moonبنتnight
17-11-2013, 08:10 AM
سخاء نظام التقاعد!
بقلم / د.هند المفتاح
جريدة العرب : 2013/11/17
كتبت كما كتب غيري في نقد نظام التقاعد الحالي ومسودته المقترحة لتطوير وإصلاح نظام التقاعد، والذي تسرب إعلاميا، فأحدث ضجة كبيرة بما حمله من تغييرات محتملة على النظام وما أثاره من مخاوف من فقد بعض المزايا وتحمل بعض الأعباء المالية، سواء من قبل المواطن (المشترك أو المتقاعد) أو صاحب العمل كما تصوره البعض!
وبالأمس القريب، حظيت بشرف حضور فعاليات المنتدى العالمي للضمان الاجتماعي، الذي ناقش واقع وتحديات عمل وأداء هذه الأنظمة عالميا، بما فيها الخليجية والتي تتشابه إلى حد كبير لتماثل ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وما أدهشني فعلا هو ما خرجت به من خلاصة بعد حواري ونقاشي مع العديد مع من رؤساء هذه الأجهزة التنفيذية وممثليها.. وبعد قراءتي لتقرير أُعد بجهود مشتركة من قبل الموظفين المواطنين لهذه الأجهزة الخليجية.. خلاصة قد تبدو لكم كما بدت لي.. مفاجأة غير متوقعة: سخاء وكرم أنظمة التقاعد الخليجية مقارنة بنظيرتها في الدول الغنية! وسأكتفي في هذا المقال بالحديث عن «كرم وسخاء» نظام التقاعد القطري.
نظام التقاعد في قطر يعتبر حديثا نسبيا (10 سنوات تقريبا)، وقد وصل عدد المشتركين فيه عام 2012 إلى 56.211 ألف مشترك، في حين بلغ عدد المتقاعدين لنفس السنة 8.214 ألف متقاعد وبنسبة تفوق %100 عن عددهم التراكمي (3.821) عام 2010، أي خلال سنتين فقط، وقد يعود الأمر في ذلك إلى التقاعد المبكر! وبلغ متوسط سن المشتركين 34.5، في حين وصل متوسط سن التقاعد عند الإحالة إلى التقاعد 50 سنة مقارنة بمتوسط سن للمشتركين يتراوح بين 31 في السعودية إلى 39 في البحرين ومتوسط سن التقاعد يتراوح بين 48 في السعودية و57 في الكويت. أما بالنسبة لنسب الاشتراك فهي %15 يدفع الموظف %5 وجهة العمل %10 مقارنة بنسب اشتراك تتراوح بين %18 في السعودية و%31 في الكويت. في حين بلغ متوسط الراتب الشهري المؤمن عليه في قطر 5.800$ مقارنة بمتوسط راتب شهري يتراوح بين 1.592$ في السعودية إلى 4.257$ في الإمارات. والجدير بالذكر أن الموظف المواطن يحتاج إلى خدمة عمل 20 سنة خدمة فقط، وهي الأقل بين دول الخليج، للحصول على الحد الأقصى للمعاش بنسبة %100، حيث تصل في السعودية مثلا إلى 40 سنة للحصول على نفس النسبة! أما بالنسبة لشروط استحقاق التقاعد، فمن الممكن لأي موظف ذي 40 عاما الحصول على التقاعد المبكر بخدمة عمل 15 سنة فقط!
الجدير بالذكر أنه قد تم خلال العام الماضي زيادة الرواتب وبنفس سخاء نظام التقاعد، وما زالت الأصوات تتعالى وتطالب بالمزيد من الزيادات.. في ظل الارتفاع الملحوظ لتكاليف المعيشة والأسعار رغم استقرار معدل التضخم المالي عند معدل مقبول (%1.9، 2012)، والذي يرجع بدوره لاستقرار المناخ الاقتصادي وعدم تأثره بتداعيات الأزمات المالية العالمية والذي انعكس إيجابيا في ارتفاع معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي من %8 إلى %12.2 خلال 2008-12.
ولكل ما سبق، ليس غريبا أو عجيبا أن يُصنف نظام التقاعد القطري بالكرم والسخاء.. مع الأخذ في الاعتبار التحديات التالية والتي قد تؤثر يوما ما على هذا الكرم:
أولا: إساءة الاستغلال للتقاعد المبكر (45 سنة للرجل و40 سنة للمرأة) من قبل نظام الموارد البشرية وأنظمة العمل في المؤسسات الخاضعة لقانون التقاعد بشكل عام! فرغم أن التقاعد المبكر وُجد لمعالجة «بعض» حالات انتهاء الخدمة، بغير الجزاء التأديبي، والتي كانت بعضها متزامنة مع إعادة هيكلة وخصخصة بعض مؤسسات الدولة، إلا أنه من الواضح استغلال كرم وسخاء نظام التقاعد سواء من قبل الأفراد أنفسهم أو جهات العمل «لحاجة في نفس يعقوب.. أيا كانت»، الأمر الذي أضاف بدوره عبئا ماليا في التزام الهيئة تجاه المتقاعدين! بل والتشكيك في قدرة الهيئة «بكرمها الحالي» على تأمين مستوى المزايا والمنافع الحالية للأعداد المتزايدة من المتقاعدين مُبكرا!
ثانيا: ظهر مؤخرا تحد في تحول المجتمع ديموغرافيا يستوجب التدخل السريع لتأثيره السلبي المباشر على نظام التقاعد! فقد تطور متوسط النمو السكاني للمواطنين مُسجلا أعلى نسبة نمو بين دول الخليج (%3.6، 2012) إلا أنه لم يكن متناسقا مع تطور عدد السكان المواطنين لانخفاض مستوى الخصوبة (من 4.4 إلى 3.5 خلال 2005-12) مع تطور متوسط العمر عند سن 60، الأمر الذي قد يشير بدوره إلى خطر إقبال المجتمع القطري على تحديات الشيخوخة في المستقبل القريب والبعيد وبالتالي انخفاض عدد المواطنين المشتركين في المستقبل! فهل يتوجب على نظام التقاعد مواجهة هذه التحديات الديموغرافية وحده أم يتطلب الأمر عاجلا غير آجل سرعة التدخل في اتخاذ الإجراءات الاحترازية والإصلاحية للتحكم في «قنبلة الخلل السكاني»!
ثالثا: مما لا شك فيه أن قطر كغيرها من دول الخليج العربية تعيش فترة من الانتعاش الاقتصادي بفعل الوفورات النفطية وما تحققه من عائدات إيجابية على الاقتصاد المحلي. ومن البديهي أن يتم الالتفات جديا إلى هذه «النعمة» وعدم التفريط بها من خلال التخطيط والتنفيذ الفوري لكيفية الاستفادة من عوائد النفط في الاستثمار برأس المال البشري المواطن.. الحالي والمستقبلي.. بما فيه إعادة هيكلة أسس تمويل نظام التقاعد والذي يعتمد على دعم الحكومة والاشتراكات الشهرية، وذلك من خلال توفير احتياطي مالي لدعم صندوق التقاعد.. وذلك لمجتمع يعتمد اقتصاده على سعر برميل النفط والذي قد ينخفض يوما ويُحدث كسادا غير متوقع أو مُخطط.. ولمجتمع مُقبل خلال 20 سنة على تركيبة سكانية من المواطنين أغلبهم من كبار السن.. الأمر الذي بدوره يؤثر على «سخاء» نظام التقاعد وقدرته على تمويل نفسه ذاتيا!
وبناء على التحديات أعلاه، فمن الواضح أن «سخاء» نظام التقاعد الذي يحسدنا عليه البنك الدولي وأجهزة التقاعد العالمية في الدول الغنية.. مُهدد «بالتقشف والبخل» ما لم يتم فرض تعديلات وقائية للحد من التحديات أعلاه، وتُؤّمن قدرة الهيئة في المحافظة على هذا الكرم على المدى البعيد وللأجيال القادمة.
وقد أعلن بالأمس رئيس الهيئة تركي الخاطر ملامح بعض الإصلاحات في القانون المرتقب، والذي ما زال قيد البحث والدراسة، وما يهمنا هنا هو التأكيد على ضرورة أهمية التوعية المجتمعية بثقافة نظام التقاعد وفلسفته، وتحدياته الديموغرافية والاقتصادية والتي من شأنها التأثير سلبا على ديمومة «سخائها». هذه التوعية التي يجب أن تبدأ من المواطن مرورا بالمدرسة والجامعة وجهة العمل والإعلام، وتنتهي عند المُشرع.. متخذ القرار.. فإصلاحات نظام التقاعد وحماية وديمومة «سخائه» يجب أن تبدأ من التثقيف بها.. كما أنها ليست مسؤولية الهيئة وحدها فقط!
آخر الكلام..
نريد وبقوة الاحتفاظ بسخاء نظام التقاعد الممنوح لنا.. ونريد وبقوة أكبر المساهمة الإيجابية في «بناء الوطن والمواطن».. أيا كانت الإصلاحات المطلوبة.
جريدة العرب
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=2169&artid=269487
هل أنتم مع الكاتبة .. نظام التقاعد هل يوفر حياة كريمة القطريين ؟ ..
