المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : والله بورصة مو شبرة ياجماعة !



مغروور قطر
12-08-2006, 06:27 AM
والله بورصة مو شبرة ياجماعة !


12/08/2006 كتب منير يونس:
يمر سوق الكويت للاوراق المالية في مخاض عسير بعد فترة حمل طالت اكثر من 9 اشهر، تخللتها اوجاع ومضاعفات يتمنى الكثيرون الا تتمخض عن ولادة قيصرية مشوهة. فخلال حقبة 3 وزراء تجارة تبين مدى الخلل في التدخل السياسي في قرارات السوق، او على الاقل في التأثير على مجريات بعض شؤونه، وتحولت 'التجارة' من وزارة وصاية الى وزارة منغمسة في بعض الشؤون التنفيذية في ما يشبه خلطا للحابل بالنابل.
وكان ان جاءت قرارات مدير البورصة 'المستقيل' الدكتور صعفق الركيبي، لتظهر ان قضايا السوق اصبحت اكثر اثارة للجدل من ذي قبل، فمنهم من رأى فيها ضربا لمصالحه السائرة على ما يرام، وفقا للقانون، ومنهم من شد على يد الركيبي مشجعا، وبين الاثنين وقفت الحكومة عموما ووزارة التجارة طرفا احيانا ومتفرجا احيانا اخرى باستنسابية مشوبة باسئلة توجسية من هذا التوجه او ذاك.
وللمثال تفاقمت ازمة نائبي المدير بعدما اتخذ الركيبي قرارات بشأنهما كان يفترض ان تتخذها لجنة السوق، وما لبثت هذه القضية ان تحولت سياسية اراد منها وزراء التجارة وبعض النواب حصان طروادة لمعركة انتخابية.
الى ذلك، كان لبعض القرارات التأديبية اوجه تفسير مختلفة حسب مصالح هذا الطرف او ذاك، ففي الوقت الذي يفترض بها ان تكون وفقا للقوانين واللوائح جاء من يصفها بالتعسف واللاحيادية.
ورشق كثيرون ادارة السوق باتهامات طالت حجارتها نوافذ عدة منها المتعلق بالادراج ومنها المصوب ضد تأخير قيام هيئة لسوق المال وتأخير وضع نظام تداول آلي جديد.
ونشأت ازمة بين ادارة السوق وبعض شركات الاستثمار حول معايير الافصاح والارباح غير التشغيلية وكيفية ايقاف الاسهم عن التداول واجراءات التحويل الى التحقيق وغيرها من القضايا التي راكمت عداوات واتهامات من كل حدب وصوب، وهنا نذكر ايضا الخلافات حول التداول الآجل والبيوع المستقبلية وغيرها من تباين وجهات النظر بشأن عدد من المنتجات. وفي شؤون الرقابة ايضا لم تحل نهائيا تشابكات غير مبررة بين التجارة والمركزي والبورصة سواء المتعلق منها بالميزانيات او الصناديق والمحافظ والعموميات وغيرها من الامور المشتتة المرجعيات.
وفي كل مرة كانت الحلول تأتي ترقيعية غير جذرية، وينفذ من ذلك الصائدون في المياه العكرة لاظهار عجز هذه الجهة او تلك.
ولم تسلم لجنة السوق من مشقة الخلافات والتدخلات حيث اقدم بعض اعضائها على الاستقالة احتجاجا على التدخلات وانتصر البعض الآخر لمدير السوق.. وكل ذلك من دون موقف علني صريح وجريء من اي من اولئك الاعضاء لكأن الامر لا يعني عشرات آلاف المستثمرين.
وعن التدخل الحكومي يمكن ذكر تلك المحاولات اليائسة التي دفعت بأموال من هيئة الاستثمار - من دون اخذ رأيها ربما - الى السوق المتدهور أو المصحح لأوضاعه، وكانت تلك الاموال مادة لبازار سياسي من اطراف متناقضة المصالح.
وشر البلية ما يضحك، فكان لكل طرف في تلك النزاعات اذرعة سياسية واعلامية يتسلح بها لخوض معاركه المصلحية، فانقسم النواب بين مهاجم لمدير السوق ومدافع عنه، وتسلق إعلاميون حجج هذا الطرف أو ذاك ورفعوا شعارات الاصلاح كل حسب تطلعاته أو أهوائه، واخذ البعض يفت بما ليس هو به عارف أو خبير، فتارة يحق لديوان المحاسبة، دخول السوق والتفتيش في اوراق ادارته، وطورا لا يحق لديوان المحاسبة اي دور رقابي على سوق مستقل صاحب شخصية اعتبارية لا علاقة للدولة بها!
وخير مثال على تطور النزاعات لتصل حدود الشخصانية ما تم الترويج له بعد اعلان الركيبي نيته الاستقالة وما رافق ذلك من تهليل ومباركة وربط لصعود السوق بذلك، فكأن السوق ومصيره مرتبطان بشخص واحد فقط!
وما المشاريع التي تطرح لقيام هيئة لسوق المال من هذه الجهة أو تلك الا للدلالة على التضارب في التوجهات، من شركة بريطانية إلى اخرى اميركية لاعداد مسودات تلك الهيئة، وكل يدلو بدلوه، في ما يشبه سوق عكاظ للمزايدة!
حتى الأقفال في بعض مكاتب دوائر السوق تغير ويأتي من يكسرها في معركة اقالة او عودة نواب المدير، حتى مكتب المدير يصبح عرضة للفتح والتفحص بغيابه، ولجنة السوق تجتمع وتأخذ قرارات ولا نعلم اذا كان النصاب قد التأم أم لا، والنيابة العامة تبت في قضية لتفأجأ بأن تلك القضية عادت الى المربع الاول بقرار سياسي.
اننا امام مشهد لا يليق إلا بشبرة خضار، لا بسوق مال، والا فكيف نفسر تلك التظاهرات التي خرجت من السوق باتجاه مجلس الامة عندما هبط السوق في حركة تصحيح عنيف، وكيف نفسر إقبال نواب على استقبال 'الخاسرين' واحتضان مطالبهم بغض النظرعن مشروعيتها؟
وأكثر من ذلك، رأينا سيلا من مقترحات القوانين التي يطرحها نواب لا يعرفون عن سوق المال شيئا، مقابل تلكؤ حكومي في إقرار قوانين ملحة لحماية المتداولين وتطوير السوق.
ان ما يشهده السوق خطير واستمرارية التخبط لا تنذر إلا بعواقب وخيمة. وأمام الحكومة حاليا فرصة لإعادة الأمور إلى نصابها بأدوات مختلفة أولها الكف عن التدخل السياسي، وثانيها تعيين مدير 'غير شكل' إذا استمر الركيبي في استقالته أو إذا لم يجدد له وتسريع قيام هيئة سوق المال قبل نهاية العام، ورفد السوق بكفاءات رقابية وإدارية من الطراز الأول.. وإلا فسنبقى في شبرة خضار متناسين ان تعرض مدخرات الكويتيين واستثماراتهم لأي هزة سيودي بالكبير قبل الصغير.