المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسعود أحمد: بلدان الشرق الأوسط تواجه تحديات مختلفة.. ولكنها



رمــــــاح
13-10-2013, 02:09 PM
مسعود أحمد: بلدان الشرق الأوسط تواجه تحديات مختلفة.. ولكنها ستحقق نموا متفاوتا وفرص عمل


الشرق الأوسط - 13/10/2013





وسط أجواء اجتماعات الخريف بين مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد، تأتي دائما منطقة الشرق الأوسط في دائرة الأضواء في ما يتعلق بتأثير التحول السياسي في المنطقة على معدلات النمو الاقتصادي، وقدرة المنطقة على مواجهة التحديات الاقتصادية في ما يتعلق بتحفيز النمو ومواجهة البطالة وخلق فرص عمل، إضافة إلى مواجهة التحديات الخارجية.

وفي الحوار مع مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط ووسط آسيا بصندوق النقد الدولي، يلقي الضوء على تأثير الخلافات بين الكونغرس والإدارة الأميركية حول سقف الدين على منطقة الشرق الأوسط، وأسباب توقعات الصندوق بانخفاض معدلات النمو في المنطقة. ويبدي مدير إدارة الشرق الأوسط استعداد الصندوق لمتابعة مناقشة القرض مع الحكومة المصرية المؤقتة، وتطورات الشريحة الثالثة من القرض للمملكة الهاشمية، ويركز بشكل خاص على أهمية مشاركة المرأة في الاقتصاد، وفي تحقيق تحول اقتصادي يشعر فيه المواطنون بتكافؤ في الفرص الاقتصادية والحصول على عمل..

وإلى نص الحوار:

* من خلال تحليلات صندوق النقد، ما هو تأثير إغلاق الحكومة الفيدرالية الأميركية ومشكلة رفع سقف الدين الأميركي على منطقة الشرق الأوسط؟
- عدم التوصل لاتفاق بين الكونغرس والإدارة الأميركية يضع الأسواق أمام حالة من عدم الثقة، وتأثير هذه الأزمة يتوقف على الفترة التي يمتد فيها إغلاق الحكومة، ومدى سرعة مواجهة مشكلة سقف الدين، لكن تأثير هذه الأحداث محدود على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويرجع ذلك لأنها أقل ارتباطا ماليا بالاقتصاد الأميركي. لكن هناك تأثير محتمل في ثلاثة مجالات، الأول هو أسعار النفط، فإذا طال أمد مشكلة سقف الدين الأميركي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض معدلات النمو داخل الولايات المتحدة وهذا سيؤدي إلى انخفاض في أسعار النفط - سيكون قصير الأجل - مما سيلقي بظلاله على الدول المصدرة للنفط.

المجال الثاني هو تباطؤ معدلات النمو في المنطقة بشكل مباشر ليس فقط بسبب الانخفاض المحتمل في أسعار النفط، وإنما لتباطؤ حركة التجارة والتصدير، وضعف النشاط الاقتصادي والحد من تدفق التحويلات المالية والاستثمار الأجنبي المباشر، فأوروبا هي المستورد الرئيس لمنتجات منطقة الشرق الأوسط، وتباطؤ معدلات النمو الأوروبي سيلقي بظلاله على دول شمال أفريقيا، وبالمثل في السوق الأميركية، وهي سوق التصدير الرئيسة لبعض الدول العربية مثل مصر والأردن.

المجال الثالث هو احتمال ارتفاع أسعار الفائدة وهذا سيؤثر على تكلفة الاقتراض لبعض الدول، وبصفة عامة فإن تحليلات صندوق النقد تشير إلى أن تأثير مشكلة إغلاق الحكومة الأميركية وسقف الدين على منطقة الشرق الأوسط يتراوح ما بين 20 و30 في المائة من تأثير الأزمة على معدلات النمو للولايات المتحدة الأميركية.

وتعد الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدوليين فرصة لاجتماع الوزراء وصناع السياسات لمناقشة تلك التحديات ووضع خطط للتنسيق لمواجهتها. ويعمل صندوق النقد مع الدول بشكل فردي ليكونوا مستعدين للتعامل مع أي صدمات تحدث للأسواق العالمية.

* توقع صندوق النقد الدولي تراجع معدلات النمو الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط إلى 2.8 في المائة، أي نصف معدل النمو الذي حققته المنطقة في عام 2012 والمقدر بنحو 5.6 في المائة، فما هي أسباب تراجع النمو؟ وما هو دور الصندوق في مساعدة دول المنطقة؟
- الشرق الأوسط ينقسم إلى مجموعتين، الأولى هي الدول المصدرة للنفط التي قد تواجه تباطؤا في التوسع الاقتصادي لكنها ستظل الأقوى في معدلات النمو في المنطقة، وقد نجحت في تنفيذ خطوات جيدة في ما يتعلق بخلق الوظائف.

المجموعة الثانية هي الدول المستوردة للنفط التي ستتراجع معدلات النمو بها إلى ما بين 2.8 و3 في المائة، ويرجع ذلك لاستمرار الاضطرابات السياسية وحالة عدم الاستقرار التي تؤثر سلبيا على القطاع الخاص، إضافة إلى تأثير الأزمة السورية وامتدادها إلى جيرانها مثل الأردن ولبنان والعراق. وتمر دول المنطقة بمراحل تحول سياسي مما يقلل قدرة الدول على التركيز على الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية. واستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي سيؤدي إلى بقاء معدلات النمو دون مستوى الإمكانات ببلدان المنطقة ليس فقط على المدى القصير، بل لسنوات قادمة ما لم تحدث خطوات سريعة وقوية لتحفيز النمو وجذب الاستثمار، وتقوية القطاع الخاص.

* حصلت مصر على مساعدات تبلغ 12 مليار دولار من المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت، وخرجت تصريحات من المسؤولين المصريين أنهم ليسوا في حاجة ملحة لقرض صندوق النقد المقدر بـ4.8 مليار دولار، ما هو موقف الصندوق من الحكومة المصرية المؤقتة؟ وما تقييمك للمساعدات الخليجية لمصر.. هل يمكن أن تغني مصر عن الحصول على قرض صندوق النقد؟
- نحن نعترف بالحكومة المصرية المؤقتة، وملتزمون بقوة بمساندة مصر في هذه الفترة الحرجة، وقد عملنا بشكل قوي ووثيق مع الحكومات المصرية منذ ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 وملتزمون بالعمل مع الحكومة المؤقتة الحالية، ومستعدون لإرسال فريق لمناقشة الأوضاع والتحديات التي تواجه الاقتصاد المصري بمجرد أن تكون الحكومة المصرية مستعدة لاستقبالهم.

والأموال التي حصلت عليها مصر من الدول الخليجية ساعدت كثيرا في تحسين الوضع الاقتصادي المصري، وقد تحدثت الحكومة حول برامج للإنفاق العام بمقدار ثلاثة مليارات لتحفيز النمو وخلق فرص عمل، وهي خطة جيدة، لذا فالمساعدات الخليجية تعطي السلطات المصرية وقتا لمواجهة العجز في الموازنة بشكل تدريجي، وعلاج عدم التوازن في الاقتصاد بشكل عام، ويعطيهم أيضا وقتا لتقرير كيفية التعامل مع التمويل الذي يوفره قرض الصندوق.

من ناحية أخرى، فأهمية قرض صندوق النقد الدولي لمصر ليست في حجم الأموال ولكن في التحديات التي يجب مواجهتها ومناقشة ما هو أبعد من الإنفاق العام على المدى القصير، إلى كيفية خلق أجواء إيجابية للقطاع الخاص لدفع معدلات النمو وتنفيذ إصلاحات تحقق نموا مستديما. والأموال الخليجية لمصر تسهل قدرة مصر على مواجهة هذه التحديات، لكن قرض الصندوق مفيد في إعطاء رسالة للأسواق أن هناك برنامجا إصلاحيا في مصر يسانده الصندوق وهذا يعطي ثقة وراحة للمستثمرين.

من جانبنا، نحن نريد مساندة برنامج وطني تضعه الحكومة المصرية ولا نريد فرض أي شيء. وهناك توقعات أن يحقق الاقتصاد المصري نموا بنسبة 2.9 في المائة في عام 2014، مرتفعا عن معدلات النمو للسنة المالية التي انتهت في يونيو (حزيران) 2013 والمقدرة بنحو 2.2 في المائة. وتستهدف الحكومة المصرية الوصول إلى نمو بنسبة 3.5 في المائة.

* وقع صندوق النقد الدولي اتفاقية قرض بمبلغ ملياري دولار مع الأردن منذ عامين، وجرت خلال اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين هذا الأسبوع لقاءات مع المسؤولين الأردنيين حول جولة المراجعة الثانية لأداء الاقتصاد الأردني حتى يحصل الأردن على الدفعة الثالثة من القرض والتي تبلغ 258 مليون دولار، ما هي تفاصيل مناقشات الصندوق مع المسؤولين الأردنيين؟
- بالفعل جرت مناقشات حول جولة المراجعة لأداء الاقتصاد الأردني، وقد استطاعت السلطات الأردنية في النصف الأول من العام الجاري القيام بإصلاحات مشجعة لإبقاء البرنامج الاقتصادي الذي يسانده الصندوق على المسار الصحيح، رغم معاناة الأردن من تأثيرات الأزمة السورية ونزوح مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، ورغم المعاناة من انقطاع إمدادات الغاز من مصر بعد تخريب خطوط الأنابيب في سيناء، مما شكل ضغطا على الاقتصاد الأردني.

وقد قامت الحكومة الأردنية بإجراءات قاسية، ونجحت في إدارة الاحتياطي الأجنبي، وضبط الميزانية، والتحكم في الإنفاق الحكومي وتطوير العوائد، وسنصل إلى اتفاق قريبا بشأن الدفعة الثالثة من القرض.

* وماذا عن اليمن؟
- وفرنا لليمن مساعدات بمبلغ 100 مليون دولار وعقدنا على هامش اجتماعات الخريف لقاءات مع وزيري التخطيط والمالية اليمنيين وناقشنا كيف يمكن للصندوق مساعدة اليمن ببرنامج قصير المدى لمدة عامين إلى ثلاثة أعوام لتنظيم الإنفاق الحكومي ودعم الموازنة.

* تزايد اهتمام صندوق النقد الدولي بمشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي في دول الشرق الأوسط، فما هي أهمية مشاركة المرأة في المجالات الاقتصادية؟
- تعاني منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة من ارتفاع معدلات البطالة لكن البطالة بين النساء والفجوة بين القوة العاملة من الذكور والإناث تظل الأعلى في منطقة الشرق الأوسط عن بقية أنحاء العالم. وإقصاء المرأة عن المشاركة الاقتصادية له آثار اقتصادية بالغة، فعلى سبيل المثال، كان يمكن للدول النامية مضاعفة الناتج القومي الإجمالي إذا نجحت في تقليص الفجوة بمشاركة المرأة في الاقتصاد على مدى السنوات العشر الماضية، وكان يمكن لمنطقة الشرق الأوسط أن تحقق عائدا يقدر بنحو تريليون دولار.

وهناك نساء لديهن مهارات ورغبة واستعداد للمشاركة في بناء الاقتصاد في بلادهن. وأحد الموضوعات التي يهتم بها الصندوق هو كيفية رفع الإنتاجية الاقتصادية، ومشاركة نساء مؤهلات في العملية الاقتصادية ستساعد على تسريع التنمية وتحسين الإنتاجية والقدرات الاقتصادية لدول المنطقة، لذا تعد مشاركة المرأة الاقتصادية من أولويات أجندة صندوق النقد في الشرق الأوسط.

* تشير تحليلات صندوق النقد إلى أن مرحلة التحول السياسي في منطقة الشرق الأوسط قد تستغرق وقتا طويلا، في رأيك ما هو الوقت الذي يمكن أن تستغرقه مرحلة التحول السياسي في المنطقة حتى تحقق تحولا اقتصاديا وارتفاعا في معدلات النمو وجذب الاستثمارات؟
- لا يمكنني التنبؤ بالوقت الذي تستغرقه مرحلة التحول السياسي في المنطقة، فكل دولة تجد طريقها في هذا المسار. والتحول السياسي في دول الشرق الأوسط استغرق وقتا أطول مما توقعه الناس. وما نعرفه أن التحول الاقتصادي الذي يتلو التحول السياسي يستغرق أيضا وقتا طويلا حتى ينجح في خلق أجواء الثقة، لذا فإن تباطؤ التحول السياسي له تأثير كبير على الاقتصاد، والمهم هو أن يتم المضي في تحول اقتصادي يحقق نموذجا للنمو يستشعر فيه المواطنون أن لديهم فرصا متساوية في المشاركة الاقتصادية، وفي الحصول على فرص عمل، ويشعر كل مواطن أن عوائد النمو تتحقق لكل المواطنين، وليست قصرا على فئة محددة. وهذا هو التحول الاقتصادي الأهم في المنطقة وبالطبع سيستغرق وقتا، ومن المهم إعطاء المواطنين الأمل في غد أفضل لهم ولأبنائهم.