تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تجعل من ابنك طالبا متفوقا ؟



رجل مثالي
10-10-2013, 05:10 PM
كيف تجعل من ابنك طالبا متفوقا ؟


· تلاوة ما تيسر من آيات الذكر الحكيم من سورة النمل ومناقشة حكم المد الحرفي المثقل.
· موضوع الاجتماع الفني
· الهدف من اختيار موضوع ( كيف تجعل من ابنك طالبا متفوقا ؟ ) من وجهة نظري :

ممكن تقولون. عن سبب اختياري لمثل هذا الموضوع ، فأقول، لقد أعجبني هذا الموضوع جدا وقد لفت انتباهي عنوانه وودت مناقشته معكن للوقوف على حقيقة تعامل الآباء مع أبنائهم والتي قد يغفلها أو يتجاهلها الكثير، للأخذ بأيدي الأبناء إلى جادة الصواب والبحث عما ينمي ملكاتهم الفكرية ويقودهم إلى التفوق والنجاح وإلى الحد مما يعيقهم ويعرقل مسيرة تفوقهم وتبوئهم المكانة العلمية التي يرغب فيها الوالدان .

المقـدمة

في كل خريف نرسل أولادنا وبناتنا من جديد للمدرسة ، آملين أن يكونوا أكثر تفوقا، ولكن في الوقت ذاته يساونا القلق إذا ما كنا نضغط عليهم أكثر مما ينبغي، أو إننا لا نضغط عليهم على الإطلاق ؟ هل نقوم بتنمية مواهبهم كما ينبغي، أو فشلنا في ذلك ؟

هل نقوم بكل ما يجب علينا فعله كي ينجح أبناؤنا ؟

في هذا التقرير الذي نشرته مجلة ( التايم ) نحاول الإجابة عن الأسئلة السابقة، وقد تطرقنا من خلاله إلى بعض النظريات السائدة حول التفوق، ونقدم دروس أساسية في كيفية مساعدة الأطفال على استخدام عقولهم بأفضل صورة ممكنة .
ثمانية أسرار للتفوق
لعلها أمنية كل أبوين فمع مولد طفلها ومنذ بداية نمو أسنانه وبداية تحديقه في المناظر الغريبة من حوله ومن ثم بداية نطقه لأحرف الهجاء الأولى يردد الأبوان العبارة المألوفة " ابني ذكي ابني سيكون متفوقا في دراسته وسيجعلني فخورا به ".
اليوم لدينا الكثير من الاختراعات مثل الكتب والأشرطة وبرامج الكمبيوتر لتنمية عقل الطفل ،ولكن نجاح الطفل وتفوقه لا يمكن أن يشترى بشرائنا لتلك الأشياء، وهو كذلك لا يمكن أن يتحقق بمجرد تمني الأبوين !

إذن… ما الذي يجب فعله للحصول على طفل متفوق عقليا ؟

لا يريد الأبوان الحصول فقط على طالب يجلس على الكراسي الأمامية من الفصل، ويشارك في فريق السباحة وأنشطة المدرسة، ولكن أيضا يستمتع بصداقة المدرسين واحترامهم وكذلك يستمتع بصداقة أقرانه .
إن تشجيع الأبوين للطفل له دوره الفعال ويشكل نقطة البداية للطالب، ولإلقاء المزيد على هذا الأمر أجرت مجلة التايم لقاءات عدة مع طالبات وطلاب متفوقين من مناطق مختلفة وكذلك لقاءات مع ذويهم ومدرسيهم وأصدقائهم، وما نتج عن تلك اللقاءات نماذج ينبغي دراستها وأخذها بعين الاعتبار


الأسباب الأساسية للوصول إلى التفوق:
أولا: الرغبة القوية
يقول كارن ارنولد مساعد بروفيسور في جامعة بوسطن للتعليم العالي: إن الرغبة القوية للعمل والاجتهاد هي البصمة المشتركة بين أغلب الطلبة المتفوقين، وقد لاحظت أن هؤلاء الطلبة المتفوقين أكبر اعتمادهم على اجتهادهم وليس على ذكائهم الفطري فهم مواظبون على الدراسة والتحصيل اللذان يشكلان محور حياتهم.

كيف يجعل الطالب المتفوق الدراسة والعلم محور حياته ؟
لا شك إن دور الوالدين له تأثير في حياة الطالب فتأثير الآباء على الأبناء أقوى من تأثير الأقران في عملية التربية وهو ما كان المربون يرفضون الاعتراف به . تقول جانيت ون :إن لآباء الطلبة المتفوقين دورا أساسيا في حياة أبنائهم وتضيف أن الآباء يعلمون أبناءهم كيف يثابرون ويلقون أسئلة ويبينون لهم أن الاجتهاد يأتي بالنتيجة المطلوبة وحين يخطأ الطفل يرونها فرصة لتعلم شيء أفضل أكثر من كونه أمر عقابي.
إذن إن الطلبة المتفوقين لديهم آباء يستجيبون لحب الاستطلاع لدى أطفالهم ويغذون ذلك بالمعرفة ويجلبون لهم ما يوسع مداركهم في هذا الجانب .

ثانيا: متعة التعلم

إن الأطفال لديهم تعطش للمعرفة وإذا استطعت أن تضعي تخيلاتهم في المسار الصحيح فإن ذلك سيستمر للابد ولكن إذا أوصدت الباب في وجوههم فإنك ستخسرين تلك الموهبة التي لديهم للأبد

إذن لا بد من ممارسة مبدأ الباب المفتوح أمام استفهامهم وحيويتهم البالغة.

ثالثا: القراءة والعبقرية

إن كثير ما يسأل من قبل الوالدين السؤال التالي: ما الذي ينبغي فعله لأزيد من درجات ابني لكي يحصل على مجموع عال ؟ يقول باركر إن جوابه الدائم لمثل أولئك الآباء هو دوما ابدأ مع ابنك مبكرا، وإن أفضل كورس تعليمي للأطفال هو أن تقرأ لهم في الفراش وهم لا يزالون صغارا وإذا ما كانت التجربة ممتعة بالنسبة لهم فإنهم في النهاية سيبدؤون يقرؤون لأنفسهم. ويضيف باركر أنه لم يحدث أن التقى بطالب قد حصل على درجات عالية في الامتحان اللفظي ولا يكون هذا الطالب مولع بالقراءة .
( وهؤلاء الطلاب حين يجلسون إلى مائدة الإفطار يقرؤون المكتوب على علب الكورن فليكس وهذا ما يفعله القرّاء عادة )
يقول رنجي روتمان خبير القراءة والكتابة مخاطبا الآباء ، لا تترك القراءة لطفلك حين يصبح قادرا على القراءة ، وإن بعض أفضل القرّاء والكتّاب المتميزين في المدارس المتوسطة والثانوية لديهم آباء يقرؤون لهم .

رابعا: الدرجات ليست كل شيء

يقول بوب كنجنهام مدرس الكيمياء إن بعض الطلبة يودون لو استطاعوا أن يقطعوا أقدام زملائهم كي يكونوا في المقدمة دائما.
يقول دينيس باكوت مدرس اللغة الإنجليزية " يلح بعض الطلبة عليّ في إعطائهم درجة أ بينما يسألني الطالب المتفوق ستيفن ما الذي ينبغي عليه فعله ليحصل على درجة أ .
فسر نجاح الطالب هو أن يعمل لتطوير قدراته وليس لنيل الدرجات فقط.
إن الطلبة المتفوقين يميلون للتنافس ولكن نيل الدرجات ليس هو كل ما يدفعهم للاجتهاد فمنهم من يكون هدفه ذاتي بالدرجة الأولى ألا وهو بذل كل ما يستطيعه من جهد ، يقول الطالب ستيفن في أحيان كثيرة أتنافس مع نفسي فأنا أضع لنفسي الأهداف ثم أحاول تحقيقها.
يرى الباحثون أنه حين يضع المدرسون أو الآباء تأكيدا غير ضروري للدرجات فإن الطلبة سيعانون من جراء ذلك. ولقد بينت دراسة أجريت إن الأطفال الذين يحصلون ثناءً على أدائهم وذكائهم الفطري هم أقل رغبة للمخاطرة بتجربة أي نوع من أنواع الفشل.
يقول دويك " إن مثل هذا اللوم يشجعهم على تقوية الدوافع والأداء والتقدير الذاتي أيضا ".
يتحدث ألفي كون المدرس في جامعة كامبريدج " إن التعلم الحالي يقضي على حب التعلم لذات التعلم ويستبدلها بهذا الولع السطحي بنيل الدرجات ويضيف وإن بإمكانكم أيها الآباء أن تشاهدوا متعة التعلم لدى أبناؤكم تتبخر أمام عيونكم "
ونصيحته التي يقدمها للآباء [ كفوا عن سؤال أبناؤكم عما حققوه في المدرسة كل يوم وبدلا من ذلك اسألوهم ما الذي فعلوه ]

خامسا: قم بتنمية هواياتهم

يقول مايك تيري المتعلق بالسيارات منذ سن الثالثة والذي ساعده هذا التعلق على تطوير اهتماماته وتوجيهاته بالخيال والتعمق يقول لقد أدركت إنه الهوى الذي باستطاعتي عن طريقه أن أفهم أهواء البالغين. ويقول عميد القبول في جامعة ستانفورد ان هناك الكثير من الطلبة الذين يدرسون ويحصلون على درجة الامتياز ، ولكن من هو الطالب الذي يهتم بمادة الدرس ويبقى بعد انتهاء الحصة يسأل المدرس عن كتاب آخر يزيد معرفته بالموضوع .وإن كثير من طلبة الجامعات مدفوعين من قبل آبائهم وليس رغبتهم الذاتية. ويقول باركر إن أكثر الآباء صاروا يشكلون أبناءهم في القوالب التي تسعدنا كإدارة لكنهم في الوقت ذاته يغفلون عن الهوى الحقيقي في قلوب الأبناء وعن تشجيعهم عن إظهار ما يعتمل في صدورهم بالفعل. ويعتقد الكثير من الطلبة وذويهم إن الأنشطة هي بمثابة فترة ترويحية يستأنف الطالب بعدها دراسته ولكن ما يدركه كينالي أن مثل هذه الأنشطة لها أثرها في تنمية شخصية الطالب وصقل روح التحدي فيه إلى جانب إعطاءه المقدرة للعمل ضمن فريق واحد .

سادسا: المدرس النادر

إن أغلب الطلبة المتميزين بروح العناد والمثابرة يكون لديهم مدرسين من نفس الطراز وهؤلاء يكمنون لهم في فترة من فترات حياتهم كي يبثوا روح الحماس والمثابرة فيهم ويكونوا علاقة على قوية بهم ،يقول الفرد جينشيو ناظر مدرسة ماديسون المتوسطة [ إذا ما تحدثت لهؤلاء الأطفال المتفوقين سيحدثونك حتما عن شخص ما أثار خيالهم واحتضنهم بحب وحنان وعمل على تنمية قدراتهم الذهنية.
قامت جامعة كولومبيا عام 1997 بعمل دراسة عن حياة مائة شخصية أمريكية بارزة أعمارهم تتراوح بين 40 – 55 أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين جاءوا من بيئات غير متميزة يستشهدون بفضل المعلم المخلص الذي كان له دوره المؤثر في نجاحهم لاحقا .
يقول سالز هارنجتون: في بعض الأحيان يصبح دور المدرس بديلا عن دور الأبوين وفي أحيان أخرى يمنح هذا المدرس الطالب جرعة من التشجيع والتثبيت بوقوفه إلى جانبه في بعض اللحظات المحرجة مثلا حين يصرخ قائلا ( هنري لا يكذب ) فيكون هذا التقدير من جانب المدرس هو السبب في تحول شخصية هنري لاحقا .

سابعا: قواعد لأداء الواجب

هل كل الطلبة المتفوقين يبدؤون المذاكرة بمجرد العودة للبيت ؟ كما يفعل البعض.
ليس بالضرورة ،فمنهم من يقوم بعمل واجباته في وقت متأخر من الليل ويقول بسمارك طالب متفوق،أحيانا أظل مستيقظا حتى الساعة الخامسة فجرا للمذاكرة وأداء الواجبات. ومنهم من يقوم بأداء واجبه على الكمبيوتر بينما السماعات على أذنيه، على أية حال إن كان هناك قاعدة لأداء الواجب فإنها بكل بساطة " دع الطالب يعمل واجبه بالطريقة التي يختارها" فليس كل طفل يحتاج إلى الهدوء وإلى أن يجلس لأداء واجبه بمجرد العودة من المدرسة .
وهناك قاعدة أخرى تتعلق بأداء الواجب وهي أن يتدخل الآباء بشرح المسائل لأبنائهم ثم يجلسون بالقرب منهم ويمدوا لهم يد العون متى ما احتاجوا لذلك .
وإن القاعدة نفسها تستعمل مع تدخل الأبوين في الشؤون المدرسية، لا يعني هذا أنه ليس من حق الآباء إقحام أنفسهم ولكن بالصورة التي تفيد الطفل.
إن آباء الأطفال المتفوقين يدافعون عن أبنائهم ولكنهم في الوقت ذاته يزودونهم بما يحتاجونه أكثر من كونهم مجرد مساندين تجاه نزاعهم مع المدرسة فبعض الآباء يأتون للمدرسة وكأنهم قادمون لساحة
قتال منهم يلومون المدرس لأن الطفل لم يحصل على الدرجة التي يتوقعونها بينما غيرهم يأتي ليتفاهم مع المدرس حول طريقة التدريس وغيرها من الأمور التي فيها منفعة الطفل.

ثامنا: قف وابتهج

يقول روبرت وينتوت ناظر مدرسة بروكلين الثانوية " على الوالدين أن يحضرا جميع الأنشطة التي يشارك بها الطفل رغم أنه قد يقول لوالديه أحيانا أنه ليس من الضروري أن يحضرا، ولكن يجب عليهما الحضور فهذا يشعر الطفل بأهمية ما تقوم به المدرسة وما تقدمه ويستمر على ذلك دائما حتى وإن كان الطفل يبدو ممانعا لذلك ويحدث ذلك خاصة من قبل المراهقين الذين يحاولون إبعاد والديهم عن الأمر. ولهذا يقول روبرت لا تتوقفا عن متابعة الأبناء فقط لمجرد أن الأبناء يعترضون على ذلك استمرا في الاطلاع على أوراقهم وامتحاناتهم واستمرا كذلك في طرح الأسئلة المعتادة مثل ما الذي حدث في المدرسة اليوم ؟ حتى لو جاءت الإجابة (لا شيء) عليك أن تظل مواظبا باهتمامك واستفساراتك ،ذلك أن المدرسة جزء من حياتهم .

إذن هل يستطيع كل طفل أن يكون متفوقا ؟ وهل يفترض أن يتمتع بصحة جيدة وذكاء فطري ؟

الإجابة غالبا نعم، فهناك ارتباط وثيق بين الطالب وبين أمور أخرى مثل تنظيم الوقت وكيفية استغلاله فالأطفال الذين يتمتعون بهذه القدرات يمتازون عن غيرهم الذين يجاهدون للمحافظة على نظام حياتهم على الرغم من أن هؤلاء الذين يستمرون في جهادهم يصلون إلى قمة النجاح بفضل مثابرتهم وهذا افضل ما يحصل عليه الطالب .
وفي الختام أعرض على حضراتكم بعض المقترحات التي جاد بها فكري لخدمة الميدان وأتمنى منكم إبداء آراءكم وتقديم مقترحاتكم وتوصياتكم لتعم الفائدة على الجميع بإذن الله تعالى.

