khaldoon
29-07-2006, 09:15 AM
لكل مهنة أخطاء وأحيانًا خطايا، يحرص أصحابها ألا تنشر أو تنتشر، فتظل ـ غالبًا ـ سرًا من أسرار المهنة، وأجمل الأخطاء وأكثرها ظرفًا الأخطاء الصحفية، كما أنها الأكثر تأثيرًا باعتبارها منشورة على كل خلق الله، وعلى عكس أبناء المهن الأخرى لا يجد الصحفيون غضاضة في الكتابة عن الأخطاء الصحفية؛ كجزء من تجاربهم وخبراتهم أو لأنها موضوع صحفي بامتياز يجمع بين المعلومة والمتعة، وهذه جولة وباقة منتقاة من عالم الأخطاء الصحفية. أول قاعدة: في عالم الأخطاء الصحفية أن الصحفي هو المسؤول ما لم يكن الخطأ مطبعيا، وخطأ الصحفي قد يكون سببه ركاكة الأسلوب وسوء اختياره للكلمات والتعبيرات المناسبة.
كتب أحدهم في عنوان التحقيق "إلى من نوجه صوابع الاتهام"؟، بدلا من "أصابع الاتهام" لولا أن مدير التحرير غيّر العنوان في اللحظة الأخيرة.
وكتب آخر في معرض تغطيته لزيارة أحد الضيوف إلى مصر: "ثم انتقل سيادته إلى مثواه الأخير في هيلتون"!.
ووصف ثالث تصادم قطارين بقوله: "إن التصادم كان شديد قوي قوي لدرجة أن القضبان تكسرت والعربات أصبحت سبعات ثمانيات".. يقصد انقلبت رأسا على عقب!.
وخشي محرر صفحة (حوادث) أن يذكر بأن المتهم بالجريمة هو سعودي الجنسية فيسيء إلى العلاقات بين بلده والمملكة، فكتب ملمحا إلى أن "المتهم ينتمي إلى دولة يحج إليها المسلمون"!.
أما الطامة الكبرى فكانت تغطية أحدهم لحادث مروري نتج عنه انقلاب دراجة بخارية كان يقودها عسكري، وجاءت بعنوان "انقلاب عسكري في مدينة..." وهو ما فهمه مراسلو الصحف الأجنبية ووكالات الأنباء على أنه انقلاب على السلطة قام به عسكريون بهذه المدينة!.
وأثار أحد الصحفيين جدلا واسعا بين زملائه وبين القراء عندما كتب أن المباحث قبضت على صاحب العمارة لأنه سرق "البلاكة"، وظل الجميع يسأل عن هذه البلاكة التي تسببت في القبض على صاحب العمارة، وتبين فيما بعد أن البلاكة عبارة عن قطعة حديد صغيرة تضعها مصلحة الكهرباء المصرية أمام الشقق والمحلات، وتحوي أرقاما تضمن عدم استغلال التيار الكهربي في مكان آخر، وهو مصطلح فني بحت لا يعلمه إلا عمال الكهرباء.. والصحفي العبقري.
وقد يرجع الخطأ إلى الثقافة الضحلة للمحرر كما وصف أحدهم انتحار سيدة بقوله: "على طريقة يوليوس قيصر زوج كليوباترا.. انتحرت سيدة بطعن نفسها بالسكين أمام المارة"، وطبعا فإن قيصر لم ينتحر ولم يتزوج كليوباترا.. وقتله لم يكن أمام المارة!.
ورئيس تحرير صحيفة عربية كبرى نشر المقال الافتتاحي للصحيفته بعنوان "يريد الشياطون"، وعندما صوبها المراجع اللغوي إلى "يريد الشياطين" هاج الصحفي الكبير وماج، واتهم المصحح اللغوي أنه لا يعرف أن الشياطين هنا فاعل مرفوع بالواو!.
من دهاليز الصحافة المضروبة!
والصحافة المضروبة هي المفبركة، ومن طرائفها أن صحفيا شابا أراد إجراء لقاء مع أديسون صاحب الألف اختراع، ولكن العالم الكبير رفض الكلام، فما كان من الصحفي إلا أن نشر في اليوم التالي حديثا مطولا ملفقاً مع أديسون بعنوان "أعظم مخترع في العالم" فاتصل به أديسون، وقال له: بل أنت أكبر مخترع في العالم وليس أنا"!.
