المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البطانه الصالحه



امـ حمد
28-09-2013, 11:07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البطانه الصالحه
عن أبي سعيد الخدري،رضي الله عنه،عن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال(ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان،بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، فالمعصوم من عصم الله تعالى )رواه البخاري،
ويفيد الحديث،إثبات الأمور كلها لله تعالى، فهو الذي يعصم من شاء من عباده بفضله وكرمه،
أن للولاة مع بطانتهم ثلاثة أحوال،
من يقبل من بطانته الخير دون الشر دائماً،وهذا اللائق بالنبي،صلى الله عليه وسلم،لأنه معصوم،
من يقبل من بطانته الشر دون الخير،وهذا قد يوجد ولا سيما ممن يكون كافراً،
من يقبل من هؤلاء تارة ومن هؤلاء تارة،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لا تصاحب إلا مؤمنا،ولا يأكل طعامك إلا تقي)أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي سعيد
الخدري،أن النبي صلى الله عليه وسلم يضع للمسلم منهـجاً ينطلق عليه في حياته أن لا يصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامه إلا تقي،ولا
يعني الحديث،أنه لا يجوز للمسلم أن يُطعم غـير المؤمن الصالح،وإنما يقصد الحديث أنه ينبغي له أن لا يخالط إلا مؤمناً،وأن لا يأكل طعـامه إلا تقي،
فالمخالطة والمصاحبة والمصادقة شيء،وأن يُطعــم بمنـــاسبة ما كافراً شيء آخر،فهذا يجوز،ولكن ينبغي ألا يكون ذلك منهج
حياته،ذلك لأن المصاحب الصالح كمثل بائع المسك،إما أن تشم منه رائحة طيبة،ومثل جليس السوء،كمثل الحداد،إما أن يحرق ثيابك بالنار التي يوقدها، وإما أن تشم بسببها رائحة كريهة،
الصاحب ساحب،إن كان صالحاً سحبه إلى الصلاح،وإن كان طالحاً سحبه إلى الطلاح،ولذلك قيــل(عن المرء لا تسأل،واسأل عن
قرينه،وكل مقارِن بالمقارَن يقتدي)الشيخ الألباني،من هنا جاء أمر هام من رسول الله صلى الله عليه وسلم،حينما نهى المسلم أن يخالط المشرك،فقال عليه الصلاة والسلام(من جماع المشرك،أي من خالطه وصاحبه،فهو مثـله)الشيخ الألباني،
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم،ابتعد في سكنك عن سكن المشرك،خشيت أن يتأثر بشيء من تقاليده،وعادته،وأخلاقه،
وأطباعه،لذلك فلا يجوز للمسلم أن يخالط إلا الصالحين،هذا هو المقصود من قوله عليه السلام في الحديث السابق المسؤول عنه(لا تصاحب إلا مؤمناً،ولا يأكل طعامك إلا تقي
لا بد أن يكون لك أصحاب تقربهم إليك،وتستأنس بهم،وتشاورهم في كثير من أمورك،وهؤلاء هم بطانتك،كثيراً ما نرى من أهل
الصلاح من يزلّ زلات، إنما استدرجته إليها بطانة فاسدة،زينت له الباطل،وحجبت الحق عن عينيه، ومسؤولية أحدنا تبدأ من حسن
الاختيار للأصحاب، فالصاحب دليل على صاحبه، إذ أن النفوس المتماثلة تتجاذب فيما بينها، كما بيّن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بقوله(المرء على دين خليله،فلينظر أحدكم من يخالل)حديث صحيح رواه أبو داوود والترمذي،لأن أية صحبة لا تخلو من تأثير
وتأثّر،وقد كان سلف الأمة يحرصون على الأنس بالجليس الصالح،والصاحب التقي، الذي يعين على الخير، ويزيل وحشة
الغربة،وقد ورد عن علقمة أنه حين قدم الشام غريباً دعا(اللهم يسرّ لي جليساً صالحاً) لأن الجليس الصالح يذكّرك إذا غفلت،ويعينك إذا تذكرت،
وإذا أردت أن تحتاط لأمر دينك، فمن البداية خذ بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم باختيار صالحي المؤمنين لبطانتك(لا تصاحب
إلا مؤمناً)فإن أفضلهم صحبة،كما في الحديث،أكثرهم حرصا على جلب الخير إليك(خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه،وخير
الجيران عند الله خيرهم لجاره)هذا حديث حسن،حكم الألباني، صحيح،وأولى الناس بالتقريب، هم أهل العلم والصلاح، ولذلك فقد
كانت بطانة عمر رضي الله عنه من القراء، ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال(كان القراء أصحاب مجالس عمر
ومشاورته ـ كهولاً كانوا أو شباباً)بشرح صحيح البخارى،كتاب الأدب،وإن كتمان العيوب عن الصاحب خيانة،ورسولنا صلى الله
عليه وسلم استعاذ من ذلك(وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة)صحيح سنن أبي داود،وصححه الألباني،وحين سأل ابن
مسعود عن أيام الهرج متى تكون،أجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبرز فتن هذه الأيام،فقال(حين لا يأمن الرجل جليسه)رواه
الترمذي وقال هذا حديث صحيح وذكره الألباني في صحيح سنن الترمذي،حتى يجد المرء من يأمنه، ومن يطمئن لصحبته،
ومن مزايا البطانة الصالحة،إذا صلحت ،أنها تحول دون شر كبير،وتحض على خير كثير،
ومن خطورة البطانة،إذا فسدت،أنها قد تحسّن القبيح،أو تقبّح الحسن، بالوسوسة والتظاهر بالإخلاص،
وقد رأينا في واقعنا أناساً خاصموا وفجروا وقاطعوا وهجروا، بتحريض بطانة حرَّكت الغضب للذات، وأبدت الحرص على
صاحبها،أكثر من عصبيته لنفسه، فاستعظم الرجل نفسه، وهوى في شباك وساوس شياطين الإنس،فعادى الناس وشاتمهم مع ما
يُعرف من صلاحه،فالجليس الصالح كحامل المسك،وقد تكون الريح الطيبة التي تجدها منه كلمة حق صريحة,فيجب أن تلقى منك تجاوباً وتقديراً،لأن مبعثها الإخلاص للحق،
ومن ثمرات البطانة الصالحة،
المشورة بالرشد والسداد للرأي، لأن الأصل في المستشار الأمانة، والإشارة بالأصلح، لقوله صلى الله عليه وسلم،المستشار
مؤتمن،وفي الحديث(من استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه)صحيح البخاري،وحسنه الألباني،فانظر فيمن
وثقت،وبمن استرشدت،فكل امرئ يحشر مع بطانته المختارة(لأن المرء مع من أحب)رواه الترمذي وغيره وقال،حديث حسن صحيح،
كما أخبر صلى الله عليه وسلم،ومن بركة البطانة الصالحة
أنها سبب لأن تعمك الرحمة بينهم، وإن لم تكن بمنزلتهم، فقد جاء في الحديث أن الله يشهد ملائكته بأنه يغفر لقوم جلسوا يذكرون الله، فيقول ملك،فيهم فلان ليس منهم،وإنما جاء لحاجة، فيقول الله عز وجل(هم الجلساء؛ لا يشقى بهم جليسهم)وتلك من بركات صحبة أهل الخير،
فإن كانت لك بطانة فأحسن اختيارها، واعمل بما يشيرون عليك من الخير،وإن كنت بطانة لغيرك فكن صريحاً صادقاً أميناً، وأشر
بكل خير،وبالتزام خلق،اصطفاء البطانة،تسقط الأقنعة الكاذبة،وتتكشف الحقائق، ويتميز كل فريق بأهل وده وأصحاب خلته، فانظر من تخالل.

اللهم ارزقنا الصحبة الصالحة التي تعيننا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك،وابعد عنا صحبة السوء،
اللهم ارزقنا صحبة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم،وصحبة الصالحين من عبادك فى الدنيا،ومرافقتهم فى الجنة آللهم اميين.