المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ



امـ حمد
21-12-2013, 12:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معنى القنوط من رحمة الله من الكتاب والسنه
فالقنوط من رحمة الله هو اليأس،كونه لا يرجو الله،ربنا جل وعلا نهى عن هذا،قال سبحانه وتعالى(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ)سورة الزمر،وقال تعالى(إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)سورة يوسف،
لا يجوز لأحد أن يقنط من رحمة الله، يعني ييأس بسبب كفره أو معاصيه،بل عليه التوبة والرجوع والإنابة إليه،وله البشرى لأن الله يقبل توبته ويعظم أجره ويجازيه على ما فعل من الخير،
أما اليأس والقنوط لأجل سوء العمل فهذا من تزيين الشيطان ولا يجوز، بل يجب على العبد الحذر من ذلك ولا يقنط ولا ييأس بل يرجو رحمة ربه،وأن الله يتوب عليه،وأن الله يتقبل عمله ولا ييأس،
ومن أسباب اليأْس والقنوط
الجهل بالله سبحانه وتعالى،قال ابن عادل(القنوط من رحمة الله تعالى لا يحصل إلا عند الجهل،أن يجهل كونه تعالى قادراً عليه،وأن يجهل كونه تعالى،عالـماً باحتياج ذلك العبد إليه،
وأن يجهل كونه تعالى،منزهاً عن البخل،والحاجة،
والجهل بكلِّ هذه الأمور سبب للضلال)
وقال ابن القيم(الكبائر،القنوط من رحمة الله،واليأْس من روح الله،وتوابع هذه الأمور إنما تنشأ من الجهل بعبودية القلب،وترك القيام بها)
والغلو في الخوف من الله سبحانه وتعالي،قال ابن القيم(لا يدع الخوف يفضي به إلى حدٍّ يوقعه في القنوط، واليأْس من رحمة الله،فإنَّ هذا الخوف مذموم،قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله،حدُّ الخوف ما حجزك عن معاصي الله،فما زاد على ذلك،فهو غير محتاج إليه،وهذا الخوف الموقع في الإياس، إساءة أدب على رحمة الله تعالى،التي سبقت غضبه، وجهل بها) ولغلبة هذا الخوف على قلب اليائس أسباب منها(إدراك قلبه من معاني الأسماء والصفات ما يدل على عظمة الله وجبروته، وسرعة عقابه،وشدة انتقامه، وحجب قلبه عن الأسماء الدالة على الرحمة، واللطف،والتوبة،والمغفرة،فيسيطرعلى القلب الخوف فيسلمه ذلك إلى
اليأْس من روح الله،والقنوط من رحمته)مصاحبة اليائسين والقانطين والمقنطين،فإنَّ مصاحبة هؤلاء تورث اليأْس،والقنوط من رحمة الله إما مشابهةً،أوعقوبةً للاختلاط بهم،
قال فخر الدين الرازي،الكافر يستبعد عود تلك النعمة فيقع في اليأس،وأما المسلم الذي يعتقد أن تلك النعمة إنما حصلت من الله تعالى وفضله وإحسانه،فإنه لا يحصل له اليأس،
وقلة الصبر واستعجال النتائج،إنَّ ضعف النفوس عن تحمل البلاء، والصبر عليه، واستعجال حصول الخير يؤدي إلى الإصابة باليأْس والقنوط، لاسيما مع طول الزمن واشتداد البلاء على الإنسان،في صحيح مسلم،عن أبي هريرة،عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(لا يزال يستجاب للعبد،ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم،ما لم يستعجل، قيل،يا رسول الله ما الاستعجال،قال، يقول،قد دعوت وقد دعوت، فلم أرَ يستجيب لي،فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء
وقال ابن القيم(من استطال الطَّرِيق ضعف مَشْيه)
وتعلق القلب بالدنيا،فمن أسباب اليأْس والقنوط الأساسية تعلق القلب بالدنيا،والفرح بأخذها، والحزن والتأسف على فواتها،بكل ما فيها من جاه، وسلطان، وزوجة،وأولاد،ومال،وعافية، قال تعالى(وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ)الروم،
دُنوُّ الهمة والاستسلام للواقع وضعف الرغبة في التغيير،
فإنَّ،اليأْس من الإصلاح يقع فيه كثير من الناس،فإذا عاين الشرور المتراكمة، والمصائب، والمحن، والفتن، ومن الفرقة والتناحر والاختلاف،يأس من الإصلاح،ومثل ذلك في شأن كثير من الناس ممن يسرف على نفسه بالمعاصي، ويتيه في أودية الرذيلة، فتجده ييأس من إصلاح حاله، والرقي بها إلى الأمثل، بل ربما ظنَّ أنَّ التغيير مستحيل،وهذا كله مظهر من مظاهر دنو الهمة، وصغر النفس،والعجز عن مواجهة المتاعب، والمصاعب.