المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الناس معادن



امـ حمد
16-10-2013, 05:18 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الناس معادن
المعدن،هو الشيئ المستقر في الأرض،وكلنا يعلم بأن المعادن منها النفيس،ومنها الخسيس،وكذلك الناس معادن، فمن الناس من معدنه
نفيس،ومن الناس من معدنه خسيس،ونفاسة الناس وخستهم، بحسب ما معهم من التقوى والدين والخوف من الله، والالتزام بأحكام
الإسلام، ومن محاسن الأخلاق،وكرائم الفضائل من العفة والحلم والمروءة، وغيرها من الصفات الحميدة،وما مدى قربك وبعدك عن
أوامر الله،روى البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد قال،مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال(ما تقولون في هذا،
قالوا،حرىّ إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع وإن قال أن يُسمع، قال ثم سكت،فمر رجل من فقراء المسلمين،فقال،ما تقولون في
هذا،قالوا،حرى إن خطب ألا ينكح وإن شفع أن لا يشفع وإن قال أن لا يُستمع،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم،هذا خير من ملئ
الأرض مثل هذا)فهذا تصنيف وتقسيم للناس، وفرز لمعادنهم. بل وأنت تمضي في تلاوة آيات السورة نفسها، تجد معادن الناس(وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ)(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ
أَلَدُّ الْخِصَامِ،وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ)وهكذا،بل لو تأملت في سورة براءة تجد أيضاً تقسيم الناس
على هذا الأساس وتجد معادنهم فمنهم(وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي)( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ)وكل هذا ذكر لمعادن
الناس بحسب قربهم وبعدهم عن دين الله جل وعلا،بل إن الله سبحانه
وتعالى زاد الأمر إيضاحاً في بعض النوعيات من المعادن،
فذكر أن من الناس من معدنه(فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ
يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ،سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ)
ومن الناس،من معدنه(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)إن معرفة معادن الناس،أمر مهم،وليس هو من فضول معرفة هذه المعادن،وإلا فكيف يريدون أن يتعاملوا مع أناس تجهل معادنهم،
إن هناك آثاراً تظهر على الجوارح والأبدان، يمكن من خلالها معرفة معادن الناس، ومراتب الرجال،
فنقول،بأن من غلب عليه آثار الخوف، كالبكاء مثلاً،عند سماع الوعيد يدل في الغالب على أنه من الخائفين،
ومن غلب عليه محبة العلم والعلماء،والحرص على حضور الدروس والمحاضرات،واستغلال الأوقات في هذا المجال، فاعلم أنه طالب علم،
ومن غلب عليه بغض الصحابة وشتم أبي بكر وعمر والطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فاعلم أن معدن هذا الرجل، معدن خسيس، باطن، مناوئ لأهل السنة بل من المعادين لهم،
ومن غلب عليه انتقاص العلماء،والطعن في أعراض المؤمنين، وذم الصالحين، وتتبع عوراتهم، حتى أنه لم يسلم منه حتى الميتين، فاعام أنه منافق، محارب للدعوة مبغض لحزب المؤمنين،
هناك بعض المظاهر إذا ظهرت على الشخص فإنه في الغالب يدل على معدنه،
فتش في نفسك أي الآثار التي ذكرت يغلب عليك، لأن بعضها قد يحدد دخول الإنسان ملة الإسلام أو خروجه منه،لأن الشخص قد
يظن أنه على الجادة وهو في الحقيقة منحرف عنها،فكم من عاصي يظن أنه مطيع، وكم من بعيد يظن أنه قريب،ومن مخالف يعتقد أنه
موافق ومن منتهك يعتقد أنه متمسك، بل كم من مراءٍ يعتقد أنه مخلص،ومن ضال يعتقد أنه مهتد، ومن أعمى يعتقد أنه
مبصر،والشرع،هو الميزان، يوزن به معادن الرجال،وبه يتبين النفيس من الخسيس،فمن رجح في ميزان الشرع كان من أولياء الله،ومن نقص في ميزان الشرع، فأولئك هم أهل الخسران،
فإن معادن الناس، تتكون من ثلاث فئات،وهي
أما المعدن الأول،وهم الفئة المصلحة الداعية للخير،
فهؤلاء هم أشراف المجتمع وأحسنهم قولاً، وأثراً على الناس، وأنبلهم غاية وأسماهم هدفاً، وهؤلاء هم الذين عناهم الله عز وجل
بقوله(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)وهم الذين عناهم الله في قوله(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)وهم الذين عناهم الرسول
صلى الله عليه وسلم بقوله(ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى)مسند الإمام أحمد ،وصحيح البخاري،
هذا المعدن، هو أشرف المعادن بحق، كيف لا، وهم يحملون أعظم رسالة، وأنبل غاية ألا وهي تعبيد الناس لرب العالمين،وإخراجهم
بإذن الله من الظلمات،إلى نور الهداية والدين،كيف لا يكون معدن هؤلاء أنفس معدن،وهم الذين يضحون بأوقاتهم وأموالهم وراحاتهم،
في سبيل إنقاذ الناس من عذاب الله تعالى في الدنيا، وعذابه الأليم في الآخرة،لاشك أن هذا الصنف من أنفس المعادن،

المعدن الثاني،الفئة المفسدة الداعية إلى الشر،والصادة عن الخير،
وهؤلاء،هم أراذل الناس،وأخس المعادن، لأنهم خانوا ربهم وخانوا أمتهم، وظلموها وعرضوا الناس للشقاء والنكد في الدنيا،والعذاب
الأليم في الآخرة،وهؤلاء هم الذين عناهم الله عز وجل بقوله(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا
بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)سورة الأنعام،إن هذه الفئة هي التي تحارب الدعوة، وهي صاحبة المكر والكيد، لكنهم مساكين لأن الله تعالى
يقول في نهاية الآية(وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)إن الذي يكره انتشار الخير،ويبغض أهله، وينشر الفساد، ويصد عن سبيل
الله،إنما هو بين أمرين لا ثالث لهما،إما أنه لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر،فهو يسعى ليجمع ويظلم ويبطش،فهذا كافر مرتد قولاً
واحداً،وإما أن يكون ممن يؤمن بالله واليوم الآخر،لكن الدنيا بزخارفها ومناصبها أسكرت عقله، وغطت لبه فأصبح في قمة
الغفلة، حتى استمرأ الفساد وصارت الدنيا أكبر همه، يلهث وراءها، ويجمع حطامها ولو كان عن طريق الفساد والإفساد،فهذا يؤمن
بالآخرة لكن لا عقل له،كما أن الأول لا إيمان له وقد يخسر إيمانه في النهاية،وما علم هؤلاء بأن العاقبة للمتقين،وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون،

المعدن الثالث، فئة الأتباع وعامة الناس
وهم الذين لم يصلوا في أخلاقهم وأهدافهم إلى مستوى الفئة الشريفة المصلحة، ولم يهبطوا إلى مستوى الفئة المفسدة الوضيعة، إنما هي
بين الفئتين، ولديها الاستعداد للخير الذي تدعوا إليه الأولى، كما أن لديها الاستعداد لتلقي الشر والفساد الذي تسعى لنشره الفئة
الثانية،وهو ما يسمى بالصراع بين الحق والباطل قال الله تعالى(وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو
فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)فينبغي على الفئة الأولى أن تجتهد في الخير وأن تسعى في نشره بكل وسيلة،لتندحر المعادن الخسيسة، وتدخل
في جحورها، وهي خاسئة مندحرة بإذن الله عز وجل،والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون،
فنسأل الله جل وتعالى بأسمائه أن يهدينا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو وأن يصرف عنا سيئها.

qwerty
16-10-2013, 05:28 AM
موضوع جميل

امـ حمد
16-10-2013, 05:40 AM
موضوع جميل

بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس

الحسيمqtr
18-10-2013, 06:20 AM
جزاك الله خير

امـ حمد
19-10-2013, 05:39 AM
جزاك الله خير

بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس