حفيد الأنصار
25-02-2014, 03:47 AM
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أقول وبالله التوفيق
بأن سورة التكوير من أعظم سور القرآن الكريم , وهى مكية نزلت على رسول الله بمكة
وعدد آياتها (29 ) نزلت بعد المسد
وهى تحكى عن علامات يوم القيامة ,وما فيها من أهوال ,أخرج الإمام أحمد والترمذي والحاكم عن ابن عمر قال: قال رسول الله « من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأى عين فليقرأ: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. وإِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ. وإِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) ».
يقول الله تعالى
1} إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ
جاء فى تفسير الجلالين
" إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ " لُفِّفَتْ وَذُهِبَ بِنُورِهَا,
ويقول الامام المراغي (إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ ) أي إذا كورت الشمس وأمحى ضوؤها وسقطت حين خراب العالم الذي يعيش فيه الحي في حياته الدنيا، ولا يبقى في عالمه الآخر الذي ينقلب إليه شيء من هذه الأجرام.
{2} وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ
جاء فى تفسير الجلالين
" وَإِذَا النُّجُوم اِنْكَدَرَتْ " اِنْقَضَّتْ وَتَسَاقَطَتْ عَلَى الْأَرْض
ويقول الامام المراغي (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) أي وإذا النجوم تناثرت وذهب لألاؤها كما جاء في قوله: « وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ ».
{3} وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ " وَإِذَا الْجِبَال سُيِّرَتْ " ذُهِبَ بِهَا عَنْ وَجْه الْأَرْض فَصَارَتْ هَبَاء مُنْبَثًّا
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) أي وإذا الجبال قلعت عن الأرض وسيرت في الهواء حين زلزلة الأرض، فتقطع أوصالها وتقذف في الفضاء، وتمر على الرءوس مرّ السحاب ونحو الآية قوله: « وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَرابًا » وقوله: « وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً ».
{4} وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ " وَإِذَا الْعِشَار " النُّوق الْحَوَامِل " عُطِّلَتْ " تُرِكَتْ بِلَا رَاعٍ أَوْ بِلَا حَلْب لِمَا دَهَاهُمْ مِنْ الْأَمْر , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَال أَعْجَب إِلَيْهِمْ مِنْهَا
ويقول الامام المراغي وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ) أي وإذا النوق العشار وهي أكرم الأموال لديهم، وأعزها عندهم - أهملت ولم يعن بشأنها لاشتداد الخطب، وفداحة الهول.
وهذا على وجه المثل، لأن يوم القيامة لا تكون فيه ناقة عشراء، ولكن مثّل هول يوم القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه، قاله القرطبي
{5} وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ " وَإِذَا الْوُحُوش حُشِرَتْ " جُمِعَتْ بَعْد الْبَعْث لِيَقْتَصّ لِبَعْضٍ مِنْ بَعْض ثُمَّ تَصِير تُرَابًا
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) أي ماتت وهلكت، تقول العرب إذا أضرّت السنة بالناس وأصابتهم بالقحط والجدب، حشرتهم السنة: أي أهلكتهم، وهلاكها يكون من هول ذلك الحادث العظيم.
{6} وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ " وَإِذَا الْبِحَار سُجِّرَتْ " بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد : أُوقِدَتْ فَصَارَتْ نَارًا
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) أي فجر الزلزال ما بينها حتى اختلطت وعادت بحرا واحدا وهذا على نحو ما جاء في قوله: « وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ ».
وقد يكون المراد من تسجيرها إضرامها نارا. فإن ما في باطن الأرض من النار يظهر بتشققها وتمزّق طبقاتها العليا، وحينئذ يصير الماء بخارا، ولا يبقى إلا النار.
وقد أثبت البحث العلمي غليان البراكين، وهي جبال النار التي في باطن الأرض، وتشهد لذلك الزلازل الشديدة التي تشق الأرض والجبال في بعض الأطراف كما حدث في مسّينا بإيطاليا سنة 1909 م، وحدث في اليابان بعد ذلك.
وجاء في بعض الأخبار « إن البحر غطاء جهنم ».
وبعد أن عدد ما يحدث من مقدمات الفناء وبطلان الحياة في الأرض وامتناع المعيشة فيها - أخذ يذكر ما يكون بعد ذلك من البعث والنشور فقال:
{7} وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ " وَإِذَا النُّفُوس زُوِّجَتْ " قُرِنَتْ بِأَجْسَادِهَا
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) أي وإذا زوجت الأرواح بأبدانها حين النشأة الآخرة، قاله عكرمة والضحاك والشعبي.
وفي هذا إيماء إلى أن النفوس كانت باقية من حين الموت إلى حين المعاد، فبعد أن كانت منفردة عن البدن تعود إليه.
{8} وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ " وَإِذَا الْمَوْءُودَة " الْجَارِيَة تُدْفَن حَيَّة خَوْف الْعَار وَالْحَاجَة " سُئِلَتْ " تَبْكِيتًا لِقَاتِلِهَا
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟) أي وإذا سئلت الموءودة بين يدي وائدها عن السبب الذي لأجله قتلت، ليكون جوابها أشد وقعا على الوائد، فإنها ستجيب أنها قتلت بلا ذنب جنته.
وقد افتنّ العرب في الوأد، فمنهم من كان إذا ولدت له بنت وأراد أن يستحييها ولا يقتلها، أمسكها مهانة إلى أن تقدر على الرعي، ثم ألبسها جبة من صوف أو شعر وأرسلها في البادية ترعى إبله، وإن أراد أن يقتلها تركها حتى إذا كانت سداسية قال لأمها: طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها، وقد حفر لها بئرا في الصحراء حتى إذا بلغها قال لها انظري فيها، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تسوى البئر بالأرض، ومنهم من كان يفعل ما هو أنكى وأقسى من ذلك.
فيالله، ما أعظم هذه القسوة بقتل البريئات بغير جرم سوى خوف الفقر أو العار، وكيف استبدلت الرحمة بالفظاظة، والرأفة بالغلظة، بعد أن خالط الإسلام قلوبهم، ومحا وصمة هذا الخزي عنهم.
{9} بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ " بِأَيِّ ذَنْب قُتِلَتْ " وَقُرِئَ بِكَسْرِ التَّاء حِكَايَة لِمَا تُخَاطَب بِهِ وَجَوَابهَا أَنْ تَقُول : قُتِلْت بِلَا ذَنْب
{10} وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ " وَإِذَا الصُّحُف " صُحُف الْأَعْمَال " نُشِرَتْ " بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد فُتِحَتْ وَبُسِطَتْ
ويقول الامام المراغي (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) أي وإذا صحف الأعمال ظهرت للعاملين في موقف الحساب حتى لا يرتابوا فيها، ولا ينبغي أن نبحث عن تلك الصحف، لنعلم أهي على مثال الأوراق التي نكتب فيها في الدنيا، أم تشبه الألواح أو نحو ذلك مما جرى استعماله في الكتابة، فإن ذلك مما لا يصل إليه علمنا، ولم يجئ نص قاطع عن المعصوم يفسر ذلك
{11} وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ " وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ " نُزِعَتْ عَنْ أَمَاكِنهَا كَمَا يُنْزَع الْجِلْد عَنْ الشَّاة
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) فلم يبق غطاء ولا سماء، ولم يوجد ما يطلق عليه اسم الأعلى والأسفل.
{12} وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ " وَإِذَا الْجَحِيم " النَّار " سُعِّرَتْ " بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد أُجِّجَتْ
ويقول الامام المراغي وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) أي وإذا جهنم التي يعاقب فيها أهل الكفر والطغيان أوقدت إيقادا شديدا، فيكون ألم من يدخل فيها من أشد الآلام التي تحدث عن مسّ النيران للأجسام الحية، وقد جاء في سورة البقرة: « وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ ».
{13} وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ " وَإِذَا الْجَنَّة أُزْلِفَتْ " قُرِّبَتْ لِأَهْلِهَا لِيَدْخُلُوهَا وَجَوَاب إِذَا أَوَّل السُّورَة وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا
ويقول الامام المراغي (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) أي وإذا الجنة أدنيت من أهلها: أي أعدت لنزولهم. ونحو الآية قوله تعالى: « وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ
{14} عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ " عَلِمَتْ نَفْس " كُلّ نَفْس وَقْت هَذِهِ الْمَذْكُورَات وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة " مَا أَحْضَرَتْ " مِنْ خَيْر وَشَرّ
ويقول الامام المراغي عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) أي إذا حصل كل ما تقدم من الأحداث السالفة، تعلم كل نفس ما كان من عملها متقبلا وما كان منه مردودا عليها، فكثير من الناس كانوا في الحياة الدنيا مغرورين بما تزينه لهم الشياطين، وسيجدون أعمالهم يوم القيامة غير مقبولة ولا مرضي عنها، بل هي مبعدة من الله مستحقة لغضبه فالذين يعملون أعمالهم رئاء الناس ليس لهم من عملهم إلا الجهد والمشقة، ولا تكون متقبلة عند ربهم، فعلينا أن ننظر إلى الأعمال بمنظار الشرع، ونزنها بميزانه الصحيح.
والله لا يتقبل من الأعمال إلا ما صدر عن قلب مليء بالإيمان، عامر بحبه والرغبة في رضاه، والحرص على أداء واجباته التي فرضها عليه
{15} فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ " فَلَا أُقْسِم " لَا زَائِدَة " بِالْخُنَّسِ "
ويقول الامام المراغي
(فَلا أُقْسِمُ) إن هذه عبارة للعرب في القسم تريد بها تأكيد الخبر كأنه في ثبوته وظهوره لا يحتاج إلى قسم، وكأنه يقول: أنا لا أقسم بكذا وكذا على إثبات ما أذكره، ولا على وجوده فهو واضح جلي ليس في حاجة إلى الحلف والمراد به القسم المؤكد.
أقول وبالله التوفيق
بأن سورة التكوير من أعظم سور القرآن الكريم , وهى مكية نزلت على رسول الله بمكة
وعدد آياتها (29 ) نزلت بعد المسد
وهى تحكى عن علامات يوم القيامة ,وما فيها من أهوال ,أخرج الإمام أحمد والترمذي والحاكم عن ابن عمر قال: قال رسول الله « من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأى عين فليقرأ: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. وإِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ. وإِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) ».
يقول الله تعالى
1} إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ
جاء فى تفسير الجلالين
" إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ " لُفِّفَتْ وَذُهِبَ بِنُورِهَا,
ويقول الامام المراغي (إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ ) أي إذا كورت الشمس وأمحى ضوؤها وسقطت حين خراب العالم الذي يعيش فيه الحي في حياته الدنيا، ولا يبقى في عالمه الآخر الذي ينقلب إليه شيء من هذه الأجرام.
{2} وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ
جاء فى تفسير الجلالين
" وَإِذَا النُّجُوم اِنْكَدَرَتْ " اِنْقَضَّتْ وَتَسَاقَطَتْ عَلَى الْأَرْض
ويقول الامام المراغي (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) أي وإذا النجوم تناثرت وذهب لألاؤها كما جاء في قوله: « وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ ».
{3} وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ " وَإِذَا الْجِبَال سُيِّرَتْ " ذُهِبَ بِهَا عَنْ وَجْه الْأَرْض فَصَارَتْ هَبَاء مُنْبَثًّا
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) أي وإذا الجبال قلعت عن الأرض وسيرت في الهواء حين زلزلة الأرض، فتقطع أوصالها وتقذف في الفضاء، وتمر على الرءوس مرّ السحاب ونحو الآية قوله: « وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَرابًا » وقوله: « وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً ».
{4} وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ " وَإِذَا الْعِشَار " النُّوق الْحَوَامِل " عُطِّلَتْ " تُرِكَتْ بِلَا رَاعٍ أَوْ بِلَا حَلْب لِمَا دَهَاهُمْ مِنْ الْأَمْر , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَال أَعْجَب إِلَيْهِمْ مِنْهَا
ويقول الامام المراغي وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ) أي وإذا النوق العشار وهي أكرم الأموال لديهم، وأعزها عندهم - أهملت ولم يعن بشأنها لاشتداد الخطب، وفداحة الهول.
وهذا على وجه المثل، لأن يوم القيامة لا تكون فيه ناقة عشراء، ولكن مثّل هول يوم القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه، قاله القرطبي
{5} وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ " وَإِذَا الْوُحُوش حُشِرَتْ " جُمِعَتْ بَعْد الْبَعْث لِيَقْتَصّ لِبَعْضٍ مِنْ بَعْض ثُمَّ تَصِير تُرَابًا
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) أي ماتت وهلكت، تقول العرب إذا أضرّت السنة بالناس وأصابتهم بالقحط والجدب، حشرتهم السنة: أي أهلكتهم، وهلاكها يكون من هول ذلك الحادث العظيم.
{6} وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ " وَإِذَا الْبِحَار سُجِّرَتْ " بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد : أُوقِدَتْ فَصَارَتْ نَارًا
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) أي فجر الزلزال ما بينها حتى اختلطت وعادت بحرا واحدا وهذا على نحو ما جاء في قوله: « وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ ».
وقد يكون المراد من تسجيرها إضرامها نارا. فإن ما في باطن الأرض من النار يظهر بتشققها وتمزّق طبقاتها العليا، وحينئذ يصير الماء بخارا، ولا يبقى إلا النار.
وقد أثبت البحث العلمي غليان البراكين، وهي جبال النار التي في باطن الأرض، وتشهد لذلك الزلازل الشديدة التي تشق الأرض والجبال في بعض الأطراف كما حدث في مسّينا بإيطاليا سنة 1909 م، وحدث في اليابان بعد ذلك.
وجاء في بعض الأخبار « إن البحر غطاء جهنم ».
وبعد أن عدد ما يحدث من مقدمات الفناء وبطلان الحياة في الأرض وامتناع المعيشة فيها - أخذ يذكر ما يكون بعد ذلك من البعث والنشور فقال:
{7} وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ " وَإِذَا النُّفُوس زُوِّجَتْ " قُرِنَتْ بِأَجْسَادِهَا
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) أي وإذا زوجت الأرواح بأبدانها حين النشأة الآخرة، قاله عكرمة والضحاك والشعبي.
وفي هذا إيماء إلى أن النفوس كانت باقية من حين الموت إلى حين المعاد، فبعد أن كانت منفردة عن البدن تعود إليه.
{8} وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ " وَإِذَا الْمَوْءُودَة " الْجَارِيَة تُدْفَن حَيَّة خَوْف الْعَار وَالْحَاجَة " سُئِلَتْ " تَبْكِيتًا لِقَاتِلِهَا
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ؟) أي وإذا سئلت الموءودة بين يدي وائدها عن السبب الذي لأجله قتلت، ليكون جوابها أشد وقعا على الوائد، فإنها ستجيب أنها قتلت بلا ذنب جنته.
وقد افتنّ العرب في الوأد، فمنهم من كان إذا ولدت له بنت وأراد أن يستحييها ولا يقتلها، أمسكها مهانة إلى أن تقدر على الرعي، ثم ألبسها جبة من صوف أو شعر وأرسلها في البادية ترعى إبله، وإن أراد أن يقتلها تركها حتى إذا كانت سداسية قال لأمها: طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها، وقد حفر لها بئرا في الصحراء حتى إذا بلغها قال لها انظري فيها، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تسوى البئر بالأرض، ومنهم من كان يفعل ما هو أنكى وأقسى من ذلك.
فيالله، ما أعظم هذه القسوة بقتل البريئات بغير جرم سوى خوف الفقر أو العار، وكيف استبدلت الرحمة بالفظاظة، والرأفة بالغلظة، بعد أن خالط الإسلام قلوبهم، ومحا وصمة هذا الخزي عنهم.
{9} بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ " بِأَيِّ ذَنْب قُتِلَتْ " وَقُرِئَ بِكَسْرِ التَّاء حِكَايَة لِمَا تُخَاطَب بِهِ وَجَوَابهَا أَنْ تَقُول : قُتِلْت بِلَا ذَنْب
{10} وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ " وَإِذَا الصُّحُف " صُحُف الْأَعْمَال " نُشِرَتْ " بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد فُتِحَتْ وَبُسِطَتْ
ويقول الامام المراغي (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) أي وإذا صحف الأعمال ظهرت للعاملين في موقف الحساب حتى لا يرتابوا فيها، ولا ينبغي أن نبحث عن تلك الصحف، لنعلم أهي على مثال الأوراق التي نكتب فيها في الدنيا، أم تشبه الألواح أو نحو ذلك مما جرى استعماله في الكتابة، فإن ذلك مما لا يصل إليه علمنا، ولم يجئ نص قاطع عن المعصوم يفسر ذلك
{11} وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ " وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ " نُزِعَتْ عَنْ أَمَاكِنهَا كَمَا يُنْزَع الْجِلْد عَنْ الشَّاة
ويقول الامام المراغي
(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) فلم يبق غطاء ولا سماء، ولم يوجد ما يطلق عليه اسم الأعلى والأسفل.
{12} وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ " وَإِذَا الْجَحِيم " النَّار " سُعِّرَتْ " بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد أُجِّجَتْ
ويقول الامام المراغي وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) أي وإذا جهنم التي يعاقب فيها أهل الكفر والطغيان أوقدت إيقادا شديدا، فيكون ألم من يدخل فيها من أشد الآلام التي تحدث عن مسّ النيران للأجسام الحية، وقد جاء في سورة البقرة: « وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ ».
{13} وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ " وَإِذَا الْجَنَّة أُزْلِفَتْ " قُرِّبَتْ لِأَهْلِهَا لِيَدْخُلُوهَا وَجَوَاب إِذَا أَوَّل السُّورَة وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا
ويقول الامام المراغي (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) أي وإذا الجنة أدنيت من أهلها: أي أعدت لنزولهم. ونحو الآية قوله تعالى: « وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ
{14} عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ " عَلِمَتْ نَفْس " كُلّ نَفْس وَقْت هَذِهِ الْمَذْكُورَات وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة " مَا أَحْضَرَتْ " مِنْ خَيْر وَشَرّ
ويقول الامام المراغي عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) أي إذا حصل كل ما تقدم من الأحداث السالفة، تعلم كل نفس ما كان من عملها متقبلا وما كان منه مردودا عليها، فكثير من الناس كانوا في الحياة الدنيا مغرورين بما تزينه لهم الشياطين، وسيجدون أعمالهم يوم القيامة غير مقبولة ولا مرضي عنها، بل هي مبعدة من الله مستحقة لغضبه فالذين يعملون أعمالهم رئاء الناس ليس لهم من عملهم إلا الجهد والمشقة، ولا تكون متقبلة عند ربهم، فعلينا أن ننظر إلى الأعمال بمنظار الشرع، ونزنها بميزانه الصحيح.
والله لا يتقبل من الأعمال إلا ما صدر عن قلب مليء بالإيمان، عامر بحبه والرغبة في رضاه، والحرص على أداء واجباته التي فرضها عليه
{15} فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ " فَلَا أُقْسِم " لَا زَائِدَة " بِالْخُنَّسِ "
ويقول الامام المراغي
(فَلا أُقْسِمُ) إن هذه عبارة للعرب في القسم تريد بها تأكيد الخبر كأنه في ثبوته وظهوره لا يحتاج إلى قسم، وكأنه يقول: أنا لا أقسم بكذا وكذا على إثبات ما أذكره، ولا على وجوده فهو واضح جلي ليس في حاجة إلى الحلف والمراد به القسم المؤكد.