المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فما حرم شيئاً إلا رحمة بخلقه



امـ حمد
22-11-2013, 03:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في القرآن العظيم آيات لو تدبرها الناس لكفتهم، ولفتحت عليهم باباً كبيراً الى الخير، وأغلقت عنهم أبواب الشر،
من تلك الآيات هذه الآية
(مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)سورة فاطر،
هذه الآية تتحدث عن رحمة الله، التي يرسلها تارة، ويمسكها أخرى، ولا أحد يقدر على ذلك غيره سبحانه وتعالى،
هذه الآية من تدبرها واستيقنها واستقرت في قلبه، تحول تحولاً كاملاً في،تصوراته،واتجاهاته،وموازينه،إنها تقطعه عن كل قوة، وتصله بقوة الله،تيئسه من كل رحمة، وتصله برحمة الله،توصد أمامه كل باب، وتفتح أمامه باب الله،تغلق في وجهه كل طريق، وتشرع له طريقه الى الله،
ورحمة الله تتمثل في مظاهر لايحصيها العد،فمن مظاهرها
خلق الانسان،وتكوينه،وتكريمه،وتسخير الأرض له،وهدايته بالرسل والكتب،قال تعالى(وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا)ثم قال(وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)ورحمة الله ليست قاصرة على ما وهب وأعطى، بل تمتد إلى حرم ومنع،فما حرم شيئاً إلا رحمة بخلقه،وما منع رزقاً إلا لرحمته بعباده، حرم الربا،والزنا،والخمر،والقمار،رحمة بهم،حتى لاتفسد معيشتهم حياتهم،ومنع بعض عباده المال والصحة رحمة بهم كيلا يكفروا،ويطغوا، ويعيثوا في الأرض فساداً،
رحمة الله يجدها من يفتحها الله له، في كل مكان، وفي كل شيء،يجدها في نفسه،وفيما حوله،
ينام الانسان على الأرض فوق التراب مع رحمة الله،فإذا هي مهاد، وينام على الحرير وقد أمسكت عنه رحمة الله،فإذا هو شوك،يعالج أعسر الأمور برحمة الله،فإذا هي هوادة ويسر،ويعالج أيسر الأمور وقد تخلت عنه رحمة الله،فإذا هي مشقة وعسر،ولا ضيق مع رحمة الله، إنما الضيق في إمساكها،
يبسط الله الرزق مع رحمته، فإذا هو متاع طيب،ورغد في الحياة، وزاد الى الآخرة،بالإنفاق،وتحري الحلال،والرضا بالنصيب، ويمسك رحمته، فإذا هو مثار قلق وخوف وحسد وبخل وطمع وتطلع الى الحرام وتوغل في الشبهات،
يمنح الله الذرية مع رحمته، فإذا هي مصدر فرح واستمتاع وذخر للآخرة وعون في الدنيا،
ويمسك رحمته،فإذا الذرية بلاء ونكد وعنت وشقاء،
يهب الله الصحة والقوة مع رحمته، فإذا هي نعمة وحياة طيبة،
ويمسك عنها رحمته، فإذا الصحة والقوة وسيلة الى الحرام وتعدي الحدود والطغيان والظلم،
ويعطي الله السلطان والجاه،مع رحمته فإذا هي أداة إصلاح ومصدر أمن،
ويمسك عنها رحمته،فإذا هي مصدر قلق وطغيان وبغي واستكبار،
ومن رحمة الله أن تحس برحمة الله
فرحمة الله تضمك وتغمرك وتفيض عليك،ولكن شعورك بوجودها هو الرحمة،ورجاؤك فيها، وتطلعك إليها هو الرحمة،وثقتك بها، وتوقعها في كل أمر هو الرحمة،والعذاب في احتجابك عنها،أو يأسك منها،أو شكك فيها(إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)يوسف،
رحمة الله لاتعز على طالب في أي مكان ولا في أي حال
وجدها إبراهيم عليه السلام في النار،
ويوسف عليه السلام في الجب،كما وجدها في السجن،
ويونس عليه السلام في بطن الحوت في ظلمات ثلاث،
ووجدها موسى عليه السلام في اليم، وهو طفل مجرد من كل قوة،كما وجدها في قصر عدوه فرعون،
وأصحاب الكهف في الكهف،حين افتقدوها في القصور والدور،فقال بعضهم لبعض(فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ)
ووجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم،وصاحبه في الغار، والقوم يتعقبونهما،ويقصون الآثار،
ووجدها كل من آوى إليها،منقطعاً عن كل قوة ورحمة، قاصداً باب الله وحده دون الأبواب،
ثم إنه متى فتح الله أبواب رحمته فلا ممسك لها، ومتى أمسكها فلا مرسل لها،
ومن ثم فلا مخافة ولارجاء في أحد،ولا خوف من فوت وسيلة، إنما هي مشيئة الله يفعل ما يشاء،
وما بين الناس ورحمة الله إلا أن يطلبوها مباشرة منه،من غير وسائط، بل التوجه الى طاعته،وترك معصيته،والثقة برحمته، والاستسلام له،
آية واحدة ترسم للحياة صورة جديدة،تغير القلوب وتملأها بالطمأنينة والثقة، وتطرد عنها الأوهام والوساوس،وتبدلها خوفها أمناً،لو استقرت في قلب إنسان لصمد كالطود للأحداث،
(مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
يحدثنا القرآن الكريم عن علم الله ورحمته أنهما وسعا كل شيء، قال تعالى(رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا)
فعلم الله شامل لايغيب عنه مثقال ذرة،فإن الرحمة لاتكون إلا بعلم، فالله تعالى،أخبر عن علمه أنه وسع كل شيء،وعن رحمته أنها وسعت كل شيء،حتى يتعلق العباد برحمته،ثم بين أنه استوى على أعظم مخلوقاته،وهو العرش،فقال(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)
فالخيبة لمن حُرِمها، ولايُحْرَمها إلا خاسر،وأما الفائز بها فهو السعيد وصفته كما قال تعالى(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)
أطيعوا الله والرسول،بفعل الأوامر وامتثالها واجتناب النواهي،فطاعة الله وطاعة رسوله من أسباب حصول الرحمة،
من البر والفاجر،المؤمن والكافر،فلا مخلوق إلا قد وصلت إليه رحمة الله وغمرة فضله وإحسانه،ولكن الرحمة الخاصة المقتضية لسعادة الدنيا والآخرة،ليست لكل أحد ،ولهذا قال عنها(فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ)أي،المعاصي صغارها وكبارها،
فمن أراد رحمة الله أن تناله، فليتق الله في كل أموره،
بفعل الطاعات،واجتناب المعاصي،وليؤد حق الله في ماله.

(الراقي)
11-12-2013, 01:02 AM
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

امـ حمد
11-12-2013, 04:46 AM
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس

رهج السنابك
26-12-2013, 04:35 PM
جزاك الله خير