المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطغاة والطغيان



امـ حمد
23-11-2013, 04:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مفهوم الطغيان،قال ابن فارس،هو مجاوزة الحد في العصيان،وكلّ شيء يجاوز الحد فقد طغى،
والطّغيان،بمعنى الضّلالة،والعصيان،والظّلم،والطّاغوت يراد به الأوثان الّتي تعبد من دون اللّه، وذلك في قوله تعالى(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )سورة النحل،
أسباب الطغيان،
أولاً،أسباب الطغيان الداخلية أو الباطنية
الكبر والعلوّ،وأبرز الشخصيات،شخصية الطاغية فرعون،الذي اجتمعت فيه كل أسباب الطغيان الداخلية والخارجية، ومارس كل صنوف الطغيان بحق قومه،قال الله سبحانه عن فرعون(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ)القصص،ومن صور مباهاة الطاغية فرعون ومفاخراته أن جعل يستحقر الآخرين ويعيبهم عجبا وغرورا فقال عن موسى(أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ )الزخرف،
العجب والغرور،وهذه آفة الطغاة في عتوهم وتجبرّهم وعدم قبولهم الحق والانصياع له، ولذلك قال الله عز وجل،حاكياً حال قوم عاد لما طغوا وتكبروا على ربهم، ثم على نبيهم بقوله(فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً)فصلت،
الحقد والحسد،وهو الداء الذي يحرق قلب صاحبه،إذا ما رأى لله على غيره منّة أو أسبغ عليه نعمة،فيدفعه ذلك إلى ممارسة الطغيان،
ثانياً،أسباب الطغيان الخارجية
الملك والسلطة،وهي من أعظم الأسباب الباعثة على الطغيان،ولذلك ذكر الله في القرآن،الملك النمرود الذي طغى وتجبر حتى وصل به الأمر أن ادعى الربوبية،قال عزوجل(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ )وهذا فرعون يبرر فجوره وعلوه في الأرض كما حكى القرآن عنه يقول(أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ)الزخرف،
المال والولد،وذلك إذا ضعف من قلب صاحبه الإيمان والتقوى، وشعوره بفقره وحاجته إلى الله، يقول تعالى(كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى)العلق،والولد كذلك قد يؤدي بوالديه إلى الطغيان إن كان كافراً، وذلك بدافع حبهما له يقول تعالى(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا )الكهف،
غفلة الناس عن حقوقهم وقبولهم الظلم،
حيث إن الشعوب إذا رضيت بالظلم والهوان وغلب عليها الخوف،أعطت الطاغية فرصة وشجعته على الاستمرار والزيادة في البغي،ولنلاحظ كيف بلغ الخوف بقوم موسى،ولا شك أن غفلتهم وسكوتهم عن أعمال فرعون وقبولهم استبداده هو ما جرأه عليهم من قبل ولكنهم لم يتعظوا(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ)الزخرف،وفي الوقت الذي كان موسى عليه السلام،يحثهم الصبر والاستعانة بالله على فرعون وجنوده، كانوا يواجهونه بالاستكانة والاحباط والذل والهوان،
صور الطغيان،
فإن صور الطغيان تختلف من طاغية لآخر،لكن يجمعهم،انتكاسة الفكر،وانحراف الأخلاق،وانعدام الرحمة،وفقد الإحساس،والإمعان في الظلم والتعذيب،
فمن هذه الصور،
الظلم والتجبّر والاستبداد،
يعد ظلم الناس، وتهميشهم، وهضم حقوقهم، وسلب مقدراتهم وإراداتهم،من أبرز صور الطغيان،وكم عانت الشعوب المستضعفة المقهورة من ظلم الطغاة وجورهم وتجبرّهم،
القتل والتعذيب والتنكيل،وهذا من أشنع صور الطغيان وأقبحه وقد قال الله عن فرعون قوله(قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ )الأعرف،وفرعون الذي كان يذبح الأولاد،والمشكلة أن الطغاة في كل عصر يمارسون صور الظلم نفسها وهذا يفسر تشابه قلوب الظالمين الأوائل والمعاصرين،ففي سبيل الحكم يمكن أن يقتل شعبه ويجوعهم ويسلط عليهم المرتزقة من شرار الخلق،فرض الرأي ومصادرة الحقوق والحريات،فالطغاة،يفرضون آرائهم وأهوائهم على أقوامهم، ويجعلونها عليهم قوانين إلزامية، ويقسرونهم على قبولها والانقياد لها قسراً، ويصادرون حرِّياتهم وحقوقهم المشْروعة في الاختيار،ومن سوّلت له نفسه أن يخالف أو يرفض يستخدمون معه أبشع أساليب القمع والتنكيل،والعجيب أنهم يصورون أنفسهم كأنهم أصحاب الحق وأن غيرهم مفسد في الأرض،
وسائل معالجة القرآن للطغيان
لقد عالج القرآن الكريم جريمة الطغيان،بالنهي عن الطغيان،بكل صوره وأشكاله،وتقبيحه وذمّه وإدانته وأهله، سواء كان التعدي على الآخرين بالقتل أو ما دونه أو أكل أموال الناس وسائر الظلم والبغي والطغيان،
الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك،
وتعد من أقوى موانع الطغيان،أن جل اهتمام الأنبياء والمرسلين وجهدهم كان منصباً في الدرجة الأولى،على بناء العقيدة، وغرس معانيها في النفوس،لأن الإيمان بالله وعبادته، يؤديان إلى اجتناب الطغيان،
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الوسائل لمنع الطغيان،ولذلك صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم،بأن التفريط بهذا الواجب، مؤد إلى ظهور الطغيان والتسلط في المجتمع،
الحوار والجدال بالقول الليّن الحسن،
وهذه الوسيلة من أنفع الوسائل منعا للطغيان،إن صادفت محلاً من قلب الطاغية وعقله، وقد أمر الله رسله باتخاذها وسيلة لمعالجة الطغيان،قال تعالى مخاطباً موسى وهارون(اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى،
الشجاعة والمبادرة في مواجهة الطغاة،
قال تعالى(قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)المائدة،
وهذه وصية عظيمة قالها رجلان صالحان لقومهم وهذا يؤكد دور اهل الدين والصلاح في قيادة الأمة للوقوف في وجه الطغاة،
فلن ننتصر على أعدائنا حتى ننتصر على نفوسنا، ولن نتجرأ على الإنكار والاحتساب والإصلاح،حتى نكسر أبواب الخوف والذل والهوان،
نهاية الطغاة والطغيان،سنة الله في الطاغين واحدة فقد أهلك الله كثيراً من الطغاة وجعلهم عبرة لغيرهم كما حصل لفرعون وجنوده،ولكن الطغاة لا يعتبرون بمصائر الطغاة قبلهم،
ولكن يتصور بعض الناس،أن الطاغية قد يفلت من العقاب لما يرونه من ميتة بعض الطغاة ميتة طبيعية،
والأمر المؤكد الذي يجب أن يستقر في النفوس أن الطاغية لن ينجو من عقاب الله مهما تأخرت العقوبة، وقد يموت الطاغية موتاً طبيعياً فهذا لا يعني نجاته،لأن الله بين أن عاقبة الطاغين شر عاقبة قال سبحانه(هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ)ص،أن الله قد أخذ أولئك الطغاة في الأرض بجريمتهم البشعة، كما أخذ قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وقوم لوط وفرعون وجنوده،من عواقب الطغيان في قصَّة ابني آدم اللذين قتلَ أحدهما الآخر ظلماً وطُغياناً،ولا يدفعه لإزهاق روحه إلا الحسد على فضل الله الذي آتاهُ إياه عاقب الله ذلك الطَّاغية السفَّاح بأن جعله من الخاسرين مباشرةً بعد قتل أخيه,كما قال الله تعالى(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِين)وهذا الخاسر هُو إمام القتلة إلى قيام السَّـاعة،وهذه العُقوبة القرآنيةُ توكيدٌ على أن سافكي الدِّمَـاء لا ينتظرون إلا الخُسرانَ المُبينَ في الدنيا والآخرة,وأنَّهم إن علَـوا وظَهَر أمرُهم فهُو إلى حين وليأخُذَنَّـهم الله أخذاً يشفي به صُدور المؤمنين،
وهذا نتيجةٌ طبيعيَّـة للتمادي في الجبروت والظلم مع إمهال الله وإملائه حتى يُزيِّن الشيطانُ للجبابرة سوء أعمالهم فينقلهم من محاربة أنفسهم ومحاربة النَّاس إلى مُحاربة الله وتحدِّيه يقولون لهُ (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا)يتمنَّون العذابَ ويستعجلونهُ وينسَون أن الله بالمرصاد،
اللهم أنصرنا على القوم الكافرين،وانصرنا على الطاغيين الحاقدين،وعلى الطغاة الجبارين المتسلطين،واستجيب لدعوة المظلومين،
اللهم أمين.

TRAVELLER
24-11-2013, 10:04 AM
صور الطغيان،
فإن صور الطغيان تختلف من طاغية لآخر،لكن يجمعهم،انتكاسة الفكر،وانحراف الأخلاق،وانعدام الرحمة،


وهي أيضاً أختي الكريمة طغيان الإنسان لنفسه والعياذ بالله (انتكاسة الفكر)

جزاكي الله خير الدنيا والآخرة

امـ حمد
24-11-2013, 02:05 PM
وهي أيضاً أختي الكريمة طغيان الإنسان لنفسه والعياذ بالله (انتكاسة الفكر)

جزاكي الله خير الدنيا والآخرة




قال سبحانه وتعالى( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)
وأقسام الظلم ثلاثة أقسام :
• ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى و أعظمه الشرك بالله .
• ظلم بينه وبين الناس.
• ظلم بينه و بين نفسه .
و كل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس ، فإن الإنسان أول ما يَهُمّ بالظلم فقد ظلم نفسه
بارك الله في حسناتك اخوي
وجزاك ربي جنة الفردوس

(الراقي)
11-12-2013, 12:52 AM
جزاك الله خيرا

امـ حمد
15-12-2013, 04:50 AM
جزاك الله خيرا

بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس

رهج السنابك
26-12-2013, 04:54 PM
جزاك الله خير

امـ حمد
26-12-2013, 11:41 PM
جزاك الله خير



بارك الله في حسناتج حبيبتي
ويزاااج ربي جنة الفردوس يالغلا

خـالد
14-01-2014, 07:04 PM
جزاك الله خير و
بارك الله في حسناتك