المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هو الصبر الجميل



امـ حمد
19-12-2013, 04:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فما هو الصبر الجميل
الصبر،يعني الحبس والمنع،فهو يطلق على حبس النفس ومنعها من التشكي والتذمر من مصائب ومتاعب الدنيا وهمومها،والمنع عن الشكوى لأحد غير الله تعالى،فيمكن لك أن ترتمي بين يديه،وتدعوه خوفاً وتضرعاً ورجاءً،ولك أن تبث له حزنك،كما فعل نبي الله،يعقوب عليه السلام،عندما فقد ولده يوسف،قال تعالى،على لسان يعقوب،عليه السلام،قَالَ (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)يوسف،

الصبر أنواع
الصبرعلى الطاعة،والصبر على المعصية،والصبر على البلية،أو المصيبة في النفس والصحة، والأهل،والمال،وغيره،
فالصبر هو،أن يلتزم الإنسان بما يأمره الله تعالى،وأن يجتنب ما ينهاه عنه،وأن يتقبَّل بنفس راضية ما يصيبه من مصائب وشدائد، متجملاً بالصبر، ومتحمِّلاً للمشقة،أملاً في أجر الله تعالى،وفرَجه،
وقوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)آل عمران،إن الله تعالى،ربط الصبر بالتصبُّر والمرابطة والتقوى من أجل الوصول إلى الفلاح،ونال السعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة،وعلى قضاء الله وما قدَّره لك،لكن الصبر صعب،فكيف لنا أن نحصل عليه ونحتفظ به من دون أن يتفلَّت من بين أيدينا وقلوبنا،
أولاً،أن الملك كله لله،عز وجل،يقول ابن كثير،هو الحاكم الذي لا معقِّب لحكمه،ولا يعترض عليه أحد،لعظمته وجلاله وكبريائه، وعلوه وحكمته وعدله ولُطفه،
وتذكير لنا بأن الله،تعالى،هو الآمر الناهي المقدِّر لكل شيء، والحاكم على كل شيء،وقال،سبحانه(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)آل عمران،
ثانياً،أن كل شيء مكتوب في علم الغيب عند الله،أي،إن الإيمان بالقضاء والقدر،عندما يفكر المرء أن كل شيء يصيبه،سواء من خير أو من شر،من فرح أو حزن،من مرض أو صحة،من غنًى أو فقر،هو أمر مكتوب مقدَّر لا مفرَّ منه، يهوِّن المصاب ويزداد الرضا،قال تعالى(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)الحديد،
ثالثاً،أن المصيبة حق واقع على كل مخلوق،ليمتحن الله تعالى،الصابرين،ويُمحِّص المتقين،ويعطيهم الجنة جزاءً لهم بما عملوا،ويكفر عن سيئاتهم،ولطالما سمعنا عن أناس ظنوا أن ما أصابهم كان شرًّا لهم، فإذا بهم ومع مرور الوقت والزمن يكتشفون أن ما أصابهم فيه الخير لهم،
رابعاً،الإيمان بقوة الإنسان،تأمَّل في هذه الآية العظيمة من سورة البقرة(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)ما أعظم الله،عز وجل،في رحمته وعطائه، فهو لا يكلفنا من الأمور والعبادات ما لا طاقة لنا به، كما أنه لا يكلفنا ويرمي إلينا من المصائب والشدائد،إلا ما هو عالم بأنه في قدرتنا ووُسعنا،ونتفكَّر،ماذا عندي من القوة والطاقة والقدرة الذي أهَّلني لأن يبتليني ربي بهذا الأمر،
فكن قويًّا في إيمانك وفي يقينك بأن الله تعالى،عالم بكل شيء،وأنه ما كان ليُعطيك ما لا طاقة لك به،
قال صلى الله عليه وسلم(الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)وفيه تذكير لنا أن من رحمة الله،تعالى،أنه كما يرزق ويطعم المؤمن، يُطعم الكافر أو غير المؤمن، وكما يبتلي المؤمن يبتلي الكافر، ولكن المؤمن يُجزى على عمله وصبره ما لا يلقاه الكافر يوم الحساب،فلا تدوم الدنيا لأحد،وأن كل شيء متغيِّر،وأن الأيام يداولها الله،تعالى،ما بين الناس،فنجد الفقير يصبح غنيًّا أو العكس،والمريض يصبح معافًى بإذن الله أو العكس، فما علينا إلا السعي والمجاهدة والنتيجة بيد الله،عز وجل،
اسمع لقول رسول الله،صلى الله عليه وسلم(عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير،وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن،إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر،فكان خيرًا له)فجاهد نفسك لترى الخير والإيجابية،
تأمل في حكمة عمر بن الخطاب،رضي الله عنه،وتفكيره الإيجابي عندما قال(ما أصابتني من مصيبة إلا وكان لي بها أربعة نعمٍ، أولها،أنها لم تكن بديني،وثانيها،أنها لم تكن بأعظم منها،وثالثها،أن الله،عز وجل،ألهمني الصبر عليها،ورابعها،أن الله،عز وجل، وعدني بالثواب عليها في الآخرة)
ولا تشكو لغير الله ولا تستعن بغير الله،ولكن ما علينا إلا أن نتصبَّر،حتى نصل إلى مرحلة الصبر بإذن الله،تعالى،
والتقرب إلى الله تعالى،بالعبادات،وخاصةً الصلاة والصوم، والصدقة وقيام الليل،
الزم الدعاء، واجعل لسانك رطبًا بذكر الله،تعالى،والإكثار من الاستغفار،
وأروع دعاء تلين له القلوب،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(اللهم إليك أشكو ضَعف قوتي، وقلة حيلتي،وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين،أنت رب المستضعفين،وأنت ربي، إلى مَن تكلني، إلى بعيد يتجهَّمني، أو إلى عدو ملَّكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي، فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات،وصلَح عليه أمر الدنيا والآخرة،أن يحلَّ علي غضبك،أو أن ينزل بي سخطك،لك العتبى حتى ترضى،ولا حول ولا قوة إلا بك)
والمداومة على قول،حسبي الله،لا إله إلا الله،عليه توكلت،وهو رب العرش العظيم،سبع مرات،صباحاً ومساءً،
إن الصبر وحده لا يكفي،وإنما ينبغي السعي والعمل في التغلب على المشاق التي نمر بها،
والصحبة الصالحة،تعين المرء على الثبات على الطريق السليم،
والتفكر في نعم الله،تعالى التي لا تُعد ولا تحصى،
حاول في وقت المحنة أن تفكر في النعم المحيطة بك،من الصحة والمال،والأهل والأمان،وغيره، ومما يعين على شكر النعمة،
فالإنسان بطبعه جاحد للنعمة،فاستعن بالشكر لتدوم النعمة،
مما يعين على الصبر الجميل،هو النظر الى من هو أقل حظًّا منك في الدنيا،وللإنسان أن يقنع بما رزقه،وأن يشكر الله على عطائه، حتى لا يكون هناك حسد أو غَيرة في المجتمع،وتحسين الحال من حال إلى خير منه،وبإذن الله تعالى،سوف يجعل لك من بعد كل عسر يسراً،قال تعالى(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا،إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)الشرح،قال المفسرون،إن العسر يَتبعه يُسر،وإن العسر نفسه فيه يُسر، ولكن ربما لا يكون هذا الأمر ظاهرًا للعيان، فعلى الإنسان أن يستبشر برحمة الله، وينتظر الفرج،وألا يكون ممن يقنطون من رحمة الله،قال تعالى(وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) الحجر،
حاول أن تتصبَّر عندما يَبتليك الله تعالى،بعُسر،لأن رب العزة وعدك باليسر معه أو بعده،والله لا يخلف الميعاد،قال تعالى(وبَشِّر الصَّابِرينَ)البقرة،وما أعظمه من أجر،
يروي عن موسى،عليه الصلاة والسلام،أنه كان يقول‏‏(‏اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى،وأنت المستعان،وبك المستغاث وعليك التكلان ‏)‏
وكان عمر بن الخطاب،رضي اللّه عنه،يقرأ في صلاة الفجر‏:‏
‏(‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ‏)ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف،بخلاف الشكوي إلى المخلوق‏،
ومما نقله ابن القيم،أن الصبر الجميل(حبس النفس عن الجزع والتسخط ،وحبس اللسان عن الشكوى،وحبس الجوارح عن المعصية)
وقال يحيى بن معاذ،الصبر الجميل أن يتلقى البلاء بقلب رحيب ووجه مستبشر،
وقال الثوري،ثلاث من الصبر،أن لا تحدث بوجعك ولا بمصيبتك ولا تزكي نفسك،
وفي حديث عطاء عن ابن عباس لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأنصار فقال(أمؤمنون أنتم،فسكتوا فقال عمر،نعم يا رسول الله،قال،وما علامة إيمانكم،قالوا،نشكر على الرخاء و نصبر على البلاء،ونرضى بالقضاء،فقال،عليه الصلاة والسلام مؤمنون ورب الكعبة)
وقال عليه الصلاة و السلام (الصبر نصف الإيمان )(والصبر كنز من كنوز الجنة)
وقال عليه الصلاة والسلام(من إجلال الله ومعرفة حقه ألا تشكو وجعك ولا تذكر مصيبتك )
الصبر ليس كلام وليس قراءة وكتابة وحساب،الصبر هو فعل نابع من القلب لكى تصل إلى ماتريد تحقيقه،الصبر مر مذاقته،لكن عقباه أحلى من العسل،

اللهم اجعلنا من عبادك الصابرين المرابطين في سبيلك
نسأل الله تعالى،أن يجعلنا مع أولئك الصابرين الصادقين المتقين.
جعَلني الله وإياكم،ممن قرن الصبر بالتقوى،لننال درجة المحسنين.

رهج السنابك
26-12-2013, 04:28 PM
جزاك الله خير