المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أتى إليكم معروفا فكافئوه



امـ حمد
26-12-2013, 04:54 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أتى إليكم معروفا فكافئوه
فإن الناس في هذه الحياة الدنيا لا غنى لهم عن بعضهم البعض، والعبد الذي يسعى في قضاء حوائج إخوانه ودفع الأذى عنهم هو من خير الناس وأحبهم إلى الله تعالى،
وإذا كان الشرع المطهر قد حث الناس على خدمة بعضهم البعض ورتب على ذلك مزيد الأجر،فإنه أيضا قد حث المسلم ان يشكر لمن أدى إليه معروفا وأن يكافئه إن استطاع وإلا فليدع له،
قال أبو حاتم بن حِبَّانَ رحمه الله تعالى،الواجب على المرء أن يشكر النعمة، ويحمد المعروف على حسب وسعه وطاقته،إن قدر فبالضعف وإلا فبالمثل،مع بذل الجزاء له بالشكر وقوله،جزاك الله خيراً،

إنه لمن القبيح أن ينتظر المحسن من الناس جزاء أو شكوراً، وأقبح منه اللئيم الكنود الذي لا يستشعر فضل المحسن إليه ولا يقابله بالحسنى،وأشد قبحاً مَن قابل الإحسان بالإساءة والإكرام بالجحود،
إن مكافأة المحسن خلق فطري ينشأ من خلق الوفاء،إذ أن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها،والمؤمن المستقيم لا يكون شاكراً لله حتى يكون معترفًا بالفضل لأهل الفضل،وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم(لا يشكر الله من لا يشكر الناس)صحيح من سنن أبي داود،
وفي رواية المسند(إن أشكر الناس لله عز وجل أشكرهم للناس)
وبهذا نرى أن أخلاق المؤمن لا تكتمل بحسن علاقته بربه تعالى فحسب،وإنما لابد أن يكون على نفس المستوى من الأخلاق في التعامل مع الناس،
وليس المؤمن بالجشع الذي لا يهزه إلا فيض الإكرام والإنعام،بل إن نفحة من الإحسان كافية لأن تثير فيه دواعي الشكر والمكافأة، وقد وضح رسول الله صلى الله عليه وسلم،هذا المعنى بقوله(من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير)رواه أحمد،
من صور المكافأة والشكر
والشكر اللساني أقل ما يقدمه المرء مكافأة لمن أحسن إليه ووفاء لمن وقف بجانبه،لكيلا يتعلم أبناء الأمة الكفران والجحود، ويتخلقوا بنكران الجميل ونسيان المعروف،وحتى لا تموت المروءة في الناس،ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم(ومن أتى إليكم معروفا فكافؤوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه)رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني،
(ومن صور المكافأة،المقابلة بالمثل،أو الدعاء لصاحب المعروف ،أو الثناء على فعله،ومن لم يجد فليثن،فإن من أثنى فقد شكر ومن كتم فقد كفر)أبو داود والترمذي وصححه الألباني،
ومقابلة إحسان الناس ببرود ولا مبالاة يقتل فيهم المبادرة للإحسان ، ويضعف عندهم التفكير في الآخرين ، ويقتل المروءة والنجدة والنخوة،ويفشي السلبية والأثرة،لأن من طبيعة الإنسان أن تقوى اندفاعته بالشكر،وإن كان الأصل فيه ألا يبتغي شكراً ولا جزاء،
وحين ظن المهاجرون أن الأنصار قد ذهبوا بالأجر كله لما جادت به نفوسهم من الإنفاق على المهاجرين بيَّن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بابا من الخير يقربهم من أجر الأنصار،فعن أنس رضي الله عنه،أن المهاجرين قالوا،يا رسول الله ذهبت الأنصار بالأجر كله،قال(لا،ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم)صحيح سنن أبي داود،فعلمهم أن يكافئوا إحسان المحسن بالدعاء له،أو بالثناء عليه،وليس أمام الفقير من وسيلة لمكافأة المحسن غير هاتين،
وقد كان من خلق الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه يقبل الهدية ويثيب عليها ، وذلك ضمن الاستطاعة، فإذا غدا التهادي نوعاً من التكلف والتقاليد الاجتماعية المرهقة،أو أصبح المهدي يمن أو يعتب على من لا يقدر على مكافأته،فقد خرجت هذه الأخلاق عن حد الحسن ، ودخلت في حيز المادية وعدم الإعذار وعدم خلوص العمل بانتظار الجزاء عليه،وهذا من ومفاسد التعاملات الاجتماعية حين تفقد الروح الشرعيةوإخلاص القصد(وحين اقترض رسول الله،من عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي،رد إليه القرض بعد الغزوة وقال له،بارك الله لك في أهلك ومالك،إنما جزاء السلف الوفاء والحمد)رواه أحمد والنسائي وغيرهما، وكلمة شكر وعبارة حمد لا يخسر قائلها شيئاً ولا تكلفه جهداً، ولكنها تعود عليه بكسب ود المحسن،وائتلاف قلبه،وتحريضه على مزيد من الخير،
وللمحسنين الذين يلقون الإساءة بدل الإحسان عزاء في أن الله ناصر لهم كما جاء في قصة الصحابي الذي شكا لرسول الله صلى الله عليه وسلم(إن لي ذوي أرحام أصل ويقطعون،وأعفو ويظلمون،واحسن ويسيئون،أفكافئهم،أي بمثل إساءتهم،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم،لا،إذا تتركون جميعاً،ولكن خذ بالفضل وصلهم،فإنه لن يزال معك من الله ظهير ما كنت على ذلك)رواه احمد،
بل كان الصالحون والعلماء يرون أنه ينبغي على العبد أن يشكر ويعترف بالفضل لمن سعى في قضاء حاجة أخيه،وإن لم يتيسر له إنجازها، يكفيه أنه سعى واهتم،
فالحر لا يكفر النعمة، ولا يتسخط المصيبة، بل عند النعم يشكر، وعند المصائب يصبر،ومن لم يكن لقليل المعروف عنده وقعٌ أوشك أن لا يشكر الكثير منه، والنعم لا تُستجلب زيادتها ولا تُدفع الآفات عنها إلا بالشكر،
ويكون أصحاب النفوس السامية،والهمم العالية،يُحيون المعروف بين الناس، فلا يدعون محسناً إلا ويكافئونه ويعترفون بفضله،فلا يمكن أن يكون المؤمن جحوداً ولا كفوراً،للعشير،
ولكي تبقى دافعة الإحسان قائمة بين الناس فإن البشر يؤثر فيهم المكافأة على إحسانهم.

رهج السنابك
26-12-2013, 04:24 PM
جزاك الله خير