المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : واقعنا المعاصر : بعيدا عن نظريات وفلسفات الغرب الساقط



duhail535
06-10-2013, 12:57 PM
الإخوة الأفاضل ، أعضاء وزوار منتديات الأسهم القطرية ، سأبدأ معكم اليوم إن شاء الله تفريغ بعض فصول كتاب من أروع الكتب التي قرأتها على الإطلاق راجيا المولى عز وجل أن يكتب لي ولكم الأجر في هذه الأيام المباركة .

إسم الكتاب ( واقعنا المعاصر ) للمفكر الفذ محمد قطب . وهو صاحب مؤلفات هامة تفسر الواقع من منطلق عقيدة التوحيد وبعيدا عن النظريات الغربية وتؤسس للفكر الإسلامي المعاصر من زاوية معرفية إسلامية مخالفة تماما لنظرية المعرفة الغربية .


من مؤلفاته :

دراسات في النفس الإنسانية
التطور والثبات في حياة البشرية
منهج التربية الإسلامية ( بجزئيه : النظرية والتطبيق )
منهج الفن الإسلامي
جاهلية القرن العشرين (1965)
الإنسان بين المادية والإسلام (1951)
دراسات قرآنية
هل نحن مسلمون؟ (1959)
شبهات حول الإسلام
في النفس والمجتمع
حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية
قبسات من الرسول (1957)
معركة التقاليد
مذاهب فكرية معاصرة
مغالطات (2006)
مفاهيم ينبغي أن تصحح
كيف نكتب التاريخ الإسلامي؟
لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهج حياة
دروس من محنة البوسنة والهرسك
العلمانيون والإسلام
هلم نخرج من ظلمات التيه
قضية التنوير في العالم الإسلامي
كيف ندعو الناس؟
المسلمون والعولمة
ركائز الإيمان
لا يأتون بمثله!
من قضايا الفكر الإسلامي المعاصر
حول التفسير الإسلامي للتاريخ
الجهاد الأفغاني ودلالاته
دروس تربوية من القرآن الكريم
حول تطبيق الشريعة
المستشرقون والإسلام
هذا هو الإسلام
رؤية إسلامية لأحوال العالم المعاصر


وهذا رابط الكتاب كاملا ، لمحبي المطالعة المفيدة والمنسجمة مع ديننا الحنيف دون تلبيس أو تمييع والبعيدة كل البعد عن التزييف والتكلف :

http://islamstory.com/uploads/multimedia/books/waqe3.pdf

ولد العرب
06-10-2013, 01:00 PM
حياك الله اخوي وماشاء الله مشاركة قوويه ياليت تفيد وتخدم وحنا مستفيدين منك ومنها نرتقي للمنتدنا حياك بين اخوانك واخواتك:)

duhail535
06-10-2013, 01:06 PM
حياك الله اخوي وماشاء الله مشاركة قوويه ياليت تفيد وتخدم وحنا مستفيدين منك ومنها نرتقي للمنتدنا حياك بين اخوانك واخواتك:)


الله يحييك اخوي ولد الأجواد وأنا سعيد بأن تكون أول مشاركة في الموضوع بهذا الرقي .




مقتطفات من الكتاب :


-“أما أمة الإسلام فإنها تُعامل بسنّة خاصة … لا يُمكّنون إلا على الإيمان ، فإذا انحرفوا زال عنهم التمكين، ذلك لأن الله لا يريد لهم أن يُفتنوا بالتمكين و هم منحرفون عن طريقه ، فيزيدوا انحرافًا حتى يصلوا إلى الكفر فتأخذهم سنّة الكافرين : ( من كان يريد الحياة الدنيا و زينتها نوفّ إليهم أعمالهم فيها و هم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار و حبط ما صنعوا فيها و باطل ما كانوا يعملون ) هود [ 15 - 16 ] فمن رحمته سبحانه بهذه الأمة أنه لا يمكّنها أبدًا و هي منحرفة عن السبيل ! ، لكي تعود إليه فيمكنها و هو راض عنها ، و يدخر لها في الآخرة ما يدخره لعباده الصالحين” .


-“و حين أتم فاسكو داجاما رحلته بمعونة ابن ماجد ، قال مقولته الشهيرة المفصحة عن الهدف الحقيقي للرحلة ، الذي نتغافل عنه حين نُدرِّس الرحلة لأبنائنا بتأثير الغزو الفكري كما سيجيء، و نزعم لطلابنا أنها كانت رحلة (( علمية )) ! قال : الآن طوّقنا رقبة الإسلام ، و لم يبق إلا جذب الحبل فيختنق و يموت !!” .


-“كتب ماجلان إلى البابا عدة مرات يطلب الإذن له بإعداد (( رحلة )) إلى الفلبين لإخضاع (( الكفار )) - أي المسلمين - لحكم الصليب، و أخيرًا أذن له البابا فقام برحلته (( العلمية الاستكشافية )) ! ، و لما حاول رفع الصليب على الأرض الإسلامية قتله المسلمون، و نحن ندرس لأبنائنا أن (( المتبربرين )) قتلوه، لأنهم لم يقدروا قيمة الرحلة الاستكشافية العظيمة” .


-“يقول أحد المستشرقين الصرحاء في كتاب (( الشرق الأدنى : مجتمعه و ثقافته )) : (( إننا في كل بلد إسلامي دخلناه ، نبشنا الأرض لنستخرج حضارات ما قبل الإسلام. و لسنا نطمع بطبيعة الحال أن يرتد المسلم إلى عقائد ما قبل الإسلام، و لكن يكفينا تذبذب ولائه بين الإسلام و بين تلك الحضارات )) “ .

ابن التويم
06-10-2013, 01:12 PM
ترحيب بالعضو الجديد دحيل

أشعر بأنك ستكون إضافة ثمينة للمنتدى ..

متابع

و جزاك الله خير

كازانوفا
06-10-2013, 01:26 PM
الحمدلله من قبل ومن بعد
اشكرك اخي الكريم على الموضوع الرائع والحمدلله وجدت لي كتاب اقرأه واستفيد بعطلة العيد
جعلك الله من نفع بك الامه يارب العالمين
والشكر لكل الاخوه والاخوات الذين يساعدوننا على تعلم مبادئ واسس هذا الدين العظيم
جزيت خيراا

duhail535
06-10-2013, 06:50 PM
ترحيب بالعضو الجديد دحيل

أشعر بأنك ستكون إضافة ثمينة للمنتدى ..

متابع

و جزاك الله خير


مشكور أخوي ابن التويم على حسن ظنك بأخيك وهذا من طيب أصلك .




-“في المجتمعات التي تتحول فيها القيم والأخلاق على "تقاليد" خاوية من الروح ، يحدث الإنكار ويحدث الاحتجاج ، ولكن لايحدث الردع الحاسم الذي يقتل الجرثومة قبل أن تستفحل ، فتبقى ، ثم تنتشر في خطى بطيئة ولكنها أكيدة المفعول!” .


-“حين تكون الأخلاق ذات رصيد إيماني حقيقي ، فليس من السهل أن تسقط -ولو سُلطت عليها عوامل الإفساد- إلا بعد مقاومة شديدة وزمن مديد... أما التقاليد الخاوية من الروح .. وأما العنهجية الفارغة .. فهي عرضة للسقوط إذا اشتد عليها الضغط وقد كان الضغط عنيفاً بالفعل ، بل كان شيطانياً بكل ماتحمله الكلمة من معان!” .


-“الإسلام لم يمنع المرأة من طلب العلم ، بل هو الذي يدعوها إليه ويفرضه عليها .ولكن الإسلام يشترط في تعليمها وفي نشاطها كله شرطين اثنين : أن تحافظ على دينها وأخلاقها ، وأن تحافظ على وظيفتها الأولى التي خلقها الله من أجلها وهي رعاية الأسرة وتنشئة الأجيال . وفي حدود هذين الشرطين تتحرك حركتها كلها وهي حدود واسعة سَلْ عنها الصحابيات الجليلات رضوان الله عليهن” .


-“الشباب قوة خطرة إذا تجمع على هدف معين ، وأخذه مأخذ الجد .. ومن أجل ذلك كانت عناية الأعداء منذ وقت مبكر بتمييع هذا الشباب وإتلافه ،إشاعة التفاهة والانحلال في كيانه ، لكي لايتجمع في يوم من الأيام على هدف معين ، ويأخذه مأخذ الجد” .

duhail535
06-10-2013, 08:42 PM
الحمدلله من قبل ومن بعد
اشكرك اخي الكريم على الموضوع الرائع والحمدلله وجدت لي كتاب اقرأه واستفيد بعطلة العيد
جعلك الله من نفع بك الامه يارب العالمين
والشكر لكل الاخوه والاخوات الذين يساعدوننا على تعلم مبادئ واسس هذا الدين العظيم
جزيت خيراا


لا شكر على واجب . والكتاب كما قيل مذهل بحجم الصدمة . صدمة من غزارة معلوماته غير المتوقعة التي تقلب كثيرا من المفاهيم الخاطئة ترسخت في أذهان الناس نتيجة بعدهم عن المنبع الصافي وتدليس المدلسين .




-“إن الحرص على هداية الناس ، وعلى هداية أكبر عدد ممكن في أقصر وقت ، هو رغبة بشرية ملحة في نفوس الدعاة والمصلحين ، بل كانت كذلك في نفوس الأنبياء أنفسهم ، وقد كان رسول الله يحس بالرغبة العميقة في أن يهتدي الناس كما يحس بالاسى العميق لعدم استجابة الناس لدعوة الحق ، كما قال ربه : "فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا" ولكن هناك سنناً ربانية يجري بمقتضاها أمر الدعوات ، وفيها الخير ، وإن شقت في مبدأ الأمر على الدعاة والمصلحين ، وليست الكثرة الجماهيرية في مبدأ الدعوة من بين هذه السنن ، ولاهي مما يتحقق به الخير ! ولو كان الخير يتحقق من هذه الكثرة في مبدأ الطريق ، ما حجبها الله عن نبيه ولا عن دينه الذي قدر سبحانه أن يمكن له الأرض في حياة النبي المرسل به ، ويقيم له دولة ذات سلطان!” .


-“الله -جلت مشيئته- قد جعل سنناً في الكون وسنناً في الأرض وسنناً في حياة الناس ، وجعل تلك السنن هي العاملة -بمشيئته سبحانه- في الكون والأرض والناس ، وجعل من سنته في الدعوة أن يستجيب لها قوم محددون ينالون من رعاية النبي المرسل النصيب الأوفى ، فيكونون كالأعمدة الراسية التي يقوم عليها البناء” .

بوحارب
06-10-2013, 10:52 PM
أخونا دحيل منذ اول مشاركة له وهو يقط علينا من هالدرر الحلوة

بس ياريت ما يبخل علينا :)

متابع وجزاك الله خير

duhail535
06-10-2013, 11:06 PM
أخونا دحيل منذ اول مشاركة له وهو يقط علينا من هالدرر الحلوة

بس ياريت ما يبخل علينا :)

متابع وجزاك الله خير


فديت خشمك بس .

ضوى
06-10-2013, 11:08 PM
رائع جدا

استمر بارك الله فيكً

فلتة زمانها
06-10-2013, 11:27 PM
متابعة
واصل بارك الله فيك

duhail535
07-10-2013, 01:04 PM
رائع جدا

استمر بارك الله فيكً


وفيك . آمين .



“لن يُخْرجَ المسلمين من أزمتهم ، ويرفع عنهم إصرهم والأغلال التي صارت عليهم ، ويردهم إلي عزتهم ، إلا العودة الصحيحة الصادقة إلي الدين الذي أنعم الله به عليهم وحباهم إياه .
ولن يخلّص البشرية من أزمتها ، ويحل لها ما عقدته من مشكلاتها في جاهليتها المعاصرة ، إلا المنهج الرباني ، الذي أنزله الله ليقوم الناس بالقسط ” .

duhail535
07-10-2013, 01:07 PM
متابعة
واصل بارك الله فيك


وفيك . آمين .




“إن الحقد الصليبي ليس مبعثه بالضرورة "تدين" النصارى كما قد يبدو لأول وهلة ، إنما سببه الأساسي هو وجود المسلمين !
وجود تجمع بشري لاينتمي إليهم ، ولا ينضوي إلى زمرتهم ولا يتبع ملتهم ، وهذا هو الذي تشير إليه الآية الكريمة : (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )) ” .

duhail535
07-10-2013, 10:52 PM
“يقال كلام كثير عن الحضارة الأوربية الفارهة التي التقى بها المسلمون في تخلفهم الحضاري الذي كانوا عليه ، فأدى بهم ذلك اللقاء إلى الهزيمة الروحية ، والانبهار بما عند الغرب من أفكار ونظم وانفلات من الدين والتقاليد ..
وما يقال عن الفارق الحضاري صحيح في ذاته .. أما الظن بأنه هو السبب في الهزيمة الروحية ، والانهيار الذي أصاب المسلمين تجاه الغرب ، ففضلا عن كونه مجانبا للحقيقة ، فهو مضلل لنا أشد التضليل ، لأنه يغطي على الأسباب الحقيقية للهزيمة ، كما يغطي كذلك على الوسائل الحقيقية للعلاج .

لقد كان المسلمون في نشأتهم الأولى في طور البداوة لا يملكون شيئا مما يملكه المتحضرون من حولهم من أسباب الحضارة المادية أو من العلوم . وكان لزاما عليهم إذا أرادوا الحضارة المادية والعلم أن يأخذوا أسبابهما من الدولتين "العريقتين" عن يمين وشمال فارس والروم .
وقد صنعوا ذلك بالفعل .. ولكنهم لم يحنوا رؤوسهم أبدا ، ولم يشعروا بالانبهار . كانوا هم الأعلين ، لأنهم كانوا هم المؤمنين !
كانوا في حاجة شديدة لتعلم علوم الكفار والوثنيين من حولهم ، ولكن هذه الحاجة الشديدة لم تشعرهم بالصغار تجاههم ، ولا بأنهم دونهم ، بل كانوا يعرفون -ويشعرون- أن العزة لهم ، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، وليس للكفار والوثنيين شيء من العزة ولو ملكوا علوم الأرض ، وكل خزائن الأرض !
وحين أخذوا ممن حولهم فقد كان سلوكهم المستعلي بالإيمان واضحا في طريقة الأخذ ، وكان أوضح ما يكون في خصلتين رئيسيتين :
الأولى : أن أرواحهم لم تهزم قط أمام أعدائهم تحت ضغط الحاجة إلى الأخذ منهم .
والثانية : أنهم لم ينقلوا كل شيء وجدوه عند أعدائهم ، بل كانوا ينقلون عن بصيرة ، فينقلون فقط مايظنون أنهم في حاجة إليه ، مما لا يتعارض مع عقيدتهم وإسلامهم ، ويعرضون عن كل مايرونه غير نافع لهم ، أو يرونهم مخالفا لعقيدتهم وتصوراتم ، وأوضح مثال على ذلك أنهم نقلوا علوم الإغريق ، ولم ينقلوا ماكان مشهورا عندهم من الأساطير ، لأنهم رأوا فيها أمرا من أمور الجاهلية الوثنية الغارقة في الضلال ، لا يستحق أن يلتفت إليه ، بل يستحق الزراية والإهمال .

أما حركة النقل الأخيرة فقد كان الأمر جد مختلف !
وليس الاختلاف ناشئا من حجم الفارق الحضاري بين الآخذين والمعطين ، كما يبدو للنظرة السطحية للوهلة الأولى ، إنما هو ناشىء بصفة أساسية من اختلاف "الموقف" ما بين حركة الأخذ الأولى وحركة الأخذ الثانية .
في الأولى كان المسلمون هم الأعلين وإن كانوا آخذين ، لأن الاستعلاء بالإيمان هو الذي يكيف حياتهم ويحدد موقفهم . وفي الثانية كانت العقيدة قد تخلفت وتوارت تحت الركام ، فلا عزة ولا استعلاء ، إنما هي الهزيمة والانبهار ، والنقل -بلا بصيرة- لكل ماهو موجود في الغرب ، بغير تمييز بين ما ينفع وما يضر ، ولا بين ما يتفق مع الإسلام وما يتعارض معه ، لأن الإسلام لم يعد محور ارتكاز "المسلم المعاصر" ولم يعد له كيانه المتميز ، المستمد من العقيدة الصحيحة ، ومن تطبيق منهج الله ” .

تغلبية
08-10-2013, 12:05 AM
“يقال كلام كثير عن الحضارة الأوربية الفارهة التي التقى بها المسلمون في تخلفهم الحضاري الذي كانوا عليه ، فأدى بهم ذلك اللقاء إلى الهزيمة الروحية ، والانبهار بما عند الغرب من أفكار ونظم وانفلات من الدين والتقاليد ..
وما يقال عن الفارق الحضاري صحيح في ذاته .. أما الظن بأنه هو السبب في الهزيمة الروحية ، والانهيار الذي أصاب المسلمين تجاه الغرب ، ففضلا عن كونه مجانبا للحقيقة ، فهو مضلل لنا أشد التضليل ، لأنه يغطي على الأسباب الحقيقية للهزيمة ، كما يغطي كذلك على الوسائل الحقيقية للعلاج .

لقد كان المسلمون في نشأتهم الأولى في طور البداوة لا يملكون شيئا مما يملكه المتحضرون من حولهم من أسباب الحضارة المادية أو من العلوم . وكان لزاما عليهم إذا أرادوا الحضارة المادية والعلم أن يأخذوا أسبابهما من الدولتين "العريقتين" عن يمين وشمال فارس والروم .
وقد صنعوا ذلك بالفعل .. ولكنهم لم يحنوا رؤوسهم أبدا ، ولم يشعروا بالانبهار . كانوا هم الأعلين ، لأنهم كانوا هم المؤمنين !
كانوا في حاجة شديدة لتعلم علوم الكفار والوثنيين من حولهم ، ولكن هذه الحاجة الشديدة لم تشعرهم بالصغار تجاههم ، ولا بأنهم دونهم ، بل كانوا يعرفون -ويشعرون- أن العزة لهم ، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، وليس للكفار والوثنيين شيء من العزة ولو ملكوا علوم الأرض ، وكل خزائن الأرض !
وحين أخذوا ممن حولهم فقد كان سلوكهم المستعلي بالإيمان واضحا في طريقة الأخذ ، وكان أوضح ما يكون في خصلتين رئيسيتين :
الأولى : أن أرواحهم لم تهزم قط أمام أعدائهم تحت ضغط الحاجة إلى الأخذ منهم .
والثانية : أنهم لم ينقلوا كل شيء وجدوه عند أعدائهم ، بل كانوا ينقلون عن بصيرة ، فينقلون فقط مايظنون أنهم في حاجة إليه ، مما لا يتعارض مع عقيدتهم وإسلامهم ، ويعرضون عن كل مايرونه غير نافع لهم ، أو يرونهم مخالفا لعقيدتهم وتصوراتم ، وأوضح مثال على ذلك أنهم نقلوا علوم الإغريق ، ولم ينقلوا ماكان مشهورا عندهم من الأساطير ، لأنهم رأوا فيها أمرا من أمور الجاهلية الوثنية الغارقة في الضلال ، لا يستحق أن يلتفت إليه ، بل يستحق الزراية والإهمال .

أما حركة النقل الأخيرة فقد كان الأمر جد مختلف !
وليس الاختلاف ناشئا من حجم الفارق الحضاري بين الآخذين والمعطين ، كما يبدو للنظرة السطحية للوهلة الأولى ، إنما هو ناشىء بصفة أساسية من اختلاف "الموقف" ما بين حركة الأخذ الأولى وحركة الأخذ الثانية .
في الأولى كان المسلمون هم الأعلين وإن كانوا آخذين ، لأن الاستعلاء بالإيمان هو الذي يكيف حياتهم ويحدد موقفهم . وفي الثانية كانت العقيدة قد تخلفت وتوارت تحت الركام ، فلا عزة ولا استعلاء ، إنما هي الهزيمة والانبهار ، والنقل -بلا بصيرة- لكل ماهو موجود في الغرب ، بغير تمييز بين ما ينفع وما يضر ، ولا بين ما يتفق مع الإسلام وما يتعارض معه ، لأن الإسلام لم يعد محور ارتكاز "المسلم المعاصر" ولم يعد له كيانه المتميز ، المستمد من العقيدة الصحيحة ، ومن تطبيق منهج الله ” .


ما أشبه اليوم بالبارحة .. :(

نسخة .. لقومي ..

ليت قومي يعلمون !



اللــــه يجزاك خير على النقل القيم ... متابعين :victory:

كازانوفا
08-10-2013, 07:53 AM
“يقال كلام كثير عن الحضارة الأوربية الفارهة التي التقى بها المسلمون في تخلفهم الحضاري الذي كانوا عليه ، فأدى بهم ذلك اللقاء إلى الهزيمة الروحية ، والانبهار بما عند الغرب من أفكار ونظم وانفلات من الدين والتقاليد ..
وما يقال عن الفارق الحضاري صحيح في ذاته .. أما الظن بأنه هو السبب في الهزيمة الروحية ، والانهيار الذي أصاب المسلمين تجاه الغرب ، ففضلا عن كونه مجانبا للحقيقة ، فهو مضلل لنا أشد التضليل ، لأنه يغطي على الأسباب الحقيقية للهزيمة ، كما يغطي كذلك على الوسائل الحقيقية للعلاج .

لقد كان المسلمون في نشأتهم الأولى في طور البداوة لا يملكون شيئا مما يملكه المتحضرون من حولهم من أسباب الحضارة المادية أو من العلوم . وكان لزاما عليهم إذا أرادوا الحضارة المادية والعلم أن يأخذوا أسبابهما من الدولتين "العريقتين" عن يمين وشمال فارس والروم .
وقد صنعوا ذلك بالفعل .. ولكنهم لم يحنوا رؤوسهم أبدا ، ولم يشعروا بالانبهار . كانوا هم الأعلين ، لأنهم كانوا هم المؤمنين !
كانوا في حاجة شديدة لتعلم علوم الكفار والوثنيين من حولهم ، ولكن هذه الحاجة الشديدة لم تشعرهم بالصغار تجاههم ، ولا بأنهم دونهم ، بل كانوا يعرفون -ويشعرون- أن العزة لهم ، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، وليس للكفار والوثنيين شيء من العزة ولو ملكوا علوم الأرض ، وكل خزائن الأرض !
وحين أخذوا ممن حولهم فقد كان سلوكهم المستعلي بالإيمان واضحا في طريقة الأخذ ، وكان أوضح ما يكون في خصلتين رئيسيتين :
الأولى : أن أرواحهم لم تهزم قط أمام أعدائهم تحت ضغط الحاجة إلى الأخذ منهم .
والثانية : أنهم لم ينقلوا كل شيء وجدوه عند أعدائهم ، بل كانوا ينقلون عن بصيرة ، فينقلون فقط مايظنون أنهم في حاجة إليه ، مما لا يتعارض مع عقيدتهم وإسلامهم ، ويعرضون عن كل مايرونه غير نافع لهم ، أو يرونهم مخالفا لعقيدتهم وتصوراتم ، وأوضح مثال على ذلك أنهم نقلوا علوم الإغريق ، ولم ينقلوا ماكان مشهورا عندهم من الأساطير ، لأنهم رأوا فيها أمرا من أمور الجاهلية الوثنية الغارقة في الضلال ، لا يستحق أن يلتفت إليه ، بل يستحق الزراية والإهمال .

أما حركة النقل الأخيرة فقد كان الأمر جد مختلف !
وليس الاختلاف ناشئا من حجم الفارق الحضاري بين الآخذين والمعطين ، كما يبدو للنظرة السطحية للوهلة الأولى ، إنما هو ناشىء بصفة أساسية من اختلاف "الموقف" ما بين حركة الأخذ الأولى وحركة الأخذ الثانية .
في الأولى كان المسلمون هم الأعلين وإن كانوا آخذين ، لأن الاستعلاء بالإيمان هو الذي يكيف حياتهم ويحدد موقفهم . وفي الثانية كانت العقيدة قد تخلفت وتوارت تحت الركام ، فلا عزة ولا استعلاء ، إنما هي الهزيمة والانبهار ، والنقل -بلا بصيرة- لكل ماهو موجود في الغرب ، بغير تمييز بين ما ينفع وما يضر ، ولا بين ما يتفق مع الإسلام وما يتعارض معه ، لأن الإسلام لم يعد محور ارتكاز "المسلم المعاصر" ولم يعد له كيانه المتميز ، المستمد من العقيدة الصحيحة ، ومن تطبيق منهج الله ” .



ما اسم هذا الكتاب لو سمحت ؟؟؟

عاشق العديد
08-10-2013, 08:03 AM
دخول قوي ومرحبا بــك ..

مبين انه الكتاب رائع .. ولكن حلاته تقراه من الكتاب افضل من النت .. لانه يسبب احينا الملل ..

مرحبا فيك ولاتحرمنا .. من جديدك ونورت

duhail535
08-10-2013, 11:26 AM
ما أشبه اليوم بالبارحة .. :(

نسخة .. لقومي ..

ليت قومي يعلمون !



اللــــه يجزاك خير على النقل القيم ... متابعين :victory:


متابعة طيبة إن شاء الله . شكرا جزيلا .

duhail535
08-10-2013, 11:33 AM
ما اسم هذا الكتاب لو سمحت ؟؟؟


كتاب : واقعنا المعاصر ، صفحة 12/11 الطبعة الأولى .

duhail535
08-10-2013, 12:37 PM
دخول قوي ومرحبا بــك ..

مبين انه الكتاب رائع .. ولكن حلاته تقراه من الكتاب افضل من النت .. لانه يسبب احينا الملل ..

مرحبا فيك ولاتحرمنا .. من جديدك ونورت



متابعة طيبة إن شاء الله . شكرا جزيلا .

duhail535
11-10-2013, 09:45 PM
“كذلك كانت أزمة الحروب الصليبية وحروب التتار أزمة حادة في حياة المسلمين .
وبدا - لفترة من الوقت - أنها يمكن أن تطيح بالكيان الإسلامي كله وتجتث المسلمين من الأرض . ولكن النتيجة الواقعية كانت غير ذلك ، وجاء النصر من عند الله في النهاية . وكانت الهزيمة في البدء ، والنصر في النهاية كلاهما مطابقا للسنة الربانية التي لا يحيد عنها شيء في الوجود كله . فقد كان واقع المسلمين سيئا ، مليئا بالمعاصي والبدع والانحرافات والشتات والفرقة ، والانشغال بذلك كله عن نصرة دين الله والتمكين له في الأرض . ولذلك اجتاحت جيوش الأعداء أرض المسلمين ، وأزالت سلطانهم إلى حين . ولكن جذوة العقيدة كانت ماتزال حية في النفوس ، وإن غشيتها غاشية من التواكل والسلبية أو الانشغال بشهوات الأرض . فما إن جاء القادة الذين يردون الناس إلى الجادة بدعوتهم للرجوع إلى حقيقة الإسلام ، حتى صحت الجذوة واشتعلت .. فجاء على إثرها النصر . فحين قام صلاح الدين يقول للناس : لقد هُزمتم لبعدكم عن طريق الله ، ولن تُنصروا حتى تعود إلى الطريق .. وحين قام إبن تيمية يدعو لتصحيح العقيدة مما طرأ عليها من غبش المتكلمين وضلالاتهم .. وحين صاح قطز صيحته الشهيرة : واإسلاماه ! .. وتبعتهم جماهير الأمة المسلمة فصدقت الله في عقيدتها وسلوكها ، جاء النصر ، وتغلب المسلمون على أضعافهم من المشركين والكفار .

وجاءت نكبة الأندلس عقابا ربانيا للمسلمين على تفرقهم وتشتتهم وحرب بعضهم لبعض ، وتعاونهم مع أعدائهم من الصليبيين ضد بعضهم البعض ، واتخاذ أولئك الأعداء بطانة من دون المؤمنين - مخالفة لأمر الله - وهم لا يألونهم خبالا .. بالإضافة إلى الفتنة بشهوات الأرض ، المباح منها وغير المباح ..
ولم تعد الأندلس إلى الإسلام .. ولكن طاقة الأمة الإسلامية في مجموعها لم تكن قد استفدت . ففي ذات الوقت الذي انحسر فيه ظل الإسلام عن الأندلس كانت هناك دولة فتية في سبيلها إلى التمكن في الأرض ، واستطاعت أن تحفظ كيان المسلمين أربعة قرون كاملة ، وامتدت في داخل العالم الصليبي حتى "فيينا" و "بطرسبرج" ودخل في الإسلام على يديها ملايين من البشر في أوروبا وآسيا .

ولكن الأزمة التي يعانيها المسلمون اليوم هي أقسى من سابقاتها وأمرّ .
وما يخالجني شك في أنها ستمر ، ويمكن الله لدينه مرة أخرى في الأرض .

ولكن علينا أن نعرف الطبيعة الخاصة لهذه الأزمة ، لنعلم لمَ طالت عن كل سابقاتها ؟ ولنلعم من جهة أخرى كيف يكون المخرج منها حين يأذن الله ، فنتخذ الأسباب المؤدية بإذن الله إلى النجاة” .

duhail535
12-10-2013, 12:36 AM
“حين وقعت الحروب الصليبية الأولى التي استغرقت حوالي مائتي عام (1096 - 1291م) والتي وقعت في أثنائها وبعدها كذلك غارات التتار ، وكان المسلمون قد اشتغلوا عن الإسلام الصحيح ببدع وخرافات ومعاص ، وتواكل وتقاعس وقعود عن الأخذ بالأسباب ، ولكن الإسلام ذاته لم يكن في نفوسهم موضع نقاش ، لا بوصفه عقيدة ولا بوصفه نظام الحكم ونظام الحياة . وحتى حين هُزموا أمام الصليبيين وأمام التتار فلم يكن صدى الهزيمة في نفوسهم هو الشك في الإسلام ذاته عقيدةً أو نظام حياة ، ولم يكن هو التطلع إلى ما عند أعدائهم من عقائد أو أفكار أو مشاعر أو نظمٍ أو أنماط سلوك ، أو الظن - للحظة واحدة - أن أعداءهم يملكون شيئا من "الحق" تقوم حياتهم عليه ، أو أن هناك شيئا - غير الإسلام - يمكن أن يكون هو الحق في العقيدة وفي نظام الحياة سواء . ولم تكن قضية الحكم بما أنزل الله موضع شك منهم ولا موضع نقاش ، لأنها كانت جزء لا يتجزء من إسلامهم ، بل كانت في حسهم - كما هي الحقيقة - المقتضى المباشر لكونهم مسلمين .

لذلك لم يهنوا - حتى وهم مهزومون أمام أعدائهم فترة غير قصيرة - ولم يشعروا أنهم أدنى من أعدائهم ، بل كان يتمثلهم قول تعالى : ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) .
وكانوا مؤمنين !
بل كانوا يشعرون - حتى وهم مهزومون - بازدراء شديد لأعدائهم ، لأن عقيدتهم وتصوراتهم لا تتفق مع العقيدة الصحيحة والتصور الحق ، ولأن أخلاقهم وأنماط سلوكهم لا تتفق مع أخلاقيات الإسلام وأنماط سلوكه . كان التتار - في حسهم - همجا لا دين لهم ولا حضارة ، وكان الصليبيون هم المشركين عباد الصليب ، وكانوا فوق ذلك منحلي الأخلاق ، ولا غيرة لهم على عرض ولا حفاظ .

أما في الحروب الصليبية الأخيرة ، فقد كان الموقف قد تغير كثيراً عن ذي قبل .
كان المسلمون قد انحرفوا انحرافا شديدا عن حقيقة الإسلام ، لا في السلوك وحده ولكن في التصور كذلك .

مفهوم لا إله إلا الله - أساس الإسلام كله وأكبر أركانه - كان قد تحول إلى كلمة تقال باللسان ، لا علاقة لها بالواقع ، ولا مقتضى لها في حياة المسلمين أكثر من أن ينطقوا بها بضع كلمات في كل نهار ! فضلا عما أحاط بالعقيدة من خرافة ، وعبادة للأضرحة والأولياء والمشايخ ، بدلا من العبادة الصافية الخالصة لله دون وسيط .

مفهوم العبادة - الشامل الواسع - كان قد انحصر في شعائر التعبد ، من أداها فقد أدى كل ما عليه من العبادة ، ولم يعد مطالبا بشيء من التكاليف أمام الله ! فضلا عما أصاب الشعائر التعبدية ذاتها من عزلة كاملة عن واقع الحياة ، كأنها شيء ليس له مقتضى في الحياة الدنيا ولا تأثير ! .

مفهوم القضاء والقدر - الذي كان في صورته الصحيحة قوة دافعة رافعة - صار في صورته السلبية قوة مخذلة مثبطة عن العمل والنشاط والحركة والأخذ بالأسباب !
فضلا عما صاحب ذلك من استخدام القوى الخفية من السحر والجن .. إلخ ، جريا وراء سنة الله الخارقة بدلا من التعامل مع سنة الله الجارية التي أمر المسلمون بالتعامل معها ، واتخاذ الأسباب المؤدية إلى جريانها في صالحهم إذا توكلوا على الله حق التوكل ، كقوله تعالى : ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاء إلا داءً واحداً الهرم ) .. إلخ .. إلخ ..

مفهوم الدنيا والآخرة - الذي يربط الدنيا بالآخرة ، ويجعل الدنيا مزرعة الآخرة - تحول إلى فصلٍ كامل بين الدنيا والآخرة ، بجعلهما موضع التقابل الكامل وموضع التضاد ، فمن أراد الدنيا ترك الآخرة ، ومن أراد الآخرة ترك الدنيا ، واكتفى فيها بالكفاف .

وأما عمارة الأرض فقد أهملت حين أهملت الدنيا من أجل الآخرة ، فخيم على الناس الفقر والجهل والمرض والتخلف الحضاري والمادي والعلمي والعقلي .. وزاد على ذلك كله أنه - في حسهم - قدر مقدور من عند الله ، لا حيلة لهم فيه إلا الرضا والتسليم !

وفضلا عن ذلك كله فقد خلت حياة الناس من الروح ، وأصبحت الحياة كلها تقاليد موروثة يحافظ عليها من أجل أنها تقاليد ، لا من أجل أنها جزء من منهج حي يحكم الحياة . فالعبادة تقاليد ، والسلوك تقاليد ، وحجاب المرأة تقاليد ، وقضية العرض تقاليد .. أكثر مما هي عبادة واعية لله ، أو منهج مترابط يحكم الحياة .

وحين جاءت الحروب الصليبة الجديدة والمسلمون على هذا الوضع ، كان الاحتمال الأكبر أن ينهاروا ، ويسلموا أنفسهم للضياع” .

العضيد2
12-10-2013, 08:14 PM
تسجيل متابعة

duhail535
12-10-2013, 10:47 PM
تسجيل متابعة


متابعة طيبة إن شاء الله .

duhail535
13-10-2013, 08:59 PM
“لقد كان العرب شتيتا متناثرا لا يتجمع على شيء ، رغم وجود مقومات التجمع الأرضية كلها من وحدة الأرض ، ووحدة اللغة ، ووحدة الثقافة ، ووحدة التاريخ ، ووحدة المصالح .. تلك التي يقول علم الإجتماع الجاهلي ‘نها هي التي تُنشىء ( الأمة ) . ولكن الأمة مع ذلك لم تنشأ رغم مرور الزمن المديد على هذا الشتيت المتناثر وهو يحمل تلك المقومات . بل كانوا قبائل متناحرة تأكلها الحروب والثارات ، وتأكلها قبل كل شيء جاهليتها التي تعيش فيها مجافية للهدي الرباني .
ومن هناك رفعها الإسلام ، لا أفرادا ولا قبائل ، ولكن ( أمة ) هي أعظم أمة في التاريخ بشهادة الله مخرجها إلى الوجود :
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ ) .
فمن أي شيء تكونت هذه الأمة الفذة ، وما العوامل التي أثرت في تكوينها ونشأتها ؟

لا شك أن خامتها هي ذات الخامة التي كانت تعيش في ذات الأرض قبل الحدث العظيم لعدة قرون . ولكن شيئا ما - فعله كفعل السحر - قد أنشأ من هذه الخامة في سنوات قليلة نسيجا غير مسبوق ولا ملحوق . فما هو يا ترى ذلك الشيء العجيب التأثير ، الذي أخرج ذلك النسيج الفذ من تلك الخامة التي ظلت لقى مهملا عدة قرون ؟!

لا شك - بادىء ذي بدء - أنه القرآن .. ذلك الكتاب العظيم الذي نزل ليعيد بناء البشرية على هدي الوحي الرباني :
( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) .
( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) .
ماذا يفعل القرآن في النفوس ؟ هل يغير خامتها فيخرجها من بشريتها لتكون خلقا آخر ؟ كلا ! فقد نزل للبشر ، لا ليبدل فطرتهم ، بل ليعيدهم إلى فطرتهم التي فطرهم الله عليها يوم خلق الإنسان "في أحسن تقويم" .
( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) .
أرأيت حين تمرر المغنطيس على قطعة من الحديد ، أتراه يغير طبيعتها ؟ كلا ! ولكنه يعيد ترتيب ذراتها فتصبح شيئا آخر غير قطعة الحديد المبعثر الذرات ! تصبح كيانا جديدا له طاقة مغناطيسية كهربائية لم تكن له من قبل ! وكذلك يفعل في نفوس البشر هذا الدين المنزل في كتاب الله . إنه يتخلل النفوس البشرية فيعيد ترتيب ذراتها ، فتصبح قوى كونية وطاقات ، بعد أن كانت مبعثرة من قبل ، ضائعة في التيه .

فأي شيء في هذا الكتاب العظيم هو مصدر ذلك السر الذي يحول الخامات المبعثرة الضائعة إلى طاقات . أهو نسقه اللغوي المعجز ؟ أهو قوة بيانه ؟ أهو وضوح معانيه ؟ أهو حديثه عن اليوم الآخر وما فيه من مشاهد تهتز لها أوتار القلوب ؟ أهو تشريعاته وتوجيهاته وتنظيماته ؟ أهو قصصه وأمثاله وعبره ؟ أهو تذكيره الدائم بعظمة الله جل جلاله وقدرته المعجزة التي لا تحدها حدود ؟” .

duhail535
19-10-2013, 12:45 PM
“إنه ولا شك كل ذلك .. فكل حرف في هذا القرآن له دلالته في مكانه ، وله جانبه من التأثير .
ولكننا لا نكون مخطئين إن قلنا إن أوسع موضوعات القرآن جميعا هو موضوع الألوهية .. هو قضية لا إله إلا الله .

ولقد قلت في غير هذا المكان ، إنه يخطر لنا لأول وهلة أن تركيز القرآن - وخاصة في السور المكية - على هذه القضية سببه أن القرآن كان يخاطب بادىء ذي بدء قوما مشركين ، يشركون مع الله آلهة أخرى ، فكان من المناسب التركيز على قضية "لا إله إلا الله" لتصحيح عقائد أولئك المشركين .. ولكن استمرار القرآن في الحديث عن هذه القضية في السور المدنية ، وفي الكلام الموجه للمؤمنين خاصة ، الذين آمنوا واستقر الإيمان في نفوسهم حتى أنشأوا أمة مسلمة ودولة مسلمة ، وجيشا مسلما يقاتل في سبيل الله ، قاطع الدلالة على أن القضية لها أهميتها الذاتية ، حتى لو كان المخاطبون مؤمنين ! فالتركيز عليها ليس من إنكار المخاطبين بهذا القرآن أول مرة ، إنما هو ناشئ من أنها هي المفتاح الذي يفتح القلوب البشرية للخير ، وينشئ فيها الخير ، ويربيها على الخير ! وأنه لا يوجد مفتاح لهذه القلوب ، يهيئها لما تهيئه لها "لا إله إلا الله" !

وحين تكون القلوب منكرة تخاطب بهذه القضية لتتفتح للحق والخير .. وحين تكون مؤمنة تخاطب بها كذلك ليتعمق الإيمان ويتجدد ، لأنه الزاد الذي لا زاد سواه . انظر إلى هذا التوجيه للمؤمنين :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ .. ) .

إنه يقول للذين آمَنوا آمِنوا ! وهم مؤمنون بذات الأمر الذي يُراد منهم الإيمان به ! وذلك لكي يزدادوا إيمانا ويحرصوا على ما في قلوبهم من الإيمان !
ولقد فعل الإيمان بـ"لا إله إلا الله" فعله في نفوس أولئك المشركين ، فأنشأهم نشأة جديدة كأنها ميلاد جديد .. ثم فعل فعله في نفوسهم بعد أن آمنوا فأصبحوا ذلك الجيل الفريد الذي نزل في وصفه هذا التقرير الرباني :
( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) ..

نعم .. إنها "لا إله إلا الله" مفتاح القلوب ، ومفتاح الطريق لهذه القلوب حين تتجه الوجهة الصحيحة وتهتدي بنور الله .
ذلك أن الإنسان - كما قلنا في أكثر من موضع - عابد بفطرته .. وإنما يختلف المعبود الذي يتوجه إليه بالعبادة .
وعلى حسب المعبود يكون منهج الحياة ..
فحين يكون المعبود هو الله يكون منهج الحياة هو المنهج الرباني المبين فيه الحلال والحرام والحسن والقبيح والمباح وغير المباح . وحين يكون المعبود شيئا آخر ، يكون منهج الحياة هو الذي يمليه ذلك الشيء المعبود ، سواء كان هو الهوى صراحة دون مواربة أم كان هو الهوى من وراء أستار وشعارات وعناوين ! ومن ثم تتعدد الصور في الجاهليات المختلفة وتلتقي في أنها كلها هوى .. إن يكن هوى فرد بعينه أو مجموعة أفراد أو هوى كل الناس مجتمعين .. فكلها في النهاية أهواء .

والمنهج الرباني هو الذي يُصلح الحياة البشرية والنفس البشرية لأنه منزل من عند اللطيف الخبير الذي يعلم من خلق وما يصلحه وما يصلح له ، ومنزل من عند العليم الحكيم الذي يحيط علمه بكل شيء فلا تخفى عليه خافية ، ولا يغفل عن أثر تصرف قد يقع اليوم ولكن أثره لا يظهر إلا بعد فترة من الزمن لا يستوعبها عمر الفرد ، ومنزل من عند الحكم العدل الذي لا تميل بعدله الأهواء ، الغني الذي لا تؤثر في حكمه المصالح الذاتية والحاجات .. وذلك كله فضلا عن أنه هو الله الذي يحق له وحده أن يقرر منهج حياة الإنسان ، لأنه خالقه وخالق هذا الكون كله ، فبما أنه صاحب الخلق فهو صاحب الأمر :
( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) ” .

كازانوفا
20-10-2013, 09:56 AM
لا اله الا الله
اللهم اجمع كلمتنا ووحد شملنا يارب العالمين
قرات كل ما كتبته والله اشعر لاول مره بحزن عميق وكأنني اول مره اقرأ هذا الكلام عن حالنااااا

لا حول ولاقوة الا بالله

duhail535
20-10-2013, 01:24 PM
لا اله الا الله
اللهم اجمع كلمتنا ووحد شملنا يارب العالمين
قرات كل ما كتبته والله اشعر لاول مره بحزن عميق وكأنني اول مره اقرأ هذا الكلام عن حالنااااا

لا حول ولاقوة الا بالله


آمين . بارك الله فيك .

القادم من الكتاب مثير أكثر وفيه مفاجآت وحقائق لا تخطر على بال الأعم الأغلب من المسلمين .

ام السعف
20-10-2013, 01:40 PM
بسجل حضور على امل اني اغصب نفسي تقرى المكتوب ....> ما ادري اشبلاني مابي اقرى :(

شكرا لك يا الدحيل

duhail535
20-10-2013, 04:52 PM
بسجل حضور على امل اني اغصب نفسي تقرى المكتوب ....> ما ادري اشبلاني مابي اقرى :(

شكرا لك يا الدحيل


لن تندمي بإذن الله .

ام السعف
20-10-2013, 07:35 PM
لن تندمي بإذن الله .

اكيد ان شاءالله ما بندم بس عندي مشكلة مع القراءة الالكترونية
:(

مثل هالمواضيع احب الكتاب يكون بين يديني اعطيه حقه من التقلب
والراحة من يديني ،،

كازانوفا
21-10-2013, 07:33 AM
بانتظار البقيه ..........

duhail535
21-10-2013, 12:56 PM
“وحتى في السلم .. في البحبوحة والراحة .. فهناك هذه الثقلة التي تقعد بالقلب البشري عن "الاستقامة" على الطريق .. ثقلة الشهوات المزينة المحببة للناس : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْـمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْـخَيْلِ الْـمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْـحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا .. ) .
ولن يصمد القلب البشري لهذه الثقلة ، بكل ما تحمله من إغراء وجذب ، إلا أن يؤمن الإيمان اليقين أنه لا إله إلا الله ، وأن هذه الحياة ليست نهاية المطاف .

الإيمان بالله - حين يعمر القلب البشري - يبعث فيه الخشية والتقوى التي تؤهله لطاعة الله فيما يأمره وينهاه عنه . والإيمان بأن الحياة الدنيا ليست نهاية المطاف ، وأن هناك بعثا ونشورا ، وحسابا وجزاء ، ونعيما وعذابا ، هو الذي يغير موازين الحياة كلها ، وقيمها ومستوياتها ، فلا يعود المتاع الحسي هو غاية الحياة ، ولا يعود الاستغراق فيه هو الشغل الشاغل ولا الهم المقعد المقيم ، كما يكون الحال في الجاهليات ، حين يؤمن الإنسان أن الحياة فرصة واحدة محدودة بحدود العمر القصير ، وكل يوم ينقضي لا يعود .. فتكون الحكمة "الواقعية" حينئذ أن ينتهب أكبر قدر من اللذات في هذا العمر المحدود قبل أن تفوت إلى غير رجعة ! ولا يكون للحلال والحرام عنده يومئذ معنى ، إنما يكون اهتبال الفرصة المتاحة هو الغاية التي تسوق الناس سوقا فيتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام !
( وَالَّذِينَ كَفَرُ‌وا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ‌ مَثْوًى لَّهُمْ ) .

أما حين يؤمن بالبعث والجزاء ، والنعيم المقيم والعذاب الفظيع المتجدد :
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا . وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ) .

عندئذ يسهل عليه أن ينضبط في الحدود التي رسمها الله دون أن يشعر بالحرمان ، لأنه يعلم أن كل متاع زائد يشتهيه في الأرض ثم يمتنع عنه طاعة لله ، لن "يضيع" ولن يذهب بغير عودة ، إنما هو "طاعة" تحسب له في الميزان ، فينال عليها نعيما خالدا في الجنان .. فتكون الحسبة بذلك رابحة ، ولا تذهب نفسه حسرات على المتاع الفائت الذي تركه طاعة لله . ومن جهة أخرى فإن تصور العذاب الفظيع جزاء على المخالفة التي يهم بها انسياقا وراء شهواته ، يجعله يرى أن الامتناع عنها هو الصفقة الرابحة ، وليس الانغماس فيها بلا انضباط على طريقة الحيوان .. ومن هنا تتأكد التقوى والخشية التي يبعثها الإيمان بالله .

من أجل ذلك كان الكتاب الذي يرسم منهج الحياة للناس في الأرض مرتكزا كله على الإيمان بالله واليوم الآخر ، وكانت التوجيهات والتشريعات والتنظيمات الواردة في الكتاب ، كلها موصولة بالإيمان بالله واليوم الآخر ، أعظم محورين يدور حولهما الكتاب” .

duhail535
21-10-2013, 02:06 PM
“إن الخصائص الرئيسية التي تحقق الوجود الإسلامي في عالم الواقع مستمدة بكاملها من القرآن والسنة ، أي من العنصرين الدائمين في حياة المسلمين ، المحفوظين بقدر الله ومشيئته .
فقد تكفل الله بحفظ كتابه المنزل ، بينما ضاعت الكتب السابقة وحُرفت :
( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) .
كما تكفل بحفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، بينما لم يبق من سنن الأنبياء السابقين إلا ما حفظه القرآن وحفظته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي هذين المصدرين كل "المواد" اللازمة لبناء الفرد المسلم والجماعة المسلمة والأمة المسلمة والدولة المسلمة في أي عصر من عصور التاريخ يرغب المسلمون في البناء ، ويعزمون على بذل الجهد اللازم له .

أما الذي صنعته الظروف الخاصة فهو تلك الدرجة الفذة في تحقيق الخصائص الرئيسية للوجود الإسلامي ، المستمدة كلها من الكتاب والسنة .. وتلك الدرجة - لا الخصائص الرئيسية - هي التي لم تتكرر في التاريخ .
وتبقى الإجابة على الشق الآخر من السؤال : إذا كانت تلك الدرجة التي تحققت بالفعل ذات يوم غير قابلة للتحقيق مرة أخرى ، لأنها نشأت من ظروف خاصة غير قابلة للتكرار ، فما قيمتها في حياة الإسلام والمسلمين ؟ أهي قد وُجدت فقط لتظل حلما مهوّما يعرّج الناس عليه من أجل حلاوة الذكرى ليس غير ؟!

كلا ! إنها وُجدت - بقدر الله - لتظل نموذجا يشد المسلمين إليه ليحاولوا تحقيقه في عالم الواقع .. وحين يحاولون فإنهم يرتفعون بالفعل ، حتى وإن لم يصلوا - في مجموعهم - إلى ذات الدرجة التي وصل إليها هؤلاء ، وإن كان التاريخ المشهود يقول إن أفرادا من كل جيل يصلون بالفعل إلى ذلك المستوى السامق الرفيع ، أولئك الذين تتوهج قلوبهم بنور الإسلام فيستطيعون أن يقبسوا من شخصية الرسول وأحداث حياته مثل ما كان يقبس الصحابة رضوان الله عليهم بالمعايشة المباشرة ، وأن يحسوا - في أعماق نفوسهم - بالنشأة الجديدة على نحو ما أحس الذين عاشوها أول مرة .. فينهلوا من الكتاب والسنة بمثل العمق الذي كان ينهل به الصحابة الكرام ، ويحققوا في ذوات أنفسهم ما كانوا يحققون .

هؤلاء قلة من كل جيل - نعم - بينما كانوا كثرة ملحوظة في المحيطين برسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولكن مجموع المسلمين - حين يحاولون - يرتفعون درجات من الارتفاع ، حتى ولو لم يصلوا لذلك المستوى الرفيع ، لأن المحاولة ذاتها توجه الناس إلى أعلى ، بينما القعود يهبط بهم إلى أسفل ، بحكم الثقلة التي تجذب الناس أبدا إلى أسفل ما لم يحاولوا الارتفاع :
( وَالْعَصْرِ . إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) .
من هنا يظل لذلك الجيل المتفرد دوره في حياة الإسلام والمسلمين .

فوجود هذا النموذج الفذ في عالم الواقع ، حقيقة واقعة ، لا حلما ولا خيالا ولا شعارات ، يظل يحفز الراغبين في تحقيق الإسلام لتحويل الرغبة إلى واقع ، وبذل أقصى الجهد في هذا السبيل .. وحين يحققون الخصائص الرئيسية للوجود الإسلامي في عالم الواقع ، فلا عليهم بعد ذلك إن لم يصلوا إلى الدرجة الفذة التي وصل إليها الجيل الأول ، فإن مجرد تحقيق الخصائص الرئيسية للوجود الإسلامي - ولو في حدها الأدنى - هو قفزة هائلة إلى أعلى بالنسبة لكل جاهليات التاريخ ، بما فيها الجاهلية المعاصرة ، بل في مقدمتها الجاهلية المعاصرة ! وتبقى الدرجات العليا مجالا للتفاضل ، ومجالا للتطوع النبيل ، لا تكلف نفس إلا وسعها ، يبلغ منها كل إنسان بقدر ما يطيق ، فتصل قلة قليلة إلى المستوى ، ويقترب الباقون خطوات .

نعم ، إن وجود هذا الجيل المتفرد واقعا في التاريخ ، لم يكن - في قدر الله - لمجرد أن يكون ذكرى حلوة تشع نسماتها على القلوب ساعة ثم تتبدد .. بل ليكون واقعا يتجدد .

فقد طلب الله من المسلمين في كتابه الباقي إلى يوم يرث الأرض ومن عليها أن يتأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن يقتفوا أثر ذلك الجيل الفريد ويصلوا أنفسهم به :
( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) .
( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) .

بل نقول أكثر من ذلك ..
نقول إن حركة البعث الإسلامي المعاصرة هي أقرب الحركات أن تتمثل فيها خصائص ذلك الجيل المتفرد ، إن لم يكن على ذات الدرجة من الوفرة وذات الدرجة من التمكن ، فعلى درجات قريبة منها على أي حال .
وذلك أن الإسلام يعيش غربته الثانية التي تحدث عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ " .

فإن لم تكن الغربة الثانية مطابقة تمام المطابقة للغربة الأولى في جميع حيثياتها فإنها ولا شك تشبهها في أمور جوهرية ، أهمها أن منهج الله ليس هو الذي يحكم حياة الناس ، وأن الأمر يحتاج إلى دعوة الناس من جديد إلى الإسلام ، لا لأنهم - في هذه المرة - يرفضون أن ينطقوا بأفواههم لا إله إلا الله محمد رسول الله كما كان الناس يرفضون نطقها في الغربة الأولى ، ولكن لأنهم هذه المرة يرفضون المقتضى الرئيسي لـ"لا إله إلا الله" ، وهو تحكيم شريعة الله والامتثال لمنهج الله ، وإن كان ألف مليون من البشر من المحيط إلى المحيط ينطقون بأفواههم كل يوم : لا إله إلا الله محمد رسول الله ! وهذه حقيقة "الغربة" التي يعانيها الإسلام اليوم في الأرض ، رغم ملايين المصاحف التي تُطبع ، ومئات المحطات الإذاعية والتلفزيونية التي ترتل القرآن وتذيعه على الناس ، وتشرحه - في الأحاديث والدروس الدينية - لمن شاء من الناس الاستماع !

وفي الغربة تكون الحركة إنشاء جديدا أكثر مما تكون مجرد إصلاح لما هو قائم بالفعل في نفوس الناس .
إن هذا الغثاء الذي يعيش بالملايين اليوم ، والذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه في حديثه : " يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ، قُلْنَا : مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : لا ، أَنْتُم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، يَنْزَعُ اللَّهُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ، قِيلَ : وَمَا الْوَهَنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ " .
هذا الغثاء لا يحتاج إلى مجرد وعظه وإرشاده ، وتقديم حقائق الإسلام إليه في الدروس الدينية سواء في المسجد أو الكُتاب أو الإذاعة أو المحاضرة ، إنما يحتاج انتشاله من الجاهلية التي تحيطه وتضغط على حسه بثقل "الأمر الواقع" وتنشئته نشأة جديدة على حقائق الإسلام ، ليعيشه بالفعل ، لا "ليتحدث" عنه أو "يفكر" فيه أو "يُعجب" به أو "يتمناه" وهو قاعد عن العمل لتحقيقه” .

duhail535
22-10-2013, 07:32 AM
“والإخلاص المطلوب في العبادة هو براءة هذه العبادة من الشرك ، وتلك هي حقيقة التوحيد . وهو أمر لازم لا للارتقاء في مراتب الكمالات ، بل لحصول الإيمان بادىء ذي بدء ، أما الارتقاء في مراتب الكمالات بعد ذلك فله مجالات أخرى نتحدث عن بعضها في حياة ذلك الجيل الأول ، وهي التي ورد فيها الندب والتحبيب ، لا الأمر ولا الإلزام .

فما العبادة المطلوبة من العباد ، وما كيفية البراءة من الشرك ؟
العبادة كما بينها الله في كتابه المنزل تشمل أمورا ثلاثة :
-الإعتقاد الجازم بأن الله واحد في ذاته وفي أسمائه وصفاته .
-والتوجه إليه وحده بالشعائر التعبدية التي افترضها على عباده .
والالتزام بما أنزل الله من التحليل والتحريم والتحسين والتقبيح والإباحة والمنع .

وأيما أمر اختل من هذه الثلاثة فهو ناقض للتوحيد ومُدخل في الشرك الذي يُخرج الناس من الإسلام ، مع اعتبار معين في هذا الشأن هو أن المعصية - بغير استحلال - لا تنقض أصل الالتزام ، ولا تخرج الناس من الإسلام ، ما داموا يقرون بالأمر المنزل من عند الله ، ولا يجعلون مخالفتهم له تشريعا مضاهيا لشرع الله ، أو قائما بذاته مناقضا لشرع الله . بعبارة أخرى ليست المعصية لما أنزل الله هي التي تخرج من الملة ، إنما هو التشريع بغير ما أنزل الله ، وهو المعني في قوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) .
وكون ذلك هو الشرك المخرج من الملة واضح في قوله تعالى : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) .
( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ) .

و"الدين" في آية الشورى ، واتباع ما أنزل الله في آية الأعراف ، كلاهما لا يتعلق بالاعتقاد وحده ولا بالشعائر التعبدية وحدها ، إنما يشمل قضية التحليل والتحريم ، ويعتبر اتخاذ أي من هذه الأمور الثلاثة : الاعتقاد والشعائر والشرائع ، من مصدر غير الله شركا واتباعا للأولياء ، بدليل قوله تعالى في سورة النحل حكاية المشركين ، وتحديدا لأعمال الشرك التي يقومون بها :
( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ) .
وبدليل قوله تعالى عن المنافقين في سورة النساء موضحا المحك الذي يصدق دعوى الإيمان أو يكذبها :
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا ) إلى قوله تعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) .
من هذه الآيات - وأمثالها في القرآن كثير - يتضح لنا أن العبادة المطلوبة من العباد هي إفراد الله بالألوهية والربوبية ، الذي يشمل توحيد الله في ذاته وأسمائه وصفاته ، والتوجه إليه وحده بالشعائر التعبدية ، والالتزام بما نزل الله ، وعدم اتخاذ شرع من مصدر سواه ، سواء على سبيل المضاهاة لشرع الله كما كان يفعل التتار قبل إسلامهم من اتخاذ "الياسق"" الذي يجمع أحكاما من القرآن وأحكاما من مصادر أخرى ، أو على سبيل التشريع المطلق ، أي تنحية شرع الله جملة واتخاذ شرع غيره .

هذه العبادة - على هذه الصورة - هي التي تخرج الناس من الشرك وتجعلهم مسلمين . وهذا هو الإخلاص في حده الأدنى ، الذي لا يقبل الله من الناس أقل منه ، ولا تقوم بغيره حقيقة الإسلام في داخل النفوس ولا في واقع الحياة ( أما الدرجات العليا فمرهونة بمقدار الطاعات التي يتقدم بها العباد إلى الله ، ومقدار الحرص على الالتزام بما أقره به القلب واللسان ) .
أما الاعتقاد بأن هناك شركاء لله في الخلق والتدبير أو الرزق أو الإحياء أو الإماتة أو النفع أو الضر .. إلخ ، أو التوجه لغير الله بالشعائر التعبدية ، أو التشريع بغير ما أنزل الله ، أو الرضى بغير ما أنزل الله ، فهو الشرك الذي يخرج الناس من الإسلام .

وإذا كان أمر الإخلاص كذلك ، في شموله لهذه الأمور الثلاثة ، فإن جدية الأخذ من الكتاب والسنة تصبح بديهية من بديهيات الأمة المسلمة لا يقوم بغيرها لهذه الأمة وجود . فما دام الالتزام بما أنزل الله ركنا من أركان العقيدة ، لا تقوم في الحقيقة بدونه ( بصرف النظر عن المعصية التي لا تتحول إلى تشريع بالنسبة لصاحبها ولا بالنسبة لغيره من الناس ) . فقد أصبحت جدية الأخذ من الكتاب والسنة هي المقتضى المباشر للإسلام . ففي كل لحظة من حياة الناس "تشجر" أشياء تحتاج إلى "حكم" يتخذ فيها .

فمن أين يستمد الحكم ؟

إنه ليس هناك إلا مصدران اثنان : إما حكم الله وإما حكم الجاهلية :
( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) .
فإن لم يتخذ الناس أحكامهم من عند الله - أي من القرآن والسنة ، ومن اجتهاد الفقهاء الملتزم بالكتاب والسنة لا يشذ عنهما ولا يخرج على أحكامهما - فإنهم عندئذ يتخذون أحكامهم من الجاهلية ، ويخرجون بذلك من الإسلام .
فجدية الأخذ من الكتاب والسنة هي من لوازم الوجود الإسلامي ، وسمة من سمات الأمة الإسلامية لا تنفك عنها ، وليس وجودها هو الذي يبهرنا من ذلك الجيل الأول . إنما الذي يبهرنا منه هو الدرجة العالية من الالتزام في التفيذ ، التي تجعل المعصية شيئا نادرا في حياة الناس” .

duhail535
22-10-2013, 07:38 AM
“تحقيق معنى الأمة في صورته الحقيقية



كان العرب كما قلنا قبائل متناثرة متنافرة لا تجتمع على شيء ، على الرغم من وجود كل مقومات التجمع من وحدة الأرض ، ووحدة اللغة ، ووحدة الثقافة ، ووحدة التاريخ ، ووحدة التصورات ، ووحدة التطلعات .
وقد كان يمكن على أقل تقدير أن يجتمعوا على قضية من القضايا التي يتجمع لها الناس في جاهليتهم ، قضية قومية مثلا لطرد الاحتلال الفارسي والاحتلال الروماني من أطراف الجزيرة العربية ، أو قضية اجتماعية لتقريب الفوارق بين الغنى الفاحش في أيدي فئة قليلة من الناس والفقر المدقع الذي يتسربل به أغلبية الناس .. أو غير هذه وتلك مما يمكن أن يجتمع له الناس في أطوار معينة من أطوار الحضارات الجاهلية ..
ولكن العصبية القبلية والثارات الدائمة وغارات السلب والنهب واشتغال كل قبيلة بشؤونها الحاصة ، وحرصها على حيازة ما تفاخر به غيرها ، وسعيها إلى انتقاص غيرها ، جعل التجمع حتى على هذه القضايا الأرضية البحتة أمرا لا يخطر على بال قبيلة من القبائل ، حتى في فرصة التجمع السنوي في موسم الحج .
ومن هناك انتشلهم الإسلام .

انتشلهم لا ليكونا قومية كما يمكن أن يحدث في أية جاهلية من جاهليات التاريخ ، ولا ليكوّنوا تجمعا وطنيا تحت قيادة زعيم منهم يُنشىء منهم دولة موحدة ذات كيان وحدود .. ولكن لينشىء منهم تجمعا فريدا في التاريخ .. لينشىء منهم أمة العقيدة التي استحقت من الله وصفها بهذا الوصف العظيم :
( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) .

والذي يلحظ النقلة الهائلة التي انتقلها العرب من شتاتهم المتناثر ليكونوا خير أمة أخرجت للناس ، لا بد أن يأخذه العَجب من هذا التحول الهائل في فترة من عمر الزمن كأنها لحظات !
وقد يتمحل المتمحلون من دعاة القومية العربية ، أو دعاة التفسير المادي للتاريخ ليقولوا إن العرب كانوا وشيكين من ذوات أنفسهم على التجمع القومي لطرد الروم والفرس من أطراف الجزيرة ، أو لقيام ثورة "اشتراكية" من الفقراء على الأغنياء تنقل السيادة من الأخيرين إلى الأولين .
وهو تمحل فارغ لا يستحق الوقوف عنده لبضع لحظات !
فلا التجمع القومي المزعوم كانت له بوادر منظورة بين القبائل العربية المتناثرة ، ولا تكلم به أي متكلم على الإطلاق ، ولا "الثورة الاشتراكية" كانت لها بوادر منظورة أو كامنة في الجزيرة العربية ولا في غيرها من بقاع الأرض لعدة قرون تلت ، ولا كان "الفقراء" في أي قبيلة تجمعا مترابطا متضامنا ليقوم بالثورة على الأغنياء فيها ، فضلا عن أن يكونوا تجمعا عريضا يشمل فقراء الجزيرة العربية كلهم بوصفهم "طبقة" تثور على طبقة الأغنياء .

وفضلا عن ذلك كله فإن التجمع الذي تَمثل في تلك "الأمة الفريدة" أمة العقيدة ، هو تجمع فريد لا مثيل له في كل التجمعات "القومية" السابقة أو اللاحقة ، ولا في التجمعات التي قامت على أساس المذاهب الاجتماعية في العصر الحديث ، فالقول بأن العرب كانوا وشيكين من عند أنفسهم على إقامة هذا التجمع أو ذاك ، لا يفسر - حتى إن صح - قيام ذلك التجمع الفريد ، الذي لم يتكرر - بهذه الصورة - في كل التاريخ .

كيف تكوّن هذا التجمع الفريد ، الذي أنشأ خير أمة أخرجت للناس ؟” .

كازانوفا
22-10-2013, 07:56 AM
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن إبتغينا العزة بغيره أذلنا الله .


متابعه اكمل بارك الله فيك ...

duhail535
23-10-2013, 08:37 AM
“لقد بدأ ولا شك بأولئك الأفراد القلائل الذين تجمعوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم بن الأرقم في خفية عن عيون الناس . كلّ قد هجر الجاهلية كلها من حوله وأدار لها ظهره ، وقطع صلته بقرابة الدم وصداقات القوم ، وتوجه الوجهة الجديدة التي تدعو إليها لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، التي شهد بها قلبه ولسانه وكل جوارحه ، وأصبحت له - منذ شهد بها - هي الموئل والملاذ ، وهي مفرق طريق بينه وبين الجاهلية .

وحين التقوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد التقوا بكيانهم كله ، والتحمت قلوبهم بنوع جديد من الرباط لم يألفوه من قبل ، ولا وجود له في الحقيقة خارج نطاق العقيدة . إنه اللقاء في الله ، واللقاء في رسول الله .
إن الناس في الجاهلية تلتقي ، وتقوم بينها صحبة وصداقات . ولكن على أي شيء تلتقي الناس ؟
إنها إما قرابة دم ، وإما "مصالح مشتركة" ، وإما لقاء الشهوات ..
ومن ثم فإنها - مهما تقاربت وتلاصقت - لا تصل إلى حد الالتحام !
في كل صلة من هذه الصلاة لا تذوب "الأنا" التي تقيم حاجزا بين القلب والقلب ، وإن تلاقت العقول والأفكار . فكل إنسان يقيم سياجا معينا لنفسه ، يتسع للحجم الذي يحس فيه "بالأنا" المشتملة عليها ذاته ، ومن ثم تلقتقي الذوات المختلفة وتتقارب ، ولكن في حدود ذلك السياج المنصوب من كل منهم حول "الأنا" التي يحسها بين جنبيه . ومن ثم تتنافر تلك الذوات إذا اقتربت أكثر من اللازم ، ويبدأ بينها الاحتكاك !

نوع واحد من الرباط لا يحدث فيه ذلك التنافر ، لأنه يذيب ذلك السياج الزائف الذي ينصبه الإنسان حول نفسه ، ومن ثم تظل القلوب تقترب وتقترب حتى يحدث الالتحام .. ذلك رباط العقيدة ! ذلك أنه ليس رباطا بين إنسان وإنسان في محيط الأرض ، وعلى علاقات الأرض ، ولكنه رباط في الله ، بين عبد لله وعبد لله ، خلا قلباهما من ذلك الكبر الظاهر ، أو الخفي الذي يحجز القلوب عن التقارب والالتحام ، وامتلأ قلباهما بشيء آخر غير مشاغل الحس القريبة ، ومشاغل الأرض المنقطعة عن السماء .

ذلك الرباط هو الذي وحد تلك القلوب حول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدث اللقاء بينها في الله ، فتحابت ، ثم زادها التحاما لقاؤها في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتآخت ذلك الإخاء العجيب الذي يتحدث عنه التاريخ !
كان الصحابة رضوان الله عليهم يسير الاثنان منهم في الطريق ، فتفصل بينهما أثناء المسير شجرة ، فيعودان فيسلم أحدهما على الآخر شوقا إليه من تلك اللحظة التي فصلت بينهما في الطريق !
وبكى أحد الصحابة حزنا لأنه فكر في فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار الآخرة ، وهو لا يطيق فراقه في الدنيا ، فأنزل الله قوله فيه :
( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ) .
ولما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة آخى بين الأوس والخزرج ، فذاب ما بينهما من نزاع وصراع استمر ذلك المدى من الزمن الذي لا يعلمه إلا الله ، وصار بينهما ذلك التآلف والإخاء الذي منّ الله به عليهم :
(وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) .
ثم آخى بين المهاجرين والأنصار تلك المؤخاة العجيبة الفريدة في التاريخ ، حيث كان الأنصار يتنازلون عن شطر ما يملكون للمهاجرين عن طيب خاطر ، وعن غير إلزام ألزمهم به الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويؤثرون على أحيانا على أنفسهم حتى أنزل الله فيهم :
( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

إنه ذلك الحب الذي يُنشئه رباط العقيدة ، ولا يملك رباط آخر أن ينشئه على هذا النحو الوثيق العميق الشفيف الذي يصل إلى درجة الالتحام ، لأنه لا يصطدم بالسياج الزائف الذي تقيمه "الأنا" حول ذاتها في جاهليات البشرية .
ولم تكن تلك المؤاخاة مؤاخاة طبقية تقوم بين "شريف" و "شريف" ولا مؤخاة قومية أو عرقية تقوم بالضرورة بين عربي وعربي .. إنما كانت مؤاخاة بين "مسلم" و "مسلم" بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو اللغة أو الوضع الاقتصادي أو الوضع الاجتماعي ، لأنها الأخوة التي قال الله عنها : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) . تربط القلوب برباط الإيمان بصرف النظر عن كل رباط آخر .

فقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين عمه حمزة ومولاه زيد ، وبين أبي بكر وخارجة بن زيد ، وبين ابن رواحة وبلال بن رباح .. والتقى في بوتقة العقيدة التي صهرت كل فوارق الجنس واللون واللغة بلال الحبشي ، وصهيب الرومي ، وسلمان الفارسي ، مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة رضوان الله عليهم . بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سلمان مِنّا آل البيت " وقال عمر رضي الله عنه عن أبي بكر وبلال رضي الله عنهما : " أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا " .

إنها هي "الأمّة" التي قال عنها خالقها سبحانه : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) .
إنها الأمة في معناها الحقيقي الذي لم يتحقق في أي تجمع آخر من تجمعات التاريخ .
إنها أمة العقيدة .. ذات الرباط الحقيقي الذي ينشيء الأمة في صورتها الحقيقية” .

duhail535
23-10-2013, 08:48 AM
“ليست الأمة كما يعرّفها علم الاجتماع الجاهلي مجموعة من البشر تجمعهم أرض مشتركة ، ولغة مشتركة ، وجنس مشترك ، ومصالح مشتركة . فهذه كلها هي العناصر التي لا اختيار للإنسان فيها ، والتي يجتمع على مثلها الحيوان كذلك !


فالميلاد في أرض معينة أمر لا يتخيره الإنسان لنفسه ، ومن الحماقة أن يكون بذاته محلا للتفاضل بين بشر وبشر ! واتخاذ لغة البقعة من الأرض التي ولد فيها الإنسان هو أمر كذلك لا يختاره الإنسان لنفسه ، ومن ثم فلا مجال لأن يكون بذاته موضعا للتفاضل بين بشر وبشر ! والانتماء - بالمولد - إلى جنس معين هو أمر كسابقيه لا اختيار للإنسان فيه ، فضلا عن حماقة التفاضل بالجنس ( أو اللون ) التي لم تخل منها جاهلية من جاهليات التاريخ حتى جاهلية القرن العشرين . وأما "المصالح المشتركة" فهي وشيجة تلتقي البهائم على مثلها حين تلتقي على العشب والكلأ والماء فتكون قطعانا متآلفة بعضها مع بعض ، متعادية مع من يهدد "مصالحها المشتركة" من القطعان الأخرى ! إنما يكون التفاضل بين الآدميين على "القيم" التي يلتقون عليها ويتجمعون من أجلها ويحرصون عليها ويجاهدون في سبيلها .. وهذه .. قبل كل شيء آخر هي الوشيجة التي يمكن أن تكوّن "الأمة" ، لأنها القيم التي تستحق أن تقوم عليها حياة الإنسان ، بصرف النظر عن الأرض واللغة والجنس وأي شيء آخر مشترك أو غير مشترك .. ومن ثم تكون العقيدة ، وهي أعلى ما يمكن أن تقوم عليه حياة الإنسان ، هي الوشيجة الحقيقية التي تقوم عليها الأمة الحقيقية .. الأمة الخيّرة .. ثم تنضوي تحتها كل العلاقات الأخرى .. علاقات الأرض واللغة والجنس وقرابة الدم ، فتكون هذه روافد إضافية إذا وُجدت ، ولكنها لا تكون هي التي تكوّن الأمة - ولو اجتمعت كلها - في غياب العقيدة ، بينما تكون العقيدة وحدها - ولو غابت الروابط الأخرى كلها - هي الرباط الذي تتكون حوله أمة تتآخى بأخوة العقيدة وتترابط برباط الإيمان فتكون كالبنيان المرصوص يشد بعضهم بعضا ، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .

تلك هي الوشيجة التي نبه القرآن في أكثر من موضع أنها هي المعتبرة وهي المعوّل عليها ، والتي تفصم الروابط الأخرى كلها وتبقى هي لا تنفصم .
ففي قصة نوح جاء قوله تعالى :
( وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ . قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ .قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) .
فقد وعد نوح من قبل أن ينجو أهله من الطوفان إلا من سبق عليه القول :
( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ) .
ولقد دعا نوح إبنه - وكان في معزل - ليركب في السفينة الناجية فأبى ، فأدركه الطوفان :
( وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ . قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ) .
فلما قُضي الأمر واستوت السفينة على الأرض وقد نجا من نجا ، وهلك من هلك ، ملأت الحسرة قلب نوح على ولده الهالك ، وراح يسأل ربه كيف غرق وهو من أهله ، وقد وعده الله أن ينجو أهله ، ووعد الله حق لا ريب فيه ؟ّ

هنا ينبهه الله سبحانه وتعالى أن الوشيجة الحقيقية ليست وشيجة الدم .. إنما هي وشيجة العقيدة :
( يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) .
وقد انفصمت وشيجة العقيدة حين أبى الإبن أن يؤمن ، فانفصمت لها كل وشيجة أخرى ، ولم يعد إبن نوح من أهله ، مع أنه إبنه كما يؤكد القرآن باللفظ الصريح " وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ " .

وفي قصة إبراهيم جاء قوله تعالى :
( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) .

وجاء قوله تعالى يحذر الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) .
فيضع روابط الدم كلها في كفة ، بل يضع كل مقومات التجمع الجاهلي في كفة ، وحب الله ورسوله ، والجهاد في سبيل الله في الكفة الأخرى ، ثم يرجح هذه على تلك ، وينذر الذين يخِلّون بالموازين الربانية بالعذاب الأليم” .

كازانوفا
23-10-2013, 08:59 AM
نحن في زمن بحاجه الى اعادة المواخاه بيننا للاسف التفرقه العنصريه اصبحت واضحه والتمييز العرقي كذلك

متابعه ...

duhail535
23-10-2013, 09:28 AM
نحن في زمن بحاجه الى اعادة المواخاه بيننا للاسف التفرقه العنصريه اصبحت واضحه والتمييز العرقي كذلك

متابعه ...


نتيجة طبيعية لتسرب القيم الجاهلية إلينا بدون أن نشعر ، كرها أحيانا ، وطوعا أحيانا أخرى .

الله المستعان .

كازانوفا
24-10-2013, 07:33 AM
ما من بقيه ؟؟؟؟

duhail535
24-10-2013, 07:46 AM
“نعم ، وُجدت أمم مؤمنة من قبل ، ارتبطت بذلك الرباط فكانت أمما خيّرة ، ولكنها كانت محدودة الحجم محدودة الدور في التاريخ ، بحكم أن الرسل السابقين أرسلوا إلى قومهم خاصة . أما محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي أرسل إلى البشر كافة ، فقد كانت أمته ( خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) في التاريخ كله بشهادة خالقها ومخرجها على هذا النحو الفريد .

ومن كان في شك من تلك الحقيقة فليوازن بينهما وبين التجمعات الكبرى في التاريخ ، التي جمعت أكثر من جنس أو لون أو لغة أو ثقافة ، وعلى رأسها التجمع الروماني في القديم ، ورابطة الشعوب البريطانية (الكومنولث) والتجمع الأمريكي (الولايات المتحدة الأمريكية) والتجمع الروسي (الاتحاد السوفييتي) في الحديث .

فأما التجمع الروماني القديم فقد كانت فيه "الدولة الأم" في مركز السيادة الكاملة والأمم الأخرى في موضع التبعية الكاملة كما هو مشهور في التاريخ . ولم تقم فيها تلك "الأخوة" التي تجمع تلك الأمم والشعوب في رباط واحد على قدم المساواة . وحتى حين دخل قسطنطين المسيحية وفرضها على الأمبراطورية عام 325 م ، فلم تكن الأخوة المسيحية هي التي تحكم كل مظاهر الحياة في الإمبراطورية الرومانية ، إنما كانت جانبا واحدا في الصورة ، وبقية الجوانب مبنية على شيء آخر بعيد كل البعد عن الأخوة والمساواة ، هو التبعية للدولة الأم ، وهامشية الدور الذي تقوم به في حياة الإمبراطورية ، إذ هو عبارة عن إمدادها بالمال والرجال .. المال لتكتنز الدولة الأم ويترف حكامها وكبراؤها ، والرجال ليقاتلوا - وليموتوا - في سبيل مطامع الإمبراطورية وشهواتها ، أو بالأحرى مطامع الإمبراطور المقدس وشهواته ! ولكن ليس لها رأي ولا موقف تجاه الدولة الأم سوى التبعية والبذل ، مقابل "شرف" الانتماء إلى الإمبراطورية !!

وأما تجمع "الكومنولث" فلعل حادثا واحدا معينا يغنينا عن كل شرح وإفاضة لأنه واضح الدلالة في بيان حقيقة الرابطة بين "الدولة الأم" و "المستعمرات" التي أطلق عليها من باب التمويه "رابطة الشعوب البريطانية" !
ذلك الحادث وقع في أثناء الحرب الكبرى الثانية حيث كانت مواقع الصحراء الكبرى تتوالى عليها قوات "الحلفاء" وقوات "المحور" ذهابا وأيبة ، إلى أن استقر الأمر لقوات الحلفاء بعد اندحار "روميل" قائد قوات المحور . وكانت مدينة "طبرق" بالذات أكثر هذه المواقع تداولا بين القوتين . وفي إحدى المرات انسحبت القوات الألمانية تحت ضغط القوات البريطانية ، وكان من المعتاد أن الدولة المنسحبة تزرع بالأرض الألغام قبل انسحابها لتحدث أكبر قدر ممكن من الخسائر بالقوات الغازية ، كما كان من المعتاد أيضا - بالنسبة للحلفاء على الأقل - أن يطلقوا قطيعا من الحمر المستنفرة أو الجمال الهائجة على حقول الألغام فداء للبشر ، فتموت الحمير والجمال وتقل خسائر الجنود إلى أقل قدر ممكن . أما في تلك المعركة - التاريخية فقد أطلق قائد القوات البريطانية الفيلق الهندي في جيشه ليفجر حقول الألغام أمام الجنود البيض ، بدلا من الحمر والجمال المعتادة - لأمر لا أعلمه حتى اللحظة - وانتصر "الحلفاء" انتصارا باهرا وصدر البلاغ الحربي يسجل الانتصار :
انتصرنا على قوات العدو . استولينا على طبرق . خسائرنا قليلة . فَنَى الفيلق الهندي عن آخره !!

وأما التجمع الأمريكي فيكفينا من سوآته ومخازيه موقف البيض هناك من السود ، وهم إخوان في "مواطنية" الولايات المتحدة الأمريكية وإخوان كذلك في المسيحية ! ..
ومع ذلك توجد لافتات في المطاعم ودور السينما مكتوب عليها في وقاحة "ممنوع دخول السود والكلاب !" ويتكرر حدوث هذا المشهد : مجموعة من البيض قد تجمهروا حول واحد من الزنوج يضربونه ويطرحونه أرضا ويركلونه بأقدامهم حتى تزهق روحه ، والشرطي الأبيض قد أدار لهم ظهره حتى ينتهوا من "جهادهم المقدس" ثم يفروا ، فيقيد الحادث ضد "مجهول" !

وأما التجمع الروسي - الذي يزعم أنه تجمعه عقيدة ! - فالدولة الأم ذات السلطان الحقيقي هي روسيا ، وبقية "السوفييتات" إن هي إلا توابع ذات وجود وهمي ، لا تشارك في سياسة عامة ولا في أمر من الأمور إلا بالطاعة والتنفيذ ، وكيل المديح للزعيم المقدس القائم بالسلطة ، حتى إذا هلك وأمرت الدولة الأم بنبش قبره كما فعلت بـ"ستالين" ، سارعت السوفييتات كذلك بأقبح النعوت عليه تنفيذا لأوامر السلطان الجديد !! ووصل الأمر إلى حد اقتلاع المصانع من السوفييتات التي كانت مصنعة قبل أن تدهمها "العقيدة" الجديدة ، ووضعها في روسيا لتكون هي الأقوى وهي الأضخم وهي صاحبة السلطان !!

وفي التجمع القائم على العقيدة ، أو المنبثق في الحقيقة من العقيدة ، يكون الرباط الأكبر هو رباط الأخوة في الله ، أقوى الروابط في حياة البشر على الإطلاق .
وبقدر ما يتحقق من هذه الأخوة في عالم الواقع ، يكون مدى تحقق المعنى الحقيقي للأمة ، ويكون ثقلها في ميزان الله يوم القيامة ، كما يكون ثقلها التاريخي في واقع الأرض .

...

وهذا المستوى الرفيع من التكافل - الذي اهتدت البشرية إلى "التحدث" عن بعض آفاقه النظرية في القرون الأخيرة - لا يقدر عليه بالفعل ، ولا يمارسه بالفعل ، إلا أمة العقيدة ، لأن كيانها الأساسي قائم عليه ، ولأنه جزء من بنائها النفسي وبنائها السلوكي على السواء .
ولقد حقق الجيل الأول من هذا التكافل أكبر قدر يمكن للبشر في أي جيل أن يحققوه ، سواء في التكافل المالي الذي خرج فيه الأنصار عن شطر أموالهم للمهاجرين ، أو في التكافل على صيانة القيم والمبادىء التي جاء بها الإسلام ، الذي تستشفه في قول الأخ المسلم لأخيه في الله : "تعال يا أخي نؤمن ساعة" أي نتذاكر معاني الإيمان لنمارسها في الواقع .. وتراه بارزا في كون هذا الجيل أقل أجيال الأرض كلها جرائم وعدوانا ، وأكثرها صيانة للدماء والأموال والأعراض ، وأكثرها حرصا من كل أخ على كرامة أخيه ومشاعر أخيه ، والذي يقع فيه أن يقول أبو ذر لرجل أسود : يا ابن السوداء ! فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : عيرته بأمه ؟! أنت امرؤ فيك جاهلية ! فيذهب أبو ذر للرجل ، ويضع خده على الأرض ، ويقول للرجل : طأ خدي بقدمك ! والذي يقول فيه عمر العربي القرشي عن بلال العبد الحبشي "سيدنا بلال" ” .

duhail535
24-10-2013, 08:00 AM
“لا عجب إذن أن يكون ذلك الجيل أثقل الأجيال وزنا عند الله بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولا عجب كذلك أن يكون أبعدها أثرا وأكثرها فاعلية في التاريخ .. بدليل ذلك الانسياح الواسع في الأرض ، الذي لا مثيل له من قبل ومن بعد ، والذي لم يكن مصدره التفوق في العدد أو العدة أو الخبرة العسكرية - فقد كان ذلك كله من نصيب الأعداء ! - إنما كان مصدره ضخامة الحق الذي آمنت به تلك الأمة والتقت عليه ، وضخامة المنطلق الذي تنطلق منه ، فتحطم كل ما تجد في طريقها من صور الباطل وأشكاله . فقد استطاعت تلك العصبة المؤمنة أن تسحق الجاهلية سحقا وتمحوها من الوجود في قطاع واسع من الأرض ، لا في صورة دول وحكومات وجيوش زالت من الوجود فحسب ، بل في صورة عقائد كذلك وأنظمة وتقاليد .

ولم يقتصر عملها على إزالة تلك الدول والحكومات والجيوش بما تحمله من عقائد وأنظمة وتقاليد ، فهذا عمل تقدر عليه القوى البشرية العادية - بشرط وجود التفوق العسكري - كما أتيح لـ"هانيبال" و"جنكيز خان" ونابليون وهتلر لفترات من الزمان .. إنما الذي تفردت به أمة العقيدة أنها نشرت في ربوع تلك الأرض عقيدة الحق بغير إكراه ! ونشرت كذلك لغة هذه العقيدة بغير إكراه !

لقد أزال المسلمون دولة فارس كلها ، على كل ما كان لها من الهيلمان والقوة ، وأزالوا قطاعا كبيرا من دولة الروم أعظم دولة في التاريخ ، ولكنهم لم يكرهوا أحدا على اعتناق الإسلام ، تنفيذا لأمر الله ، الذي يأمر بإزالة الطواغيت من الأرض ولكنه يأمر كذلك بعد إكراه الناس على العقيدة الصحيحة بعد إزالة القوى التي تصد الناس عن الحق ، ممثلة في نظم وحكومات وجيوش :
( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ) .
( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .
ولكن المعجزة الكبرى التي تحققت على يد ذلك الجيل ، أن الذين لم يُكرهوا على اعتناق العقيدة الإسلامية قد دخلوا في الإسلام من ذوات أنفسهم ، وأقبلوا عليه إقبالا ، وفرحوا بمجيء الإسلام إليهم ، وأحبوه ، وصاروا بدورهم جزء من هذه الأمة وجندا من جنود الإسلام .. كما أصبحوا كذلك يتكلمون بلغة العقيدة الجديدة ، ونسي كثير منهم ما كان لهم من لغات !
ولا شك أن ذلك لم يكن ليتحقق لو كانت الأمة الفاتحة أمة غلبة حربية فحسب ، أو أمة ذات نزعة توسعية فحسب ، أو كانت تبغي العلو والفساد في الأرض ككل التجمعات الكبرى في جاهليات التاريخ !

إنما اعتنقت البلاد المفتوحة عقيدة الأمة الفاتحة وتكلمت لغتها ، لأنها رأت فيها نموذجا غير مكرر في التاريخ من قبل ، نموذج "أمة العقيدة" التي تفتح الأرض لا لشهوة التوسع والغلبة ، ولكن لتنشر النور وتنشر العدل وتنشر الأمن .. وتنشر القيم الرفيعة التي تحيا بها القلوب وتتفتح بها الأبصار” .

duhail535
24-10-2013, 08:17 AM
“سُرقت من علي كرم الله وجهه درع فوجدها عند يهودي فقاضاه إلى قاضيه شريح .. وعلي يومئذ هو الخليفة أمير المؤمنين .
وإلى هنا فهناك ما يستوقف النظر .
إن عليا كرم الله وجهه - وهو على يقين من درعه ومن حقه - لم يلجأ إلى سلطان الخلافة فيأخذ درعه بالقوة من اليهودي ، فضلا عن يأمر باعتقال السارق الأثيم "رهن التحقيق" ! إنما يلجأ إلى القضاء ، يطلب حقه عن طريقه ، وذلك - في ذاته - مستوى رفيع من تطبيق العدل الرباني نادر المثال .
ولكن الحادثة أروع آفاقا وأبعد مدى وأعمق دلالة ..
لقد نادى شريح (القاضي) أمير المؤمنين بكنيته : يا أبا الحسن ! ولم يكنّ الرجل اليهودي ، فغضب علي كرم الله وجهه ! غضب لخصمه اليهودي ! غضب للحق .. للعدل الرباني ! وقال للقاضي : إما تكنّي الخصمين معا أو تدع تكنيتهما معا !
ثم سأل شريح أمير المؤمنين عن قضيته فقال علي كرم الله وجهه : الدرع درعي ، ولم أبع ولم أهب .
فسأل شريح اليهودي : ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين ؟
فردّ هذا متلاعبا : الدرع درعي ! وما أمير المؤمنين بكاذب ! (يريد أن يمسك العصا من منتصفها نفاقا على طريقتهم !) .) .
فيلتفت شريح إلى أمير المؤمنين فيقول : يا أمير المؤمنين ، هل من بيّنة ؟!
إنه هكذا العدل الرباني ! البينة على من ادعى .. وهذه دعوى مرفوعة إلى القضاء فلا بد فيها من البينة ، وإن تكن مرفوعة من أمير المؤمنين . وإن تكن من علي كرم الله وجهه ، الذي لم يُعرف عنه الكذب قط ، والذي لا يعقل أن يكذب على الله من أجل درع وهو المستعلي على كل متاع الأرض ، يراه الناس يرتجف من شدة البرد في الشتاء وتحت يده بيت المال ، يحق له منه كسوة شرعية تقيه البرد ، فيقول : والله ما أرزؤكم شيئا ! إن هي إلا قطيفتي خرجت بها من المدينة !
ولكن جواب علي كرم الله وجهه كان أروع !
قال : صدق شريح ! مالي بيّنة !
هكذا في بساطة المؤمن المتجرد .. مالي بيّنة !
لم يغضب ! لم يقل للقاضي : مني تطلب البينة وأنا أمير المؤمنين ؟!
وكان موقف شريح رائعا موقف أمير المؤمنين .. لقد حكم بالدرع لليهودي لعدم وجود بينة عند المدعي أمير المؤمنين !
وأخذ الرجل الدرع ومضى وهو لا يكاد يصدق نفسه ! ثم عاد بعد خطوات ليقول : أمير المؤمنين يقاضيني إلى قاضيه فيقضي عليه ؟! إن هذه أخلاق أنبياء ! أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ! الدرع درعك يا أمير المؤمنين ، خرجت من بعيرك الأورق فاتبعتها فأخذتها ..
فيقول علي كرم الله وجهه : أما إذا أسلمت فهي لك !!