بقلم / د.هند المفتاح
جريدة العرب : 2013/11/17
كتبت كما كتب غيري في نقد نظام التقاعد الحالي ومسودته المقترحة لتطوير وإصلاح نظام التقاعد، والذي تسرب إعلاميا، فأحدث ضجة كبيرة بما حمله من تغييرات محتملة على النظام وما أثاره من مخاوف من فقد بعض المزايا وتحمل بعض الأعباء المالية، سواء من قبل المواطن (المشترك أو المتقاعد) أو صاحب العمل كما تصوره البعض!
وبالأمس القريب، حظيت بشرف حضور فعاليات المنتدى العالمي للضمان الاجتماعي، الذي ناقش واقع وتحديات عمل وأداء هذه الأنظمة عالميا، بما فيها الخليجية والتي تتشابه إلى حد كبير لتماثل ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وما أدهشني فعلا هو ما خرجت به من خلاصة بعد حواري ونقاشي مع العديد مع من رؤساء هذه الأجهزة التنفيذية وممثليها.. وبعد قراءتي لتقرير أُعد بجهود مشتركة من قبل الموظفين المواطنين لهذه الأجهزة الخليجية.. خلاصة قد تبدو لكم كما بدت لي.. مفاجأة غير متوقعة: سخاء وكرم أنظمة التقاعد الخليجية مقارنة بنظيرتها في الدول الغنية! وسأكتفي في هذا المقال بالحديث عن «كرم وسخاء» نظام التقاعد القطري.
نظام التقاعد في قطر يعتبر حديثا نسبيا (10 سنوات تقريبا)، وقد وصل عدد المشتركين فيه عام 2012 إلى 56.211 ألف مشترك، في حين بلغ عدد المتقاعدين لنفس السنة 8.214 ألف متقاعد وبنسبة تفوق %100 عن عددهم التراكمي (3.821) عام 2010، أي خلال سنتين فقط، وقد يعود الأمر في ذلك إلى التقاعد المبكر! وبلغ متوسط سن المشتركين 34.5، في حين وصل متوسط سن التقاعد عند الإحالة إلى التقاعد 50 سنة مقارنة بمتوسط سن للمشتركين يتراوح بين 31 في السعودية إلى 39 في البحرين ومتوسط سن التقاعد يتراوح بين 48 في السعودية و57 في الكويت. أما بالنسبة لنسب الاشتراك فهي %15 يدفع الموظف %5 وجهة العمل %10 مقارنة بنسب اشتراك تتراوح بين %18 في السعودية و%31 في الكويت. في حين بلغ متوسط الراتب الشهري المؤمن عليه في قطر 5.800$ مقارنة بمتوسط راتب شهري يتراوح بين 1.592$ في السعودية إلى 4.257$ في الإمارات. والجدير بالذكر أن الموظف المواطن يحتاج إلى خدمة عمل 20 سنة خدمة فقط، وهي الأقل بين دول الخليج، للحصول على الحد الأقصى للمعاش بنسبة %100، حيث تصل في السعودية مثلا إلى 40 سنة للحصول على نفس النسبة! أما بالنسبة لشروط استحقاق التقاعد، فمن الممكن لأي موظف ذي 40 عاما الحصول على التقاعد المبكر بخدمة عمل 15 سنة فقط!
الجدير بالذكر أنه قد تم خلال العام الماضي زيادة الرواتب وبنفس سخاء نظام التقاعد، وما زالت الأصوات تتعالى وتطالب بالمزيد من الزيادات.. في ظل الارتفاع الملحوظ لتكاليف المعيشة والأسعار رغم استقرار معدل التضخم المالي عند معدل مقبول (%1.9، 2012)، والذي يرجع بدوره لاستقرار المناخ الاقتصادي وعدم تأثره بتداعيات الأزمات المالية العالمية والذي انعكس إيجابيا في ارتفاع معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي من %8 إلى %12.2 خلال 2008-12.
ولكل ما سبق، ليس غريبا أو عجيبا أن يُصنف نظام التقاعد القطري بالكرم والسخاء.. مع الأخذ في الاعتبار التحديات التالية والتي قد تؤثر يوما ما على هذا الكرم:
أولا: إساءة الاستغلال للتقاعد المبكر (45 سنة للرجل و40 سنة للمرأة) من قبل نظام الموارد البشرية وأنظمة العمل في المؤسسات الخاضعة لقانون التقاعد بشكل عام! فرغم أن التقاعد المبكر وُجد لمعالجة «بعض» حالات انتهاء الخدمة، بغير الجزاء التأديبي، والتي كانت بعضها متزامنة مع إعادة هيكلة وخصخصة بعض مؤسسات الدولة، إلا أنه من الواضح استغلال كرم وسخاء نظام التقاعد سواء من قبل الأفراد أنفسهم أو جهات العمل «لحاجة في نفس يعقوب.. أيا كانت»، الأمر الذي أضاف بدوره عبئا ماليا في التزام الهيئة تجاه المتقاعدين! بل والتشكيك في قدرة الهيئة «بكرمها الحالي» على تأمين مستوى المزايا والمنافع الحالية للأعداد المتزايدة من المتقاعدين مُبكرا!
