المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكتمان



امـ حمد
28-02-2014, 03:38 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكتمان
(كان أنس بن مالك،رضي الله عنه،يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم،وفي يوم من الأيام كان يلعب مع الغلمان بالمدينة،فأتى إليهم النبي صلى الله عليه وسلم،وألقى عليهم السلام،وكلف أنساً بمهمة ما،وبعد أن نفذ أنس تلك المهمة عاد إلى أمه،فسألته عن سبب تأخره،فقال لها،بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم،لحاجة، فسألته،ما حاجته،فلم يخبرها أنس وقال،إنها سِرٌّ،
فسعدت به أمه وأُعجبت بكتمانه للسر،وقالت له،لا تخبرنَّ بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً)رواه مسلم،
عندما تُوفي زوج السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب،رضي الله عنهما،عرض عمر على عثمان بن عفان أن يتزوجها،فقال له عثمان،سأنظر في أمري،وبعد أيام لقى عثمان عمر،فقال له،بدا لي ألا أتزوج الآن،ثم عرض عمر على الصديق أبي بكر أن يتزوج ابنته حفصة، فلم يرد عليه أبو بكر بالقبول أو بالرفض، فغضب عمر منه،
وبعد ليالٍ، خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم،فزوَّجها له عمر، فلقيه أبو بكر فقال له،لعلك وجدت علي،أي(غضبتَ مني)حين عرضتَ علي حفصة فلم أَرجع إليك شيئاً،فقال له عمر،نعم،
فقال أبو بكر الصديق،فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك شيئًا حين عرضتَها على إلا أني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها (أراد الزواج منها)،ولم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها لنكحتُها (تزوجتُها)رواه البخاري،
ما هو الكتمان،الكتمان،هو حفظ الأسرار،وإخفاء ما لا يجب أن يعرفه الناس من الأمور الخاصة،
أنواع الكتمان، هناك أمور كثيرة يجب على المسلم أن يلتزم فيها بخلق الكتمان،ولا يظهرها لأحد من الناس،ومن هذه الأمور،
كتمان السر،المسلم يحتفظ بالسر سواء أكان هذا السر خاصّاً به أم أنه يتصل بشخص آخر ائتمنه عليه،
فإذا حفظ المسلم السر فإن نفسه تكون مطمئنة لا يخاف من شيء، أما إذا أعلن سره للآخرين،فإن ذلك يكون سبباً في تعرضه للمضار والأخطار،
واحتفاظ المسلم بالسر دليل على أمانته، مما يجعل الناس يثقون به ويسعون إلى صداقته،
أما إذا كان من الذين يفشون الأسرار، فإن الناس سيكرهونه ولن يثقوا به،وقد قال صلى الله عليه وسلم(إذا حدَّث الرجلُ الحديثَ ثم التفت فهي أمانة)رواه الترمذي،
ومما قاله الحكماء في كتم السر وعدم إفشائه، من أفشى سره أفسد أمره، ومن كتم سره ملك أمره،
وقيل،أضعف الناس من ضعف عن كتمان سره،
وقال عمر بن الخطاب،رضي الله عنه،من كتم سره كان الخيار بيده،
وقال،ما أفشيتُ سري إلى أحد قط فلمتُه،إذ كان صدري به أَضيق، وقال علي،رضي الله عنه،سرك أسيرك فإذا تكلمتَ به صرتَ أسيره،
وقال الشاعر،إذا ضاق صدر المرء عن سر نفـسـه،،،،،فصـدر الذي يستودع السِّر أَضيـق،
كتمان الحاجات،إذا أراد المسلم أن يقوم بعمل ويؤديه على خير وجه، فعليه أن يكتمه حتى ينفذه أو ينهيه،ولا يُحدِّث كل من يقابله بما يريد فعله،
وقد أوصي النبي صلى الله عليه وسلم،بالكتمان في قضاء الحوائج، فقال(استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود)رواه الطبراني ،والبيهقي،
كتمان أسرار البيت،ما يحدث في البيوت إنما هو أسرار يجب على الإنسان أن يكتمها ولا يفشيها للآخرين،فلا يتحدث مع الناس بما يحدث في بيته،وعليه أن يلتزم بالكتمان في علاقته مع زوجته، فلا يفشي ما يحدث بينهما،لأنه أمانة،
قال صلى الله عليه وسلم(إن من أَشَرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة،الرجل يُفْضِي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها)رواه مسلم،
كتمان عورات المسلمين،المسلم لا يتحدث عن الآخرين بما يؤذيهم، بل إنه يستر عوراتهم، ويغض بصره عن محارمهم، وقد توعد الله،سبحانـه وتعالى،من يقومون بهتـك أستار المسلمين بالعذاب الأليم، فقال(إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون)النور،
المسلم إذا بدرت منه معصية أو فعل ذنباً،فإنه يكتم على نفسه، ولا يتحدث بذنوبه أمام الناس،ويسارع بالتوبة إلى الله، والاستغفار عما فعل من الذنوب،
أما هؤلاء الذين يتفاخرون أمام الناس بأنهم يرتكبون الذنوب ويفعلون المعاصي فقد سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مجاهرين، لا ينالون عفو الله،عز وجل،يقول النبي صلى الله عليه وسلم(كل أمتي معافًى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول،يا فلان عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عليه)متفق عليه،
الكتمان المحرم،إذا كان الكتمان أمراً مطلوباً، وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم،فإن هناك أموراً لا يجوز للمسلم أن يكتم ما عنده فيها، بل عليه أن يُحَدِّث بكل ما يعرفه وإلا أثم وارتكب وزراً،
ومن هذه الأمور،

الشـهادة، فلا يجوز للمسلم أن يكتم الشهادة، بل عليه أن يؤديها كما رأى، وقد أمر الله تعالى،بعدم كتمان الشهادة،فقال(ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه)البقرة،
وقال الله تعالى(ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون)البقرة،
البيع والشراء،على البائع المسلم أن يبين ما في سلعته، وأن يصّدق في بيعه، حتى يبارك الله عز وجل،له في تجارته،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم(الْبَيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبيَّنا بُوركَ لهما في بيعهما،وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما)رواه البخاري،
العلم، لا يجوز للمسلم أن يكتم العلم،لأن كتمانه ذنب عظيم يُعاقب عليه أشد العقاب، وكتمان العلم يؤدي إلى لعنة الله على من يكتمه، قال تعالى(إن الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)البقرة،
وقال تعالى(ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) البقرة،
ويأتي كاتم العلم يوم القيامة وعلى فمه لجام من النار،لأنه كتم العلم وبخل به على الناس، يقول صلى الله عليه وسلم(من سئل عن علم فكتمه،ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة)رواه بو داود،والترمذي ،وابن ماجه،فعلى المسلم ألا يكون كاتماً للعلم أو شهادة الحق،

اللهم اجعلنا من الذين يكتمون أسرار الناس ولا ينهكون أستارهم،
ولا يكشفون ولا يفشون أسرار إخوانهم،إنك على ما تشاء قدير.