المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اشتكت النار إلى ربها فقالت يارب أكل بعضي بعضاً



امـ حمد
17-10-2013, 05:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن دخول فصل شتاء جديد يشير إلى انسلاخ عام كامل بأيامه ولياليه،والعباد فيه ما بين مستقل ومستكثر من الخير والشر، وهو
معدود من عمر كل واحد منا،وإذا علم هذا فلينظر كل مِنَّا كم فرط في عمره من الأوقات في حالة صحته وشبابه، وليراجع نفسه حق
المراجعة، فإن كان محسناً فليزداد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فليبادر بإصلاح عيبه والتوبة من ذنبه، وليجعل نصب عينيه قوله
تعالى(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)طه،يتقي الناس برد الشتاء ويحتاطون من خطره،ويتنافسون في التدثر
بالملابس ويوصي بعضهم بعضاً بذلك، ولكنّ هناك أمراً غفل عنه الكثير،وهو أن هذا التغير الكوني في فصول السنة ينبغي ألا يمر
دون استشعار وتفكر فيه، فما خلق الله شيئاً إلا لحكمة(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)المؤمنون،إن ذلك التغير الكوني
في اشتداد البرد في ذلك الفصل من السنة ينبغي أن يربط بأمر الآخرة،ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم،يذكر أصحابه بأن تغير
الأحوال وتعاقبها فيه حِكَمٌ وأحكام، قال صلى الله عليه وسلم(اشتكت النار إلى ربها فقالت،يا رب أكل بعضي بعضاً،فأذن الله لها بنفسين،
نفس في الشتاء ونفس في الصيف،فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير)أخرجه الشيخان،يجب علينا أن
نستشعر تيسير تلك النعم التي يُتقى بها البرد وشدّته وأن نحمد الله تعالى عليها،وكما قيل،إن النعم بشكرها تقر، وبكفرها تفر،وقول الله
تعالى(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)إبراهيم، فبشكر النعم تدوم على أصحابها في الدنيا ويبقى
شكرها ذخراً لهم في الآخرة، كما قال صلى الله عليه وسلم(ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها، إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة) أخرجه الطبراني عن أبي أمامة،
جاء الشتاء وقد رتّب بعض الناس أوقاتهم فجعلوا ساعات ليلة الطويلة مطيةّ للسهر والسمر فيما لا يرضي الله تعالى، وإن أحسنّا
الظن بهم، فقد أهدروها فيما لا يضر ولا ينفع،إن ضريبة السهر الطويل تأخير صلاة الفجر أو إضاعتها،أن السهر إذا ترتب عليه
ضياع واجب، فإن صاحبه آثم حتى لو كان سهره على خير،أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه،فقد سليمان بن أبي حثمة في
صلاة الصبح،فغدا عمر بن الخطاب إلى السوق ومسكن سليمان بين السوق والمسجد النبوي،فمر على الشفاء أمِّ سليمان فقال لها،لم أر
سليمان في الصبح،فقالت،إنه بات يصلي فغلبته عيناه،فقال عمر،لأن أشهد صلاة الصبح في الجماعة أحبُّ إليّ من أن أقوم ليلة،فانظروا
كيف عاب عمرُ سهر سليمان بن أبي حثمة مع أن سهره كان في تهجد ودعاء، وذلك لأنه قد ترتب عليه تضييع ما هو أهمُ منه،يعني
(صلاة الفجر)وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم،أسوة،قال،لا بأس به ما لم يضر بصلاة الصبح،يعني لا بأس بقيام الليل ما لم يؤثر
على صلاة الفجر،أما إذا ترتب عليه الإخلال بصلاة الفجر،فإن ذلك مما به بأس،وبكل حال فإن السهر على أمر خير لا يترتب عليه
إضاعة واجب هو الذي سمّاه بعض أهل العلم السهر الشرعي،
فنهار الشتاء،قصير بارد لا يحس الإنسان فيه بتعب ولا عطش في
الغالب، وحري بنا أن نستغل بعض أيامه بالصوم ليسر عمله وكثرة أجره،فصيام نهاره غنيمة باردة يحوزها الإنسان دون عناء أو تعب
أو مشقة وأجرها كثير وعظيم،قال صلى الله عليه وسلم(من صام يوماً في سبيل الله بعَّدَ الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)رواه أحمد
والشيخان عن أبي سعيد،وقال صلى الله عليه وسلم(من صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقاً كما بين السماء
والأرض)أخرجه الترمذي عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه، فليحرص المسلم على كثرة التزود من هذه العبادة ما دام في حال
صحته وعافيته، فالأجر كثير والعمر قصير، وقد يتثاقل بعض الناس أمر الصوم في غير رمضان،قد يثقل الشيطان ذلك على
العبد،لكن يقال،إذا جاهد الإنسان نفسه بصدق وحملها على فعل الخيرات حبب الله إليه الإيمان وزينه في قلبه، وكرّه إليه الفسوق
والعصيان وجعله من الراشدين، ويزيد هذا الخير خيراً أن في النوافل فوائد عظيمة أخرى فهي سبب من أسباب محبة الله تعالى
كما ورد في صحيح البخاري في الخبر القدسي(وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلىّ مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب
إليّ بالنوافل حتى أحبه)ومن فضل النوافل أيضاً أنها ترقع ما نقص من الفرائض، فقد ورد في الحديث أن العبد يحاسب على الصلاة،
فإذا كملت قيل(انظروا هل لعبدي من تطوع)وذلك في الصيام أو كما ورد في الحديث،
جاء الشتاء فجاء معه الإحتساب،وجاء معه تحمُّلُ المكاره وما يتعب النفس من الجهد البدني، فإسباغ الوضوء في ليلة باردة على المكاره
من أسباب رفع الدرجات ووضع الخطيئات،ومفارقة لذة النوم وجهاد النفس على صلاة الفجر،ورود الأجر والثواب على العبد،
قال صلى الله عليه وسلم(بشّر المشّائين في الظُلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)رواه أبو داود والترمذين
فهنيئاً لك يا من جاهدت نفسك واستعنت بالله وخرجت متوضئاً متحملاً شدةَ البرد ابتغاء مرضاة ربك.
فنسألك اللهم أن تحبب إلينا الإيمان وتزينه في قلوبنا وتكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأن تجعلنا من الراشدين.

الحسيمqtr
18-10-2013, 06:20 AM
جزاك الله خير

امـ حمد
19-10-2013, 05:38 AM
جزاك الله خير

بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس

كازانوفا
20-10-2013, 08:44 AM
جزيتي خيرا موضوع رااائع بصراحه

امـ حمد
20-10-2013, 04:10 PM
جزيتي خيرا موضوع رااائع بصراحه


بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس

ظلال الورد
21-10-2013, 11:32 PM
*
*
*

أمـ حمد


بارك الله فيج أختي الكريمة



ظـــلال الـــورد
*
*
*

امـ حمد
27-10-2013, 03:07 AM
*
*
*

أمـ حمد


بارك الله فيج أختي الكريمة



ظـــلال الـــورد
*
*
*




وبارك الله في حسناتك اخوي
وجزاك ربي جنة الفردوس