ثانيا: ظهر مؤخرا تحد في تحول المجتمع ديموغرافيا يستوجب التدخل السريع لتأثيره السلبي المباشر على نظام التقاعد! فقد تطور متوسط النمو السكاني للمواطنين مُسجلا أعلى نسبة نمو بين دول الخليج (%3.6، 2012) إلا أنه لم يكن متناسقا مع تطور عدد السكان المواطنين لانخفاض مستوى الخصوبة (من 4.4 إلى 3.5 خلال 2005-12) مع تطور متوسط العمر عند سن 60، الأمر الذي قد يشير بدوره إلى خطر إقبال المجتمع القطري على تحديات الشيخوخة في المستقبل القريب والبعيد وبالتالي انخفاض عدد المواطنين المشتركين في المستقبل! فهل يتوجب على نظام التقاعد مواجهة هذه التحديات الديموغرافية وحده أم يتطلب الأمر عاجلا غير آجل سرعة التدخل في اتخاذ الإجراءات الاحترازية والإصلاحية للتحكم في «قنبلة الخلل السكاني»!
ثالثا: مما لا شك فيه أن قطر كغيرها من دول الخليج العربية تعيش فترة من الانتعاش الاقتصادي بفعل الوفورات النفطية وما تحققه من عائدات إيجابية على الاقتصاد المحلي. ومن البديهي أن يتم الالتفات جديا إلى هذه «النعمة» وعدم التفريط بها من خلال التخطيط والتنفيذ الفوري لكيفية الاستفادة من عوائد النفط في الاستثمار برأس المال البشري المواطن.. الحالي والمستقبلي.. بما فيه إعادة هيكلة أسس تمويل نظام التقاعد والذي يعتمد على دعم الحكومة والاشتراكات الشهرية، وذلك من خلال توفير احتياطي مالي لدعم صندوق التقاعد.. وذلك لمجتمع يعتمد اقتصاده على سعر برميل النفط والذي قد ينخفض يوما ويُحدث كسادا غير متوقع أو مُخطط.. ولمجتمع مُقبل خلال 20 سنة على تركيبة سكانية من المواطنين أغلبهم من كبار السن.. الأمر الذي بدوره يؤثر على «سخاء» نظام التقاعد وقدرته على تمويل نفسه ذاتيا!
وبناء على التحديات أعلاه، فمن الواضح أن «سخاء» نظام التقاعد الذي يحسدنا عليه البنك الدولي وأجهزة التقاعد العالمية في الدول الغنية.. مُهدد «بالتقشف والبخل» ما لم يتم فرض تعديلات وقائية للحد من التحديات أعلاه، وتُؤّمن قدرة الهيئة في المحافظة على هذا الكرم على المدى البعيد وللأجيال القادمة.
وقد أعلن بالأمس رئيس الهيئة تركي الخاطر ملامح بعض الإصلاحات في القانون المرتقب، والذي ما زال قيد البحث والدراسة، وما يهمنا هنا هو التأكيد على ضرورة أهمية التوعية المجتمعية بثقافة نظام التقاعد وفلسفته، وتحدياته الديموغرافية والاقتصادية والتي من شأنها التأثير سلبا على ديمومة «سخائها». هذه التوعية التي يجب أن تبدأ من المواطن مرورا بالمدرسة والجامعة وجهة العمل والإعلام، وتنتهي عند المُشرع.. متخذ القرار.. فإصلاحات نظام التقاعد وحماية وديمومة «سخائه» يجب أن تبدأ من التثقيف بها.. كما أنها ليست مسؤولية الهيئة وحدها فقط!
آخر الكلام..
نريد وبقوة الاحتفاظ بسخاء نظام التقاعد الممنوح لنا.. ونريد وبقوة أكبر المساهمة الإيجابية في «بناء الوطن والمواطن».. أيا كانت الإصلاحات المطلوبة.
جريدة العرب
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=2169&artid=269487
هل أنتم مع الكاتبة .. نظام التقاعد هل يوفر حياة كريمة القطريين ؟ ..