المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرث الدنيا والآخرة ،فأي الحارثين أنت



امـ حمد
07-11-2013, 03:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قوله تعالى(مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ)والحرث،العمل والكسب،وقول عبد الله بن عمر،واحرث لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً،ومنه سمي الرجل حارثاً،لأنه طلب بما رزقناه حرثاً لآخرته ، فأدى حقوق الله وأنفق في إعزاز الدين ، فإنما نعطيه ثواب ذلك للواحد عشراً إلى سبعمائة فأكثر،
قال الله تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا،وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا)ونزد له في حرثه نوفقه للعبادة ونسهلها عليه،وحرث الآخرة الطاعة ،من أطاع فله الثواب،ونزد له في حرثه ونعطه الدنيا مع الآخرة،وقال قتادة،ومن آثر دنياه على آخرته لم
نجعل له نصيبا في الآخرة إلا النار،ولم يصب من الدنيا إلا رزقاً قد قسمناه له،ومن كان يريد حرث الآخرة كان من الأبرار يريد بعمله الصالح ثواب الآخرة ونزد له في حسناته،
يقول تعالى،مخبراً عن لطفه بخلقه في رزقه إياهم سواء منهم البر والفاجر،كقوله عزَّ وجلَّ(وَمَا مِنْ دَابَّة فِي الْأَرْض إِلَّا عَلَى اللَّه رِزْقهَا)ويوسع على من يشاء،لا يعجزه شيء، ثم قال تعالى(مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ )أي،نقويه ونعينه على ما هو بصدده،
ونجزيه بالحسنة عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى ما يشاء اللّه(وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)الشورى،حرمه اللّه الآخرة وفاز بالصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة،لأنهم لا يتبعون ما شرع اللّه لهم من الدين القويم، بل
يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس، من تحريم ما حرموا عليهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وتحليل أكل الميتة والدم والقمار، إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالات الباطلة، وفي الحديث (بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والنصر، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب) رواه الثوري عن أبي العالية عن أبي كعب،وقد ثبت في الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال(رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه ،أي أمعاءه،في النار)لأنه أول من سيّب السوائب،وكان هذا الرجل أحد ملوك خزاعة، وهو أول من فعل هذه الأشياء،وهو الذي حمل قريشاً على عبادة الأصنام لعنه اللّه وقبحه، ولهذا قال تعالى(وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُم)أي،لعوجلوا بالعقوبة لولا ما تقدم من الإنظار إلى يوم
المعاد(وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)شديد موجع في جهنم وبئس المصير،ثم قال تعالى(تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا)أي في عرصات يوم القيامة،وهو واقع بهم لا محالة، هذا حالهم يوم معادهم (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم
مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ)سورة الشورى،فأين هذا من هذا،أين من هو في الذل والهوان، ممن هو في روضات الجنان، فيما يشاء من مآكل ومشارب وملاذ، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،ولهذا قال تعالى(ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ)سورة الشورى،أي هو الفوز العظيم والنعمة التامة،
فمن حرث للدنيا أوتي منها ما كُتب له، ولكنه يخسر الآخرة،
ومن حرث للآخرة فاز بالآخرة ولم يفته ما قدر له من الدنيا
بل تأتيه دنياه وهي راغمة،ومن حسنةّ حرث الآخرة،أنه حرث مضاعف مبارك
ويبقى أثره ونفعه لصاحبه ،لأنه تعامل مع الله تعالى ،بخلاف حرث الدنيا فإنه غير مبارك ولا مضاعف ولا يبقى لصاحبه،
فهو زائل عنه بالموت، والدنيا بأسرها زائلة بالآخرة( وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى )الأعلى،
ومن فوائد حرث الآخرة ،
أن الله تعالى يوفّق صاحبه للازدياد منه،فكلما عمل عملاً صالحاً قاده إلى غيره
وهذا معنى من معاني الزيادة في قوله سبحانه( نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ )الشورى،أي،نفتح له أبواباً أخرى من الخير
وندله على أعمال صالحة ما كان يعملها،ونعينه على عملها،قال الله تعالى( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً )الفرقان،
فأخبر الله تعالى أن لهم سعيًا وعملاً وحرثًا وزرعًا، ولكنه لا ينفعهم
وهم يظنون أنهم يحسنون صنعًا( وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ )المجادلة،
فلا ينفع عمل الآخرة إلا بتحقيق الشهادتين،شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله
وذلك بالإيمان والإخلاص في العمل واتباع السنة،وإلا كان عملاً في غير محله، فلا ينفع صاحبه مهما اجتهد فيه
كما لا ينفع الحارث زرعه مهما اجتهد،
وأما من أراد حرث الدنيا
فإن الله تعالى لا يعطيه منها إلا ما قُدِّر له( وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ )الشورى،فأخبر سبحانه أنه لا حظ في الآخرة، ليس له فيها أي نصيب،
وجاء هذا المعنى في قول الله تعالى(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً )الإسراء،أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )هود،قال قتادة،رحمه الله تعالى،من يؤثر دنياه على آخرته لم يجعل الله تعالى له نصيبًا في الآخرة إلا النار ولم يزدد بذلك من الدنيا شيئًا إلا رزقًا قد فرغ منه وقسم له،
وجاء في الحديث عن النبي،صلى الله عليه وسلم،أنه قال(من كانت الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ الله غِنَاهُ في قَلْبِهِ، وَجَمَعَ له شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ،وَمَنْ كانت الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ الله فَقْرَهُ بين عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عليه شَمْلَهُ ولم يَأْتِهِ من الدُّنْيَا إلا ما قُدِّرَ له )رواه الترمذي وابن ماجه،
من تأمل الآية القرآنية التي فيها ذكر حرث الآخرة وحرث الدنيا
وجد أن حرث الآخرة رُجِّح على حرث الدنيا بأنواع من الترجيح ،وما ذاك إلا لشرف الآخرة وحقارة الدنيا،
وقال في مريد حرث الآخرة( نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ )الشورى،فأثبت الزيادة له على ما عمل،بينما قال في مريد حرث الدنيا( نُؤْتِهِ مِنْهَا )آل عمران،والمعنى،أنه يعطيه بعض ما يطلبه ولا يُعطى كله،ثم بيّن تعالى أن مصير الآخرة إلى الزيادة والكمال،وأن مصير الدنيا إلى النقص والخسران،فلنعمل،في حرث الآخرة حتى يكون لنا فيها نصيب،ولنحذر من إرادة حرث الدنيا فنحرم ثواب الآخرة،ولن ننال من الدنيا إلا ما قدّر لنا( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه،وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه )الزلزلة،

ياابن ادام تذكر ان الدنياء دار ممر وليست دار مستقر بل هي دار عمل وتزود من الاعمال الصالحات واعلم بان هذه الدنيا كعابر سبيل استظل بظل شجر ثم ارتحل وتركها خلفه فهذه الدنيا كمثل هذه الشجر ،
قال رسول الله لأنس بن مالك(يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل)
ثم قال لي(يا بني وذلك من سنتي، ومن أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة)
اتقوا الله ربكم، واحرثوا لآخرتكم ما تجدونه بعد موتكم)اخرجه الترمذي،

اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا،وتجاوز عنا برحمتك وتقبل توبتنا وارزقنا التوبة النصوح التى ترضيك عنا.

عضوو
07-11-2013, 01:56 PM
الله يرزقنا ويرزقكم الهدايه وان نكون من الذين يحرثون للآخره

امـ حمد
07-11-2013, 02:20 PM
الله يرزقنا ويرزقكم الهدايه وان نكون من الذين يحرثون للآخره

اللهم آمين اخوي عضوو
بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس