المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما ملامح صورة مدير السوق الجديد؟



مغروور قطر
12-08-2006, 06:30 AM
ما ملامح صورة مدير السوق الجديد؟


12/08/2006 كتب حسن ملاك:
يجمع اصحاب الرأي على ان المهنية والاحتراف والخبرة الطويلة هي المواصفات المطلوب توافرها في مدير عام سوق الكويت للأوراق المالية الجديد، خصوصا انه لا يمكن بأي حال من الاحوال القول ان الاوضاع الموضوعية والذاتية للسوق كانت مثالية بالمطلق او انها وصلت لدرجة الكمال، مما يستوجب تبني معايير سليمة في عملية الاختيار لهذا المنصب.
وتأتي اهمية اعتماد مثل هذه المعايير بقوة في ظل ظروف ومستجدات محلية واقليمية تخطت ما هو موجود ومعمول به في السوق واعتباره نهاية المطاف وليس بالإمكان ان يؤتى بأفضل منه.
ويحمل هذا الطرح اهمية خاصة انطلاقا من انه يأتي في الوقت المناسب لتعم فوائده وجدواه، وتتم الاستفادة منه قبل فوات الاوان، وذلك على ضوء الترشيحات لاختيار الرجل المناسب بعيدا عن الانتقاص من قدر من حمل مسؤولية هذا المنصب سابقا، واجتهد فأصاب او اخطأ.
ومن الاهمية بمكان اعتماد مبدأ واضح في اختيار مدير عام البورصة الجديد يستند في الاساس الى المعايير الفنية والمهنية، وان تكون الخبرة والكفاءة والسجل الحافل بالانجازات في مقدمة عملية الاختيار وبعيدا عن المفاهيم السياسية وشراء الود.
وتصب النصائح والتحذيرات في خانة الا يكون الشخص الذي سيقع عليه الاختيار محسوبا على مجاميع استثمارية محددة ويتمتع بأقصى درجات الحيادية والقدرة على توظيف الخبرات المتراكمة لسوق الكويت، والتي كونها على مدى عقود من الزمن وانتشاله من مجرد مشروع ازمة قابل للانفجار في اي وقت الى سوق يتمتع بالثقة والمصداقية، خصوصا انه مر بعدة ازمات لعل من ابرزها ازمة سوق المناخ، وازمة عام ،1997 الى جانب ما شهده من مشكلات خلال السنة المالية الراهنة، التي يمكن اضافتها الى مجمل الازمات السابقة.
وهناك من يذهب الى ابعد من ذلك، وينادي بأن يكون المدير الجديد من رحم الاقتصاد الوطني ولديه خبرة واسعة في اسواق المال. وصاحب نظرة ثاقبة لمعالجة ضعف القوانين الراهنة لتصبح داعمة ومساندة للعمل الاستثماري، واكثر حرفية وعصية على التأويلات والاجتهادات الفردية والشخصية التي يراد من ورائها مصالح آنية وذاتية ومنافع ضيقة.
وينظر الى قوة القوانين والاجراءات الواضحة على انها جزء من قوة المدير الجديد والمفترض به ان يفرزها ويفعلها لتكون بمنزلة الارضية والفرشة السليمة المساعدة على تسيير الامور بشكل مهني وفني لخدمة قضايا السوق والاقتصاد الوطني، ويتم احتساب كل قرار يصدر لمصلحة السوق وليس للمدير بصفته الشخصية.
ويفترض كذلك بالمدير الجديد ان ينظر بجدية الى تجارب المديرين السابقين وتحديد مواطن القوة والضعف في تجربة كل منهم، خصوصا ان البعض ينظر لتجربة خالد الخرافي على انها تتسم بالجدية وعدم المهادنة وصلابة الموقف والمواجهة وبالحيادية ورفض الاملاءات الخارجية عليه وثبات الرأي.
والحق يقال ان الظروف المحيطة بتلك التجربة كانت اكثر من مواتية نظرا لمحدودية عدد الشركات، والنشاط ايضا، الامر الذي سهل كثيرا على ادارة السوق فرض الرقابة ومتابعة الاوضاع عن كثب.
ويحسب لمصلحة المرحلة التي مر بها هشام العتيبي كمدير عام لسوق الكويت للأوراق المالية على انها شهدت محاولات عديدة لتفعيل القوانين واصدار قوانين جديدة، وتحديدا السماح لملاك الشركات ليكونوا ممثلين في مجالس ادارات خمس شركات وليس في ثلاث شركات فقط، كما هو معمول به حاليا.
وبالرغم من ذلك، فإن التجارب السابقة لم تنجح في تفعيل السوق الموازي، خصوصا بعد فتح الباب على مصراعيه امام ادراج الكثير من الشركات في مرحلة الدكتور صعفق الركيبي وازدياد اعدادها في فترة زمنية محدودة.
ويلاحظ أن الاكثار من اعداد الشركات حمل بعض الجوانب الايجابية، مثل توسيع حرية الاختيار امام المستثمرين، لكن عملية الادراج تخللتها هفوات وسلبيات عديدة، لا تخلو من محاولات التكسب وتحويل محافظ استثمارية الى شركات بقصد ادراجها في البورصة، وجني الارباح من جراء الارتفاعات الكبيرة في اسعار الاصول، والتي دعمتها السيولة الكبيرة والاعلان عن عقود وموجة انتشار واسعة على الصعيدين الاقليمي والعالمي بعضها كان قابلا للتصديق والبعض الآخر خلاف ذلك، الامر الذي يستوجب دراسة هذه التجربة واستخلاص العبر منها.
وترافقت مع هذه الظاهرة محاولات من قبل البعض للاستفادة من المعلومات الداخلية للشركات وبيع وشراء الاسهم على اساسها وجني الارباح في ظل غياب نسبي لمبدأ الشفافية والافصاح بالشكل المطلوب، الذي يلبي مصالح جميع المساهمين وليس فئة معينة منهم، وكان الركيبي تصدى الى عدد من تلك المخالفات وشهدت حقبته تحقيقات وتحويلات الى النيابة.
ومن البديهي القول انه يفترض بأي مدير سواء كان حديث العهد بالمنصب او قديما ان يكون قادرا على قيادة فريق العمل الموجود ضمن ادارته وتوظيف طاقتهم في اطار الغاية من وجودهم، وان يكون كذلك متمكنا من ممارسة العمل الجماعي.
ويلاحظ أن القرارات عندما كانت فردية نتج عنها تداعيات سلبية، وذلك بعكس القرارات الصادرة عن الجماعة التي افرزت نتائج ايجابية، وهنا يتعين القول ان على المدير الجديد ان يشكل فريقا ناجعا على قدر عال من المهنية والنزاهة والحيادية حتى يستطيع ان يعمل بفريق متكامل وتجنب سلبيات العمل الفردي
ويبدو ان الحذر مطلوب اكثر من أي وقت مضى من الاستئثار بالقرار سواء كان ذلك من جانب المدير او نائبه او غيرهما كذلك الابتعاد عن اسلوب خلق العداوات مع الاخرين أو المؤسسات ذات الصلة بسوق الاسهم مثل بنك الكويت المركزي ووزارة التجارة والصناعة وهيئة الاستثمار، بل بناء علاقات تعاون وتنسيق لخدمة المصلحة العامة، ولابد من قيام المدير الناجح بفصل مواقفه وانفعالاته الشخصية عن اجواء العمل التي يعيشها خصوصا ان الهدف من وجوده هو خدمة المستثمرين والمؤسسات المالية وليس بناء نجاحات على حساب الاخرين فضلا عن ضرورة احترام القوانين وتطبيقها بحيادية دون تمييز والابتعاد عن مقولة انا القانون والقانونا انا.
والمطلوب حاليا عمل توازن بين ادارة البنك المركزي وادارة البورصة ووزارة التجارة وتنمية الكوادر البشرية وصناع القرار في الادارة الثانية والثالثة.
وتأتي صيانة ما لدى المدير الجديد من المعلومات واسرار تتعلق بالمتعاملين في مقدمة اولويات المدير والعمل كذلك على الحيلولة من استفادة الموظفين من مواقع عملهم بطريقة دبلوماسية ومهذبة ووضع الضوابط لمنع تحقيق مصالح ذاتية والتربح على حساب المتعاملين.
وهناك من يرى وجود اهمية لتأسيس جمعية أو هيئة عمومية لجميع الشركات المدرجة والوسطاء وانتخاب مجلس ادارة لها لتقديم الدراسات والبحوث والمساهمة في بناء السوق وليس تهميشه ولا بأس من دراسة تجربة المديرين السابقين والتوقف تحديدا عند مرحلة خالد الخرافي الذي وضع اساسا لبناء صرح متين ومازالت بعض القواعد التي تبناها تؤدي دورها واستحق بجدارة لقب مربي القيادات والموظفين، وكذلك عند تجربة هشام العتيبي الذي يطلق عليه لقب دبلوماسي في ادارته على مدى 12 سنة وانتهى به المطاف وزيرا للتجارة والصناعة.
وتجدر الاشارة الى ان مرحلة عبدالله السديراوي اتمست بمزايا شخصيتي الخرافي والعتيبي.
في حين كان الدكتور صعفق الركيبي مجتهدا واتسمت مرحلته باقتراب السوق من مرحلة النضج لولا العداوات التي نشأت مع مدير السوق واثرت في مسار التجربة.
ومهما يكن فان وجود مدير جديد في البورصة طبقا للمعايير والمواصفات لا يعني باي شكل من الاشكال تأخير انشاء هيئة سوق مال تتمتع بالاستقلالية والعمل الجماعي والصلاحيات الواسعة وتكون سيدة قراراتها وتحد من تسييس الامور المتعلقة بالسوق وتمنع التدخل بالقضايا المالية.
كما على اتحاد شركات الاستثمار ان يكون اكثر فاعلية ويعمل مع ادارة السوق على تكريس القواعد والضوابط المهنية التي تأتي في مقدمتها:
- تكريس مبدأ الشفافية والافصاح وتعزيزه بدرجة اعلى مما هو سائد الان خصوصا ان الدلائل والوقائع تشير الى قيام البعض باختراق هذا المبدأ والالتفاف عليه من خلال اخفاء المعلومات الداخلية للشركات والاستفادة منها على حساب بقية المساهمين.
- كما يتعين ايضا فك التشابك القائم في الصلاحيات ما بين ادارة البورصة من جهة ووزارة التجارة والصناعة من جهة ثانية وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالاشراف والرقابة على الجمعيات العمومية للشركات المدرجة وحصر هذا الجانب في جهة تتمتع بالمهنية ومخولة في وضع الامور في نصابها الصحيح.
- تعزيز استقلالية القرار والدفع باتجاه تنقيح القوانين واصدار اللوائح والنظم المساعدة على بناء قاعدة لتأسيس سوق مالي اقليمي.
- وضع المعايير الفنية والمهنية السليمة لادراج الشركات في البورصة واخضاع هذا الجانب لاسس واضحة من شأنها تجنب اي خلل في تطبيق الشروط الواجب توافرها في الشركات المزمع ادراجها بعيدا عن امزجة واجتهادات فردية قد تصيب وقد تخطئ بعد ان تكون قد خلفت وراءها ضحايا بالجملة.
- ضبط عملية زيادة رؤوس أموال الشركات المدرجة وتحديدا التي لا تقابلها مشاريع جديدة لتمويلها ذاتيا او الصرف عليها وتحويل الهدف من زيادة رأس المال اكتناز السيولة لتوظيفها في مضاربات على الاسهم وعدم استخدامها في الاغراض الرئيسية للشركة والمشاريع الانتاجية.
وبمجاراة ذلك يتوقع ان تتصدر عملية انشاء الهيئة سالفة الذكر الاولوية التي تستحقها من قبل الجهات الرسمية وبلورة الخطوات العملية بشأنها والمنظمة اعداد مشروع قانون بهذا الخصوص خلال شهرين من الان كأقصى حد.