ويكون للعلماء والمجتهدين استنباط الأحكام الشرعية للوقائع بعد استلهام روح الشريعة ومشاورة المتخصصين، كما لا نغفل رؤوس الناس والطوائف والحرف، أي: قيادات ما يسمى الآن "بالمجتمع المدني".

******* وقد اختلف العلماء في: مَنْ هم أهل الحل والعقد؟ فقد قال بعضهم: هم الأشراف والأعيان، وقال آخرون: هم العلماء ووجوه الناس، أي "عظماؤهم بإمارة أو علم أو غيرها". وذهب فريق إلى أنهم "العلماء وأهل الرأي والتدبير، وهذا الخلاف بين العلماء لا مبرر له؛ لأنه كان ينبغي أن تكون تسميتهم بأهل الحل والعقد مانعة من الخلاف فيهم؛ إذ المتبادر أنهم زعماء الأمة، وأولو المكانة، وموضع الثقة من سوادها الأعظم؛ بحيث تتبعهم في طاعة من يولونه عليها، فينتظم به أمرها، وتكون بمأمن من الإضرابات، والرأي عندنا أن أهل الحل والعقد في الأمة هم ممثلوها الحقيقيون الذين تدين لهم بالزعامة والطاعة، سواء كانوا من أهل العلم أو السياسة أم الإدارة أو المال.

******* وقد رأى كل من الإمام ابن تيمية في السلف، والإمام محمد عبده في المتأخرين أن أهل الحل والعقد هم الذين أشار إليهم القرآن بـ "أُولِي الأَمْر" في قول الله تعالى:"وَأَطِيْعُوْا اللهَ وَأَطِيْعُوْا الرَّسُوْلَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُم…".

******* فرأى ابن تيمية - رحمه الله - أنهم: "الأمراء نواب ذي السلطان، والقضاة، وأمراء الأجناد، وولاة الأموال، والكتاب، والسعاة على الخراج والصدقات"، وبذلك وسَّع من نطاقهم ليشملوا كل من يلي أمرًا من أمور المسلمين، وبالتالي نقلنا من مفهوم "الصفوة" وضع القرار على مستوى الدولة ككل، إلى التسلسل في الولاية، ووضع القرار بمفهومه الشامل في كل جانب من جوانب الدولة.

******* أما الإمام محمد عبده فقد رأى أن أولى الأمر - وهم أهل الحل والعقد - هم: الأمراء، والحكام، والعلماء، ورؤساء الجند، وسائر الرؤساء والزعماء الذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح، فهؤلاء إذا اتفقوا على أمر وجب أن يطاعوا بشرط أن يكونوا مسلمين "وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُم"، وأن لا يخالفوا أمر الله، ولا سنة رسول الله التي عُرِفَت بالتواتر، وأن يكونوا مختارين في مجتمعهم في الأمر، واتفاقهم عليه، وأن يكون ما يتفقون عليه من المصالح العامة.

******* ونظرًا لأن مفهوم كلٍّ من ابن تيمية ومحمد عبده شديد الاتساع، فإننا سنقتصر في مفهومنا لأهل الحل والعقد على الرأي القائل بأنهم: ممثلو الأمة الذين تدين لهم بالطاعة، وتعهد إليهم بتصريف أمورها في شتى المجالات، سواء كانوا أهل الاجتهاد في أمور الدين، أو العلماء في كل فرع من فروع المعرفة، العاملين على أمور الدولة في تخصصاتهم.

شروط أهل الحل والعقد
******* يجب أن يتوفر في أهل الحل والعقد عدة شروط، أجمع عليها تقريبًا علماء الشريعة، هي:

أولاً: العدالة
******* يشترط فيمن يصلح للشورى أن يكون عدلاً، والعدالة هي التحلي بالفرائض والفضائل، والتخلي عن المعاصي والرذائل، وعمَّا يخل بالمروءة أيضًا. ويرى بعض الفقهاء أن تكون العدالة مَلَكَة لا تكلفًا، وهو رأي لا محل له؛ لأن التكلف إذا التُزِم صار خلقًا.

ثانيًا: العلم
******** يشترط أن يتوفر العلم في أهل الحل والعقد، والعلم المقصود هو العلم بمعناه الواسع؛ فيدخل فيه علم الدين وعلم السياسة وغيرهما من العلوم، ولا يشترط أن يكون العالم منهم ملمًّا بكل العلوم.

ثالثًا: الرأي والحكمة
******* ويشترط فيمن يصلح للشورى أن يكون ممن عُرِفَ بجودة الرأي والحكمة، ولا يشترط فيه أن يكون من ذوي العصبة؛ لأن أساس الشورى هو الرأي الصحيح الحكيم المتفق مع الشرع المجرد من الهوى والعصبية.

******* وإلى جانب هذه الشروط العامة اللازمة لأهل الحل والعقد، يجب أن يتصفوا بعدة صفات هي في مجملها:

أولاً: الفطنة والذكاء
******* لئلا تشتبه عليهم الأمور فتلتبس، فلا يصح مع اشتباهها عزم، ولا يتم في التباسها حزم.

ثانيًا: الأمانة
******* لئلا يخونوا فيما ائتمنوا عليه، ويفشوا فيما استنصحوا فيه.

ثالثًا: الصدق
******* ليثق الملك فيما ينهون عنه، ويعمل برأيهم فيما أشاروا به عليه.

رابعًا: أن يسلموا فيما بينهم من التحاسد والتنافس؛ فإن ذلك يمنعهم من الكشف عن صواب الرأي.

خامسًا: أن يسلموا فيما بينهم وبين الناس من العداوة والشحناء؛ فإن العداوة تستدعي عدم التناصف، وتحجب عن صواب الرأي.

سادسًا: ألا يكونوا من أهل الأهواء؛ فيخرجهم الهوى عن الحق إلى الباطل.

سابعًا: أن يكونوا من كبراء الدولة ومشايخ الأعوان؛ لأن المشايخ قد حنكتهم التجارب، وعركتهم النوائب، وقد شاهدوا من اختلاف الدول ما أوضح لقولهم صواب الرأي.

******* وصفات أهل الحل والعقد في مجملها صفات كفاءة لا صفات ذات؛ فهم ليسوا أهل الغلبة أو أهل النسب أو أهل إقليم معين، وإنما هم أهل تفوق في صفات الكفاءة والقدرة؛ مما يجعل قولهم مسموعًا، فمركزهم مفتوح لكل فرد يجمع شرائطه.

******* وقد تكون منهم المرأة، فقد استشار النبى - صلى الله عليه وسلم - أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - في صلح الحديبية، واستشار عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ابنته حَفْصَة في المدة التي تصبر فيها المرأة على زوجها الغائب. وعدم تولية النساء رئاسة أو ولاية عامة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس دليل منع من أن تكون النساء من أهل الحل والعقد؛ لأن الترك ليس بحجة، أي: عدم الفعل لا يعني عدم جوازه، بل حَكَمَت المسألةَ حكمةُ التدرج في التشريع، ومراعاة السياق الاجتماعي والعرف.

تنظيم أهل الحل والعقد

******* لما كان أمر التشريع في الدولة الإسلامية من الأمور الاختصاصية، أي التي لا يمكن أن تقوم بها الأمة كلها، فقد وجب أن ينوب عنها في تصريف شئونها فئة منها، وأولئك هم أهل الحل والعقد. ولكن كيف يتم تنظيمهم؟

******* رأى أغلبية أهل السلف أن أهل الحل والعقد هم أولي الأمر على كافة مستوياتهم في الدولة كما أشرنا آنفًا لرأي ابن تيمية، وهذا يعني أن أمر اختيارهم موكول إلى الخليفة، ثم يتولى كل صاحب أمر أو منصب اختيار مَن هم دونه بطريقة تسلسلية.

******* ولما كنا قد أخذنا بالمفهوم الضيق لأهل الحل والعقد، أي: أنهم هم كما يطلق عليهم في علم السياسة الحديث: "النخبة" أو "السلطة التشريعية" أو ممثلو الأمة، أو: أولو الأمر، فما هو شكل هذه السلطة إذًا وكيفية توليها؟

******* يرى أغلب الكتاب المعاصرين في نظرية ونظام الحكم الإسلامي أن أهمية أهل الحل والعقد، ودورهم في تعيين مصير البلاد والشعب، يقتضي أن ينتخب (يبايع) الناسُ نوابَهم ومندوبيهم في "مجلس الشورى" أو "مجلس النواب" وفق أسس دقيقة ذكرها الدين في نصوصه، وحَتَّم على الأمة مراعاتها وعدم التفريط فيها، وأهمها أن يكون النائب صالحًا منزهًا عارفًا بأوضاع البلاد وحاجات الأمة، وغير ذلك من الشروط والصفات التي ذكرناها من قبل.

******* وإذا كان البعض يدفع بأن الانتخاب من مظاهر التنظيم السياسي الغربي، فإنه ليس من المحظور شرعًا أن يُنْتَخَب أعضاء هذا المجلس بأصوات المسلمين وآرائهم، وإن لم يكن له نظير في عهد الخلافة الراشدة.

****** وقد لَخَّص ابن القيم هذا الخلاف حول الاجتهاد في تنظيم الحكم بشكل لم يكن له مثيل في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو الخلفاء بقوله:" هناك سياسة جزئية بحسب المصلحة تختلف باختلاف الأزمنة، فظنها من ظنها شرائع عامة لازمة للأمة إلى يوم القيامة، ولكلٍّ عذر وأجر، ومن اجتهد في طاعة الله ورسوله فهو دائر بين الأجر والأجرين".

******* إذا تَمَّ الاتفاق إذًا على أن أفضل الطرق لإيجاد فريق أهل الحل والعقد الذي يقع على عاتقه التشاور في التدابير المهمة والخطيرة،* ورسم سياسة الدولة هو الاختيار الحر بالانتخاب، تثور بعد ذلك مسألتان:

الأولى: صفة جمهور المنتخبين.

الثانية: شروط الترشيح، والدخول في مجال اختيار الأمة.

******* أما عن صفة جمهور المنتخبين فلا بد أن يتصفوا بالبلوغ في السن، والرشد في الفكر، إلا أنه يجب كذلك أن يُربَّى الجمهور تربية فكرية تؤهلهم للانتخاب الصحيح حتى لا ينتخبوا للإمامة أو لعضوية مجلس أهل الحل والعقد أو مجلس الشورى، إلا أناسًا يحوزون الأهلية حسب روح الدستور الذي يحكم الدولة الإسلامية.

******* وهنا ننتقل إلى النقطة الثانية، وهي تقدم أهل الحل والعقد لترشيح أنفسهم، أو أهلية المرشحين ليكونوا من أهل الحل والعقد. وهناك نوعان من الأهلية:

أولاً: الأهلية القانونية
******* يمتحن بها منظم الانتخابات أو القاضي رجلاً، ثم يحكم عليه بكونه أهلاً أو غير أهل لمنصب من المناصب، ولهذه الأهلية مقاييس مستمدة من القرآن والسنة اتفق عليها السابقون من عقل وأمانة.

******* ولكن الحائزين لهذه الأهلية العامة عدد كبير من الأمة حتى لو أضيفت إليها الشروط الأخرى من عدالة وعلم ورأي. وهنا تبرز النوعية الثانية من الأهلية وهي:

ثانيًا: الأهلية الأخلاقية
******* من التزام بالكتاب والسنة وصفات شخصية يجب أن يتحلى بها المسلم، عملاً بقول الله تعالى:" إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوْا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا "؛ حيث فسر ابن تيمية الأمانات بأن الولايات منها، فيجب اختيار أصلح من يقوم بالولاية، وقوله:" ..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ…"، وقوله:" وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيْدُوْنَ وَجْهَه…"، وقوله:" ..إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِيْن".

