المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهجر فوق ثلاث ليال



امـ حمد
18-03-2014, 05:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخرج الإمام مالك والبخاري، ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري،رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(لا يحل لمسلم أن يهجر أَخاه فَوق ثلاَث لياَلٍ يلتقياَن فَيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)
معاني الكلمات الحديث
لا يحل،أي لا يجوز،
يهجر أخاه،أي يعتزل أخاه المسلم ويقاطعه دون عذر،
يعرض هذا،أي يتنحى ويصرف وجهه عنه،
شرع السلام والمصافحة عند اللقاء، وأمرهم بإظهار التوادد والتحابب بينهم ليطمئن كل إلى أخيه، ويفضي إليه بسره، ويطلعه على خفي أمره، ويرى فيه خير نصيح ومعين على الحق، وتكاليف الحياة ومتاع الدنيا،
فالذي يهجر أخاه لأسباب دنيوية،فوق ثلاث ليالٍ،يعمل على القطيعة بين أبناء الإسلام،ويفسد الأخوة المتينة، ويقطع العلاقة الحميمة، فيظهر الجفاء والحقد،وتزداد العداوة والبغضاء,ويُفتح الباب للشيطان ليعمل على التحريش بين المؤمنين،
إن هجر المسلم يعد كبيرة فوق ثلاث، وألا يكون لغرض شرعي، لما في ذلك من التقاطع والإيذاء والفساد،
وعن أبي خراش السلمي،رضي الله عنه،أنه سمع رسول الله،صلى الله عليه وسلم يقول(من هجر أخاه سنة,فهو كسفك دمه)صححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة،
فإذا زاد الهجر بين الإخوان فوق ثلاث كان حراماً لما يترتب عليه من تفكك اجتماعي، وزيادة البغض والكراهية، والشحناء بين المتهاجرين،
فإذا ترتب على هذا الهجر الزجر للمهجور عما وقع فيه من ذنب، وكان الهجر ردعاً له حتى يرجع إلى الصلاح والحق، فهذا فيه مصلحة،
أما إذا لم تكن ثمة مصلحة،وكان الهجر يؤدي إلى زيادة فساد المهجور وفسقه،وذهابه مع المفسدين فهذا ليس فيه مصلحة، وضرره أكبر من نفعه،
فالمسلم العاقل يضع الأشياء في مكانها المناسب،ويتصرف تصرفاً يعود نفعه على المجتمع،

قال الشيخ العثيمين،
لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاثة أيام،وبعد ذلك لا بد أن يسلم،ولكن إذا كان الهجر لمصلحة دينية،مثل أن يكون سبباً لا ستقامة المهجور،وتركه المعاصي فإنه لا بأس به،بل قد يكون واجباً،
وأما من كان هجره لا يفيد شيئاً بل لا يزيد الأمر إلا شدة،والنار إلا اضطراماً،لأن الشرع جاء بالمصالح وليس بالمفاسد،
فإذا علمنا أننا لو هجرنا هذا العاصي لم يزدد إلا شراً وكراهة لنا ،فإننا لا نهجره، نسلم عليه ونرد عليه السلام ،
أن بعض المسلمين اليوم يمر بعضهم ببعض،لا يسلم أحدهم على الآخر، يتلاقيان يضرب كتف أحدهم كتف الآخر،لا يسلم عليه وكأنما مر بيهودي,أو نصراني، مع أنه أخوه،
ومع هذا إذا سلم،يستفيدعشر حسنات، ورسوخ إيمان، ومحبة ، وألفة،ودخول الجنة،
قال النبي،صلى الله عليه وسلم(والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا،أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)أخرجه مسلم،
فبين أن إفشاء السلام من أسباب المحبة,والمحبة من الإيمان ،والإيمان سبب في دخول الجنة،
فقد نرى مسلمين يلتقي بعضهم ببعض ولا يسلم، بل ربما كانا أخوين زميلين في الدراسة،سواءً في دراسة المسجد ،أو المدارس الأخرى،لا يسلم بعضهم على بعض،
ما فائدة طلب العلم،إذ لم يتربى طالب العلم بالتربية الحسنة التي دل عليها الكتاب والسنة،وكان عليها رسول الله،صلى الله عليه وسلم،
ولأبي داود بسند صحيح،من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه(فإن مرت به ثلاث فلقيه فليسلم عليه، فإن رد عليه فقد اشتركا في الأجر،وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم)
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم(وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)أخرجه مسلم،
أي هو أفضلهما،لأن السلام يقطع الهجرة ويرفع الأثم فيها ويزيله،
وقال أكثر العلماء،ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بمجرد السلام،ورده،
قال،ابن عبد البر،أجمعوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث إلا لمن خاف من مكالمته ما يفسد عليه دينه،أو دنياه مضرة، فإن كان كذلك جاز، ورب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية،
حكم الهجر،
فإن تعلق الهجر بالمرأة كان ذلك جائزاً، بل مأموراً به في بعض الأحيان وذلك عند النشوز,لقوله تعالى(وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ)النساء،
وإن كان المهجور من ذوي الرحم فإنه كبيرة حتى وإن لم تبلغ المدة ثلاثة أيام، لأن الهجر هنا أضيف إليه قطيعة الرحم،
وقد عد،الإمام الذهبي،هجر الأقارب من الكبائر،
أما هجر أهل البدع والأهواء ،فإنه مطلوب على مر الأوقات مالم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق، كما قال ابن الأثير،
من مضار الهجر،
الهجر صفة قبيحة تسخط الله،عزوجل،على المتهاجرين،وسبب في تأخير المغفرة من الله،عزوجل،
الهجر بين الإخوان فوق ثلاث حرام ويسبب تفككاً اجتماعياً،
هجر المرأة فراش زوجها سبب في لعنة الله والملائكة لها،

اللهم ألف وأصلح فساد قلوبنا،وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا،وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين،
فأسأل الله لي ولكم الهداية والتوفيق والعصمة والتوبة إنه على كل شيء قدير.