المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العفو يورث صاحبه العزة



امـ حمد
24-09-2013, 04:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين َوَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)آل عمران،إن الرحمة في قلب العبد تجعله يعفو عمَّن
أساء إليه أو ظلمه،ولا يوقع به العقوبة عند القدرة عليه،وإذا فعل العبد ذلك كان أهلاً لعفو الله عنه،
الدعوة بالأخلاق الحميدة
إن الإسلام يريد من أبنائه أن يكونوا دعاةً للإسلام بأخلاقهم الحميدة،من أجل ذلك وجههم إلى العفو حتى عن الكافرين إن
أساءوا،ولقد كان تعامل المسلمين بهذه الأخلاق السامية مع غير المسلمين سبباً لإسلام كثير منهم،فهذا عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه يقول(كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم،يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم
عن وجهه ويقول(رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)ونفس المعنى نستشعره في كلمات ابن مسعود رضي الله عنه،حين جلس في
السوق يشتري طعاماً،فلما أراد أن يدفع الدراهم وجدها قد سُرقت،فجعل الناس يدعون على من أخذها،فقال عبد الله بن
مسعود،اللهم إن كان حمله على أخذها حاجة فبارك له فيها،وإن كان حملته جراءة على الذنب فاجعله آخر ذنوبه،
العفو أولى
وإذا كان الإسلام قد قرر حق المظلوم في معاقبة الظالم على السيئة بمثلها وفق مقتضى العدل، فإن العفو والمغفرة من غير تشجيع
على الظلم والتمادي فيه أكرم وأرحم،قال الله تعالى(وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ،وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا
وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)الشورى،ثم يعرض الله مرتبة الإحسان مشجعاً عليها فيقول(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ
عَلَى اللَّهِ)ثم يتبع ذلك بإعلان حرمان الظالمين من محبة الله(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)ثم يرجع النص فيعلن حق المظلومين في أن
ينتصروا لأنفسهم، ويعلن بشدة استحقاق الظالمين للعقاب في الدنيا، وللعذاب الأليم في الآخرة فيقول(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ
فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ،إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)ثم يبين القرآن
ما لهؤلاء العافين عن الناس من الأجر(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ،الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)آل عمران،
العفو دليل كرم النفس
إن الذي يجود بالعفو عبدٌ كرمت عليه نفسه،وعلت همته وعظم حلمه وصبره،ولما أُتي عبد الملك بن مروان بأسارى ابن الأشعث
في وقت الفتنة قال عبد الملك لرجاء بن حيوة،ماذا ترى،قال،إن الله تعالى قد أعطاك ما تحب من الظفر فأعط الله ما يحب من
العفو،فعفا عنهم،
العفو يورث صاحبه العزة
ولأن بعض الناس قد يزهد في العفو لظنه أنه يورثه الذلة والمهانة فقد أتى النص القاطع يبين أن العفو يرفع صاحبه ويكون
سبب عزته،عن أبي هريرة رضي الله عنه قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما نقصت صدقة من مال،وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا
عزًا،وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)رواه مسلم،وأولى الناس بعفوك الضعفاء من الزوجات والأولاد والخدم ومن على شاكلتهم،
ولهذا لما بيَّن الله أن من الأزواج والأولاد من يكون فتنة قال(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ
تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)التغابن،فالإنسان من عادته أن يكون البادئ بالإحسان لزوجه وأولاده،فإذا وجد فيهم
إساءة آلمته،فلربما اشتد غضبه وصعب عليه أن يعفو ويصفح لأنه يعتبر إساءة الأهل حينئذ نوعاً من الجحود ونكران الجميل،
لهذا احتاج إلى توجيه وإرشاد خاص إليه بأن يعفو ويصفح حتى يستحق من الله المغفرة والعفو والصفح،وإن في ضمن هذا النهي
المتكرِّر عن الغضب لأمراً بالحلم والأناة ومدحاً لهما، وقد جاء ذلك عند مسلم من حديث ابن عباس قال، قال رسول الله،صلى الله عليه
وسلم،للأشجِّ(إن فيك لخصلتين يحبُّهما الله ورسوله،الحلم، والأناة)إنه لو ذهب المرء لينتقم من كلِّ من أخطأ في حقِّه،لتكدَّرت حياته
ولتنغّص عيشه،ولما سلم له قريب ولا بعيد،ولا يهنأ في هذه الدنيا ويستمتع بها إلا المسامح، وصدق القائل
إذا ضاق صدر المرء لم يصف عيشه،،،،وما يستطيب العيش إلاَّ المسامح
ومن ثمَّ فإنه لا أسرع في إطفاء نار الخلافات وإخماد لهيبها، تخفيف سعير العداوات وإماتة شعلها، من إلقاء برد العفو عليها
ومعاجلتها بغيث الصفح،وصب ماء التسامح على القلوب،ليطهِّرها من دنسها،فترجع للصف وحدته، ويعود للكلمة اجتماعها، ومن ثَمَّ
تعيش الأمة أفرادًا وجماعات في أمن واطمئنان وتآلف، فتتفرَّغ لما فيه صلاحها وفلاحها، وتتعاون على ما به فوزها ونجاحها.ربُّوا
نفوسكم على العفو والصفح، وروِّضوها على التسامح والرقَّة، وعوِّدوها على الرحمة والرأفة، وتذكَّروا أن هذا من صفات أهل
الجنة،قال،صلى الله عليه وسلم(وأهل الجنة ثلاثة،ذو سلطان مُقسِط متصدِّق موفَّق، ورجل رحيم رقيق القلب لكلِّ ذي قربى ومسلم،
وعفيف متعفِّف ذو عيال)أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ،إن ديننا قيم نعتنقه قولاً وعملاً، ومبادئ نتمسَّك به سرًّا وعلنًا،وما شرعت
الشرائع إلا لتطبَّق ويلتزم بها، ولا أنزل الدين إلا لتطهير الباطن وتغيير الظاهر، وفي الحديث(إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا
أموالكم،ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)رواه مسلم،
أتدرون ما أكبر عائق للعفو في دنيانا،أتعلمون ما العقبة التي لو
تجاوزناها لعفونا عن كلِّ مَن أساء إلينا،إنه اعتقاد كثيرٍ منَّا أن العفو مُرادف للضعف وأنه لا يتنازل عن حقِّه إلا العاجز الضعيف،
اللهمَّ أصلِح قلوبنا،واغفر ذنوبنا،واستُر عيوبنا،واغفر لنا ولوالدينا،ونسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة،والحمد لله رب العالمين.

فريج النجادة
24-09-2013, 10:31 AM
اللهم أمين

امـ حمد
24-09-2013, 03:36 PM
اللهم أمين

بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس