Alemadi
17-05-2005, 04:07 PM
السلام عليكم
أود ان تستفيدوا من هذه الخطبه بما فيهما من الفائده الكبيره للمتداولين بسوق الأسهم وللعازمين على التداول
وأرجوا ان تقرؤوها خارج أوقات الدوام وذلك بإعادة ارسالها لبريدكم الخاص وقراءتها بتمعن في البيت
وأرجوا الاستفاده
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم
يوسف الأحمد
أنواع الشركات المساهمة ، وحكم التعامل بأسهمها ..خطبة الجمعة 5/4 /1426
أما بعد أيها المسلمون : في الفترة الأخيرة طفحت على سطح المجتمع ظاهرة تداول أسهم الشركات ، هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة ، سببت مشاكل متعددة سواء على المستوى الاقتصادي للإفراد أو المستوى الاجتماعي للأسر أو المستوى التربوي والديني والنفسي للمشاركين في سوق الأسهم .
وبدأنا نسمع بقصص عجيبة وغريبة أصبحت ، مثار سخرية وتندر بين الناس ، فمن ذلك على سبيل المثال جلوس بعض كبار السن أمام شاشات تداول الأسهم ، وهم شاردون عن العالم ، فبدل أن يتفرغوا للعبادة في آخر حياتهم ، نراهم مركزون على الشاشات التي أمامهم ، يتابعون بكل دقة حركة الأرقام ، سحابة السجائر فوق الرؤوس في بعض البنوك ، يؤذن المؤذن لصلاة الظهر والمغرب والعشاء وتقام الصلاة ، والقلوب معلقة بأرقام الشاشات ، والقليل من يتحرك من مكانه لأداء صلاة الله اعلم بحالها ..
بعض الموظفين تركوا أعمالهم الرسمية ، التي يأخذون عليها اجر ماديا ، وانشغلوا بمتابعة الأسهم والصناديق الاستثمارية ، بل إن من الطرائف التي تقال أن الموظفين في بعض الدوائر ارتاحوا من متابعة رؤسائهم لانشغال الرؤساء بمتابعة الأسهم . ومن القصص أن بعضهم سقط مغشيا عليه لما خسر في سوق الأسهم ، وبعضهم أصيب بجلطات دماغية ، وربما أصيب بعضهم بسكتة قلبية، وبعضهم باع منزله أو اقترض أسهما أو سيارات ، وبعضهم اقترض قروضا ربوية والعياذ بالله للمشاركة في سوق الأسهم .. قصص غريبة وعجيبة أفرزتها لنا سوق الأسهم .. أناس أعماهم الطمع عن النظر في مصالحهم الحقيقة ، نسال الله تعالى السلامة للجميع .
إخواني في الله وأمام هذه الظاهرة الخطيرة ، وحرصا على مصلحة الجميع ، فان الخطبة في هذا اليوم ستدور حول حكم تداول الأسهم بوضعها الحالي ، بعد معرفتنا عن أنواع الشركات المساهمة ، مع بعض الوصايا للمشاركين في سوق الأسهم العالمية والمحلية .
عباد الله : إن الشركات المساهمة في الأسواق العالمية والمحلية تنقسم من حيث إباحتها وحرمتها إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : وهي الشركات التي تقع كل عملياتها في دائرة الحلال ، ويطلق عليها اسم (الشركات النقية ) ؛ وتتميز هذه الشركات بأن رأسَ مالها حلال، و جميعَ أنشطتها التجارية مباحة، وينص نظامُها وعقدُها التأسيسي ، على أنها تتعامل في حدود الحلال ، ولا تتعامل بالربا إقراضـاً أو اقتراضاً، ولا تتضمن امتيازاً خاصاً أو ضماناً ماليـاً لبعض دون بعض. فهذا النوع من أسهم الشركات ـ مهما كانت تجارية أو صناعية أو زراعية ـ لا خلاف في جواز إنشائها والاكتتاب بها وبيع أسهمها وشرائها. وفي هذه الخطبة لن يذكر أسماء تلك الشركات ، حتى لا يكون دعاية لها ، ثم إنها في أي لحظة يمكن تغير من سياستها المالية فنتقل الى مجموعة الشركات المحرمة أو المشبوهة .. ولكن الحريص يسال ،وسيجد من يجيبه عليها .
القسم الثاني من الشركات المساهمة : ما كان عملها محرما بالكامل أو في الأغلب ، وهذه مثل البنوك الربوية ، و الشركات التي تتاجر بالخمور أو المخدرات أو القمار. و المصارف الربوية بشتى أنواعها؛ وشركات التأمين التجاري. وشركات الإعلام الهابط، أو الإعلام المحارب للعقائد والمبادئ الإسلامية ، وغيرها مما يكون نشاطها أو كله في الأمور المحرمة شرعا. أيها الإخوة : وهذه الشركات لا خلاف في حرمة المساهمة فيها تأسيسا أو بيعا أو شراء. كما لا يجوز العمل فيها موظفا أو عضو مجلس إدارة أو نحو ذلك ً، وذلك لما فيها من الإعانة على الإثم والعدوان ، ومعصية الواحد الديان .
إخواني الكرام القسم الثالث من الشركات المساهمة : فهي ما يكون أصل نشاطها مباحاً، ولكنها تتعامل ببعض الأنشطة المحرمة . فتلك الشركات لا يغلب على استثماراتها أنها في أمور محرمة، وإنما تنتج سلعاً وخدمات مشروعة ، مثل إنتاج وبيع الحديد ، أو إنتاج وبيع الأسمدة ، أو إنتاج وبيع بعض الأغذية أو الملابس ونحو ذلك ، فاصل إنشاءها من اجل إنتاج سلع مسموح بها شرعا ، ولكن وجودها في بيئة رأسمالية ، أو وجود بعض أعضاء مجلس الإدارة الذين هم من كبار المرابين أصلا ، قد يؤدي إلى أن تمول عملياتها عن طريق الاقتراض الربوي من البنوك الربوية ، أو توظف سيولتها الفائضة توظيفاً ربوياً قصير الأجل ، وتأخذ على نسبة معينة من الربا ، وتدخله في أموال المساهمين. وهذه هي المشكلة الحقيقية .
وهذه الشركات إخواني الأعزاء انقسم طلاب العلم المعاصرين تجاهها إلى قسمين القسم الأول يقول بجواز المساهمة في هذه الشركات ، وتداول أسهمها ، وحجتهم في هذا القول ، أن هذه الأسهم تلبي حاجة عامة للأمة أفرادا ودولا ، فتنزل منزلة الضرورة الخاصة ، واشترطوا ألا تزيد نسبة الإيراد الناتج عن محرم عن 5 % ، وبعضهم أوصلها إلى 30% واتفق المجيزون على أنه يجب على المساهم في هذه الحال ، أن يتحرى مقدار ما دخل على عائدات أسهمه من الإيرادات المحرمة، من واقع القوائم المالية للشركة، فيتخلص من تلك النسبة بتوزيعها على أوجه البر، دون أن ينتفع بها أي منفعة، ولا أن يحتسبها من زكاته، ولا يعتبرها صدقة من حُرّ ماله، ولا أن يدفع بها ضريبة حكومية، ولو كانت من الضرائب الظالمة؛ لأن كل ذلك انتفاع بذلك العنصر الحرام من عائدات أسهمه .
القسم الثاني : يقولون بتحريم المساهمة وتداول أسهم تلك الشركات ، ويخالفون أصحاب القول الأول ، وحجتهم في ذلك ما يلي انه لا فرق بين قليل الربا أو كثيره ، لأنه يدخل ضمن النهي عن أكل الربا الوارد في قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ..} فالإذن بالحرب من الله ورسوله على معصية الربا ، دليل على خطرها وعظم شأنها ، ولم يفصل بين القليل والكثير ، وتحديد نسبة معينة ليس عليه دليل ، ثم إن المجيزين له اختلفوا في تحديد النسبة المحرمة . ويردون على قول المجيزين ( بان على المساهم أن يقدر نسبة الحرام ويخرجه ،) إن هذا الكلام غير صحيح ، لأن قليلا من الناس من ينتبه لهذا الأمر ، ومن انتبه له قد لا يحرص على إخراجه ، ومن أخرجه فانه لا يستطيع اخرج النسبة المحرمة على بالدقة ، لان هذا يصعب معرفته . وإذا كان قصدهم أن إخراج نسبة الحرام من باب التوبة وتطهير المال من الحرام ، قياسا على من يتوب من الربا ، فهذا ليس صحيحا ، لأن من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب ، والعزم على عدم العودة ، و الندم على ما فات ، والذي دأبه أخذ الحرام ثم إخراجه ، هذا لا يعد نادماً ولا عازماً على الإقلاع . أما قول المجيزين بان المساهمة في تلك الشركات المختلطة من باب حاجة الأمة لها ، فلا يسلم لقائله على إطلاقه ، لأن هذه الشركات المساهمة ليست هي الطريق الوحيد للكسب ، بل توجد طرق أخرى كثيرة ولله الحمد ، فهناك شركات مباحة أخرى ، ونحن في بلد مسلم ، ويمكن أن تقوم شركاتنا على أساس التعامل المباح . وكذلك فإن دعوى الحاجة يجب ألا تصادم النص الشرعي ، والنصوص الموجودة بين أيدينا تدل على تحريم الربا قليله و كثيره . ثم إن تلبية الحاجة يستلزم منه أن ترتفع الحاجة عن المساهمين والأمة ، والدخول في هذه الشركات قد لا يرفع الحاجة ، فقد تخسر الشركة وتزداد الحاجة ، أو لا تربح فتبقى الحاجة . ودعوى الحاجة قد يفتح الباب على مصراعيه ، فيدخل الناس في التعامل بالسندات وبعض المعاملات المحرمة الأخرى ، بل قد يصبح محل استغلال عند المتفقهين المسايرين للتيارات المعاصرة ، وطريق لإتباع الهوى وإرضاء للنفوس المريضة وانقياد مع نزوات النفوس وشهواتها.
أيها وفي ختام هذه الخطبة وبعد أن سمعتم أنواع الشركات المساهمة وحكم الاشتراك فيها ..فالأسلم لدين المرء ولعرضه ، أن يترك المساهمة في الشركات المحرمة أو الشركات المختلطة ، حتى لا يقع في الربا الذي يغضب الله تعالى ، والذي يؤدي في النهاية إلى فساد المجتمع ..ففي الشركات المباحة غنية عنها . وليستحضر المسلم دائما وابدأ ، تلك النصوص الواردة في تحريم الربا بجميع أشكاله ، لعلها تكون رادعا له من الدخول في متاهات الربا أعاذنا الله منه .. تلك النصوص التي جاءت في الكتاب والسنة والتي منها قوله تعالى ـ: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْـمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث صحيح. ( درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم ، أشد من ستة وثلاثين زنية ) . رواه أحمد والدار قطني. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أيضا ( الربا ثلاثة وسبعون بابا ، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم ) رواه الحاكم ثم إن عاقبة المرابي الخسارة في الدنيا والآخرة ، ففي الآخرة نهايته معروفة والعياذ بالله ، وأما في الدنيا فقد وعد رسوله الله صلى الله عليه وسلم المرابي بالخسارة في أمواله في نهاية المطاف وذلك في قوله ( الربا و إن كثر ، فان عاقبته تصير إلى قل ) . لذلك فليحذر المسلم من الوقوف مع صف المحاربين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، فيخسر خسارة لا يفلح بعدها أبدا ..
أيها الإخوة في الله وبعد أن استعرضنا سويا أنواع الشركات المساهمة وحكم المساهمة فيها ، فان المن المناسب أن نحذر كل الحذر من مما يعرف بـ"الصناديق الاستثمارية الشرعية" بالأسهم المحلية التي تديرها البنوك ، فالواقع أن هذه الصناديق يدخل في استثماراتها شركات من النوع الأول المحرمة والنوع الثاني المختلطة ، وهذه الشركات كما نعلم نسبة الربا نسبة الربا فيها متحققة ، وأحيانا تكون مرتفعة جدا ، فالدخول فيها ، مشاركة للمرابين في تعاملاتهم ، وليس المجال هنا للتفصيل وذكر الأسماء ، وإنما المجال هنا للتذكير والتحذير ، وعدم الاغترار بإطلاق لفظ كلمة الشرعية على بعض المعاملات ..ومن أراد الاستزادة فعليه بالرجوع إلى ما نشر في الصحف والانترنت عن تلك الصناديق والشركات . اسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، كما اسأله عز وجل أن يكفينا بحلاله عن حرامه وان يغنينا بفضله عمن سواه . أقول قولي هذا واستغفر الله لي لكم من كل ذنب ، فاستغفروه جل وعلا انه هو الغفور الرحيم.
أود ان تستفيدوا من هذه الخطبه بما فيهما من الفائده الكبيره للمتداولين بسوق الأسهم وللعازمين على التداول
وأرجوا ان تقرؤوها خارج أوقات الدوام وذلك بإعادة ارسالها لبريدكم الخاص وقراءتها بتمعن في البيت
وأرجوا الاستفاده
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم
يوسف الأحمد
أنواع الشركات المساهمة ، وحكم التعامل بأسهمها ..خطبة الجمعة 5/4 /1426
أما بعد أيها المسلمون : في الفترة الأخيرة طفحت على سطح المجتمع ظاهرة تداول أسهم الشركات ، هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة ، سببت مشاكل متعددة سواء على المستوى الاقتصادي للإفراد أو المستوى الاجتماعي للأسر أو المستوى التربوي والديني والنفسي للمشاركين في سوق الأسهم .
وبدأنا نسمع بقصص عجيبة وغريبة أصبحت ، مثار سخرية وتندر بين الناس ، فمن ذلك على سبيل المثال جلوس بعض كبار السن أمام شاشات تداول الأسهم ، وهم شاردون عن العالم ، فبدل أن يتفرغوا للعبادة في آخر حياتهم ، نراهم مركزون على الشاشات التي أمامهم ، يتابعون بكل دقة حركة الأرقام ، سحابة السجائر فوق الرؤوس في بعض البنوك ، يؤذن المؤذن لصلاة الظهر والمغرب والعشاء وتقام الصلاة ، والقلوب معلقة بأرقام الشاشات ، والقليل من يتحرك من مكانه لأداء صلاة الله اعلم بحالها ..
بعض الموظفين تركوا أعمالهم الرسمية ، التي يأخذون عليها اجر ماديا ، وانشغلوا بمتابعة الأسهم والصناديق الاستثمارية ، بل إن من الطرائف التي تقال أن الموظفين في بعض الدوائر ارتاحوا من متابعة رؤسائهم لانشغال الرؤساء بمتابعة الأسهم . ومن القصص أن بعضهم سقط مغشيا عليه لما خسر في سوق الأسهم ، وبعضهم أصيب بجلطات دماغية ، وربما أصيب بعضهم بسكتة قلبية، وبعضهم باع منزله أو اقترض أسهما أو سيارات ، وبعضهم اقترض قروضا ربوية والعياذ بالله للمشاركة في سوق الأسهم .. قصص غريبة وعجيبة أفرزتها لنا سوق الأسهم .. أناس أعماهم الطمع عن النظر في مصالحهم الحقيقة ، نسال الله تعالى السلامة للجميع .
إخواني في الله وأمام هذه الظاهرة الخطيرة ، وحرصا على مصلحة الجميع ، فان الخطبة في هذا اليوم ستدور حول حكم تداول الأسهم بوضعها الحالي ، بعد معرفتنا عن أنواع الشركات المساهمة ، مع بعض الوصايا للمشاركين في سوق الأسهم العالمية والمحلية .
عباد الله : إن الشركات المساهمة في الأسواق العالمية والمحلية تنقسم من حيث إباحتها وحرمتها إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : وهي الشركات التي تقع كل عملياتها في دائرة الحلال ، ويطلق عليها اسم (الشركات النقية ) ؛ وتتميز هذه الشركات بأن رأسَ مالها حلال، و جميعَ أنشطتها التجارية مباحة، وينص نظامُها وعقدُها التأسيسي ، على أنها تتعامل في حدود الحلال ، ولا تتعامل بالربا إقراضـاً أو اقتراضاً، ولا تتضمن امتيازاً خاصاً أو ضماناً ماليـاً لبعض دون بعض. فهذا النوع من أسهم الشركات ـ مهما كانت تجارية أو صناعية أو زراعية ـ لا خلاف في جواز إنشائها والاكتتاب بها وبيع أسهمها وشرائها. وفي هذه الخطبة لن يذكر أسماء تلك الشركات ، حتى لا يكون دعاية لها ، ثم إنها في أي لحظة يمكن تغير من سياستها المالية فنتقل الى مجموعة الشركات المحرمة أو المشبوهة .. ولكن الحريص يسال ،وسيجد من يجيبه عليها .
القسم الثاني من الشركات المساهمة : ما كان عملها محرما بالكامل أو في الأغلب ، وهذه مثل البنوك الربوية ، و الشركات التي تتاجر بالخمور أو المخدرات أو القمار. و المصارف الربوية بشتى أنواعها؛ وشركات التأمين التجاري. وشركات الإعلام الهابط، أو الإعلام المحارب للعقائد والمبادئ الإسلامية ، وغيرها مما يكون نشاطها أو كله في الأمور المحرمة شرعا. أيها الإخوة : وهذه الشركات لا خلاف في حرمة المساهمة فيها تأسيسا أو بيعا أو شراء. كما لا يجوز العمل فيها موظفا أو عضو مجلس إدارة أو نحو ذلك ً، وذلك لما فيها من الإعانة على الإثم والعدوان ، ومعصية الواحد الديان .
إخواني الكرام القسم الثالث من الشركات المساهمة : فهي ما يكون أصل نشاطها مباحاً، ولكنها تتعامل ببعض الأنشطة المحرمة . فتلك الشركات لا يغلب على استثماراتها أنها في أمور محرمة، وإنما تنتج سلعاً وخدمات مشروعة ، مثل إنتاج وبيع الحديد ، أو إنتاج وبيع الأسمدة ، أو إنتاج وبيع بعض الأغذية أو الملابس ونحو ذلك ، فاصل إنشاءها من اجل إنتاج سلع مسموح بها شرعا ، ولكن وجودها في بيئة رأسمالية ، أو وجود بعض أعضاء مجلس الإدارة الذين هم من كبار المرابين أصلا ، قد يؤدي إلى أن تمول عملياتها عن طريق الاقتراض الربوي من البنوك الربوية ، أو توظف سيولتها الفائضة توظيفاً ربوياً قصير الأجل ، وتأخذ على نسبة معينة من الربا ، وتدخله في أموال المساهمين. وهذه هي المشكلة الحقيقية .
وهذه الشركات إخواني الأعزاء انقسم طلاب العلم المعاصرين تجاهها إلى قسمين القسم الأول يقول بجواز المساهمة في هذه الشركات ، وتداول أسهمها ، وحجتهم في هذا القول ، أن هذه الأسهم تلبي حاجة عامة للأمة أفرادا ودولا ، فتنزل منزلة الضرورة الخاصة ، واشترطوا ألا تزيد نسبة الإيراد الناتج عن محرم عن 5 % ، وبعضهم أوصلها إلى 30% واتفق المجيزون على أنه يجب على المساهم في هذه الحال ، أن يتحرى مقدار ما دخل على عائدات أسهمه من الإيرادات المحرمة، من واقع القوائم المالية للشركة، فيتخلص من تلك النسبة بتوزيعها على أوجه البر، دون أن ينتفع بها أي منفعة، ولا أن يحتسبها من زكاته، ولا يعتبرها صدقة من حُرّ ماله، ولا أن يدفع بها ضريبة حكومية، ولو كانت من الضرائب الظالمة؛ لأن كل ذلك انتفاع بذلك العنصر الحرام من عائدات أسهمه .
القسم الثاني : يقولون بتحريم المساهمة وتداول أسهم تلك الشركات ، ويخالفون أصحاب القول الأول ، وحجتهم في ذلك ما يلي انه لا فرق بين قليل الربا أو كثيره ، لأنه يدخل ضمن النهي عن أكل الربا الوارد في قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ..} فالإذن بالحرب من الله ورسوله على معصية الربا ، دليل على خطرها وعظم شأنها ، ولم يفصل بين القليل والكثير ، وتحديد نسبة معينة ليس عليه دليل ، ثم إن المجيزين له اختلفوا في تحديد النسبة المحرمة . ويردون على قول المجيزين ( بان على المساهم أن يقدر نسبة الحرام ويخرجه ،) إن هذا الكلام غير صحيح ، لأن قليلا من الناس من ينتبه لهذا الأمر ، ومن انتبه له قد لا يحرص على إخراجه ، ومن أخرجه فانه لا يستطيع اخرج النسبة المحرمة على بالدقة ، لان هذا يصعب معرفته . وإذا كان قصدهم أن إخراج نسبة الحرام من باب التوبة وتطهير المال من الحرام ، قياسا على من يتوب من الربا ، فهذا ليس صحيحا ، لأن من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب ، والعزم على عدم العودة ، و الندم على ما فات ، والذي دأبه أخذ الحرام ثم إخراجه ، هذا لا يعد نادماً ولا عازماً على الإقلاع . أما قول المجيزين بان المساهمة في تلك الشركات المختلطة من باب حاجة الأمة لها ، فلا يسلم لقائله على إطلاقه ، لأن هذه الشركات المساهمة ليست هي الطريق الوحيد للكسب ، بل توجد طرق أخرى كثيرة ولله الحمد ، فهناك شركات مباحة أخرى ، ونحن في بلد مسلم ، ويمكن أن تقوم شركاتنا على أساس التعامل المباح . وكذلك فإن دعوى الحاجة يجب ألا تصادم النص الشرعي ، والنصوص الموجودة بين أيدينا تدل على تحريم الربا قليله و كثيره . ثم إن تلبية الحاجة يستلزم منه أن ترتفع الحاجة عن المساهمين والأمة ، والدخول في هذه الشركات قد لا يرفع الحاجة ، فقد تخسر الشركة وتزداد الحاجة ، أو لا تربح فتبقى الحاجة . ودعوى الحاجة قد يفتح الباب على مصراعيه ، فيدخل الناس في التعامل بالسندات وبعض المعاملات المحرمة الأخرى ، بل قد يصبح محل استغلال عند المتفقهين المسايرين للتيارات المعاصرة ، وطريق لإتباع الهوى وإرضاء للنفوس المريضة وانقياد مع نزوات النفوس وشهواتها.
أيها وفي ختام هذه الخطبة وبعد أن سمعتم أنواع الشركات المساهمة وحكم الاشتراك فيها ..فالأسلم لدين المرء ولعرضه ، أن يترك المساهمة في الشركات المحرمة أو الشركات المختلطة ، حتى لا يقع في الربا الذي يغضب الله تعالى ، والذي يؤدي في النهاية إلى فساد المجتمع ..ففي الشركات المباحة غنية عنها . وليستحضر المسلم دائما وابدأ ، تلك النصوص الواردة في تحريم الربا بجميع أشكاله ، لعلها تكون رادعا له من الدخول في متاهات الربا أعاذنا الله منه .. تلك النصوص التي جاءت في الكتاب والسنة والتي منها قوله تعالى ـ: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْـمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث صحيح. ( درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم ، أشد من ستة وثلاثين زنية ) . رواه أحمد والدار قطني. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أيضا ( الربا ثلاثة وسبعون بابا ، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم ) رواه الحاكم ثم إن عاقبة المرابي الخسارة في الدنيا والآخرة ، ففي الآخرة نهايته معروفة والعياذ بالله ، وأما في الدنيا فقد وعد رسوله الله صلى الله عليه وسلم المرابي بالخسارة في أمواله في نهاية المطاف وذلك في قوله ( الربا و إن كثر ، فان عاقبته تصير إلى قل ) . لذلك فليحذر المسلم من الوقوف مع صف المحاربين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، فيخسر خسارة لا يفلح بعدها أبدا ..
أيها الإخوة في الله وبعد أن استعرضنا سويا أنواع الشركات المساهمة وحكم المساهمة فيها ، فان المن المناسب أن نحذر كل الحذر من مما يعرف بـ"الصناديق الاستثمارية الشرعية" بالأسهم المحلية التي تديرها البنوك ، فالواقع أن هذه الصناديق يدخل في استثماراتها شركات من النوع الأول المحرمة والنوع الثاني المختلطة ، وهذه الشركات كما نعلم نسبة الربا نسبة الربا فيها متحققة ، وأحيانا تكون مرتفعة جدا ، فالدخول فيها ، مشاركة للمرابين في تعاملاتهم ، وليس المجال هنا للتفصيل وذكر الأسماء ، وإنما المجال هنا للتذكير والتحذير ، وعدم الاغترار بإطلاق لفظ كلمة الشرعية على بعض المعاملات ..ومن أراد الاستزادة فعليه بالرجوع إلى ما نشر في الصحف والانترنت عن تلك الصناديق والشركات . اسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، كما اسأله عز وجل أن يكفينا بحلاله عن حرامه وان يغنينا بفضله عمن سواه . أقول قولي هذا واستغفر الله لي لكم من كل ذنب ، فاستغفروه جل وعلا انه هو الغفور الرحيم.