كما أرادت صحيفة "نيويورك صن" الأمريكية في عام 1835 أن تزيد مبيعاتها فادعت أن أحد العلماء اخترع تليسكوبا كبيرا يمكن من خلاله رؤية الحياة على القمر الذي تسكنه كائنات تشبه الوطاويط!.
أما "جانيت كوك" الصحفية الأمريكية الشابة فنشرت في "واشنطن بوست" موضوعًا مؤثرًا عن طفل عمره 8 سنوات مدمن للهيروين بسبب قسوة صديق أمه، وزعمت أن صديق الأم هددها ألا تذكر اسم الطفل ولا أي معلومات عنه وإلا قتلها، ووزعت الصحيفة 892 ألف نسخة وتفاعل الرأي العام مع القصة، وعرض أحد الأثرياء تبني الولد، وادعى مسئول الشرطة أنه بصدد القبض على صديق الأم، بل حصلت الصحفية الشابة على جائزة بوليتزر في التميز الصحفي. ولكن بعد فترة بدأت تقاريرها عن الطفل تتضارب وتتناقض، فطالبها الرأي العام بالكشف عن اسمه، وحققت معها الصحيفة لمدة 8 ساعات انتهت باعترافها بأنها لفقت الموضوع من الألف إلى الياء!.
ضرب المحبة!
وكثيراً ما يكون "ضرب" الصحافة سببه الحب والقلب الطيب.. يحكي الصحفي المصري إسماعيل النقيب أنه كان يحب الأديب المصري الكبير يحيى حقي بشدة، وعلم منه أنه يحلم بأن يكون عضوًا بالمجلس الأعلى للآداب والفنون والعلوم الاجتماعية، وفي إحدى المرات وصل إلى صحيفة "الأخبار" التي يعمل بها النقيب خبر بالأسماء المرشحة لعضوية هذا المجلس وليس من بينها يحيى حقي، ودون أن يلاحظ أحد أضاف النقيب اسم الأديب يحيى حقي للأسماء الثلاثة المذكورة، فما كان من المسؤولين عندما قرءوا الجريدة في اليوم التالي إلا أن أضافوا الأديب الكبير، معتقدين أن الخطأ كان من جانبهم في نسيان اسمه في الخبر الذي وزع على الصحف!.
واستقبلت دولة عربية رئيس إحدى دول أمريكا اللاتينية فنشرت الصحف صورة للرئيس السابق الذي أطاح به الرئيس الجديد في انقلاب عسكري (انقلاب بجد وليس انقلاب العسكري من على الموتوسيكل!) وغضب الضيف بشدة واعتبرها إهانة معتقدًا أن الصحف تتعمد الاحتفاء بخصمه اللدود، وكاد يلغي زيارته احتجاجا، وتبين فيما بعد أن الأرشيف لم يكن به صور للرئيس الجديد.
" آلو.. ممكن أكلم المرحوم!"
و"المقالب" الصحفية التي تكاد تكون جزءًا من الحياة اليومية للصحفيين هي في كثير من الأحيان السبب في أخطاء فادحة. وممن ذاقوا مرارة المقالب الصحفية إسماعيل النقيب، وكان وقتها مندوبًا لجريدة "الأخبار" في وزارة الري، التي تندر فيها الأخبار الكبيرة والعناوين الرئيسية الحمراء، واستغل زميلان له سفر وزير الري إلى طنطا بشكل مفاجئ وتركا له ورقة في الاستعلامات بتوقيع مكتب الوزير، وفيها أن الوزير قرر أن يوزع "مليون" فدان على الفلاحين من طرح النهر مجانا! وأعطى الصحفي الكبير لخبرته الصحفية إجازة مفتوحة فرحا بالخبر الذي سيحتل عناوين الصحيفة، وقدمه لمدير التحرير، وهنا فقط وقبل أن تقع الفأس في الرأس كشف الزميلان عن المقلب، وتذكر النقيب أن أراضي طرح النهر تؤجر لأنها غير ثابتة، كما أن الرقم مبالغ فيه للغاية، وسحب الخبر بعد أن كاد يفتك بهما فتمت معالجة الخطأ قبل حدوثه.
وكان الصحفي المصري نبيل عصمت -محرر باب أخبار الناس اليومي بجريدة الأخبار- هدفا لمقلب سخيف من أحد زملائه، حيث أبلغه الزميل تليفونيا أن المطربة ذائعة الصيت في ذلك الوقت "فتحية أحمد" قد توفيت اليوم فجأة، وأن أحدًا من الفنانين لم يحضر الجنازة، وبسرعة البرق "شرب" عصمت المقلب وكتب خبر وفاة الفنانة وكتب يهاجم الفنانين ويصفهم بعدم الوفاء، وفى اليوم التالي دخلت عليه "المرحومة" الفنانة فتحية أحمد مكتبه، وقالت له بهدوء: "أنا فتحية أحمد اللي أنت موتها النهارده الصبح"!.
مقلب مشابه حدث للصحفي الراحل نفسه، ولكنه كان من تدبير هيئة التليفونات هذه المرة حيث طلب أحد الأطباء المتخصصين من خلال دليل التليفونات، ولكنه علم من زوجته أن الطبيب الشهير مات منذ 7 سنوات، فكتب في مقال موجه للهيئة أنه لا بد من مراجعة أسماء المشتركين في الدليل حتى لا تتحول بدايات المكالمات من: "آلو.. فلان موجود؟ إلى: آلو.. فلان عايش؟!".
ولأن أطرف الأخطاء ما ارتبط بالمصائب؛ نذكر أن صحيفة أمريكية نشرت عام 1875 خبرًا خاطئا عن وفاة الأديب الفرنسي فيكتور هوجو، وبعد 10 سنوات مات هوجو فعلا فكتبت الصحيفة بالبنط العريض: نحن أول من سبق إلى إعلان وفاة هوجو.
أما الشاعر الإنجليزي "كيبلنج" فكان أكثر حزمًا مع الصحيفة التي نشرت خبر وفاته بالخطأ؛ إذ بعث إليها رسالة قال فيها:" لقد نشرتم اليوم خبر وفاتي، وبما أن الصحف المحترمة لا تنشر الأخبار إلا بعد التحقق منها، فلا شك أن موتي صحيح.. لذلك فلتقوموا بشطب اسمي من سجلات المشتركين.. فجريدتكم لن تفيدني ما دمت قد انتقلت إلى العالم الآخر".
وحين مات شقيق العالم الشهير ألفريد نوبل، وظنت الصحف أن مخترع الديناميت هو الذي مات؛ كتبت تصفه بأسوأ الصفات، مثل: مات عدو الإنسانية، مات بعد أن زرع الدمار.. وبعد أن قرأ نوبل ذلك اتخذ قرارا لم يعلن إلا بعد وفاته، وهو استغلال ثروته في تقديم جوائز لمن يقدمون إسهامات مميزة للإنسانية، وهي جائزة نوبل الشهيرة.
أما أطرف ما يروى في أخطاء صفحات الوفيات أن أنطون الجميل رئيس تحرير الأهرام وصل إليه نعي في وقت متأخر قبيل الطبع فكتب عليه لعمال الجمع:" إن كان له مكان" (أي يُضاف الخبر إذا كان له مكان في الصفحة) فظهر النعي في الأهرام هكذا:"مات اليوم (فلان الفلاني) أسكنه الله فسيح جناته إن كان له مكان"!.
إعلانات مغلوطة والإعلانات مدفوعة الأجر طالتها أيضاً الأخطاء القاتلة التي أضرت بمادة الإعلان أكثر مما أفادته، ويكون الخطأ في الغالب بسبب تداخل مادة الإعلان مع مادة صحفية أخرى، فعلى سبيل المثال نشرت إحدى الصحف الأجنبية إعلانا تقول فيه: "سوف تحب هذا النوع من البوربون عندما تشربه ثم اتصل برقم 21700 حانوتي هينس".
ونشرت أخرى إعلانا عن الفطائر جاء فيه: "اطلب محلاتنا لتحصل على فطيرة بالفاكهة من خشب الماهوجن المتين!" لكنها كانت أفضل كثيرا من الصحيفة التي أعلنت عن نفسها فقالت بأنها "أوسخ الصحف انتشارا" فتسبب حرف العين في تلويث سمعتها، وهو ما حدث مع شركة أرادت الإعلان عن مناقصة فوجدت نفسها "تلعن" المناقصة.
ومن أطرف أخطاء الإعلانات إعلان مبوب نصه: "رزق السيد جون سميث وزوجته السيدة ماري سميث بمولود ذكر سمياه بيتر.. مبروك يا جورج"! وآخر: "قرر النادي تغيير موعد عشاء الأحد الأسبوعي من الثلاثاء إلى الخميس"!.
يتبع
كتب أحدهم في عنوان التحقيق "إلى من نوجه صوابع الاتهام"؟، بدلا من "أصابع الاتهام" لولا أن مدير التحرير غيّر العنوان في اللحظة الأخيرة.
وكتب آخر في معرض تغطيته لزيارة أحد الضيوف إلى مصر: "ثم انتقل سيادته إلى مثواه الأخير في هيلتون"!.
ووصف ثالث تصادم قطارين بقوله: "إن التصادم كان شديد قوي قوي لدرجة أن القضبان تكسرت والعربات أصبحت سبعات ثمانيات".. يقصد انقلبت رأسا على عقب!.
وخشي محرر صفحة (حوادث) أن يذكر بأن المتهم بالجريمة هو سعودي الجنسية فيسيء إلى العلاقات بين بلده والمملكة، فكتب ملمحا إلى أن "المتهم ينتمي إلى دولة يحج إليها المسلمون"!.
أما الطامة الكبرى فكانت تغطية أحدهم لحادث مروري نتج عنه انقلاب دراجة بخارية كان يقودها عسكري، وجاءت بعنوان "انقلاب عسكري في مدينة..." وهو ما فهمه مراسلو الصحف الأجنبية ووكالات الأنباء على أنه انقلاب على السلطة قام به عسكريون بهذه المدينة!.
وأثار أحد الصحفيين جدلا واسعا بين زملائه وبين القراء عندما كتب أن المباحث قبضت على صاحب العمارة لأنه سرق "البلاكة"، وظل الجميع يسأل عن هذه البلاكة التي تسببت في القبض على صاحب العمارة، وتبين فيما بعد أن البلاكة عبارة عن قطعة حديد صغيرة تضعها مصلحة الكهرباء المصرية أمام الشقق والمحلات، وتحوي أرقاما تضمن عدم استغلال التيار الكهربي في مكان آخر، وهو مصطلح فني بحت لا يعلمه إلا عمال الكهرباء.. والصحفي العبقري.
وقد يرجع الخطأ إلى الثقافة الضحلة للمحرر كما وصف أحدهم انتحار سيدة بقوله: "على طريقة يوليوس قيصر زوج كليوباترا.. انتحرت سيدة بطعن نفسها بالسكين أمام المارة"، وطبعا فإن قيصر لم ينتحر ولم يتزوج كليوباترا.. وقتله لم يكن أمام المارة!.
ورئيس تحرير صحيفة عربية كبرى نشر المقال الافتتاحي للصحيفته بعنوان "يريد الشياطون"، وعندما صوبها المراجع اللغوي إلى "يريد الشياطين" هاج الصحفي الكبير وماج، واتهم المصحح اللغوي أنه لا يعرف أن الشياطين هنا فاعل مرفوع بالواو!.
من دهاليز الصحافة المضروبة!
والصحافة المضروبة هي المفبركة، ومن طرائفها أن صحفيا شابا أراد إجراء لقاء مع أديسون صاحب الألف اختراع، ولكن العالم الكبير رفض الكلام، فما كان من الصحفي إلا أن نشر في اليوم التالي حديثا مطولا ملفقاً مع أديسون بعنوان "أعظم مخترع في العالم" فاتصل به أديسون، وقال له: بل أنت أكبر مخترع في العالم وليس أنا"!.
كما أرادت صحيفة "نيويورك صن" الأمريكية في عام 1835 أن تزيد مبيعاتها فادعت أن أحد العلماء اخترع تليسكوبا كبيرا يمكن من خلاله رؤية الحياة على القمر الذي تسكنه كائنات تشبه الوطاويط!.
أما "جانيت كوك" الصحفية الأمريكية الشابة فنشرت في "واشنطن بوست" موضوعًا مؤثرًا عن طفل عمره 8 سنوات مدمن للهيروين بسبب قسوة صديق أمه، وزعمت أن صديق الأم هددها ألا تذكر اسم الطفل ولا أي معلومات عنه وإلا قتلها، ووزعت الصحيفة 892 ألف نسخة وتفاعل الرأي العام مع القصة، وعرض أحد الأثرياء تبني الولد، وادعى مسئول الشرطة أنه بصدد القبض على صديق الأم، بل حصلت الصحفية الشابة على جائزة بوليتزر في التميز الصحفي. ولكن بعد فترة بدأت تقاريرها عن الطفل تتضارب وتتناقض، فطالبها الرأي العام بالكشف عن اسمه، وحققت معها الصحيفة لمدة 8 ساعات انتهت باعترافها بأنها لفقت الموضوع من الألف إلى الياء!.
ضرب المحبة!
وكثيراً ما يكون "ضرب" الصحافة سببه الحب والقلب الطيب.. يحكي الصحفي المصري إسماعيل النقيب أنه كان يحب الأديب المصري الكبير يحيى حقي بشدة، وعلم منه أنه يحلم بأن يكون عضوًا بالمجلس الأعلى للآداب والفنون والعلوم الاجتماعية، وفي إحدى المرات وصل إلى صحيفة "الأخبار" التي يعمل بها النقيب خبر بالأسماء المرشحة لعضوية هذا المجلس وليس من بينها يحيى حقي، ودون أن يلاحظ أحد أضاف النقيب اسم الأديب يحيى حقي للأسماء الثلاثة المذكورة، فما كان من المسؤولين عندما قرءوا الجريدة في اليوم التالي إلا أن أضافوا الأديب الكبير، معتقدين أن الخطأ كان من جانبهم في نسيان اسمه في الخبر الذي وزع على الصحف!.
واستقبلت دولة عربية رئيس إحدى دول أمريكا اللاتينية فنشرت الصحف صورة للرئيس السابق الذي أطاح به الرئيس الجديد في انقلاب عسكري (انقلاب بجد وليس انقلاب العسكري من على الموتوسيكل!) وغضب الضيف بشدة واعتبرها إهانة معتقدًا أن الصحف تتعمد الاحتفاء بخصمه اللدود، وكاد يلغي زيارته احتجاجا، وتبين فيما بعد أن الأرشيف لم يكن به صور للرئيس الجديد.
" آلو.. ممكن أكلم المرحوم!"
و"المقالب" الصحفية التي تكاد تكون جزءًا من الحياة اليومية للصحفيين هي في كثير من الأحيان السبب في أخطاء فادحة. وممن ذاقوا مرارة المقالب الصحفية إسماعيل النقيب، وكان وقتها مندوبًا لجريدة "الأخبار" في وزارة الري، التي تندر فيها الأخبار الكبيرة والعناوين الرئيسية الحمراء، واستغل زميلان له سفر وزير الري إلى طنطا بشكل مفاجئ وتركا له ورقة في الاستعلامات بتوقيع مكتب الوزير، وفيها أن الوزير قرر أن يوزع "مليون" فدان على الفلاحين من طرح النهر مجانا! وأعطى الصحفي الكبير لخبرته الصحفية إجازة مفتوحة فرحا بالخبر الذي سيحتل عناوين الصحيفة، وقدمه لمدير التحرير، وهنا فقط وقبل أن تقع الفأس في الرأس كشف الزميلان عن المقلب، وتذكر النقيب أن أراضي طرح النهر تؤجر لأنها غير ثابتة، كما أن الرقم مبالغ فيه للغاية، وسحب الخبر بعد أن كاد يفتك بهما فتمت معالجة الخطأ قبل حدوثه.
وكان الصحفي المصري نبيل عصمت -محرر باب أخبار الناس اليومي بجريدة الأخبار- هدفا لمقلب سخيف من أحد زملائه، حيث أبلغه الزميل تليفونيا أن المطربة ذائعة الصيت في ذلك الوقت "فتحية أحمد" قد توفيت اليوم فجأة، وأن أحدًا من الفنانين لم يحضر الجنازة، وبسرعة البرق "شرب" عصمت المقلب وكتب خبر وفاة الفنانة وكتب يهاجم الفنانين ويصفهم بعدم الوفاء، وفى اليوم التالي دخلت عليه "المرحومة" الفنانة فتحية أحمد مكتبه، وقالت له بهدوء: "أنا فتحية أحمد اللي أنت موتها النهارده الصبح"!.
