المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا خلق الله الشر؟



للحياة معنى
29-07-2006, 12:04 PM
أعجبني هذا الحوار الذي قرأته في إحدى الكتب ... فأحببت أن أكتبها لكم ...حوار بين صديقين أحدهم تخرج من فرنسا وعاش مع الهيبر وأصبح ينكر كل شيء....
قال صاحبه ساخرا :
كيف تزعمون أن إلهكم كامل ورحمن ورحيم وكريم ورءوف وهو قد خلق كل هذه الشرور في العالم.. المرض و الشيخوخة والموت والزلزال والبركان والميكروب والسم والحر والزمهرير وآلام السرطان التي لا تعفى الطفل الوليد ولا الشيخ الطاعن، إذا كان الله محبة وجمالا وخيرا فكيف يخلق الكراهية والقبح والشر

والمشكلة التي أثارها صاحبه من المشاكل الأساسية في الفلسفة وقد انقسمت حولها مدارس الفكر وأختلف حولها الآراء .

فرد عليه قائلا:
: ان الله كله رحمة وكله خير وانه لم يأمر بالشر ولكنه سمح به لحكمة.
( إن الله لا يأمر بالفحشاء اتقولون على الله مالا تعلمون.قل امر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)28- أعراف.


الله لا يأمر إلا بالعدل والمحبة والإحسان والعفو والخير وهو لا يرضى إلا بالطيب.
فلماذا ترك الظالم يظلم والقاتل يقتل والسارق يسرق.
لأن الله أرادنا أحرارا .. والحرية اقتضت الخطأ ولا معنى للحرية دون أن يكون لنا حق التجربة والخطأ والصواب.. والاختيار الحر بين المعصية والطاعة.
وكأن في قدرة الله أن يجعلنا جميعا أخيارا وذالك بأن يقهرنا على الطاعة قهرا وكان ذاللك يقتضي ان يسلبنا حرية الاختيار.

وفي دستور الله وسنته أن الحرية مع الألم أكرم للإنسان من العبودية مع السعادة .. ولهذا تركنا نخطىء ونتألم ونتعلم وهذه هي الحكمة في سماحة بالشر.
ومع ذالك فان النظر المنصف المحايد سوف يكشف لنا أن الخير في الوجود هو القاعدة وأن الشر هو الإستثناء.. فالصحة هي القاعدة والمرض استثناء ونحن نقضي معظم سنوات عمرنا في صحة ولا يزورنا المرض الا أياما قليلة .. وبالمثل الزلزال هي في مجملها بضع دقائق في عمر الكرة الارضية الذي يحصى بملاين السنين وكذالك البراكين وكذالك الحروب هي تشنجات قصيرة في حياة الأمم بين فترات سلام طويلة ممتدة.
ثم إننا نرى في كل وجه خير فالمرض يخلف وقاية والألم يربي الصلابة والجلد والتحمل والزلزال تنفس عن الضغط المكبوت في داخل الكرة الأرضية وتحمي القشرة الارضية من الانفجار وتعيد الجبال الى اماكنها كأحزمة وثقالات تثبت القشرة الأرضية في مكانها ، والبراكين تنقث المعادن والثروات الخبيئة الباطنة وتكسو الارض بتربة بركانية خصبة.. والحروب تدمج الأمم وتلقح بينها وتجمعها في كتل وأحلاف ثم في عصبة امم ثم في مجلس امن هو بمثابة محكمة عالمية للتشاكي والتصالح .. واعظم الإختراعات خرجت أثناء الحروب .
ومن سم الثعبان يخرج الترياق.
ومن الميكروب نصنع اللقاح.
ولولا أجدادنا ماتوا لما كنا الآن في مناصبنا. والشر في الكون كالظل في الصورة اذا أقتربت منه خيل إليك أنه عيب ونقص في الصورة .. ولكن إذا أبتعدت ونظرت الى الصورة ككل نظرة شاملة أكتشفت انه ضروري لا غنى عنه وانه يؤدي وظيفة جمالية في البناء العام للصورة.
وهل كان يمكننا أن نعرف الصحة لولا المرض .. ان الصحة تظل تاجا على رؤوسنا لا نراه ولا نعرفه الا حينما نمرض.
وبالمثل ما كان يمكننا أن نعرف الجمال لولا القبح ولاا الوضع الطبيعي لولا الوضع الشاذ.

ولهذا يقول الفيلسوف أبو حامد الغزالي : أن نقص الكون هو عين كماله مثل اعوجاج القوس هو عين صلاحيته ولو أنه أستقام لما رمى.

وظيفة أخرى للمشقات والآلام ... انها تفرز الناس وتكشف معادنهم.
انها امتحان الذي نعرف به انفسنا .. والابتلاء الذي تحدد به مراتبنا عند الله.
ثم ان الدنيا كلها ليست سوى فصل واحد من رواية سوف تتعدد فصولها فالموت ليست نهاية قصة ولكن بدايتها.

ان جدتي أكثر ذكاءا من الاستاذ الدكتور المتخرج من فرنسا حينما تقول في بساطة :
"خير من الله شر من نفوسنا"
انها كلمات قليلة ولكنها تلخيص امين للمشكلة كلها..
فالله أرسل الرياح وأجرى النهر ولكن ربان السفينة الجشع ملا سفينته بالناس والبضائع بأكثر مما تحتمل فغرقت فمضى يسب الله والقدر .. وما ذنب الله .. الله أرسل الرياح رخاء وأجرى النهر خيرا .. ولكن جشع النفوس وطمعها هو الذي قلب هذا الخير شرا.
ما اصدقها من كلما ت جميلة طيبة .
" خير من الله شر من نفوسنا".