المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السوق القطري ينام مع الغروب ويصحو عند الشروق



مغروور قطر
11-08-2006, 05:56 AM
السوق القطري يخسر 1.2 مليار دولار سنويا نتيجة اضطرار متاجره للإغلاق باكرا

السوق القطري ينام مع الغروب ويصحو عند الشروق


11/08/2006 الدوحة - القبس:
لم يألف بعد السوق القطري الصغير نسبيا حياة السهر والليل التي بدأت تتسلل خيوطها تدريجيا الى غير نشاط تجاري.فهذه الجلبة التي تغزو السوق في الصباح الباكر ما تلبث أن تتلاشى بعيد ساعات الغروب بقليل، فيتحول الضجيج الى سكون عميق، وتصبح الساحات المكتظة فارغة إلا من بعض القطط التي تجوب المكان بحثا عن مخلفات أو بقايا طعام تملأ به بطونها الخاوية.
إنه السوق الذي ينام بالفعل مع الغروب ويصحو مع الشروق، يقول أحمد حسن الخلف أكبر تاجر للمواد الغذائية في قطر وأحد المهتمين بإطالة ليل الدوحة.
والخلف واحد من مجموعة من التجار القطريين الذين بدأوا يتساءلون في الآونة الأخيرة عن كيفية إطالة ليل الدوحة.
يؤكد الخلف الذي يصنف في فئة كبار رجال الأعمال القطريين 'سوق قطر يتكبد خسائر سنوية تزيد على 1.2 مليار دولار من جراء الإغلاقات المبكرة للمحال والمتاجر التي تتراوح أوقاتها ما بين الساعة التاسعة والتاسعة والنصف مساء بالتوقيت المحلي '.
ويوضح الخلف بينما كان منهكما في أعماله التي يديرها من مكتب يقع في سوق الهلال الذي يعد واحدا من أقدم الأسواق في العاصمة القطرية ان'هذه الخسائر ممكن أن تتحول الى أرباح فيما لو قرر أصحاب المتاجر زيادة ساعات العمل ومجاراة نظرائهم في دول المنطقة مثل دبي'.
الحياة الاقتصادية
ماذا سيخسرون؟ يتساءل الخلف قائلا: لا شيء، لأن رأس المال ثابت والتكاليف موجودة تحصيل حاصل، فقط هناك عبء إضافي سيقع على رواتب العاملين وهو ما سيتم تعويضه ببساطة من الإيرادات الإضافية التي ستتأتى من المبيعات 0ويصل حجم النشاط الإقتصادي في السوق القطري حسب أرقام رسمية صادرة عن مصرف قطر المركزي الى 103.5 مليارات ريال (28.4 مليار دولار)، في حين تبلغ مبيعات المحال والمتاجر فقط أكثر من 1.65 مليار دولار سنويا، بمعدل مبيعات شهري يقارب ال 137 مليون دولار في المتوسط.
وتطورت الحياة الإقتصادية والتجارية بشكل كبير في قطر، حيث لم يكن حجم نشاط السوق القطري يزيد قبل خمسة أعوام على 64.6 مليار ريال ( 17.7 مليار دولار ) 0وإذا ما أضيف عامل الزيادة المطردة في أعداد السكان في قطر، تصبح المساعي الرامية الى إطالة ليل الدوحة ذي جدوى أكثر، يوضح صالح الشملان وهو تاجر ومستثمر قطري معروف بحماسته الشديدة لإحداث تغييرات جذرية في السوق المحلي تطيل أمد العمل اليومي للأسواق والمتاجر.
يقول الشملان 'عدد سكان قطر ارتفع في غضون بضع سنوات من 500 الف نسمة الى أكثر من 750 الفا في الوقت الراهن، ألا يعتبر ذلك جديرا بإطالة ليل الدوحة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المتسوقين والمستهلكين'؟
إيرادات المتاجر
ويناهز عدد الأنشطة التجارية التي تمارس حاليا في السوق المحلي القطري 31 الف نشاط، بحسب إحصاءات رسمية صادرة عن وزارة الإقتصاد والتجارة، بينما تتركز هذه الأنشطة في مجالات مثل المقاولات والإنشاءات وتجارة العقارات وورش العمل على اختلافها، وتجارة المواد الغذائية والمطاعم والكافتيريا والمقاهي والأدوات المنزلية والكهربائية.
ويستقبل قسم السجل التجاري التابع لوزارة الإقتصاد والتجارة نحو 300 طلب يوميا لاستحداث أنشطة تجارية جديدة في السوق المحلي، في حين لم يكن هذا العدد ليتجاوز 150 طلبا في السابق.
وبالنسبة الى ناصر سليمان حيدر وهو رجل أعمال وعضو مجلس شورى في قطر، فإن إطالة ليل الدوحة يتطلب تكاتف 'جهود جماعية'، معربا عن اعتقاده ان إيرادات المتاجر والمحال من نجاح هذه الجهود ستزيد على 100 مليون دولار في الشهر، لأن الزبون - والكلام لحيدر - عندما يعتاد على سهر الأسواق، فإنه سيؤجل أي مشروع تسوق الى فترة الليل، وبالتالي، ذروة العمل بالنسبة الى تلك الأسواق ستكون في ساعات الليل وليس النهار، هروبا من هذه الأيام القائظة ذات الطقس الملتهب التي تميز أجواء الخليج في فترة الصيف 0وأيد رجل الأعمال عبد الرحمن المفتاح ما ذهب اليه ناصر حيدر بقوله: المستهلكون في الخليج يفضلون التسوق في ساعات متأخرة من اليوم، لأن معظمهم يكون مستغرقا في عمل طويل خلال ساعات النهار وليس لديه الاستعداد الكافي للخروج والتسوق بعد انتهاء العمل حيث يكون مرهقا.
مفهوم التسوق
وبحسب المفتاح، فإن إطالة ليل الدوحة ساعتين أو ثلاث ساعات من شأنه أن ينعش الحياة الاقتصادية في السوق المحلي بنسبة لن تقل بأي حال من الأحوال عن 50 في المائة من النشاط الحالي، لأن هذه الفترة الإضافية كما يقول المفتاح ستكون ذروة اليوم المسائية، والفترة المفضلة لشريحة كبيرة جدا من المتسوقين.
وأكثر من ذلك، يضيف أحمد حسن الخلف أن مفهوم التسوق تغير الآن، أصبح في نظر الكثيرين فرصة للمتعة والتنزه، لم يعد الأمر كما كان في السابق 'يذهب المستهلك الى البقالة أو السوق الصغير خلف منزله ويحصل على غرضه ويعود مسرعا'، لذلك، سيضيف تمديد ساعات العمل في السوق القطري مزيدا من الخيارات للمستهلكين.
ولن تقتصر مزايا إطالة ليل الدوحة على المنافع التي سيجنيها التجار والمستهلكون على السواء، بل ستطاول إيجابياتها فيما تطاول جوانب أخرى لا تقل أهمية عن زيادة إيرادات السوق. مازن الشكرجي خبير اقتصادي معروف في قطر يرى أن أي تغييرات جذرية باتجاه دفع المتاجر لكي تفتح أبوابها لساعات أطول، من شأنه أن ينعكس بالإيجاب على تخفيف حدة الازدحام والاختناقات المرورية التي أصبحت سمة أساسية للصورة العامة للدوحة.
أرباب العمل
يوضح الشكرجي ذلك بقوله: إذا أدرك المستهلك أن أسواق قطر أصبحت تتأخر في العمل حتى ساعة متأخرة من الليل، فإنه سيوزع وقته بشكل أفضل، ولن يقوم بشراء جميع احتياجاته في وقت واحد، وبالتالي ستتراجع حدة الأزمة المرورية التي يدفع ثمنها المستهلك نفسه.
ولكن الشكرجي يرفض أن تتم إطالة ليل الدوحة بقرار رسمي أو بتوجيه من جهات معينة، موضحا 'هذا التفكير إندثر من زمان'.
ينادي الشكرجي بضرورة 'أن يقوم السوق القطري بتصحيح نفسه من تلقاء نفسه دون أي تدخل'، المسألة برمتها يجب أن تترك الى صاحب الشأن، وصاحب الشأن كما يقول الشكرجي هو التاجر وحده.
إلا أن أيا من أرباب العمل وأصحاب المتاجر المنتشرة في أسواق الدوحة لا يأخذ بزمام المبادرة، فالمسؤولية بالنسبة الى محمد الخالدي وهو بائع مفروشات، لا تقع على التاجر فقط، يقول إنه لا بد من أن تتولى البلدية أو السلطات السياحية تنظيم برامج وأنشطة ترفيهية تطيل ليل الدوحة.
ويضيف الخالدي بينما كان يقوم بإعادة توضيب بعض الأغراض داخل متجره: كنا نأمل من المراكز التجارية الحديثة في قطر مثلما أحدثت ثورة في مفاهيم التسوق أن تحدث ثورة أخرى في نمط عمل المتاجر وأوقاتها.
المراكز التجارية
وفضلا عن احتضان الدوحة لمجموعة مراكز تجارية حديثة تم تشييدها على مدى السنوات الست السابقة أبرزها سيتي سنتر الذي يحتل المرتبة السابعة على مستوى المراكز التجارية في العالم من حيث الحجم، تنتظر سماء الدوحة معانقة 800 برج جديد سيتم تشييدها في غضون السنوات القليلة المقبلة بحسب ما أفاد المهندس أحمد سلطان الكواري مساعد المدير العام للشؤون الفنية في هيئة الأشغال العامة القطرية.
هذه الأبراج التي يقدر خبراء اقتصاديون وسماسرة عقار تكاليفها الإجمالية بنحو 33 مليار دولار ستبنى في منطقتي الدفنة والخليج الغربي اللتين تعتبران من أرقى أحياء قطر.
ولا أحد يعلم في الواقع كيف سيكون عليه حال السوق القطري عندما يتم اكتمال بناء هذه الأبراج، لكن حتى الأبراج القائمة حاليا لم تسع أو ربما لم تفكر في محاولة إطالة ليل الدوحة أسوة بالكثير من المراكز التجارية في المنطقة والتي يعد ديرة سيتي سنتر في دبي من أشهرها وأهمها، حيث تفتح متاجره أبوابها حتى ما بعد منتصف الليل.