توصيات عامة:

- توعية أولياء الأمور بحقيقة معنى التفوق .
- فصل الدرجات التحصيلية عن النبوغ في تحديد المتفوق .
- الاهتمام بالمعلم الجيد.
- تعديل المناهج الدراسية لتناسب معنى التفوق العالمي.
- اهتمام الإدارات المدرسية بالطالب المتفوق .
- إعطاء المعلم دورات تدريبية لكيفية رعاية الطالب المتفوق وكذلك الطالب الضعيف حيث أن هذه الدورات لا تقل أهمية عما يلزم به المدرس من دورات من قبل الوزارة .
- فتح أسوار المدرسة أمام أولياء الأمور للمشاركة الإيجابية في الأنشطة المدرسية المختلفة .
- تحديد يوم مفتوح للطلبة والمعلمين وأولياء الأمور في السنة الدراسية لممارسة متعة التعلم
( القراءة ، الرسم ، أشغال فنية ، ألعاب رياضية …………..إلخ )
- تحديد معنى الواجب المدرسي وأهميته.
- إقامة معرض سنوي في المدرسة لعرض إنتاج الطلبة وبيعها على أن يكون الريع للطالب نفسه .
- التعامل مع الطلبة داخل المدرسة بروح المحبة والمودة والبعد عن العنف والتهديد والعقاب…..وغيرها من الأساليب المنفّرة .



أرجو المشاركة لمعرفة الطرق لحل هذا الموضوع من رأي أولياء الأمور

رجل مثالي
11-10-2013, 05:10 AM
من حقوق الأبناء على الآباء : التعليم والإعداد لسن التكليف

الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري

اتقوا الله ربكم، اتقوا الله حق التقوى، واعلموا أن الله افترض على المسلمين واجبات مفروضة على العباد؛ لتستقيم الحياة، وتصلح الشعوب، وتبنى الحضارات، وتحيا الأمم.
هذه المفروضات تتعلق بكل مسلم، والمسلم هو المكلف، وهو الذي ترجح عقله، ببلوغه سن التكليف.
أيها المؤمنون: إن الأبناء هم حديث اليوم وحديث كل يوم، بهم تقر عيون الآباء والأمهات، وبهم يزدان الكون والحياة، وقد علمنا القرآن الكريم في الدعاء أن نقول: [ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً] سورة الفرقان آية 74.
نعم، إن هؤلاء الأبناء والشباب أمانة ومسؤولية في أعناق الآباء والأمهات، وفي أعناق المربين والمربيات، فماذا قدَّمنا لهم، وإلى أي مدى وإلى أي عمر وسن نقدِّم لهم من العطاء؟!!.
إذا بدأنا بالشباب نبدأهم بهم من طفولتهم، فالطفل نبتة صغيرة تنمو وتترعرع، فتصير شجرة نافعة؛ مثمرة أو وارفة الظلال، أو قد تصير ضارة غير نافعة؛ شجرة شائكة أو سامَّة والعياذ بالله.
وكل يتمنى أن يكون ولده شاباً قوياً نافعاً، يحمل رسالة ويبني حضارة، فتعالوا نتعرف كيف يكون بناء هذا الإنسان؟!!.
إنه حتى نربي جيلاً من الأشجار المثمرة، أو وارفة الظلال؛ فإنه علينا أن نعتني بهم منذ البداية، مع حسن التوكل على الله تعالى والاستعانة به في صلاحهم.
فمن واجبك تجاه ولدك أن ترعاه وتحسن إليه، وتكرمه وتعطف عليه.
ولا شك أنّ كل أب يتمنى لابنه النجاح في دراسته، فهو دائماً يدعو الله بتوفيقه وتسديده وتثبيته، يَعِده ويُمنّيه إن نجح في دراسته، ويتوعّده ويهدده إن رسب في دراسته، ولكن أي نجاح تريده لابنك؟!!، وأي استمرار وبناء تبغيه من ولدك؟!!.
المسألة أيها الأب الحنون ليست مسألة نجاح أو رسوب في الدراسة فحسب، بقدر ما هي مسألة نجاح أو رسوب في الحياة.

أيها الأخوة والأحبة:
ما أحوجنا في هذا الزمن العصيب أن نربي أبنائنا، وننشئ جيلاً قوي الإيمان يثبت على الحق، ويحمل لواء الإسلام، ويدافع عنه بكل طاقته.
كلنا يردد بأن الإسلام دين العلم، وقد جاء القرآن ثورة ضد الجهل والتخلف، ولكن الواقع يشير إلى أن المسلمين في قمة الجهل والتخلف.
فهل العيب في المصدر أم في المتلقي؟
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمانِ بغير ذنب ولو نطق الزمان بنا هجانا
هذا، وإن بداية أي إصلاح تبدأ من إصلاح التعليم وحسن التربية.
وليس المقصود بالتربية: الدينية والأخلاقية فقط، أو التربية الوطنية فحسب، بل يضاف إلى ذلك: التربية العقلية والنفسية، فهي التربية الكاملة الشاملة.
فمن ذا الذي يقوم بذلك؟، إنه أنت أيها الأب الكريم، يا تهتم بولدك لتعده ليصبح شاباً، يا من تقدم لولدك من الطعام أطيبه، ومن الثياب أجملها، وتشتري له من السيارات أحدثها، وتحاول أن تبني له من البيوت أفخمها، فهلا تأملت وتوقفت مع ذاتك: ماذا قدّمت له ليتعلم الحياة، ماذا أعطيته ليكون نافعاً في دنياه ناجحاً في آخرته؟!!.
لذا كان اهتمامك بولدك، وقيامك بهذا الدور من أوجب الواجبات، وأعلى القربات، وأجلِّ المهمات، وأشرف المقامات، بل يقول علماء التربية: إنه شرط ضرورة، ويقول علماء الشريعة: إنه فرض عين على الجميع.
فرض العين هو الذي لا يجوز للمسلم أن يتركه أو يتخلى عنه.
أليس الصلاة مفروضة عليك فرض عين؟!!، بلى.
أليس الصيام مفروضاً عليك فرض عين؟!!، بلى.
فلا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد.
وبالتالي: فإن إعداد ولدك للحياة هو فريضة بعد الفريضة، وتعليم ابنك فريضة عين كما فريضة الصلاة، فلا تهملها.
ألا واعلم أخي المسلم أن اهتمامك بتربية أبنائك هو فرض عين كفرض الصلاة المكتوبة، وأداء الزكاة المفروضة.
وعندما نسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، والخطاب يتوجه إلى المكلفين بأعيانهم، وإلى الآباء والمربين إذا كان الإنسان قبل سن التكليف، مَن الذي يسمع الخطاب وينفذه؟!!، أنت أيها المسلم المكلف، فما دمت قادراً على أداء الصلاة لأنك مكلفاً بها، فيجب أن تكون قادراً على التعلم لأنك مكلف به.
أما قبل بلوغ سن البلوغ والتكليف، فمهمة التربية والتعليم على الآباء، فقد وجَّهنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" [خرَّجه جماعة من أهل الحديث وهذا لفظ أبي داود].
لقد توجَّه الخطاب إلى صاحب التكليف، لِمَن ترجَّح عقله لأن يؤدي واجبات ربه، واعلم أيها الأخ الكريم، والأب الرؤوف، أن مستقبل أبنائك مرهون بحسن إعدادك لهم.
أخي المسلم يوصيك الله في ولدك، والآية وإن كان بدءً لآيات الميراث إلا أن معناها عام في كل شأن من شؤون الحياة، يقول تعالى: { يوصيكم الله في أولادكم }.
يوصيكم الله في أولادكم؛ إعداداً وتربية وتهيئة حتى يصبحوا في سن التكليف والبلوغ قادرين على تحمل المسؤولية.
أما اليوم، وللأسف الشديد، ماذا نرى في حياتنا، نرى أن المسؤولية على الآباء في الطعام والشراب والتعليم تستمر إلى ما بعد سن التكليف سن البلوغ، وهذه المسؤولية ليست دينية، بل اجتماعية تعود للعادات البالية والتقاليد الواردة إليها من شرق وغرب، ولم تنبع من ديننا.
انظروا إلى تاريخنا واقرؤوا فيه يوم سادت حضارة الإسلام، وكان المسلمون قادة وسادة الدنيا، وتأملوا في الوسائل التي امتلكوها، والطرق التي سلكوها.
إن المتأمل الناظر: يلحظ أن الاهتمام كان بالإعداد السليم والتهيئة الصحيحة، لتقديم الأجيال وإعدادهم لسن التكليف.
اسألوا: هل كان الواحد منهم يبحث عن علم ليحصل به على شهادة؟!!، هل كان الواحد منهم يتابع دراسته ليحصل على وظيفة؟!!.
كانوا يتعلمون شؤون الحياة، كانوا يتربون تربية صالحة، كان الأب ينشئ ولده تنشئة إيمانية، حتى إذا ما وصل إلى سن التكليف كان الحد الفاصل بين مسؤوليته وواجبه تجاه ولده، وبين أنه قد انتقلت المسؤولية الآن من الولد تجاه أبيه.
إن سن التكليف هو الحد الفاصل بين عطاءك وعطاء ولدك، فإذا كنت ممن يحسن لولده ويرعاه، ويعطف عليه ويكرمه؛ فإن هذا في المراحل المتقدمة من عمر ولدك، لعدم اكتماله ونضجه، أما أن ننظر إلى أبنائنا بأنهم ما زالوا صغاراً يحتاجون إلينا وإلى عطائنا، وهم تحت رعايتنا وفي كنفنا، فماذا بعد؟، والشاب الذي يستمر في علمه التقليدي يتزاحم مع زملائه ليجد فرصة عمل.
أيها المؤمنون: راجعوا أنفسكم واعلموا أن التعليم الذي يحتاجه الأبناء ليس بتحصيل الشهادات فقط، ولا بالانضمام إلى الجامعات فحسب، وإنما التعليم تعلم الحياة.
هذا وإن من أكبر الأخطاء أن يصل الولد إلى سن البلوغ (التكليف) ولم يتعلم الحياة بعد.
يمضي ثلث عمره منفقاً مستهلكاً، متكأ على مساعدة أبويه أو مجتمعه من أجل التحصيل العلمي.
لاحظوا معي شباب اليوم وقد امتلأ عقولهم بمعلومات لا يستخدمون منها إلا النـزر اليسير، وهو عالة على آبائهم ينفقون عليهم ويصرفون الأموال الطارئة في سبيل الحصول على شهادات، ثم ماذا بعد؟.
انتظار فرصة عمل وقد لا يجدونها إلا بشق الأنفس.
وإذا وجدوها قد لا يحسنون القيام بها، لأن دراستهم في واد والعمل في واد آخر.
لذا؛ ومع وجود الملل وقلة فرص العمل اتجه الشباب في ملأ أوقات فراغهم إلى اتباع شهواتهم وتعويض نقصهم بالأغاني الماجنة والأفلام الخادعة تعبيراً عن تمردهم على واقعهم المأسوي.
وكما تعلمون أحبتي أن المجتمع يُغالبنا على أبنائنا بمغرياته البراقة، ووسائله اللماعة؛ لملء فراغهم، بما لا ينفع ولا يغني عنهم من الجدِّ شيئاً، ولا يحبب إليهم العلم، ولا يبني لهم مستقبلاً، ولا يشدهم إلى عزائم الأمور، ومطامح ذوي الرشاد.
وللأسف فإن أنظمة التعليم المستوردة ممسوخة؛ لم تستطع أن تنشئ جيل الحداثة والتطور الموجود في بلاد المصدر، ولم تستطع أن تجعل التعليم في خدمة المجتمع.
وليت القائمين على أمر التعليم أدركوا حاجات الطلبة النفسية والعلمية، ولكن الهدف يبدو أنه غير واضح في الأذهان، وأنه غائب عن الأعيان، أو مغيب عن الواقع دون حجة أو برهان، ولو علموا الهدف، وتوضحت الغاية لسهلت عليهم الوسائل، عندها قدموا لهم ما ينفعهم وما يفيدهم.
فكما تحرص على طعامهم وشرابهم وثيابهم ومسكنهم فاحرص على إعدادهم الإعداد الجيد المفروض عليك وتربيتهم الأخلاقية وتنشئتهم الإيمانية.
واهتمامك هذا له زمن محدد، وإعداد الأبناء لا يكون طوال أعمارهم، بل له سن محددة، ألا وهي سن التكليف الشرعي، سن البلوغ.
لأن الولد بعد هذا السن مسؤول عن نفسه شرعاً، فإن ترك الصلاة حوسب، وإن ترك الزكاة عوقب، ولا ينفعه التجاؤه بأبيه أو أمه، قال تعالى: { يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه }.
لأن الوالد علّم ولده الأحكام الشرعية المفروضة وهو في سن السابعة، وأدبَّه عليها في سن العاشرة، وهيأه لتحمَّل مسؤولية التكليف الشرعي في سن البلوغ.
فإذا كان الأمر كذلك في شأن الخطابات الربانية، فما بالنا نرهق أجسادنا وأجساد أبنائنا، ونجهد أنفسنا ونهدر أموالنا زيادة عن الحاجة والضرورة، بإطالة زمن التعليم والدراسة؟!!!.
هل تحاسب عن ولدك إن ترك الصلاة بعد سن التكليف، هل تعاقب عوضاً عن ولدك إن أخطأ بحق المجتمع، أم إن المسؤولية الدينية والمدنية يتحملها كل بنفسه، { ولا تزر وازرة وزر أخرى }.
إن الشريعة لم تجعل محلاًّ للمسئولية إلا الإنسان المكلف.
وهو من ترجح اكتمال عقله ببلوغه سن النكاح، قال تعالى: { وإذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ }.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ" رواه أحمد أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم.
أخوتي وأحبتي: يا مَن ترعون أبنائكم، ويا مَن ترومون منهم الخير والصلاح لكم ولمجتمعاتهم، احرصوا على خيرهم بدفعهم إلى ما يحقق مصالحهم في الدنيا والآخرة، ومن هنا كان الواجب الشرعي: إعداد الطفل لحياة علمية عملية يستشعر بها مسؤوليته في المجتمع الصالح النافع.
ألا ولنعلم أيها الأحبة في الله: أن للولد حقاً على الوالد قبل حق الوالد على الولد..! فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة؛ وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسنته، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً.
واسمع إلى هذا الطفل يجيب والده الذي عاتبه على العقوق، قال: يا أبت!، إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً؛ و أضعتني وليداً؛ فأضعتك شيخاً.
أيها المؤمنون: لنـتأمل فيما يريده منَّا القرآن، ولنعمل ما يطلبه منَّا الإسلام، بتنشئة الأجيال والأبناء تنشئة صالحة، إعدادهم لسن التكليف والبلوغ، تربية وعلماً وعملاً؛ فالخطاب يتوجه إلينا جميعاً، { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون }.
فسيرى الله عملك أيها الأب.
سيرى الله عملك أيها الشاب المكلف.
سيرى الله علمك يا مَن تتولى مسؤولية التربية والتعليم.
وسيحاسب الله عزَّ وجلَّ المجتمعات المقصرة إذا لم تعطِ المجال لأبنائها في
الحياة. فيا عباد الله: هذه وصايا الله إليكم ـ في أبنائكم ـ لترعوها، هذه توجيهات نبيكم إليكم لتحسنوا التصرف بها.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.


منققققول