المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح حديث(إذا ضرب أحدكم أخاه فليجتنب الوجه)



امـ حمد
19-10-2013, 08:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال صلى الله عليه وسلم(إذا ضرب أحدكم أخاه فليجتنب الوجه)صحيح مسلم،هذا تصريح بالنهي عن ضرب الوجه،إياكم وضرب
أبنائكم على الوجه،فقد أثبت العلماء أن الضرب على الوجه له مخاطر كبيرة،وربما نعجب إذا علمنا أن نبينا قد نهى بشدة عن ذلك،
في دراسة جديدة يؤكد الباحثون الأميركيون أن الضرب المتكرر على الرأس والوجه يمكن أن يسبب أمراضاً عصبية مثل مرض
الزهايمر الذي يفقد المخ وظائفه،لقد كان الضرب على الوجه والرأس في زمن الجاهلية شائعاً، ويعد أمراً عادياً،حيث يعاقب
الرجل خادمه أو عبده بضربه على رأسه، ولكن النبي الرحيم نهى عن ذلك،وروى مسلم،عن أبي هريرةَ قَال،قال رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم(إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجهَ فَإن اللَّه خلق آدم على صورته)وروى عن ابن عمر قال،قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم(لا تقبحوا الوجوه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)وروى ابن أبي عاصم،عن أبي هريرة قال،قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم(إذا قاتل أحدكم فليجتب الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورة وجهه)وقال الشيخ الألباني،إسناده صحيح،وهذان
الحديثان يدلان على أن الضمير في قوله(على صورته)راجع إلى الله تعالى،وروى الترمذي،عن ابن عباس،أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال(أتاني ربي في أحسن صورة فقال يا محمد قلت لبيك ربي وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى)الحديث،صححه الألباني في
صحيح الترمذي،ومن هذه الأحاديث يعلم أن الصورة ثابتة لله تعالى،على ما يليق به جل وعلا،فصورته صفة من صفاته لا تشبه صفات المخلوقين،كما أن ذاته لا تشبه ذواتهم،
والصورة في اللغة،الشكل والهيئة والحقيقة والصفة،فكل موجود لابد أن يكون له صورة،قال الشيخ الغنيمان(وبهذا يتبين أن الصورة كالصفات الأخرى،فأي صفة ثبتت لله تعالى بالوحي وجب إثباتها والإيمان بها )شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري،
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله،ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ينهى فيه عن تقبيح الوجه ، وأن الله سبحانه خلق آدم على صورته،فما الاعتقاد السليم نحو هذا الحديث،فأجاب رحمه الله،الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم،أنه قال(إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته)
وفي لفظ آخر(على صورة الرحمن)وهذا لا يستلزم التشبيه والتمثيل،والمعنى عند أهل العلم،أن الله خلق آدم سميعاً بصيراً،
متكلماً إذا شاء،وهذا وصف الله فإنه سميع بصير متكلم إذا شاء،وله وجه جل وعلا،وليس المعنى التشبيه والتمثيل،بل الصورة التي لله
غير الصورة التي للمخلوق،وإنما المعنى أنه سميع بصير متكلم إذا شاء ومتى شاء،وهكذا خلق الله آدم سميعاً بصيراً ذا وجه وذا يد وذا
قدم،لكن ليس السمع كالسمع وليس البصر كالبصر،وليس المتكلم كالمتكلم،بل لله صفاته جل وعلا التي تليق بجلاله وعظمته،وللعبد
صفاته التي تليق به،صفات يعتريها الفناء والنقص،وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص ولا زوال ولا فناء،ولهذا قال عز
وجل( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )الشورى،وقال سبحانه(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ )الإخلاص،فلا يجوز ضرب الوجه ولا تقبيح
الوجه)من مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله،ومما يبين معنى هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم( إن أول زمرة تدخل الجنة
على صورة القمر )رواه البخاري،ومسلم، فمراده صلى الله عليه وسلم،أن أول زمرة هم على صورة البشر،ولكنهم في الوضاءة
والحسن والجمال واستدارة الوجه،وما أشبه ذلك على صورة القمر،فصورتهم فيها شبه بالقمر،فقوله صلى الله عليه وسلم( خلق
آدم على صورته )أي،أن الله عز وجل خلق آدم على صورته سبحانه،فهو سبحانه له وجه وعين وله يد ورجل سبحانه
وتعالى،وآدم له وجه وله عين وله يد وله رجل، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان فهناك شيء من الشبه ، لكنه ليس
على سبيل المماثلة،كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه من القمر،لكن بدون مماثلة،وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة
والجماعة من أنّ جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليس مماثلة لصفات المخلوقين،من غير تحريف ولا تعطيل،ومن غير تكييف ولا تمثيل .