المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النفط من النضوب إلى الوفرة



حمد 2002
02-03-2014, 09:49 AM
النفط من النضوب إلى الوفرة
الأحد 1 جمادي الأول 1435هـ - 2 مارس 2014م


http://up.arabseyes.com/uploads2013/02_03_14139374292843921.jpg (http://up.arabseyes.com/)

سعود بن هاشم جليدان تراجعت في الآونة الأخيرة مخاوف نضوب النفط على المستوى العالمي، وبدلاً من ذلك يتبادر في أذهان الكثير من مراقبي السوق النفطية إمكانية توفر المزيد من الإمدادات النفطية الفائضة عن الاستهلاك التي قد تتحول مع مرور الوقت إلى تخمة في هذه الأسواق. وسيؤدي تكون تخمة في الأسواق النفطية إلى الضغط على الأسعار والتسبب في تراجعها بقوة خلال الأمدين القريب والبعيد. وقد أدى النمو القوي في إنتاج الولايات المتحدة النفطي خلال السنوات القليلة الماضية وظهور منتجين جدد مثل البرازيل وأنجولا إلى ارتفاع المنافسة بين منتجي النفط، كما أدت زيادة احتياجات أعضاء منظمة أوبك المالية إلى سعي العديد من دول المنظمة إلى رفع إنتاجها، وفي الوقت نفسه تراجعت رغبة الأعضاء الآخرين عن خفض إنتاجهم دفاعاً عن الأسعار. ولولا الظروف السياسية المؤثرة على إنتاج النفط في عدد من دول أوبك لارتفع إنتاج المنظمة بما لا يقل عن مليوني برميل يومياً، ولو حدث هذا في الوقت الحالي لكانت هناك ضغوط قوية وحقيقية على الأسعار.

وتشير بيانات الأسواق النفطية إلى ارتفاع ملحوظ في عرض النفط الخام خلال كانون الثاني (يناير) من عام 2014، وتصل تقديرات بعض المصادر إلى زيادة المعروض العالمي من النفط في كانون الثاني (يناير) من عام 2014 بنحو 400 ألف برميل يومياً فوق مستواه في الشهر الذي قبله. وقد أدت هذه الزيادة إلى تراجع في متوسطات أسعار النفوط العالمية، فهذا متوسط سعر مزيج برنت القياسي ـــ الذي يعتبر مرجعاً لكثير من أسعار الخامات ـــ يتراجع من 110.63 دولار للبرميل في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2013م إلى 107.26 دولار للبرميل في كانون الثاني (يناير) 2014. وقد خفف من تراجع أسعار النفط الخام بناء الاحتياطات النفطية من قبل بعض كبار الدول المستهلكة، وكذلك بناء خطوط الأنابيب التي امتصت جزءا كبيرا من زيادة الإنتاج.

وقد جاءت معظم الزيادة الشهرية في الإنتاج من العودة الجزئية للنفط الليبي الذي ارتفع خلال الشهر الماضي بنحو 360 ألف برميل. وستولد العودة التدريجية لإنتاج ليبيا المزيد من الضغوط على أسعار النفط وتدفعها للانخفاض، ولكن لا يبدو أن الظروف الأمنية ستتحسن كثيراً في ليبيا خلال الفترة القصيرة المقبلة، ولهذا تبدو فرص زيادة الإنتاج والصادرات الليبية النفطية على الأمد القصير ضعيفة. وتملك العراق احتياطات ضخمة من النفط، ولكن عجز الحكومة عن توفير الاستقرار الداخلي أدى إلى تراجع إنتاج العراق الشهري والسنوي في كانون الثاني (يناير) 2014. ولا يبدو أن الحكومة العراقية قادرة على تحقيق الاستقرار الداخلي، ولهذا فإن فرص زيادة إنتاج العراق من النفط تبدو متدنية في الأمد القريب. وتطمع العراق إلى إنتاج تسعة ملايين برميل عند نهاية العقد الحالي، ولكن المعطيات الحالية تقلل كثيراً من تحقيق هذا الهدف. من جهةٍ أخرى استمر ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط مع استمرار تطوير الزيت الصخري، حيث زاد إنتاج الولايات المتحدة بأكثر من 100 ألف برميل في اليوم في الشهر الماضي عن مستواه في الشهر الذي قبله. وجاء هذا الارتفاع امتدادا للنمو السنوي في إنتاج الولايات المتحدة لكانون الثاني (يناير) الذي ارتفع مقارنةً مع كانون الثاني (يناير) من عام 2013م بأكثر من 1.2 مليون برميل يومياً. وتمثل الزيادة السنوية في إنتاج الولايات المتحدة نحو نصف زيادة الإنتاج العالمي من النفط الخام في عام 2013.

وعموماً لا يبدو أن هناك مخاطر كبيرة تهدد بتراجع حاد لأسعار النفط في الأمد القريب، ولكن المخاطر ترتفع على الأمد الطويل، وذلك في ضوء الزيادة المرتقبة في إنتاج النفط الأمريكي، وزيادة إنتاج عدد من دول الأوبك خصوصاً ليبيا والعراق. من جهةٍ أخرى يسهم إنتاج الزيت الصخري الأمريكي بفعالية في خفض تقلبات أسعار النفط، حيث يلعب دوراً رئيساً ومزدوجاً في حماية الأسعار من الارتفاعات الحادة، وفي منع تراجع أسعار النفط بقوة في الأمد الطويل. فزيادة أسعار النفط ستشجع على زيادة إنتاج الزيت الصخري، ما يعني زيادة المعروض النفطي الكلي، وبالتالي وقف زيادة أسعاره. أما تراجع أسعار النفط فسيقود إلى خفض إنتاج الزيت الصخري وخفض المعروض الكلي من الزيت الخام وعودة أسعار النفط في المرحلة التالية إلى الارتفاع. ولهذا فقد يقال إن التكلفة الحدية لإنتاج الزيت الصخري هي التي ستحدد أسعار النفط خلال السنوات المقبلة.