المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ميريل لينش : بوادر فكّ ارتباط أوروبي بالاقتصاد الاميركي



مغروور قطر
09-08-2006, 05:26 AM
ميريل لينش : بوادر فكّ ارتباط أوروبي بالاقتصاد الاميركي

ان الهبوط الذي حصل في أسواق الأسهم في مايو وفي النصف الاول من يونيو عكس نشوء هواجس تضخمية أطلقت العنان لتشدد نقدي في الولايات المتحدة اكثر اندفاعاً، ترافقه تداعيات سلبية على النمو الاقتصادي والارباح واصبحت الاسواق اكثر هشاشة امام هذه التدابير من جرّاء الارتفاع الذي حصل بالأسهم في الاشهر السابقة، الأمر الذي حمل التصحيح ليكون اكثر حدة اذا ما اريد تصفية مراكز استثمارية. فإذا تركنا جانباً «قفزة بغداد» في مارس 2003، وجب ان نعود الى فترة الهبوط الى القعر الذي حصل في اكتوبر 2002 لنجد درجة اعلى من التقلبات. وقد استفحل هذا من جرّاء النزاع المتصاعد في الشرق الاوسط، الذي ساعد على رفع اسعار النفط الى مستوى قياسي جديد تجاوز 76 دولاراً للبرميل في يوليو. ان التقلبات، هي على العموم، في حدها الادنى في المراحل الاولى من التوسعات الاقتصادية، حينما يكون النمو اعلى من السياق الصاعد وعندما لا يزال هناك طاقة فائضة. وتنزع التقلبات الى الارتفاع عندما تبدأ الضغوط على الطاقة فتظلّ اعلى في المتوسط الى ان نكون دخلنا حثيثاً في مرحلة الهبوط. وإن كنّا لا نظنّ ان هذه الدورة قد اقتربت من نهايتها نقرّ بأن الضغوط على الطاقة ابتدأت بأن تتحقق ولهذا نتوقع ان تزداد التقلبات بعض الشيء في الأسهم خلال الشهور القادمة.

وبينما تتصاعد بوادر النمو الاقتصادي المتباطئ في غير مكان، تستمر منطقة اليورو في إظهار الليونة. فرغم الارتفاع بأسعار النفط وتطبيع سياسة البنك المركزي النقدية بقيت المعطيات الأوروبية قوية. وانه للمرة الاولى منذ 2001، شاهد الربع الاول من السنة نمواً في مجمل الناتج الداخلي في الاقليم يزيد عن المملكة المتحدة. فضلاً عن ذلك، كان الاداء على نطاق أوسع مما تحقق في كثير من الاحيان، إذ ان النمو، بين سنة واخرى، في ألمانيا وفرنسا وايطاليا بلغ 1،5% وكان اكثر زخماً في البلد الاخير. في خلال ذلك، شاهدت فرنسا ارتفاعاً في الانفاق الاستهلاكي يمكن ان يعود بعضه الى آثار كأس العالم ولكنه يدل ايضاً على نسبٍ متدنية في الادّخار. ان الاشارات الاولى لتباطؤ في المؤشرات الرائدة (كمؤشر Ifo للتوقعات) فشلت في تأكيد اتجاهها النزولي. وعلى الهامش، ثمة بوادر فكّ ارتباط أوروبي مع الاقتصاد الاميركي تتصاعد. لكننا نعتبرها كأول مرحلة في إعادة بناء محرك النمو الأوروبي. وعلى الارجح، نظن ان تجاوباً مع التباطؤ الاميركي سينشأ في النصف الثاني من 2006 ان معطيات التضخّم باتت تنحاز الى الارتفاع اذا استخدمنا مقارنات بسيطة، لكن الصورة الشاملة تبقى سليمة حيث نمو دخل العائلة الحقيقي يبقى خافتاً. نتوقع ان يستمر البنك المركزي الأوروبي بمقاربته المتدرجة في رفع معدل الفائدة ونعتبر الحديث عن التسارع في غير محله.

ويظلّ المحللون واثقين بستقبل الارباح الأوروبية، حيث المنطقة تقود الصعود العالمي في الاشهر الثلاثة الماضية وتتوقع التكهنات الآن ان تكون الارباح بمعدل نمو يفوق 10 في المائة في هذه السنة وفي السنة القادمة. لكنها مع ذلك، لا تزال تسير وراء الولايات المتحدة رغم اننا نبقى قلقلين اذا رأينا كيف راحت الارباح، التي امتدّ زمنها اكثر من المعتاد، تسير عكس الاتجاه مناقضة بذلك الاداء التاريخي للدورة الاقتصادية العالمية. ان نسب الارباح المدفوعة الى المساهمين هي الادنى في 25 عاماً، مع التشديد على إعادة شراء الاسهم والدمج والتملك كمصادر لعائدات المساهمين.

في الأشهر القادمة ومن المنظور العالمي يتوقف كثير من الامور على مظاهر التضخم وكيف يدير مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) التوازن الدقيق بين المحافظة على النمو الاقتصادي وإبقاء التضخم تحت السيطرة. والى ان يرى المستثمرون وضوحاً اكثر لجهة التضخم والسياسة النقدية، نظن انه من المستبعد، حصول ارتفاع متجدد للأسهم. ويرجّح ان يستمر شدّ الحبل هذا طيلة الشهرين القادمين. ومن المرتقب ان يواكبه تقلبات عالية نسبياً تتراوح بين 14% و18% في السنوات القليلة القادمة. وتقوم هذه النظرة على فرضية ان النمو الاقتصادي يبقى حول السياق الطبيعي وان مقاييس التضخم (كبدائل عن التقلبات الاقتصادية) لا يعلو عليها شيء.

وعلى العموم ان آراءنا الاقتصادية وملاحظاتنا عن السوق تدعم الاستمرار في موقف يتوافق مع الدورة. ونعتقد ان الأسهم تعاني تصحيحاً نموذجياً، الى حدّ ما، ضمن سوق في دورة صاعدة مستديمة. وان الشرطين اللازمين لحصول سوق نزولية كالتقييمات العالية وتوقع هبوط بالارباح، ليسا في المكان الصحيح. وليس هناك ضغط على التقييمات الأوروبية وعلى الأخص بعد الهبوط الاخير.

كما ان لدى الشركات ميزانيات متعافية وتبدي رغبة في تسريع إعادة شراء اسهمها رغم الاسعار المتدنية. وبينما قد تصارع الاسهم بعض الشيء حتى الخريف، فإنها ستتفوق بالاداء على اساس مدة اثني عشر شهراً. فالطاقة والمواد الاولية تبقى قطاعاتنا المفضلة. لكن كل شيء يمكن ان يتوقف على اي مدى يرفع البنك المركـــــــزي معدلات الفــــــائدة. فإذا ارتفعت المعدلات فوق المتوقع وصعد اليورو، وان لم نذكر الرياح المعاندة الناجمة عن اسعار الطاقة العالية والتوترات الجيوسياسية المتزايدة، قد تجد الاسهم الأوروبية طريقها نحو الصعود محفوفة بالصعوبات.