وقف عمر رضي الله عنه يخطب الناس فقال : أيها الناس ، اسمعوا وأطيعوا .. فانتدب له سلمان الفارسي فقال : لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة !
ولعل بعض الناس يومئذ قد دهشوا أو ذعروا ! فمن ذا الذي يكلم عمر على هذا النحو ، وإن كان سلمان !
لقد وهب الله لعمر رضي الله عنه مهابة ذات أثر ملحوظ في قلوب الناس ، إن يكن سببها ضخامة جسمه ، أو ضخامة صوته ، أو شدته المعروفة عنه ، أو غير ذلك من الأسباب ، فالناس ترهب عمر رهبة تلقائية ، حتى إن عليا كرم الله وجهه ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته الأثيرة عنده ، يقول : كنا نسير ذات يوم خلف عمر فعنّ له أمر فالتفت وراءه ، فسقطت قلوبنا إلى كعوبنا !
ولكنه في مهابته تلك يقول للناس : اسمعوا وأطيعوا فيقول له سلمان : لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة .
ولا يغضب عمر .. وأي شخص في مكانه كان قمينا أن يغضب .. فهو لا يطالب الناس إلا بأمر قد فرضه الله ورسوله ، فإذا رُد طلبه هذا الرد بغير موجب فلا تثريب عليه إن غضب . ولكن عمر الذي رباه الإسلام لا يغضب .. إنما يسأل سلمان عن السبب لعل عنده سببا وجيها يبرر هذا الرد !
قال عمر : ولمه ؟
قال سلمان : حتى تبين لنا من أين لك هذا البُرد الذي ائتزرت به ، وأنت رجل طوال لا يكفيك البُرد الذي نالك كبقية المسلمين !
والآن تحددت القضية ! فكأن سلمان يلقي اتهاما ، أو على الأقل شبهة .. أن عمر رضي الله عنه قد استأثر بمتر من القماش زيادة عما ناله كفرد من عامة المسلمين !
ولو غضب عمر في هذا الموقف لحق له أن يغضب .. ولكنه مرة أخرى لا يغضب ، إنما ينادي ولده عبد الله بن عمر فيقول له : نشدتك الله ، هذا البرد الذي ائتزرت به أهو بردك ؟ فيقول عبد الله بن عمر : نعم هو بردي أعطيته لأمير المؤمنين حتى يأتزر به ، لأن البرد الذي ناله كعامة المسلمين لا يكفيه لأنه رجل طوال .
عندئذ يقول سلمان : الآن مر ! نسمع ونطع !

إنها القمة الرائعة في جانبيها ، جانب عمر بن الخطاب وجانب سلمان على السواء .
إن أحدا منهما لا يغضب لشخصه ولا ينطلق من منطلق شخصي ! وما سلمان بالذي يشك في نزاهة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو المعروف بالزهادة التي تفوق كل تصور ! ولكنه الحرص على شريعة الله أن تنفذ على أعلى مستوياتها . الحرص على العدل الرباني أن يُطبق أبيض ناصع لا تشوبه شائبة حتى من ظن .
وعمر من جانبه لا يضع شخصه في الميزان ، ولا يلتفت إلى الأذى الذي ينال شخصه من كون رجل من رعيته يرد عليه السمع والطاعة على هذا النحو أمام الرعية . إنما يريد أن يأخذ العدل الرباني مجراه في أعلى مستوياته ، فيستنطق الرجل خشية أن يكون قد وقع خطأ وهو لا يدري ، خطأ يبرر للرعية أو أحد أفرادها أن يرد السمع والطاعة ، لأنه لا طاعة إلا في معروف .

كلاهما حريص على دين الله ألا تشوبه شائبة . وكلاهما قمة تتضاءل أمامها أحلام الرجال . وصورة من تطبيق العدل الرباني في الأرض ، لا يرتقي البشر إلى مثلها على مدار القرون” .

كازانوفا
24-10-2013, 09:34 AM
رحم الله الصحابه كيف كانو يخافون الله بشي ينظر له الكثير في هذا الزمان الغريب بانه لا شي وهو عند الله شي عظيم ...

الجميع يحارب اهل العقيده ولكن ستبقى باذنه تعالى كلمته هي الاعلى ...

بوركت بنقلك الكريم

متابعه اكمل بارك الله فيما اعطاك ان شالله

duhail535
25-10-2013, 12:17 PM
رحم الله الصحابه كيف كانو يخافون الله بشي ينظر له الكثير في هذا الزمان الغريب بانه لا شي وهو عند الله شي عظيم ...

الجميع يحارب اهل العقيده ولكن ستبقى باذنه تعالى كلمته هي الاعلى ...

بوركت بنقلك الكريم

متابعه اكمل بارك الله فيما اعطاك ان شالله


لا خوف على الدين الله . بل يجب أن يخاف المفتونون المتخلفون على أنفسهم ، لأن هذا الدين قائم - بوعد الله - إلى يوم الساعة بنا أو بغيرنا ، شاء من شاء وأبى من أبى . والخاسر من تخلف عن الركب .

" لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ " .

كازانوفا
25-10-2013, 05:17 PM
اللهم ارنا هذا اليوم عاجل غير اجلا يارب العالمين
متابعه

duhail535
25-10-2013, 05:44 PM
“أخلاقيات لا إله إلا الله :



من أبرز سمات هذا الدين قاعدته الأخلاقية العريضة الشاملة لكل تصرفات الإنسان ، وارتباط هذه القاعدة الأخلاقية بحقيقة الإيمان . ولقد سبق أن أشرنا ونحن نتحدث عن جدية الأخذ من الكتاب والسنة إلى هذا الارتباط بين الأخلاق وبين لا إله إلا الله ، ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد بيان ، خاصة في وقتنا هذا الذي كادت تنفصل فيه الأخلاق انفصالا كاملا عن مفهوم لا إله إلا الله !

انظر إلى هذه الآيات من سورة الرعد :
( أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ . وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ . وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ) .

...

ليست القضية في الحقيقة هي وجود قيمة خُلقية لأعمال الإنسان أم عدم وجودها ، فذلك أمر لا يشك فيه أحد حتى الماديون وحتى الملحدون وحتى الشكاكون ، إنما القضية هي "المعايير" التي نقيس بها الأخلاق .. من يضعها ؟!

فأما الوضعيون ، وأما التطويريون ، وأما الماديون وأشباههم فقد ذهبوا بها مذاهب شتى توافق أهواءهم .
وأما الله سبحانه وتعالى فيقول إن الذي يخلق هو وحده صاحب الأمر .. هو الله سبحانه وتعالى :
(أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) .
ويقول سبحانه إن هناك ميثاقا مأخوذا على الفطرة البشرية ، أشهدها الله فيه على نفسها : أن الله هو ربها لا شريك له . ثم أرسل رسلا يأخذون العهد على البشرية بتنفيذ الميثاق .
وأن مقتضى هذا الميثاق أن تعبد الله وتطيعه ، وأن تتلقى منه وحده المعايير وتلتزم بها .
وأن المؤمنين هم الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ، وأن غير المؤمنين هم الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض .

وخلاصة ذلك كله أن الله هو الذي يحدد المعايير الخُلقية ، فيقول وقوله الفصل :
هذا حلال وهذا حرام ، هذا حسن وهذا قبيح ، هذا مباح وهذا غير مباح . وأن المؤمنين هم الذين يلتزمون بهذا كله ، بمقتضى أنهم مؤمنين .

أمر آخر يتعلق بالأخلاق تبدو أهميته بالنسبة للجاهلية المعاصرة بصفة خاصة ، إنها ليست مجرد أعراف يصطلح عليها الناس - أو العقل الجمعي - أو انعكاس أوضاع مادية متقلبة ، أو قيم نفعية لتيسير التعامل كما هو الغرب اليوم ، فذلك كله لا يجعل لها دواما ولا ثباتا ولا فاعلية حقيقية في الحياة البشرية . إنما هي ميثاق مع الله بادىء ذي بدء ، يُعمل فيه الخير - الذي وصفه الله بأنه خير - ويعمل ابتغاء وجه الله ، لا ابتغاء النفع القريب ، وإن كان النفع يتحقق بالتزام أوامر الله :
( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ ) .
( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ . وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ..) .
إنها في حس المؤمن "أمانة" تؤدّى إلى أهلها :
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ ..) .
والأمانة الأولى هي الالتزام بما جاء من عند الله ، فذلك مقتضى الإقرار بألوهيته .
وتحت هذه الأمانة الكبرى تندرج الأمانات الأخرى كلها فيما يتصل بعلاقة الإنسان بنفسه وعلاقته بالناس .. وتلك الأخلاق .

أمر ثالث يتعلق بالأخلاق كذلك ، وله أهميته الخاصة بالنسبة للجاهلية المعاصرة ، هو أن هذه "الأمانات" التي هي الفحوى الحقيقية للأخلاق ، ليست خاصة ببعض أنواع التعامل دون البعض ، بل شاملة لكل أنواع التعامل ، ومن ثم لا يخرج عن نطاقها شيء البتة من أعمال الإنسان الإرادية الاختيارية ، ولا يقال عن شيء من هذه الأعمال كلها إنه خارج عن نطاق الأخلاق ، لا السياسة ولا الاقتصاد ، ولا الاجتماع ، ولا الفن ، ولا الفكر ، ولا ساعة الجد ، ولا ساعة الترويح ! كلها داخلة في نطاق الأخلاق ، وكلها داخلة في "الميثاق" المعقود مع الله ، وكلها يقوم بها المؤمن بمقتضى عقد الإيمان .

( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا . وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا . وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا . إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا . وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا . وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا . وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا . وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا . وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا . وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا . أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا . خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ) .

...

إن هذه الأمة - بحكم أنها أمة ربانية ، أمة عقيدة - فهي أمة أخلاق ، وإن التزامها بأخلاقيات لا إله إلا الله هو معيار من معايير صدق إيمانها لا يمكن إغفاله ، وإنها لا تستطيع أن تتفلت من أخلاقها ثم تزعم أنها صادقة الإيمان !” .

duhail535
26-10-2013, 12:41 PM
“لم يكن العرب في جاهليتهم أمة علمية .. وذلك ثابت من التاريخ .
لقد كان لهم رحلات يصلون فيها إلى مراكز حضارية في الشمال والجنوب ، كما كانت لهم احتكاكات بدولتي فارس والروم ، ولكل منهما في ذلك الحين علوم ومعارف ، ولكن العرب لم يشغلوا أنفسهم بتحصيل شيء من تلك المعارف
العلمية ، لأنهم كانوا يعيشون على هامش الدنيا وهامش التاريخ ، مشغولين بثاراتهم ونزاعاتهم ، وفخرهم وهجائهم ، وعلى الأكثر بتجاراتهم ولهوهم وشرابهم .

كان أشد ما يشغل العرب في حياتهم القبلية التي يعيشونها هو قول الشعر وحفظ الأنساب . فالشعر يتفننون في قوله ويتباهون بفصاحته ، وحفظ الأنساب تستخدمه كل قبيلة في التفاخر مع القبائل الأخرى ، وفي محاولة النيل من القبائل الأخرى وقت الخصام والنزاع بما قد يكون من ملمز في أنسابها !
ورغم بلاغة الشعر العربي الجاهلي ، ودلالته على النضج الفكري والنفسي والتعبيري ، فإن البداوة التي كان يعيش فيها العرب ، ومشغلتهم الدائمة بالعصبية القبلية وما يتبعها من خصومات ونزاعات وتفاخر بالأنساب ، لم تدع مجالا "للتجمع" لتكوين أمة ، وهو شرط أساسي لأي حركة علمية وحضارية .
لذلك عاش العرب قرونا لا يتجهون أي اتجاه لطلب العلم ، وكانوا - كما ثبت عنهم - أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب .

ثم جاء الإسلام . جاء ليمنحهم كل العناصر المطلوبة لا لإنشاء حركة علمية فحسب ، بل لإنشاء الحركة العلمية الصحيحة كما ينبغي أن تكون .

الرغبة في "المعرفة" رغبة فطرية أودعها الله لتكون إحدى أدوات الإنسان للقيام بعمارة الأرض . والرغبة في معرفة خواص المادة بصفة خاصة ركيزة رئيسية في الفطرة ، وركيزة رئيسية في "العلم" بمعناه الاصطلاحي . ولكنها - كما قلنا - تحتاج إلى تجمع وإلى استقرار وأمن وطمأنينة لكي تزاول نشاطها الطبيعي الفطري . وكل هذه العناصر كانت مفقودة في البيئة العربية القبلية الجاهلية ، فلم يكن هناك - من ثم - علم بالمعنى المعروف .
فلما جاء الإسلام وُجدت هذه العناصر جميعا ، فوجدت - بادىء ذي بدء - البيئة التي يمكن أن يظهر فيها العلم . ولكنها ، في أمة كانت مشغولة تماما عن هذا الأمر ، كانت في حاجة - إلى جانب التجمع والاستقرار والأمن - إلى دفعة حيوية هائلة تنشط ما كان غافلا من جوانب الفطرة ، وتدفعه إلى العمل والإنتاج .
ولقد أعطى الإسلام تلك الدفعة الحيوية بصورة فذة غير مسبوقة في التاريخ ، فكان أمرا طبيعيا أن تتحرك الفطرة لطلب العلم حين سرت الشحنة الضخمة في جسم ذلك التجمع الجديد فحركت كل جزئية فيه .

ولكن الإسلام لم يحو تلك الشحنة الدافعة فحسب ، التي يمكن أن تؤدي من ذات نفسها إلى إيقاظ الجوانب الغافية - أو الضامرة - من الفطرة فتعطيها دفعتها السوية وحركتها السوية ، إنما حوى إلى جانب ذلك توجيهات محددة لطلب العلم ، كشأنه مع كل أمر لازم للحياة البشرية” .

كازانوفا
27-10-2013, 09:10 AM
بوركت
اكمل ...

تغلبية
02-12-2013, 08:37 AM
صباح الخير ..

المقتطفات رائعة ..


ننتظر الباقي :victory:

duhail535
02-12-2013, 02:21 PM
إن شاء الله . قصرت لأني انشغلت .