مقلب مشابه حدث للصحفي الراحل نفسه، ولكنه كان من تدبير هيئة التليفونات هذه المرة حيث طلب أحد الأطباء المتخصصين من خلال دليل التليفونات، ولكنه علم من زوجته أن الطبيب الشهير مات منذ 7 سنوات، فكتب في مقال موجه للهيئة أنه لا بد من مراجعة أسماء المشتركين في الدليل حتى لا تتحول بدايات المكالمات من: "آلو.. فلان موجود؟ إلى: آلو.. فلان عايش؟!".
ولأن أطرف الأخطاء ما ارتبط بالمصائب؛ نذكر أن صحيفة أمريكية نشرت عام 1875 خبرًا خاطئا عن وفاة الأديب الفرنسي فيكتور هوجو، وبعد 10 سنوات مات هوجو فعلا فكتبت الصحيفة بالبنط العريض: نحن أول من سبق إلى إعلان وفاة هوجو.
أما الشاعر الإنجليزي "كيبلنج" فكان أكثر حزمًا مع الصحيفة التي نشرت خبر وفاته بالخطأ؛ إذ بعث إليها رسالة قال فيها:" لقد نشرتم اليوم خبر وفاتي، وبما أن الصحف المحترمة لا تنشر الأخبار إلا بعد التحقق منها، فلا شك أن موتي صحيح.. لذلك فلتقوموا بشطب اسمي من سجلات المشتركين.. فجريدتكم لن تفيدني ما دمت قد انتقلت إلى العالم الآخر".
وحين مات شقيق العالم الشهير ألفريد نوبل، وظنت الصحف أن مخترع الديناميت هو الذي مات؛ كتبت تصفه بأسوأ الصفات، مثل: مات عدو الإنسانية، مات بعد أن زرع الدمار.. وبعد أن قرأ نوبل ذلك اتخذ قرارا لم يعلن إلا بعد وفاته، وهو استغلال ثروته في تقديم جوائز لمن يقدمون إسهامات مميزة للإنسانية، وهي جائزة نوبل الشهيرة.
أما أطرف ما يروى في أخطاء صفحات الوفيات أن أنطون الجميل رئيس تحرير الأهرام وصل إليه نعي في وقت متأخر قبيل الطبع فكتب عليه لعمال الجمع:" إن كان له مكان" (أي يُضاف الخبر إذا كان له مكان في الصفحة) فظهر النعي في الأهرام هكذا:"مات اليوم (فلان الفلاني) أسكنه الله فسيح جناته إن كان له مكان"!.
إعلانات مغلوطة والإعلانات مدفوعة الأجر طالتها أيضاً الأخطاء القاتلة التي أضرت بمادة الإعلان أكثر مما أفادته، ويكون الخطأ في الغالب بسبب تداخل مادة الإعلان مع مادة صحفية أخرى، فعلى سبيل المثال نشرت إحدى الصحف الأجنبية إعلانا تقول فيه: "سوف تحب هذا النوع من البوربون عندما تشربه ثم اتصل برقم 21700 حانوتي هينس".
ونشرت أخرى إعلانا عن الفطائر جاء فيه: "اطلب محلاتنا لتحصل على فطيرة بالفاكهة من خشب الماهوجن المتين!" لكنها كانت أفضل كثيرا من الصحيفة التي أعلنت عن نفسها فقالت بأنها "أوسخ الصحف انتشارا" فتسبب حرف العين في تلويث سمعتها، وهو ما حدث مع شركة أرادت الإعلان عن مناقصة فوجدت نفسها "تلعن" المناقصة.
ومن أطرف أخطاء الإعلانات إعلان مبوب نصه: "رزق السيد جون سميث وزوجته السيدة ماري سميث بمولود ذكر سمياه بيتر.. مبروك يا جورج"! وآخر: "قرر النادي تغيير موعد عشاء الأحد الأسبوعي من الثلاثاء إلى الخميس"!.
يتبع