******* ويرى أبو الأعلى المودودي أنه لا ينتخب لأي منصب من مناصب المسئولية أو عضوية مجلس الشورى (أهل الحل والعقد) من يرشح نفسه لذلك، أو يسعى فيه سعيًا ما، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" إنا والله لا نُوَلِّي هذا الأمر أحدًا سأله أو حرص عليه "، وإن المجتمع الإسلامي لا مجال فيه للدعايات الانتخابية أصلاً، وإن مما يَمَجُّه الذوق الإسلامي، وتأباه العقلية الإسلامية أن يقدح المرشحون في بعضهم البعض للفوز بالمنصب، وأن يمدحوا أنفسهم في نشرات خاصة لذلك.

******* بيد أننا نختلف، ونرى أنه لعل هذا الأمر يدخل في إطار ما طرحه ابن القيم من ضرورة الاجتهاد؛ إذ إن طبيعة الدولة واتساعها، وكثرة الناس، وتوسع العمران الآن، كلها قد تقتضي الأخذ بأسلوب ترشيح طالبي المنصب أنفسهم، على أن يراعى في ذلك عدم الخروج على آداب الإسلام.

******* ويميز علماء الشريعة بين نوعين من أهل الحل والعقد:

أولاً: أهل الاجتهاد.

ثانيًا: أهل الاختيار. وهذا بالنظر إلى أمر اختيار الخليفة.

******* ويمكن أن نستغل نفس التقسيم في أن نقسم أهل الحل والعقد إلى أهل الاجتهاد؛ فنقصد بهم: أولئك الذين بلغوا مرتبة الاجتهاد في الشرع، واستوفوا شروطها. وأهل الرأي أو أهل الاختصاص وهم: أهل الحل والعقد في شئون الدولة وتخصصاتها بشتى فروعها، وهؤلاء لا يشترط فيهم درجة الاجتهاد في علوم الدين، بل التفوق في تخصصاتهم، ولا غنى لطرف عن الآخر في هذا العصر؛ لتعقد أمور الحياة، والحاجة للاجتهاد الجماعي؛ حيث صار من شبه المستحيل أن يستغني المجتهد بفقهه عن العلماء بشئون ومستحدثات العصر، أو يقضي أهل التخصص بمفردهم في قضايا فقهية وأخلاقية بمنأى عن المرجعية الفقهية الرشيدة المجددة المجتهدة.

******* ورأى الكثير من أساتذة القانون الدستوري الحديث أن التنظيم المعاصر لا يتنافى مع الشريعة الإسلامية؛ بشرط أن ينص صراحة في الدساتير على بطلان كل تشريع يخالف القواعد الكلية التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية، ويكفي إنشاء مجلس من كبار العلماء الذين يُوثَق في علمهم وفي دينهم وأخلاقهم؛ لتعرض عليه التشريعات قبل إصدارها من البرلمان؛ ليقرر ما إذا كانت تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وفي حالة التعارض عليه أن يجد الحل البديل الذي يحقق مصالح الناس؛ لأنه حيث توجد المصلحة - المنضبطة وليس المتوهمة - فثَمَّ شرع الله تعالى.

******* أما عن كيفية وآليات ممارسة أهل الحل والعقد لاختصاصهم، فقد سكتت الشريعة عنها كما سكتت عن أسلوب اختيارهم، ونرى أن تحديد فترة معقولة للعضوية في المجالس النيابية بدرجاتها يكفل فاعلية الرقابة الشعبية، ويمنع الاستبداد، ويفسح المجال أمام الخبرات الجديدة خاصة من أهل الاختصاص.
========

إسلام أون لاين

البانوش
23-08-2013, 08:37 PM
بارك الله فيكم
وجزاكم الله خيرا ًبما قدمتم

تقبل الله منا ومنكم
الدعاء وصالح الأعمال