المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غربة الدين،والواقع المؤلم



امـ حمد
17-09-2013, 11:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
في وسط هذه الظروف المدلهمة التي تمر بنا جميعاً الآن وتجعل المسلم التقي النقي في هذه الدنيا حيران،نظر النبي صلى الله عليه
وسلم،بعين بصيرته الربانية وبالأنوار التي تملأ قلبه الإلهية والتي يقول لنا فيها الله(قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ
وَمَنِ اتَّبَعَنِي)يوسف،نظر إلى المتمسكين بسنته والمحافظين على أحكام شريعته،في هذا الزمان الذي ظهر فيه الفجور،وانكسرت فيه
الحدود،وأصبح الناس إلا القليل يمشون على حسب أهوائهم ولا يحتكمون إلى شرع ربهم ولا يستنون بهدي نبيهم وكأنهم يقولون
(وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ)سورة الجاثية،أصبح الأغلب يستحل الأموال ولا يبالي من حلال أو
حرام يغش إخوانه المسلمين مع تحذير النبي القوي في قوله(من غش فليس منا)صحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود عن أبي
هريرة،يخدع المؤمنين المسالمين ابتغاء عرض،فان في الحياة الدنيا نسوا الله فأنساهم أنفسهم لا يتورعون عن الكذب ولا يعدون
الخيانة خصلة سيئة بل إن خصال النفاق طلت في جميع الآفاق وأصبح حديث النبي(آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد
أخلف وإذا اؤتمن خان)في الصحيحين البخاري،ومسلم،وسنن الترمذي عن أبي هريرة،ولكن مع ذلك هناك أناس نرجو أن نكون
منهم أجمعين يمشون على الصراط المستقيم،لا يميلون إذا مال الناس،ولا يعتدون ويتجاوزون الحدود إذا جاوز الجهلاء،يسعون
في الدنيا ويعلمون علم اليقين أنهم في الآخرة إن شاء الله وإليها راجعون ومن الدنيا مسافرون،فيعملون للغد من الباقيات
الصالحات،فيهذا الحديث الصحيح، رواه مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(بدأ
الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)وهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، زاد جماعة من
أئمة الحديث في رواية أخرى،قيل،يا رسول الله، من الغرباء،قال(الذي يصلحون إذا فسد الناس)وفي لفظ آخر(الذين يُصلحون ما
أفسد الناس من سنتي)فالمقصود أن الغرباء،هم أهل الاستقامة،وأن الجنة والسعادة للغرباء الذين يصلحون عند فساد
الناس،وقلَّ أهل الخير ثبتوا هم على الحق واستقاموا على دين الله،ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة واستقاموا على الصلاة
والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ
اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ،نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي
الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ،نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحيم)ما تدعون،أي ما تطلبون،فالإسلام بدأ قليلاً غريباً في
مكة لم يؤمن به إلا القليل، وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل إلى
المدينة مهاجراً وانتقل معه من قدر من أصحابه، وكان غريباً أيضاً حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في
دين الله أفواجاً بعد أن فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام، فأوله كان غريباً بين الناس،وأكثر الخلق على الكفر بالله
والشرك بالله وعبادة الأصنام ،ثم هدى الله من هدى على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم،وعلى يد أصحابه فدخلوا في دين الله
وأخلصوا العبادة لله وتركوا عبادة الأصنام والأوثان،وأخلصوا لله العبادة، فصاروا لا يعبدون إلا الله وحده، لا يصلون إلا له، ولا
يسجدون إلا له، ولا يتوجهون بالدعاء والاستعانة وطلب الشفاء إلا له سبحانه وتعالى،لا يسألون أصحاب القبور، ولا يطلبون منهم
المدد، ولا يستغيثون بهم، ولا يستغيثون بالأصنام والأشجار والأحجار، ولا بالكواكب والجن والملائكة، بل لا يعبدون إلا الله
وحده سبحانه وتعالى،هؤلاء هم الغرباء الذين يستقيمون على دين الله،عندما يتأخر الناس عن دين الله وعندما يكفر الناس وعندما
تكثر معاصيهم وشرورهم، يستقيم هؤلاء الغرباء على طاعة الله ودينه،فلهم الجنة والسعادة، ولهم العاقبة الحميدة في الدنيا وفي الآخرة،
إن من أهمِّ أسباب غربة الدين،
فبُعد الناس عن دين الله عز وجل،وعن كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، هو بعدٌ عن سعادتهم وعزهم، وبعدٌ عن كرامتهم،
ما ذكره الله تعالى وحذرنا منه حين قال معاتباً أهل الكتاب(وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَـٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)البقرة، إن لبس
الحق وتزيين الباطل،ومنع الحق وحبسه عن الناس ثم سوق الباطلُ في لباسِ الخيرِ، كلُّ ذلك سبب لضياع الحق وانتشار
الباطل،لقد روَّج أهلُ الباطل باطلهم وخلطوا معه شيئاً من الحق حتى تقبَّله الناس،ثم حاربوا الحق جهاراً لما ضعُف ناصروه وقلّ
أعوانه وسلكوا في سبيل ذلك مسالك شيطانية،أما المجاهرة بالمعاصي والاستعلان بالمنكر فحرية شخصية،وأما الاستهزاء
بالدين فهذا من حرية التعبير والفكر التي لا يحاسب قائلها أو كاتبها،فشباب الأمة أغوتهم أنواع الانحلال وأغرتهم المحرمات من
الشهوات،وهم عكوف على دور اللهو والقنوات الفضائية،أما الربا الذي هو حرب على الله وعلى رسوله من أكبر الكبائر واستحق
مرتكبوه ومن شاركوهم فيه لعنة الله، وصار الربا مجرد فائدة أو عوائد بنكية،إن من غربة الإسلام أن يلاحق الخيرون(وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)إن علينا أن نجد لأنفسنا دوراً نحتسب من خلاله إصلاح فساد الناس وتخفيف مظاهر الغربة
والمساهمة في نصرة الأمة، كل بما يستطيع، إن علينا أن نوقظ في حس كل مسلم ووعيه أن يزن الأمور بميزان الشرع ويحتكم إلى
الكتاب والسنة، وألا ينخدع بزخرف أهل الباطل وكذبهم، إن علينا أن نقيم في الأمة وسائل دفع هذه الغربة وكذلك الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، وكذلك الثبات في مواجهة الابتلاء،دعوتهم للخير والتمسك برباط الطائفة المنصورة الذين لا يضرهم من
خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، فالعزة لأهل الإيمان والحق باقية ما استقاموا على النهج وأصلحوا
أنفسهم ومن حولهم،وإن خيرية الأمة محفوظة ما استقامت على الطريقة، وبين أيديهم كتاب الله وسنة نبيهم أن يتقوا ربهم وأن
يراجعوا أحوالهم وينظروا في سنن الله وأحوال من قبلهم ومع غيرهم(ثُمَّ جَعَلْنَـٰكُمْ خَلَـٰئِفَ فِى ٱلأرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ
تَعْمَلُونَ)يونس،إن الخلافة والتمكين مرتبطةُ بالأعمال الصالحة،وإن مما جلب الغربة للأمة وأعاق نصرها وسبب ماحاق بها من بلاءٍ
أنها دانت بمنهاج على غير دين الله، اختلطت عليها السبل، واصطبغت بغير صبغة الله(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً)البقرة،تغيرت أحوالهم وفرطوا في دينهم، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات،

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين.

qatar vision
18-09-2013, 04:01 PM
اللهم آمين

امـ حمد
18-09-2013, 04:07 PM
اللهم آمين

بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس